<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني قراءة في التحركات الغربية المحمومة لتسليح أكراد العراق

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

قراءة في التحركات الغربية المحمومة لتسليح أكراد العراق

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني 

لا بد لنا ان نتساءل لماذا هذه التحركات المحمومة لدى الدول الغربية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا لتسليح الاكراد وتقديم كل الدعم العسكري واللوجيستي، وتحرك الطائرات الامريكية لضرب تجمعات ومواكب داعش المتجهة نحو اربيل وبقية المناطق الكردية أو "المتنازع عليها" ( فنحن في الطريق الى تقسيم العراق)، بينما لم نشهد مثل هذه التحركات المحمومة عندما زحفت جحافل المغول الداعشية الى الموصل، واستولت عليها في غضون ساعات بالرغم من وجود معلومات استخباراتية أمريكية مسبقة بنية داعش للزحف على الموصل واحتلالها ورؤية تحركاتهم بالأقمار الاصطناعية الامريكية التي لا تفارق الأجواء العراقية. ولماذا لم تتحرك هذه الدول عندما بدات داعش بقتل وذبح السنة والشيعة والاكراد والتركمان والمسيحيين أو طردهم من المدينة في عمليات تطهير عرقية ودينية واضحة، والقيام بتفجير الكنائس والمساجد والمقامات والحسينيات ونبش قبور الاولياء، وبيع النساء في سوق النخاسة. هذه الدول التي تدعي أنها المدافع عن حقوق الانسان وحامية الأقليات..الخ من الأكاذيب وأساليب التضليل الإعلامي، الذي لم تعد تنطلي على أحد. ولنا من تاريخهم الأسود عبرة من هيروشيما الى فيتنام الى الجزائر الى الهند الى فلسطين وغيرها من الدول.

الذي يبدو أن داعش قد خالفت أوامر مصنعيها وحاميها، وتجاوزت الخطوط الحمراء المرسومة لها عندما بدأت بالزحف على اربيل لما تمثله هذه المدينة من اهمية استراتيجية فهي عاصمة إقليم كردستان، وهي التي تنتج ما يقرب من ربع النفط العراقي، وهي مركز لقوات أمريكية وخبراء ومستشارين ودبلوماسيين امريكيين، بالإضافة الى قربها من كركوك الغنية بآبار النفط ، والتي استولت عليها قوات البيشمركة وضمتها الى اقليم كردستان بعد ان كانت "اراضي متنازع عليها". النفط التي سيطرت على إخراجه وتسويقه من خلال عقود طويلة الاجل الشركات الامريكية العملاقة مثل اكسسون موبيل وشيفرون وغيرها. بمعنى أن جزء من هذا التدخل هو للحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة، وخاصة في السيطرة على حقول النفط وكما ذكر وزير الدفاع الأمريكي هيغل في احدى المؤتمرات الصحفية عام 2007" بعض الناس يقولون اننا لا نحارب من أجل النفط. لا اننا نحارب من اجل ذلك، وماذا يفهم هؤلاء عندما يتحدثون عن المصالح القومية الامريكية؟ نحن لسنا هنا للقطين (figs)."

ولن نستغرب اذا تبين لاحقا أن تكون الادارة الامريكية هي من دفعت بداعش لان تقوم بهذه المسرحية، اي بالتقدم نحو اربيل حتى تأخذها عذرا لتكثف تواجدها العسكري في العراق، بالإضافة الى تزويد الاكراد بالسلاح النوعي الضروري لمجابهة داعش، والتي من الممكن أن تستخدمه البيشمركة لاحقا في قتالها المتوقع مع القوات العراقية عندما تعلن الانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد واستقلال إقليم كردستان، واقامة دولة كردستان من جانب واحد، وذلك بعد الاستفتاء المقرر اجرائه في الفترة القريبة القادمة، وخاصة وأن السيد مسعود البرازاني مصمم على اجراء هذا الاستفتاء، وهو من ذكر بان هنالك دول إقليمية ودولية وعدته بالاعتراف بهذا الكيان بعد اعلان الاستقلال مباشرة. وبالتالي سيكون أحد الاهداف من العدوان الامريكي الذي شن على العراق عام 2003 قد تحقق، الا وهو التقسيم الفعلي للعراق، وهو ما نادى به نائب الرئيس الأمريكي بايدن منذ سنوات وما خطط له في الدوائر الصهيونية منذ ثمانينات القرن الماضي.

وبغض النظر عما ستؤول اليه الاحوال فإننا نرى عودة لاحتلال العراق بشكل غير مباشر وبدون تواجد اعداد كبيرة من الجيش الأمريكي، ودخول اسرائيل الى المنطقة بشكل أكبر، والكل أصبح يعلم بمدى التنسيق الرفيع المستوى والتعاون الاستراتيجي بين الاكراد واسرائيل والموساد. الفارق في هذه الحالة ان امريكا لم تعد بحاجة ان تتدخل بشكل مباشر لان اداتها الداعشية تقوم بما يوكل اليها من قبل المخابرات المركزية الامريكية، الى جانب أن أمريكا وبقية الدول الغربية الاستعمارية في هذه الحالة ستظهر على انها ليست دول معتدية أو محتلة أو استعمارية، بل دول اتت لإنقاذ السكان المدنيين. فسبحان من حول المستعمر (بكسر الميم) الى منقذ وفاعل خير يجب التشبث به وتقديم كل آيات الشكر والتقدير والعرفان له. ومن الواضح ان الاستراتيجية الجديدة الامريكية ستبنى على هذا الأساس وخاصة مع وجود معارضة شعبية في الداخل الأمريكي لأي تدخل عسكري مباشر بقوات كثيرة العدد، بالإضافة الى التكاليف الباهظة للعدوان المباشر والمعارضة داخل أروقة الكونغرس ومجلس الشيوخ.

ولن نستغرب أيضا فبما إذا كان أحد الاسباب من وراء دفع داعش للقيام بما قامت به في العراق وما استتبع من تداعيات، هو السيطرة الامريكية على الأجواء العراقية وهو ما رفضه المالكي، والذي سيتيح لها منع أو حظر الطيران المدني من التحليق واستخدام الأجواء العراقية وخاصة الطيران الإيراني وبالتالي منع ما تزعمه الولايات المتحدة من إيصال امدادات إيرانية من أسلحة لسوريا أو مراقبة الاجواء المحيطة بسوريا. كما ان تبني وصدور قرار من مجلس الامن مؤخرا تحت الفصل السابع ضد تنظيمي داعش والنصرة في العراق وسوريا، قد تستخدمه الولايات المتحدة لتوجيه ضربات عسكرية للداخل السوري من الأراضي العراقية، بعد ان فشلت كل المحاولات في اسقاط الدولة السورية. ان الوقوف ضد هذه المجموعات الإرهابية التكفيرية الوهابية، يتطلب محاسبة ومعاقبة الدول التي صنعتهم، ومولتهم، وسهلت عمليات تنقلهم، واوجدت الحاضنات لهم، وسلحتهم. البعض من هذه الدول متواجدة ضمن مجلس الامن والبعض خارجه، وبالتالي لا ثقة لنا بمثل هذه القرارات على الرغم من أهميتها من الناحية النظرية.

من الواضح أن الإدارة الامريكية قد دفعت بالأمور الى ما هي عليه الان في العراق فيما يتعلق بداعش والدفع في اتجاه التخلص من السيد المالكي وذلك لتحقيق مآرب سياسية لم تستطع تحقيقها قبل انسحاب معظم قواتها من الأراضي العراقية. لسنا هنا بصدد مناقشة كيف تم تنحي السيد المالكي من الترشح لمنصب رئاسة الوزراء والتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية على مستوى الحكومة وتداعيات ذلك، وسنبقى في نقاش الامور المتعلقة بداعش هنا. نقول ان الإدارة الامريكية أرادت للأوضاع ان تصل الى هذا الحد في العراق، حيث أنها ماطلت في تسليم الجيش العراقي الأسلحة والمعدات العسكرية وخاصة طائرات F-16  وكذلك طائرات الهيلوكبتر المقاتلة التي كانت بحاجة ماسة لها، وهو ما أدى العراق الى اللجوء الى روسيا وشراء طائرات سوخوي المقاتلة وغيرها من المعدات العسكرية. وحتى عندما تدخلت القوات الجوية الامريكية في ضرب تجمعات داعش فلقد كانت ضرباتها محدودة جدا ولم تؤدي الى منع تقدم داعش والسيطرة على مزيد من الأراضي والسيطرة على سد الموصل. وربطت أية معونة اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية وأمنية للحكومة العراقية بتخلي السيد المالكي عن منصب رئاسة الوزراء وعدم ترشحه للمنصب لفترة ثالثة. وبدون الدخول في تفاصيل من المؤكد ان المالكي لم يلبي بالكامل المطالب الامريكية وخاصة فيما يتعلق بإبقاء قسم من الجنود الأمريكيين على الأراضي العراقية والتوقيع على اتفاقية تضمن الحصانة القانونية لهؤلاء من اية جرائم ترتكب من قبلهم على الأراضي العراقية، بالإضافة الى الموقف من سوريا، ولهذا عمدت الإدارة الامريكية للتخلص منه. ولقد شنت عليه حملة إعلامية في معظم الوسائل الإعلامية الامريكية واتهامه بالتعصب الطائفي والتفرد بالحكم واتخاذ القرارات متناسية أنها أي الولايات المتحدة هي من أقام نظام حكم مبني على أسس طائفية بغيضة بعد غزوها للعراق عام 2003 وتدمير البلد بالكامل، بالإضافة الى انها هي من رشحته لتولي منصب رئاسة الوزراء.

وفي النهاية نقول أن الولايات المتحدة غير معنية ولا تريد ان ترى عراق موحد وقوي وقادر على الدفاع عن نفسه. انها تريد السيطرة وتريد النفط وضمان وصوله للأسواق العالمية تحت اشرافها وتريد ضمان امن ربيبتها إسرائيل، وهذا لا يمكن ان يتحقق مع وجود جيوش قوية عربية، لذلك فهي تعمد الى تحطيم المجتمعات العربية من الداخل مباشرة او عبر ادواتها داعشية كانت أم غيرها. الولايات المتحدة تقف ضد أي توجه قومي أو احياء القومية العربية، وهي بالتالي تعمل جاهدة على تذويب ومحو الهوية العربية والحضارة والثقافة والانسانية وكل مظاهرها في منطقتنا، ولقد أطلق العنان لصنيعتها داعش واخواتها للقيام بهذه المهمة وهم للشهادة يقومون بالمهمة الموكلة لهم على أكمل وجه. معركتنا مع المجموعات التكفيرية الإرهابية ومع مصنعيهم من الصهيو- أمريكية وادواتهم في المنطقة أصبحت معركة وجود بكل المقاييس.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا