<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني  ركائز الاستراتيجية الامريكية في المنطقة واستهداف الجيوش العربية (1)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

ركائز الاستراتيجية الامريكية في المنطقة

 

واستهداف الجيوش العربية

 

 (1)

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

هنالك ترابط وثيق بين ما يدور في منطقتنا وبين الاستراتيجية التي رسمتها الولايات المتحدة لنفسها في المنطقة، والتي تنعكس في السياسة الخارجية لها وبغض النظر عن من يسكن في البيت الأبيض، سواء أكان ديمقراطيا ام جمهوريا، فالسياسة الخارجية المبنية على ركائز محورية في الاستراتيجية الامريكية لم تتغير منذ خمسينات القرن الماضي. الذي تغير، أو الذي يمكن أن يتغير هو الطرق او الأساليب التي تتبعها الإدارات الامريكية المتعاقبة في تنفيذ هذه السياسة على الأرض لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، وهذه تتغير بتغير الظروف الإقليمية والدولية. ومن هنا يقع الكثيرون في بعض الاحيان فريسة هذا التغير الشكلي ليذهب للاستنتاج السطحي والخاطىء، بأن هذا الرئيس أفضل من ذلك أو هذه الإدارة أفضل من سابقتها وهكذا. وهو ما حدث بالضبط عندما نجح أوباما بالانتخابات ليصبح رئيسا للولايات المتحدة، حيث نظر اليه الكثيرون في العالم بأنه الرئيس الذي سينقل العالم الى فضاء أفضل بكثير مما هو عليه، ومن هنا أعطي جائزة نوبل للسلام في أوائل أيام رئاسته. هكذا كان الانطباع الاولي من أنه رجل سلام، وصدق الكثيرون كلامه المنمق والمعسول وهو المحامي البارع في البداية، حول اقفال معتقل غونتانامو وتحقيق السلام في الشرق الأوسط وحل القضية الفلسطينية، واعتبر البلسم الشافي لمشاكل البشرية جمعاء. لم يمضي وقت طويل لكي تتبخر كل الآمال التي علقت على ادارته وسرعان ما تبين أن ادارته تبنت السياسة الخارجية لمن سبقه، لا بل وزاد عليها شراسة.

ما يهمنا هو أن نؤكد على ان الآمال التي تعلق بها البعض لم تكن الا اوهاما وسرابا وذلك لعدم إدراك ان المصالح والاستراتيجية الامريكية التي تبنى عليها السياسة الخارجية بكل ابعادها وشموليتها لم ولن تتغير، وان القابع في البيت الابض ما هو الا خادم أمين للسياسية التي يحددها كبار رجال الاعمال والشركات الأخطبوطية العاملة في المجالات الصناعات الثقيلة والعسكرية ومجالات الطاقة من بترول وغاز، والتي تنهش من لحوم البشر على مساحة الكوكب الذي نحيا عليه. والعولمة، هذه الظاهرة الجديدة التي يتغنى بها البعض، ويسبح بميزاتها المزعومة ليلا ونهارا، انما أوجدت لإعادة توزيع الثروة واقتسامها على المستوى العالمي بين هذه الشركات العملاقة العالمية مما تسبب في مزيد من افقار الشعوب.

ولا بد لنا من استعراض أهم ركائز الاستراتيجية الامريكية في المنطقة في البداية لنرى كيف أن الكثير مما يدور في منطقتنا يرتبط ارتباطا وثيقا بهذه الاستراتيجية ومحاولة تحقيقها، مؤكدين منذ البداية أن هذا لا يعني ان هذه المحاولات مكتوب لها النجاح أو انها قدر، فقد رأينا أن هنالك الكثير من الإخفاقات وحتى الفشل في هذه المحاولات، والمستقبل سيحمل مزيد من الإخفاقات ومزيد من الفشل.

يمكننا تلخيص أهم الركائز الأساسية للاستراتيجية الامريكية الإقليمية والتي تستند عليها السياسة الخارجية الامريكية بما يلي:

