<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني محاربة الارهاب والتحالف الإقليمي والدولي

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

محاربة الارهاب والتحالف الإقليمي والدولي

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

توافد الى منطقة ويلز في المملكة المتحدة ما يقرب من 60 رئيس دولة بالإضافة الى حلفاء وشركاء الحلف لحضور المؤتمر السنوي لحلف الناتو. وكان على جدول الاعمال ثلاثة نقاط رئيسية، منها الوضع في أوكرانيا والخطوات العسكرية والاقتصادية لدول الحلف التي يجب اتباعها لتحجيم الدور الروسي، والدعم العسكري للحكومة الانقلابية في أوكرانيا لتأهيلها للقضاء على ما يسمونه بالتحركات الاحتجاجية في شرقي البلاد وخاصة في دونيتسك ولوغانسك وهي الأقاليم التي تدعو للانفصال عن أوكرنيا نتيجة السياسات العنصرية التي تتبعها الحكومة في كييف ضدهم، ولجوء الجيش الاوكراني الي العدوان على سكان هذه الأقاليم، بدعم واضح من الولايات المتحدة، وعدم إعطاء فرصة للحلول السياسية، التي تأخذ بعين الاعتبار حقوق  سكان هذه الأقاليم وذلك تحت مظلة الفيدرالية. وشكل الوضع في أفغانستان وعملية الانسحاب المرتقبة لقوات الحلف عام 2015 النقطة الثانية على جدول الاعمال. أما النقطة الثالثة فهي المتعلقة بمكافحة الارهاب للدولة الإسلامية في العراق وسوريا، والتي باتت تهدد مصالح الدول الغربية لتمددها الى المناطق الغنية بالنفط وتهديد خطوط الامداد، كما أنها باتت على أبواب بعض الدول الحليفة والشريكة للولايات المتحدة مثل السعودية وذلك بعد تمددها في مناطق جديدة.

وتسعى الولايات المتحدة على ما يبدو الى إيجاد نوع من التحالف الاقليمي والدولي تحت المظلة الامريكية يهدف أساسا للحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة ويضمن أمن الكيان الصهيوني الى جانب تدفق النفط الى الأسواق العالمية، والحفاظ على أدواتها في المنطقة، وحمايتها من أي تمدد غير مرغوب فيه، أو غير متوقع، أو غير مسموح به للدولة الإسلامية. والذي يبدو أن بدايات ونواة هذا التحالف الإقليمي قد مهد له بالاجتماع الذي تم في جدة بناء على الدعوة السعودية، والذي ضم كل من السعودية وقطر والامارات والأردن ومصر، حيث تم مناقشة كيفية مجابهة خطر الدولة الإسلامية في العراق وإيجاد حلا سياسيا للازمة السورية. والان تتضح معالم الصورة بشكل أوضح وخاصة بعد التصريحات الامريكية حول العمل على تشكيل "تحالف أساسي" لمحاربة مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق، داعية الى تأييد واسع من حلفائها وشركائها، مستبعدة في الوقت ذاته، إرسال قوات برية إلى العراق.

 من الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد أن تتدخل بشكل منفرد، وبالتالي فإنها ستقحم الناتو وخاصة في تسديد الضربات الجوية هنا وهناك. وهي بهذا تسعى الى تكوين تحالف إقليمي ودولي قائم على توزيع او تقسيم العمل بين أطراف التحالف بحيث يكون هناك من يمول العمليات ويدفع معاشات المرتزقة من المقاتلين سواء من العناصر الإرهابية، أو من وحدات مقاتلة مكونة من جيوش الدول الإقليمية، الى جانب تسديد فاتورة الأسلحة المستخدمة، وهناك من سيقوم بتوفير أجهزة الاتصالات ومن يقوم بعمليات التدريب وتوفير الأسلحة. والذي يبدو أن التحالف الإقليمي سيضم معظم الدول الخليجية ومصر والأردن الى جانب تركيا وإسرائيل. ولقد أعطي كل من وزير الخارجية كيري ووزير الدفاع هاغل مسؤولية الاتصال بدول الإقليم وترتيب الأمور، وعلى أن تكون الأمور قد سويت ووضعت الاستراتيجية للمواجهة قبل عقد الجلسة الخاصة بمناقشة كيفية التصدي لإرهاب الدولة الإسلامية والنصرة في مجلس الامن التي سيحضرها رؤساء الدول، والتي سيترأسها الرئيس اوباما في غضون الأسابيع القادمة. وقد يكون تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري في باريس دليل على إمكانية مشاركة جيوش عربية ضمن التحالف المذكور وتقسيم العمل في القتال ضد الدولة الإسلامية وغيرها من المجموعات التكفيرية الارهابية. ففي معرض حديثه عن أن مصر تدعو ل "نهج جماعي ودولي" ضد "همجية" التطرف، ذكر عندما سئل عن إمكانية تدخل عسكري محتمل لمجابهة الإرهاب في العراق وسوريا بالقول، " نحن على استعداد لدعم المجتمع الدولي في ما يمكن أن يصدر بهذا الصدد من قرارات للأمم المتحدة. سيكون لكل مشارك دور مختلف لكن من السابق لأوانه حاليا تحديد ما يمكن أن تقوم به كل دولة في هذا الاطار".

في الاجتماع الذي عقد على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في ويلز لوضع إستراتيجية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" من قبل وزراء الخارجية والدفاع لعشرة دول مشاركة صرح كيري  "نحتاج إلى مهاجمتهم على نحو يحول دون استيلائهم على مزيد من الأراضي"، وأضاف "علينا تعزيز قوات الأمن العراقية وغيرها من قوات المنطقة المستعدة لقتالهم من دون أن نلتزم بإرسال قوات برية، هذا خط أحمر".  

ولا شك ان هذا القول ذو دلالة، بمعنى أن الولايات المتحدة ستعمل على عملية احتواء "الدولة الاسلامية" واستخدامها كحصان طروادة للتدخل في شؤون البلاد، وإبقاء الدول رهينة واسيرة للولايات المتحدة وتحت سيطرتها، خوفا من البعبع الذي أوجده الفكر الوهابي الإرهابي والذي رعته وغذته الأموال والثقافة ومناهج التعليم السعودية وبعض الدول الخليجية، والذي تدرب وتتلمذ عناصره على أيدي المخابرات المركزية الامريكية، وغيرها من المخابرات الإقليمية والغربية، لاستخدامهم في تحقيق الاجندات والمصالح لهذه الدول. ونقول احتواء وليس القضاء، على الأقل في هذه المرحلة بالتحديد لأنه ما زال هنالك دور لهذه التنظيمات الإرهابية في المنطقة وخاصة في سوريا وخارجها والتي قد تصل الى القوقاز. ومن الضروري أن نؤكد هنا انه على الرغم من الانكفاء للدور الأمريكي العسكري المباشر، والخسائر التي مني بها في كل من افغانستان والعراق وسوريا، فما زالت طبول الحرب تقرع من قبل اليمين الأمريكي الممثل بالمحافظين الجدد من الحزب الجمهوري وما زال رأس الافعى ماكين الجمهوري، وغيره من صقور الديمقراطيين ينادون بالتدخل العسكري واستخدام القوة العسكرية، ويسددون سهام اللوم لإدارة الرئيس أوباما وسياسة التردد في اتخاذ "القرارات الحاسمة" بحسب رأيهم، والحاسمة هنا تعني التدخل العسكري وتبني سياسة عدوانية لكل دولة تقف في وجه تحقيق المصالح الأمريكي، أو تريد العيش بكرامة وأن يكون قرارها السيادي الوطني بيد أبنائها.

ومن هنا نجد أن هنالك من ينادي بعدم التعاون أو التنسيق مع الدولة السورية، على الرغم من أنها الدولة التي حاربت الارهاب طيلة السنوات الماضية وباتت تحقق النجاحات في هذا المضمار. هؤلاء ينادون بدعم وتسليح ما يسمى "بالمعارضة المعتدلة" في الساحة السورية، متناسين ومتغاضين عن الحقيقة الساطعة كالشمس بان هذه لم تعد موجودة (هذا ان كانت متواجدة) حيث داعش التي تحولت الى الدولة الاسلامية وجبهة النصرة المصنفين بتنظيمات إرهابية هي المسيطرة على ما يسمى بالمعارضة المسلحة. وهنالك خطأ مرتبط بتسميتها بالمعارضة أصلا، وذلك لان معظم عناصرها من المرتزقة الإرهابيين الذين تم احضارهم من بقاع الأرض قاطبة، وبالتالي فهي أشبه بالعصابات والمافيات التي تتحارب وتتقاتل فيما بينها على الغنانم، والمناطق الغنية بالنفط لتضمن بقائها، ودفع رواتب عناصرها وشراء الأسلحة في حالة قطع المعونات المادية عنها.. والمتتبع للصراع بينهم على مناطق النفوذ يدرك جيدا أن هذه حقيقة ما يدور على الأرض في المرحلة الحالية بين هذه التنظيمات. الدولة الإسلامية باتت تسيطر على مساحة واسعة تقارب مساحة المملكة المتحدة في كل من سوريا والعراق.  وتسيطر على العديد من ابار البترول ومحطتي تكرير في كل من سوريا والعراق، ويقدر مدخولها من بيع البترول الخام أو المكرر بشكل بدائي بما يقارب من 2 مليون دولار يوميا. 

 أما عن قضية تسليحها فان تسليح هذه "المعارضة" لم يتوقف يوما من الأيام وبكافة أنواع الأسلحة النوعية والغير نوعية والا لما كان الصراع والارهاب في سوريا مستمرا لغاية الان. فمنذ نوفمبر 2012 تسلمت "المعارضة المعتدلة" ما يقارب من 3000 طن من الأسلحة والذخيرة التي نقلت من احدى دول أوروبا الشرقية الى الداخل السوري عبر الأراضي التركية، هذا بالإضافة الى شحنات الأسلحة التي كانت تشحن من بنغازي في ليبيا الى سوريا. ولقد تم شراء هذه الكمية الضخمة من الاسلحة بأموال سعودية وقطرية واماراتية وكويتية. وما زالت بعض الدول مثل فرنسا ترسل السلاح لهذه المجموعات الى الداخل السوري علنا، لتحصيل المزيد من الدولارات من الدول الخليجية لدعم اقتصادها المتهالك. 

في النهاية نود ان نؤكد ان من يريد فعلا القضاء على أو تحجيم خطر "الدولة الإسلامية" والنصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية المنضوية تحت الرايات والاسماء المختلفة، يجدر به أن لا يكيل بمكيالين بشأن الارهاب او تحديد ماهيته أو مجابهته. فالإرهاب في العراق هو نفس الارهاب في سوريا وغيرها من دول الإقليم، ويجب التعامل معه على هذا الأساس. وانطلاقا من هذا الفهم لا يمكن محاربة الارهاب في العراق وتقديم الدعم له في سوريا لمحاربة الدولة السورية بهدف اسقاطها وتغيير النظام بها، الحلم الذي لن يتحقق. ومن هنا نعتبر التنسيق والتعاون مع الدولة السورية بشكل مباشر، يشكل احدى الركائز الأساسية لمحاربة الارهاب في الإقليم وخارجه. هذا هو المقياس الحقيقي والمحك للحكم على صدق النوايا في محاربة الارهاب والتكفيريين من "الدولة الإسلامية" والنصرة" والقاعدة" ومن لف لفهم في المنطقة. والإرهاب منظومة متكاملة ومحاربته تستدعي مجابهته عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا، وهذا يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية على هذه الأسس وليس على أسس انتقائية، واستخدام محاربته كذريعة للهيمنة على المنطقة. فهل ما يسمى "بالمجتمع الدولي" جاد بمحاربة الارهاب بشكل متكامل؟

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا