%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
الثالوث الغير مقدس واليمن
الدكتور بهيج سكاكيني
لم تمضي سوى أيام قليلة على توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية اليمنى، والتي وقعت من قبل كافة الأطراف السياسية والاجتماعية الفاعلة والوازنة على الساحة اليمنية، والتي فتحت وربما ولأول مرة بشكل جدي إمكانية تحقيق السلام والسلم الأهلي في اليمن، والقضاء على الفساد المستشري لسنوات طويلة في أجهزة الدولة والحكم، والبدء بعملية اصلاح حقيقية في البلاد على كافة الأصعدة، بعيدا عن التدخلات الأجنبية، حتى بدأت قوى الظلام بالتحرك لإسقاط هذه الاتفاقية والدفع باليمن للعودة الى الاقتتال والإحتراب الداخلي وعدم الاستقرار.
دخول السفير الأمريكي على خط تعيين رئيس وزراء أحمد عوض بن مبارك، من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ليس فقط خطوة غير ملائمة أو غير موفقة، بل هي خطوة مدانة بكل المقاييس والأعراف الوطنية والسيادية. اليمن ليس بحاجة الى رعاية او وصاية خارجية، لا من الولايات المتحدة ولا من دول مجلس التعاون الخليجي التي تتحكم به وتهيمن على توجهاته السياسية السعودية، التي ما زالت تتحدث عن المبادرة الخليجية التي أكل الزمان عليها وشرب، فهنالك معطيات جديدة على الساحة اليمنية اليوم واحداثيات سياسية مستجدة لم تعد تسمح بتهميش أطراف سياسية وازنة على الساحة اليمنية، والعمل اشراكها في اتخاذ القرارات السياسية التي تهم مستقبل اليمن كدولة وشعب. ومن الواضح أن دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية غير راضية على الاطلاق بالاتفاقية، والتي في حالة نجاحها ستشكل سابقة في تاريخ اليمن، وتنتزعه من البراثن الخليجية، كما وأنها ستشكل مفصلا تاريخيا لإسقاط سياسة الهيمنة، والتبعية للولايات المتحدة "والاخ" الخليجي الكبير. وفي محاولة التأثير على مجريات الأمور، وارجاع عقارب السعة الى الوراء في اليمن استقبل الرئيس اليمني سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية.
الرئيس اليمني عبد ربه بتعيينه للسيد بن مبارك رئيسا للوزراء دون مشاورة الفرقاء السياسيين الموقعين على اتفاقية السلم والشراكة الوطنية، يكون قد خرج على روح الاتفاق وضرب بعرض الحائط لمبدأ التوافق على اختيار رئيس الوزراء بالإضافة الى انه يكون قد استجاب للضغوطات الامريكية والخليجية، لتفريغ الاتفاق الموقع من فحواه وجوهره، كما أنه يشكل التفافا على المطالب الجماهيرية المحقة والتي عبر عنها هذا الحراك الشعبي الي ضم كافة الفئات السياسية والاجتماعية والقبلية الحريصة على أمن اليمن ومستقبله، ومن الخطأ بمكان ان نعتبر ان هذا الحراك كان مقصورا على "انصار الله" من الحوثيين، كما صورته الصحف الخليجية لغرض في نفس يعقوب كما يقول المثل. فقد كان هذا الحراك شعبيا بامتياز، وجاء معبرا عن مطالب شعبية متكاملة سياسية، واجتماعية، واقتصادية ومن هنا كان الالتفاف الشعبي على هذا الحراك، الذي ما زال قائما لغاية الان، فالمطالب لم تتحقق بعد حتى ينفض هذا الحراك.
وكأن التدخل والهجوم الامريكي والخليجي لم يعد كافيا للهجوم على اتفاق السلم والشراكة الوطنية، فلقد استدعي "أنصار الشريعة" وهو تنظيم القاعدة في اليمن، ليدخل على الساحة من خلال عمليات إجرامية في ساحة التحرير في صنعاء، حيث كان الكثيرون من أبناء اليمن مجتمعين للتظاهر ضد قرار تعيين السيد بن مبارك رئيسا للوزراء، وقام انتحاري بتفجير نفسه وسط الجموع مما أدى الى وقوع ما يقرب من 45 شهيدا بالإضافة الى عشرات المصابين بجروح على حسب الإحصاءات الأولية. ومن الواضح أن حجم الشهداء يدلل على حجم المتفجرات والتي كان الغرض منها قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين. ولا شك فيه أن مثل هذه العمليات التي تقوم بها القاعدة تهدف الى اثارة الفتنة، وخلق أو تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية، وهي بهذا تسلك على المنحى السعودي المسوق الرئيسي لما يسمى بالصراع "السني-الشيعي"، وذلك في محاولة لحرف بوصلة الصراع في المنطقة، ففلسطين لم تعد البوصلة والعدو الصهيوني لم يعد عدوا بل حليفا استراتيجيا لبعض الدول وخاصة الخليجية منها، حليفا يعول عليه في الازمات وخاصة ضد محور المقاومة. ومن الواضح ان نشاطات أنصار الشريعة واعمالهم الاجرامية قد تزايدت في اليمن منذ توقيع الاتفاقية، فبجانب التفجير في صنعاء فقد قتل التنظيم 20 جنديا يمنيا في نفس اليوم ليرتفع عدد القتلى اليوم الى 65 يمنيا، الذي يعد يوما دمويا بكل المقاييس، وكان أن اعتدى التنظيم على مراكز للجيش اليمني في منطقة البيضاء مؤخرا وأوقع 11 جنديا قتيلا.
ولا شك ان تنظيم القاعدة لن يقف عند هذا الحد من الاجرام، فالقاعدة وجدت لتنفيذ مشروع مخطط له للمنطقة بأكملها ولتكون أداة للتنفيذ. والأدلة على هذا كثيرة من العراق الى سوريا الى ليبيا والمغرب العربي ومصر ولبنان، وان اختلفت التسميات ولون الاعلام فكل الإرهابيين، التكفيريين، الوهابيين موحدين في الفكر والأدوات، ويخدمون نفس السيد الذي يحركهم تبعا للمصالح والاستراتيجية المرسومة. وما يدور على الساحة اليمنية لا يمكن فصله عما يدور في منطقتنا ككل.
تكتسب اليمن وضعا مميزا في الصراع بسبب وضعه الجغرافي الاستراتيجي المميز، وامكانية تحكمه بباب المندب الذي تمر منه البواخر المحملة بمصادر الطاقة الى العالم، والتي تشكل العصب الأساسي لاقتصاديات الدول المتقدمة والنامية. هذا الى جانب موقعه الاستراتيجي بالنسبة للقرن الافريقي، ولكونه "المجال الحيوي" للسعودية حيث تتواجد آبار البترول والاستثمارات الغربية وقربه من القواعد الامريكية المنتشرة في دول الخليج. واليوم يتكالب على هذا البلد الثالوث الغير مقدس، والذي يضم الولايات المتحدة ومعظم الدول الخليجية وخاصة السعودية بالإضافة الى تنظيم القاعدة في اليمن. والسؤال الكبير هنا هل سيستطيع اليمن التصدي للتحديات والمضي قدما ليتحقق اليمن السعيد؟
الدكتور بهيج سكاكيني
10.10.2014
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|