أولا: ضمان والحفاظ على المصالح الحيوية الاستراتيجية للولايات المتحدة وأمنها القومي. والامن القومي للولايات المتحدة غير مرتبط بحدود جغرافية معينة، حيث انها تعتبر أن أي بقعة في العالم بغض النظر عن قربها أو بعدها عن أمريكا، هي جزء من مجالها الحيوي، وبالتالي ما يحدث بها يمس أمنها القومي الذي يجب الحفاظ عليه مهما كلف الامر. وبالتالي فأن الولايات المتحدة ترى أن لها كامل الاحقية بالتدخل في أي بقعة في العالم بالطريقة التي تراها مناسبة، إذا ما رأت ان ذلك يهدد مصالحها. وكلمة مصالحها كأمنها القومي هي كلمة فضفاضة وواسعة ولا حدود لها، وهذا يخضع فقط لتفسيرها وتقديراتها، ولا يوجد أي معيار أو قياس لهذا التعريف. فما يدور في بحر الصين الشمالي والجنوبي على سبيل المثال، والنزاع القائم بين اليابان والصين على جزر لا معنى لها، تعتبرها الولايات المتحدة أنها جزء من أمنها القومي، وتهدد الصين اذا ما أقدمت على فعل شيء تجاه هذه الجزر، وعلى انها لن تتوانى بضرب الطائرات الصينية أو البواخر اذا ما أقدمت على التوجه نحو الجزر لفرض وقائع معينة على الارض. والولايات المتحدة لا تعير اية أهمية او اعتبار للمواثيق الدولية ولا للأمم المتحدة ولا مجلس امنها. وتحت ذريعة أمنها القومي أقدمت الولايات المتحدة على تنفيذ العديد من عمليات الاغتيالات وانقلابات في العديد من المناطق في العالم، كما قامت بالعدوان على العديد من الدول.

ثانيا: ضمان تدفق مصادر الطاقة من البترول والغاز الطبيعي الى الأسواق العالمية، وبأسعار مناسبة لاقتصاديات الدول الغربية. وهذا يستدعي الهيمنة والسيطرة المباشرة أو الغير مباشرة على ابار النفط والغاز، بالإضافة الى طرق امداد مصادر الطاقة، حيث ان من يسيطر على طرق الامداد يستطيع أن يتحكم بتوزيع هذه المادة الاستراتيجية وضمان وصولها او عرقلة وصولها الى البلدان المعنية. وسنأتي على مناقشة بعض النقاط المتعلقة بهذا الجانب ضمن ملف خاص بمصادر الطاقة وارتباطها بما يدور على الساحة الدولية والإقليمية.

ثالثا: ضمان الامن للكيان الصهيوني الى جانب ضمان تفوقه العسكري كقوة ضاربة في المنطقة للقيام بدوره الوظيفي، كجبهة متقدمة وحارس أمين لمصالح للإمبريالية العالمية في المنطقة. ولا بد أن نؤكد هنا أن السنوات الأخيرة وخاصة منذ   2006 ان الكيان الصهيوني لم يعد يمتلك القدرة للقيام بدوره الوظيفي، وأصبح يشكل عبئا امنيا وعسكريا واقتصاديا على الولايات المتحدة بحسب بعض المحللين السياسيين.  وعلى الرغم من ذلك فان الولايات المتحدة ما زالت تزوده بأحدث الأسلحة الامريكية المتطورة من طائرات، وصواريخ، وأجهزة تحكم وأنظمة دفاعية على غرار القبب الحديدية المضادة للصواريخ لحماية أجواء الكيان، الذي أصبح يعيش محاطا بجدار فصل عنصري وقبب حديدية. ويتسلم الكيان الصهيوني سنويا منحة أمريكية تقدر بثلاثة مليارات دولار هذا بالإضافة الى العديد من المنح والقروض الطويلة الاجل التي تضمنها الولايات المتحدة. بالإضافة الى ذلك فان الكيان الصهيوني أجبر الولايات المتحدة على توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الكيان الصهيوني في أوائل الثمانينات عندما كان السفاح شارون رئيس للوزراء.

ويجدر الإشارة هنا ان الجديد الذي طرأ على هذه العلاقة مؤخرا هو الاعتراف الأمريكي بالكيان الصهيوني "بإسرائيل" كدولة يهودية والطلب من الدول العربية وغيرها بذلك، وهذا تطور خطير جدا ردده الرئيس الأمريكي أوباما في العديد من المناسبات وأكد عليه في الكلمة التي القاها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وذلك لما له من تداعيات على مستوى الإقليمي وعلى حل القضية الفلسطينية.

رابعا: حماية أدواتها وعملائها وشركائها في المنطقة، وخاصة دول الخليج العربي من خلال إقامة القواعد الامريكية على أراضيها وتحويل الخليج العربي الى بحيرة أمريكية عسكرية متقدمة.

في الجزء الثاني من المقال سنناقش سبل استهداف الجيوش العربية وارتباط ذلك بالاستراتيجية الامريكية الإقليمية.

 


 

 

 

 

 

 

 

 

الملف الأول: خاص بالركائز الاساسية للاستراتيجية الامريكية الكونية والإقليمية

هذه الركائز التي تستند عليها السياسة الخارجية الامريكية يمكن تلخيصها بما يلي:

أولا: ضمان والحفاظ على المصالح الحيوية الاستراتيجية للولايات المتحدة وامنها القومي. والامن القومي للولايات المتحدة غير مربوط بحدود جغرافية معينة، حيث انها تعتبر أي بقعة في العالم بغض النظر عن قربها أو بعدها عن أمريكا هي جزء من مجالها الحيوي. والولايات المتحدة ترى أن لها كامل الاحقية بالتدخل في أي بقعة في العالم بالطريقة التي تراها مناسبة، إذا ما رأت ان ذلك يهدد مصالحها وكلمة مصالحها كأمنها القومي هي كلمة فضفاضة وواسعة ولا حدود لها. فما يدور في بحر الصين الشمالي والجنوبي على سبيل المثال والنزاع القائم بين اليابان والصين على جزر لا معنى لها، تعتبرها الولايات المتحدة أنها جزء من أمنها القومي، وتهدد الصين اذا ما أقدمت على فعل شيء تجاه هذه الجزر، وانها لن تتوانى بضرب الطائرات الصينية أو البواخر اذا ما أقدمت على التوجه نحو الجزر لفرض وقائع معينة. والولايات المتحدة لا تعير اية أهمية او اعتبار للمواثيق الدولية ولا للأمم المتحدة ولا مجلس امنها. وتحت ذريعة أمنها القومي أقدمت الولايات المتحدة على تنفيذ العديد من عمليات الاغتيالات وانقلابات في العديد من المناطق في العالم.

ثانيا: ضمان تدفق البترول والغاز الطبيعي الى الأسواق العالمية وبأسعار مناسبة لاقتصاديات الدول الغربية. وهذا يستدعي الهيمنة والسيطرة المباشرة أو الغير مباشرة على ابار النفط والغاز، بالإضافة الى طرق امداد مصادر الطاقة، حيث ان من يسيطر على طرق الامداد يستطيع أن يتحكم بتوزيع هذه المادة الاستراتيجية وضمان وصولها او عرقلة وصولها الى البلدان المعنية. وسنأتي على مناقشة بعض النقاط المتعلقة بهذا الجانب ضمن الملف الخاص بمصادر الطاقة وارتباطها بما يدور على الساحة الدولية والإقليمية.

ثالثا: ضمان الامن للكيان الصهيوني الى جانب ضمان تفوقه العسكري كقوة ضاربة في المنطقة للقيام بدوره الوظيفي، كجبهة متقدمة وحارس أمين لمصالح للإمبريالية العالمية في المنطقة. ويتم ذلك من خلال تزويده بأحدث الأسلحة الامريكية المتطورة من طائرات وصواريخ وأجهزة تحكم وأنظمة دفاعية على غرار القبب الحديدية المضادة للصواريخ لحماية أجواء الكيان. ويتسلم الكيان الصهيوني سنويا منحة أمريكية تقدر بثلاثة مليارات دولار هذا بالإضافة الى العديد من المنح والقروض الطويلة الاجل التي تضمنها الولايات المتحدة. بالإضافة الى ذلك فان الكيان الصهيوني أجبر الولايات المتحدة على توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الكيان الصهيوني في أوائل الثمانينات عندما كان السفاح شارون رئيس للوزراء.

والجديد الذي طرأ على هذه العلاقة مؤخرا هو الاعتراف الأمريكي بالكيان الصهيوني "بإسرائيل" كدولة يهودية والطلب من الدول العربية وغيرها بذلك، وهذا تطور خطير جدا ردده أوباما في العديد من المناسبات وأكد عليه في الكلمة التي القاها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وذلك لما له من تداعيات على مستوى الإقليم وعلى حل القضية الفلسطينية.

