<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني أحداث طرابلس وكيف نفهمها

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

أحداث طرابلس وكيف نفهمها

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

هدأت نسبيا الاشتباكات في طرابلس بين المجموعات الإرهابية وبين الجيش اللبناني بعد يوم دامي من المعارك التي أدت الى استشهاد ستة عناصر من الجيش اللبناني الذي اتخذ القرار بمحاربة اللإرهاب في طرابلس ومحيطها وصولا الى مناطق أخرى في لبنان تمتد الى عرسال الحدودية مع سوريا. لم يعد ممكنا أن تترك طرابلس أو اية بقعة لبنانية أخرى أن تؤخذ رهينة يعبث بها من قبل المجموعات الإرهابية وتهديد الامن اللبناني والاعتداء على مؤسسة الجيش، المؤسسة الوحيدة التي يعول عليها كل الشعب اللبناني لضمان الامن الداخلي والسلم الاجتماعي للمجتمع اللبناني. فهي المؤسسة التي اثبتت بشكل قاطع أنها تنأى بنفسها عن الطائفية، والمذهبية، والمناطقية وهو بالتأكيد مختلف جدا جوهرا وتطبيقا، عن النأي بالنفس الذي كان يتلفظ به الرئيس اللبناني السابق ميشيل سليمان بالنسبة للموقف عما يدور من احداث في سوريا.

انفجار الموقف في طرابلس اتى على خلفية اعتقال امير "داعش" أبو بكر الميقاتي في الشمال، وما افضت عليه التحقيقات معه بتورط النائب اللبناني خالد الضاهر المحسوب على تيار المستقبل، بالتنسيق والتخطيط مع المجموعات الإرهابية في الشمال اللبناني للقيام بعمليات تستهدف الجيش اللبناني والامن في المنطقة الشمالية. وبناء على مجرى التحقيقات والمعلومات التي أصبحت في حوزة الجيش، فان قيادة الجيش اللبناني ستقوم برفع مذكرة الى المجلس النيابي اللبناني تتضمن الطلب من المجلس رفع الحصانة النيابية عن النائب خال الضاهر للتحقيق معه بهذا الموضوع الخطير الذي يهدد أمن لبنان واستقراه الداخلي.

لا بد لنا هنا من عرض بعض النقاط التي في تقديرنا أن لها ارتباطا وثيقا بما حدث في طرابلس والشمال اللبناني بالإضافة الى ما قد يترتب عليها مستقبلا فيما يخص الوضع اللبناني.

1.    ان الاحداث الدائرة في لبنان الان سواء في طرابلس أو الشمال اللبناني بشكل عام، لم تكن لتاتي لولا الدعم السياسي التي لقيته وما زالت تلقاه المجموعات الإرهابية وخلاياها في الداخل اللبناني من تيار المستقبل او من نواب لبنانين محسوبين على هذا الطرف السياسي. ولقد وصل الحد ببعضهم على التحريض جهارة على الانشقاق في الجيش اللبناني على خلفية الاحداث في عرسال، عندما قرر الجيش اللبناني التصدي للمجموعات الإرهابية التي سيطرة على البلدة لما يقرب من عامين، وحرم على الجيش اثناءها من اقتحام المدينة حتى عندما تعرضت عناصره للهجوم عليها من قبل الإرهابيين، وذلك تحت اغطية طائفية ومذهبية، ولكنها في حقيقة الامر كانت سياسية بامتياز. فعرسال كانت ملجا آمنا للإرهابيين الذين يقاتلون في سوريا ونقطة عبور لجحافل البرابرة والدواعش الى الداخل السوري، بالإضافة الى تصدير السيارات المفخخة الى الداخل اللبناني وخاصة الى الضاحية الجنوبية.   أما طرابلس فقد شهدت سابقا ظاهرة الشيخ الأسير ومجموعته الإرهابية التي تحصنت داخل احدى المساجد والتي قامت بالاعتداء على الجيش اللبناني وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار والامن، قبل ان يتدخل الجيش لمحاربتهم ولكن للأسف الشديد تمكن الأسير من الهروب مع بعض من جماعته عبر الخنادق التي حفرت تحت الأرض، وما زال قابعا في الأراضي اللبنانية. وعندها أيضا أعطي الأسير ومجموعته الإرهابية الغطاء السياسي ووفرت له بيئة حاضنة من جماعة تيار المستقبل أيضا. وها هي الاحداث تتكرر مرة أخرى وربما تكون أخطر من الحالة التي سبقتها، وخاصة وأن كل من النصرة وداعش صرحت بان لبنان أصبح ارض جهاد الان، وقامت كل منهما بنقل بعض من عناصرهما الى الداخل اللبناني.

2.    كما ان الاحداث لم تكن لتاتي أو تتطور الى هذا الحد لولا تكبيل يد الجيش اللبناني وعدم اعطاءه الغطاء السياسي من قبل رئاسة الدولة او الحكومة اللبنانية لحسم المعركة مع الإرهابيين ووضع حد للعبث بأمن واستقرار لبنان. فما زالت هنالك قوى فاعلة ووازنة في لبنان والقصد هنا قوى 14 من آذار أو بعضها على الأقل، لا تبدي استعدادا لإطلاق يد الجيش كاملة للتعامل مع الارهاب الذي يغزو لبنان ويتمدد على أراضيه على أن يحقق في المرحلة الحالية، إيجاد ممر آمن لإيصال المؤن والأغذية الى مقاتليه من الإرهابيين خاصة المحاصرين في جرود عرسال والقلمون وخاصة مع مجيء فصل الشتاء القارص، حيث تهبط درجات الحرارة الى درجات دنيا يصعب التأقلم معها. ولا شك أنهم يسعون لإيجاد مخرج أو ميناء على البحر، وهذا هو السبب في التركيز على المنطقة الساحلية الان. والبعض من تيار المستقبل مثل الدكتور سمير جعجع الذي نفى وجود هذه التنظيمات على الأراضي اللبنانية، ينفي الان خطرها على لبنان، ويالتالي يرى لا ضرورة لمجابهتها من قبل الجيش اللبناني.

3.     

قد يقول قائل بأن الشيخ سعد الحريري قد صرح بانه مع الجيش اللبناني، ومع ما يقوم به من محاربة الإرهابيين للحفاظ على أمن لبنان واستقراره. ولكن يبقى أن نرى التطبيق العملي على الأرض لمثل هذه التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فما زال العديد من النواب المحسوبين على هذا التيار يريدون للجيش ان لا يتعرض للإرهابيين على الأقل بالطريقة التي يتعرض بها لهم. واتضح هذا سابقا عندما تدخل البعض منهم في إيجاد مخرج للإرهابيين في عرسال. حيث اضطر الجيش اللبناني تحت الضغط السياسي لفتح ممرا آمنا لخروج الإرهابيين من عرسال مع انهم قتلوا العدد من جنوده وقاموا باختطاف ما يقرب من 20 من عناصره اخرجوا معهم عبر الممر الامن، وقاموا بذح بعضهم والتهديد بذح وقتل الاخرين.

نذكر بهذه الحادثة والمباحثات التي جرت في عرسال مع الإرهابيين المسلحين هناك والتي أفضت عن خروجهم عبر ممر آمن الى جرود عرسال، لان هنالك خشية من ان الامر قد يكون قد تكرر في طرابلس اليوم. نعم هدأت الاشتباكات وتوقفت حاليا بعد المجابهات بالأمس، واعيد فتح الطرقات للمارة والسير وان بحذر، وبهذا تكون الحركة قد عادت الى طرابلس. في تقديري أن الأهم من عودة الحركة الى طرابلس ان نتساءل كيف تم ذلك وكيف انتهت الأمور؟ وماذا بالتحديد عن مصير الإرهابيين المسلحين الذي قيل أن معظمهم من الغرباء وليسوا من أهل المدينة؟ هل تمت هنالك صفقة فرضتها القيادات السياسية على الجيش اللبناني؟ وإذا كان الجواب بنعم فمن هي هذه الأطراف السياسية وما دلالات ذلك؟

نورد هذه الأسئلة المشروعة، لان مصادر الجيش اللبناني ولغاية البارحة أكدت على استمرار العمليات العسكرية حتى القضاء على كل الاعمال الإرهابية وعلى ان لا صحة لما تردد في بعض وسائل الاعلام عن مساع لإخراج المسلحين. وصرحت قيادة الجيش في اتصال معها من قبل الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام بأن " لا صحة للمعلومات التي ترددت عن مساع لوقف إطلاق النار وإخراج المسلحين" . نحن نثق بالجيش اللبناني ولدينا القناعة أنه سيقاوم اية ضغوطات او تحايل من قبل الأطراف التي تعطي الغطاء والبيئة السياسية للإرهابيين. ونأمل أن لا يكون تأثير التدخلات الإقليمية أكبر واقوى من الجيش كما حدث في مرات سابقة.

 

4.    أن الذي حمى لبنان وبالتالي منع من الوقوع في مستنقع الاقتتال الداخلي الذي قد يأخذ منحى طائفي ومذهبي، بالرغم من الكم الهائل من التحريض المذهبي من على منابر المساجد وبكل جهارة وجرأة، الذي هدف الى ضرب محور الاعتدال السني، والتحرض على قتل الغير، وتأجيج الخلافات السياسية والباسها زورا اللباس المذهبي والطائفي، نقول من حمى لبنان من الفتنة والاقتتال الداخلي هو أن الطرف الذي يريد هذا لا يقوى على المعركة، بينما الطرف القادر لا يريدها، لان نصب عينيه وطاقاته، وامكانياته، وقدراته القتالية، موجهة نحو العدو الصهيوني المتربص الى لبنان، ولن يغير هذه البوصلة كما غيرها البعض. الى جانب أن الوضع الدولي الان وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا لا تريد عدم الاستقرار في لبنان الى الحد الذي قد يصل الى الاقتتال الداخلي. فالولايات المتحدة وفرنسا على وجه التحديد تريد للبنان ان يكون معبرا للإرهابيين واسلحتهم الى الداخل السوري، ولكنها لا تريد للنصرة أو لداعش إقامة الامارات في لبنان، على الأقل في المرحلة الحالية.

 

5.    تطور الاحداث الى هذا الحد في لبنان لم يكن ليأتي لولا الإصرار الأحمق والغباء السياسي من قبل العديد من القيادات السياسية في لبنان بعدم السماح للجيش اللبناني بالتنسيق الأمني والعسكري مع الجيش السوري، وخاصة على الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا، حيث ينشط الارهابيون ويتخذون من هذه الأراضي الملجأ ونقط الانطلاق الى الداخل اللبناني بعدما تم التضييق عليهم ودحرهم من قبل الجيش العربي السوري. فالجيشين السوري واللبناني يطبقا على العناصر الارهابية كفكي كماشة في المنطقة الحدودية، وللقضاء عليهم لا بد من التنسيق. ان الأطراف السياسية اللبنانية التي ما زالت تقف ضد أي تنسيق لأغراض فئوية وحزبية ضيقة وتأتمر ببعض الدول الإقليمية عيها ان تدرك ان الامن اللبناني هو من الامن السوري كما ان الامن السوري هو من الامن اللبناني، فهل تتعظ من الاحداث التي تجري الان في لبنان وما يتهدد امنه واستقراره فيما بقي الحال على ما هو بالنسبة للتنسيق مع الجيش السوري؟

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 27.10.2014

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا