%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
الاجتماع الأخير لما يسمى بالجامعة العربية....
على خطى حلف الناتو
الدكتور بهيج سكاكيني
الاجتماع الأخير لما يسمى بجامعة الدول العربية الذي عقد في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية، جاء متمم للزوبعة التي أثيرت في اجتماع دول حلف الناتو في ويلز والذي ناقش في احدى ملفاته، مكافحة الإرهاب المتمثل بالتحديد فيما يعرف "بالدولة الإسلامية" وكيفية مجابهته في العراق ومنع امتداده.
ومن هنا لم يأتي البيان الذي صدر عن الاجتماع الوزاري للجامعة العربية على ذكر سوريا وما تفعله "داعش" أو اخواتها من عمليات إرهابية شبيهة لما تقوم به في العراق ان لم يكن أكثر من ذلك بكثير ولفترة زمنية تمتد عبر أكثر من ثلاث سنوات. فقد ادان الوزراء حصرا في مشروع قرار "جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف العراق والتي تقوم بها التنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم داعش وما تؤدى إليه من جرائم وانتهاكات ضد المدنيين العراقيين".
ومن هذا المنطلق دعت الجامعة العربية على لسان أمينها العام نبيل العربي على تشكيل قوة عسكرية من الدول العربية التي تكون قادرة على التدخل عسكريا إذا لزم الامر بناء على معاهدة الدفاع العربي المشترك. "أن ميثاق الجامعة ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، ومجلس الجامعة العربية بآلياته وأجهزته ولجانه الوزارية المختلفة، يوفرون للجامعة العربية إطارًا قانونيًا وسياسيًا يسمح للجامعة بالقيام بكل المهام اللازمة لمساعدة أي دولة عربية على مواجهة التهديدات الموجهة لأمنها وسلامتها ووحدة أراضيها، بما في ذلك الوساطة، ونشر المراقبين، وإنشاء بعثات حفظ السلام وبناء السلام، بل والتدخل العسكري المسلح إن لزم الأمر". ليس هذا فحسب بل أن الأمين العام يرى "أن تطورات الواقع العربي قد سبقتنا بمراحل، مشيرًا إلى أن التهديدات التي تواجه الدول العربية أضحت من الجسامة والخطورة بمكان لم يعد يحتمل انتظار الآليات التقليدية للعمل العربي المشترك. بمعنى أنه يمكن تجاوز الأطر القانونية والسياسية لميثاق الجامعة العربية، مما يتيح للدول منفردة أو مجتمعة للتدخل العسكري في أي دولة عربية أذا ما قررت، أن ما يدور في هذه الدولة يشكل تهديدا لأمنها القومي. هذه هي قراءتنا لما بين السطور للتصريحات المصرية السعودية من انهما لن يسمحا للعناصر المتطرفة للسيطرة على الأوضاع في ليبيا. ولا يسعنا هنا الا أن نقارن استحضار الدفاع العربي المشترك والتدخل في الدولة التي يتعرض أمنها واستقرارها للخطر، بما جاء في البيان الختامي الصادر، عن اجتماع قمة دول حلف شمال الأطلسي، من أن الحلف سيرد بحزم ودون تردد، على تنظيم «الدولة الإسلامية»، في حال تهديده لأمن أي من الدول الأعضاء، تطبيقاً لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول الحلف. فنحن والحمدلله نتبع خطوات الكبار كحلف الناتو، في أدق التفاصيل. وقد جرى الاتفاق في اجتماع حلف الناتو على تكوين قوة عسكرية للتدخل السريع برية وبحرية وجوية من الدول الأعضاء في التحالف الدولي الذي يضم كل من بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وتركيا لمواجهة "الدولة الإسلامية".
لقد شدد أوباما على ضرورة أن ينضم الى هذا التحالف لاحقا "دول عربية سنية" لمحاربة الدولة الاسلامية، كما ورد أيضا على لسان وزير الخارجية الأمريكي كيري بأن الحلف سيقوم "بتعزز قوات الأمن العراقية وسواها في المنطقة ممن هم على استعداد لمحاربتهم دون إرسال جنودنا". ومن هنا فان الجامعة العربية تهيأ الأجواء بإقامة الحلف الإقليمي من "دول عربية سنية" للانضمام الى الحلف الدولي الذي شكل. الساذج سياسيا وحده من يعتقد بعدم وجود ترابط وتنسيق لكل هذه الأمور التي تجري تباعا وبتوقيت زمني متوازي. لقد أشرنا وأشار العديد من المتتبعين لما جرى ويجري على الساحة العربية، أن جامعة الدول العربية قد أصبحت أداة طيعة للمخططات الامريكية في المنطقة، وخادم أمين للناتو وتدخله العسكري في المنطقة. ألم يذهب وفد من جامعة الدول العربية وعلى رأسه امينها العام نبيل العربي ووزير خارجية قطر آنذاك الشيخ حمد بن جاسم لمطالبة مجلس الامن بتطبيق البند السابع الذي يتيح التدخل العسكري في سوريا لإسقاط الدولة السورية؟ ألم تعطي الجامعة العربية الشرعية الدولية للعدوان على ليبيا لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي وتحويل ليبيا الى دولة فاشلة؟ والان أغلب الظن أن الجامعة العربية ستشرع اعتداء آخر على ليبيا على يد قوات تدخل سريع عربية، بغطاء جوي من الناتو بذريعة مكافحة الإرهاب ولا نظن أن الامر سينتظر طويلا.
في اجتماعات حلف الناتو كان هنالك انتقادا واضحا لدفع الأموال للتنظيمات الارهابية مقابل إطلاق سراح المختطفين والأسرى. وها هم الوزراء العرب يؤكدون في مشروع قرارهم " التأكيد على منع الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من مدفوعات الفدية ومن التنازلات السياسية مقابل إطلاق سراح الرهائن". طبعا المقصود هنا هو توجيه اللوم الى قطر التي قامت بعدة مباحثات ومفاوضات مع الإرهابيين الخاطفين لإطلاق سراح أسرى أو مخطوفين لديهم في سوريا ومؤخرا في عرسال اللبنانية مقابل ملايين من الدولارات.
أما عن الخطوات التي يجب اتباعها في محاربة "الدولة الإسلامية" يذكر بيان الجامعة العربية أن الوزراء المجتمعين يؤكدون على دعمهم "لجهود الدول العربية فيما يتخذ من تدابير لمواجهة الهجمات الإرهابية والتصدي لكل من يقف وراءها أو يدعمها أو يحرض عليها". الغريب في الامر أن من الدول التي قامت بكل هذا من دعم بالسلاح والمال والتجنيد وتقديم الدعم السياسي هي من توقع على هذا بيان. اليس هذا مهزلة المهازل؟ وإذا ما ذهبنا الى ما يقابله في البيان الختامي لحلف الناتو نجد ان الخطوات التي يجب الاخذ بها "الدعم العسكري للشركاء العراقيين، وقف تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إلى التنظيم، مكافحة تمويل تنظيم الدولة، التصدي للأزمات الإنسانية (التي يسببها التنظيم)، إنهاء شرعية الأيديولوجية الخاصة بالتنظيم". والسؤال هنا كيف يمكن لدولة مثل تركيا أن تكون جزء من هذا التحالف وهي التي ما تزال تفتح أراضيها للدواعش للدخول للأراضي السورية، والتي عن طريقها أيضا يتم ادخال الأموال الى المنظمات الإرهابية، بالإضافة الى السماح "للدولة الإسلامية" ببيع النفط من آبار النفط التي تسيطر عليها في العراق وفي سوريا للشركات التركية والغربية والمرور عبر أراضيها حيث تنقل بواسطة شاحنات في وضح النهار.
الجامعة العربية تستثني سوريا التي شطبتها من عضويتها من التحالف لمواجهة "الدولة الإسلامية"، وهذا ما قرر في اجتماع حلف الناتو، حيث التصريحات تدلل على عدم وجود أي نية للتنسيق مع الدولة السورية في محاربة الإرهاب. سوريا، الدولة التي تكالبت عليها معظم الدول العربية والغربية التي تسعى لتكوين التحالف الدولي والإقليمي بشكل رسمي تحت غطاء مكافحة "الدولة الإسلامية" ، وهي الدول التي انتجت ورعت ومولت وجندت وسلحت واتت بالإرهابيين من كل بقاع العالم الى سوريا. وهذه الدول تريد أن "تحارب" هذا الوحش الكاسر بعدما أصبح خارج عن السيطرة، وأصبح يهدد بعض الأدوات في المنطقة والمصالح الغربية وخاصة فيما يتعلق بمصادر الطاقة من نفط وغاز. سوريا الدولة الوحيدة القادرة على فعل ذلك كما أثبتت التجربة على ارض الواقع. سوريا تستثنى من قبل التحالف الدولي لأعضاء حلف الناتو، وتستثنى من قبل ما يسمى بالتحالف الإقليمي الذي تسعى لتشكيله رسميا الجامعة العربية. فهل هذا يأتي مصادفة؟
عنما سئل أوباما عن سوريا، أكد أن الولايات المتحدة لن تقوم بإرسال جنودا أمريكيين "من اجل السيطرة على مناطق النزاع في سوريا" وعلى أن بلاده "تدعم شركاء فاعلين على الأرض لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية". أما نابليون العصر الساقط سياسيا وأخلاقيا فرنسوا هولاند فقد أعلن أن فرنسا مستعدة للمشاركة في ائتلاف دولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" مع "احترام قواعد القانون الدولي" مستبعدا أي عمل في سوريا في الوقت الراهن. الذي يبدو من الحديث أن التدخل في سوريا "لمحاربة" الإرهابيين من الدولة الإسلامية من قبل حلف الناتو وشكله وامكانياته ومداه لم تتبلور بعد، وهذا لا علاقة له بقواعد القانون الدولي واحترامها كما أثبتت لنا تجربة ليبيا، ولكن لسوء حظهم فان سوريا ليست ليبيا، وباستطاعتها أن ترد بإمكانياتها المتواجدة، بالإضافة الى وجود أصدقاء وحلفاء يستطيعون مساعدتها والوقوف بجانبها عند الحاجة لذلك بكل امكانياتهم.
وتقاطع حلف الناتو مع الجامعة العربية لا يقتصر على استثناء سوريا من المعادلة المطروحة، بل يتعداه الى التعامل مع ما يسمى بالمعارضة السورية المسلحة المسماة "بالمعارضة المعتدلة" التي لم يبقى منها أثر على ارض الواقع ولا تجدها الا في مخيلة مصنعيها اللذين يحاولون ترويج الانتصارات الوهمية لديها. النزاع القائم بين المجموعات المسلحة على الأرض السورية هو صراع ما بين مجموعات إرهابية فالجبهة الإسلامية المصنعة سعوديا بقيادة زهران علوش والتي على ما يبدو سيعول عليها لمحاربة داعش، هي تجمع لمجموعات تحمل نفس الفكر التكفيري الوهابي الذي تحمله داعش وجبهة النصرة. اما الجيش الحر الذي يراد احيائه من الموت فلم يعد أحدا يسمع به. هؤلاء هم المعنيون بالشركاء الفاعلين على الأرض السورية الذي يعول عليهم الناتو لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وبالتوازي فان الجامعة العربية ما زالت تتحدث عن "دعم المعارضة السورية ومساندة الشعب السوري حتى تحقيق تطلعاته". وتسعى مصر الى إقامة مؤتمر للمعارضة السياسية المصنعة في الخارج (معارضات الفنادق خمسة نجوم) لبعث الحياة بها، تحت شعار إيجاد حل سياسي للازمة السورية، بعد أن فشلت كل المحاولات لإسقاط الدولة السورية.
في النهاية نريد أن نؤكد ان هذا التناغم في المواقف والخطوات العملية المراد تبنيها من قبل الجامعة العربية وحلف الناتو، في التعامل مع إرهاب "الدولة الإسلامية"، لم يأت من فراغ ولم يكن مصادفة، بل أتى نتيجة طبيعية لالتقاء وتطابق مصالح بعض الدول الإقليمية مع الدول الغربية، الى جانب تقبل واضح وعلني ورسمي للنظام العربي الرسمي، ممثلا بالجامعة العربية أن يكون مطية رسمية، وواهب لشرعية التدخل العسكري المباشر لحلف الناتو، ومشارك له بالعتاد والاموال، في محاولة لفرض الهيمنة والسيطرة على المنطقة برمتها ومقدراتها.
الدكتور بهيج سكاكيني
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|