وضمان الامن للكيان الصهيوني واعتباره دولة يهودية لا يستدعي فقط الدعم العسكري والاقتصادي، بل يتعداه الى محاولة تصفية القضية الفلسطينية، وذلك من إقامة كيان هزيل، مشرذم جغرافيا ومقطع الاوصال منزوع السلاح والسيادة، مع بقاء قوات الاحتلال الاسرائيلي على اراضي هذا الكيان للحفاظ على امن الكيان الصهيوني. "لا دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية، فقط حكم ذاتي مع بقاء الامن برا وجوا وبحرا بيد إسرائيل وبقاء الجيش الاسرائيل في المناطق" هذا ما ورد على لسان وزير الدفاع في الكيان الصهيوني. والتصفية تتطلب أيضا اسقاط حق العودة اللاجئين الفلسطينيين وهو الحق الذي كفلته القرارات الدولية والمتضمن بقرار 194 لمجلس الامن. كما ان الولايات المتحدة سعت وما زالت تسعى في الضغط على الدول العربية في كل مناسبة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بإقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والثقافية. ويؤسفنا ان نقول ان الكيان الصهيوني قد حقق اختراقات كبيرة بهذا الشأن مع العديد من الدول العربية، وخاصة مع الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي ترى أن الصراع الرئيسي في المنطقة لم يعد مع الكيان الصهيوني بل مع الدولة الإيرانية، لأنها تنظر الى أن الصراع الدائر في المنطقة بانه صراع مذهبي سني- شيعي.

ضمان الامن للكيان الصهيوني يتطلب أربعة ركائز أساسية:

1.    تصفية القضية الفلسطينية بإقامة كيان هزيل منزوع السلاح والسيادة على ما يقرب من 20% من مساحة الأراضي التي احتلت عام 1967 . "لا دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية، فقط حكم ذاتي مع بقاء الامن برا وجوا وبحرا بيد إسرائيل وبقاء الجيش الاسرائيل في المناطق" هذا ما ورد على لسان وزير الدفاع في الكيان الصهيوني.

2.    اسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين اجبروا على ترك أراضيهم عام 1948، ضمن برنامج تطهير عرقي مبرمج.

3.    الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة يهودية من قبل الفلسطينيين والدول العربية ( الصهيونية تعتبر ان كل يهودي صهيوني)

4.    تطبيع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع الدولة اليهودية.

رابعا: حماية أدواتها وعملائها وشركائها في المنطقة، وخاصة دول الخليج العربي من خلال إقامة القواعد الامريكية على أراضيها وتحويل الخليج العربي الى بحيرة أمريكية عسكرية متقدمة.

 

ولتحقيق مجمل هذه الاهداف الاستراتيجية على المستوى الإقليمي تستدعي العمل على عدة محاور

اول هذه المحاور هو العمل على القضاء او إنهاك القدرة القتالية لأي جيش عربي الذي يمكن أن يشكل خطرا استراتيجيا على الكيان الصهيوني أو المصالح الامريكية في المنطقة، أو على الأقل العمل على تحييد هذا الجيش في الصراع مع العدو الصهيوني، كما تم مع الجيش المصري بعد اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة التي وقعت في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس السادات ورئيس الوزراء الصهيوني مناحيم بيجن، والتي كانت نتيجتها اخراج الجيش المصري ومصر السادات من حلبة الصراع مع العدو الصهيوني بالإضافة الى ترتيبات امنية فيما يخص شبه جزيرة سيناء والتي حددت اعداد الجيش المصري التي يمكن تواجده في سيناء وطبيعة ونوعية الأسلحة. في المقابل حصلت مصر على مبلغ سنوي يدفع من قبل البنتاغون بأسلحة للجيش المصري ودورات تدريب وتأهيل وغيرها ومبلغ 500 مليون دولار لمصر لدعم الاقتصاد المصري. ومن الواضح أن الجانب الأمني كان هو الطاغي على الاتفاقية. أمنت إسرائيل الجانب المصري وحدودها مع مصر، هذه الحدود التي لو بقيت الحالة كما هي قبل الاتفاقية لكان لزاما على إسرائيل ان تخصص مليارات الدولارات سنويا لتأمينها، وذلك بحسب المحللين العسكريين الإسرائيليين.

أما الجيش العراقي الذي كان يعد من أقوى الجيوش في المنطقة من ناحية التجهيزات والقدرة القتالية، فقد تم تدميره أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وكذلك حل المؤسسة العسكرية برمتها، وإعادة تشكيل جيش عراقي بالمقاسات الامريكية والتحكم بنوعية السلاح الذي يمتلكه ويقال أن إعادة بناء الجيش العراقي قد كلف الخزينة الامريكية مبلغ 20 مليار دولار. ولقد ظهرت هشاشة البنية التسليحية والقتالية للجيش العراقي في محاربته مؤخرا لتنظيم داعش الإرهابي، ولا نستطيع ان ننكر ان العامل السياسي والانقسامات المذهبية والطائفية قد لعبت أيضا دورا في اضعاف قدرات الجيش العراقي. ولا بد لنا من الإشارة هنا الى تمنع الولايات المتحدة من تزويد العراق بطائرات مقاتلة من نوع F16 وكذلك طائرات الاباتشي التي كان الجيش العراقي بأمس الحاجة اليها في قتاله مع داعش، مما أدى بحكومة رئيس الوزراء المالكي الى التوجه الى روسيا وعقد صفقة أسلحة معها والتي بموجبها أمدت روسيا الجيش العراقي بطائرات الساخوي المقاتلة بالإضافة الى طائرات M35 وغيرها المتعددة الاستخدام الى جانب العديد من الذخيرة وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. الولايات المتحدة ارادت ان تبقي تزويد الجيش العراقي رهينة لتحقيق مآرب سياسية على الساحة العراقية الى جانب بقاءه معتمدا على المزاجية والمصالح الامريكية. فأمريكا لا تريد ان تقضي على داعش لأنها ما زالت تستطيع أن تستثمر هذا التنظيم الإرهابي كأداة لخدمة مصالحها واستراتيجيتها الإقليمية، وبالتالي فان المطلوب حاليا هو تحجيم داعش وربما حصرها في منطقة جغرافية معينة، لأهداف جيوسياسية لاحقة.

اما بالنسبة للجيش السوري فحدث ولا حرج. فالمطلوب هنا هو إنهاك الجيش السوري في معارك مع الإرهابيين الذين جمعوا من أكثر من 80 دولة وتم تجنيدهم وتدريبهم وتسليحهم وتقديم كل الدعم الازم لهم السياسي والإعلامي والمالي من قبل دول الخليج العربي وعلى رأسهم السعودية والامارات وقطر بالإضافة الى تركيا التي فتحت أراضيها لتمرير الإرهابيين القادمون من الخارج كل ذلك في محاولة يائسة لإسقاط الدولة السورية وازاحة الرئيس الدكتور بشار الأسد. والسؤال الذي يجب ان يطرح لماذا كل هذا الحقد وهذه الهجمة البربرية التي تقودها وتديرها الولايات المتحدة وادواتها في المنطقة منذ أكثر من ثلاثة سنوات. اذا ما عدنا الى الوراء قليلا وبعد سقوط بغداد، زار كولن بأول الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية آنذاك في عهد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وقدم طلبات الولايات المتحدة للرئيس بشار الأسد وهي بالتحديد قطع العلاقات مع ايران وطرد المجموعات والفصائل الفلسطينية المتواجدة على الساحة السورية وعدم تقديم الدعم لحزب الله في لبنان والانخراط في عملية السلام وعدم التشويش على هذا المسار والاعتراف بالكيان الصهيوني. كما طلب من الرئيس بشار الأسد تزويده بقائمة العلماء العراقيين الذين قدموا الى دمشق. وكان التهديد واضحا ان لم تنضموا الى الركب فهنالك ثمن سيدفع من قبلكم مستقبلا. وبالتالي فان ما يحدث في سوريا هو محاولة تدمير سوريا الموقف سوريا الدور الي تلعبه في المنطقة لكونها جزء رئيسي من محور المقاومة الذي ما زال يقاوم الغطرسة الامريكية واستراتيجيتها المدمرة في المنطقة. ولا شك أن صمود الجيش العربي السوري لم يكن ليكون لولا الدعم الإيراني وروسيا وحزب الله.

لبنان وحزب الله

عام 2006 اعتدى الكيان الصهيوني على لبنان وذلك بهدف "سحق" حزب الله وتدمير أسلحته وقدراته القتالية، لان الحزب مثلما هي ايران وسوريا يقف حجر عثرة في وجه المخططات الامريكية في المنطقة ويهدد أمن الكيان الصهيوني ولذلك يجب القضاء عليه بحسب الاستراتيجية الامريكية. كثير من المحللين حتى في الداخل الإسرائيلي اعتبروا ان الحرب التي خاضتها إسرائيل عام 2006 لم تكن حربها بالدرجة الأولى بل كانت حربا تخوضها نيابة عن الولايات المتحدة. وبالرغم من الدمار الهائل الذي تسببته للبنى التحتية في لبنان وقتل الأبرياء وشراسة العدوان الذي استمر حوالي 30 يوما لم ينجح الجيش الصهيوني في ايقاف صواريخ حزب الله للسقوط على مساحة جغرافية واسعة من فلسطين المحتلة ولغاية آخر لحظة قبل الاتفاق على وقف اطلاق النار.

 

28.10.2014

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا