<%@ Language=JavaScript %> د. بهيج سكاكيني المفاوضات في القاهرة ...مراوحة في المكان والضغط على المقاومة الفلسطينية

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

المفاوضات في القاهرة ...

 

مراوحة في المكان والضغط على المقاومة الفلسطينية

 

 

د. بهيج سكاكيني

 

انفضت الاجتماعات والمفاوضات الغير مباشرة في القاهرة المعنية بإيجاد صيغة "لوقف اطلاق النار" في غزة دون التوصل الى أي نتيجة تذكر في أي من النقاط التي حددتها المقاومة الفلسطينية بالرغم من التصريحات الدبلوماسية للسيد عزام الأحمد والتي حاول من خلالها أن يرسم صورة متفائلة عن المباحثات. ومن يتتبع تصريحاته يستطيع أن يقرأ ويستخلص انه لم يتم اختراق في اية قضية من القضايا التي طرحت منذ بدء هذه المباحثات. فهو يؤكد "ان المحادثات غير المباشرة تحرز تقدما لكن الفجوات لا زالت واسعة" ويصرح قبل اعلان الهدنة لمدة خمسة أيام بقليل " ثمة احتمال بأن ننجح في التوصل الى اتفاق حتى الليلة القريبة، لكن الطريق لا زالت طويلة". كل ما خلصت اليه المباحثات هو التمديد مرة أخرى ولكن لخمسة أيام هذه المرة ربما لكسر روتين 72 ساعة، واعطاء الانطباع ان هنالك تغيرا. ومن الواضح من تصريحات ممثل حماس والجهاد الإسلامي أنه لم يتم التوصل الى اتفاق. فقد صرح موسى أبو مرزوق " ان الوفود تغادر وستعود بعد معالجة معضلات الاتفاق". أما د. زياد نخالة ممثل الجهاد الإسلامي فقد صرح بشكل دبلوماسي " ان الحصار معقد وأن الجهات التي تمارسه غير محدودة" وأضاف " اننا في وضع لا نحسد عليه". وإذا ما أردنا ان نقرأ بين السطور وأن نهجر الدبلوماسية التي يمارسها ممثلو فصائل المقاومة لأسباب معروفة، فأنه من الواضح أن الوفد الفلسطيني وبالتحديد المقاومة الفلسطينية تتعرض لضغوط هائلة من أطراف عربية ومن ضمنها مصر والسعودية والجامعة العربية ولا نستبعد على الاطلاق انضواء أطراف فلسطينية معها، بالإضافة الى البيت الأبيض والاتحاد الاوروبي، وكلها تعمل على الالتفاف على المكتسبات التي حققتها المقاومة والمعادلات الجديدة التي أوجدتها على الأرض. هنالك محاولات لسرقة هذه المكاسب كما كان الحال عام 2006 في لبنان، وكما كان الحال مع الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطيني. نقولها بأسى ومرارة لقد أصبح النظام الرسمي العربي خبيرا في تحويل الانتصارات الى هزائم، فهو نظام تعود على الهزائم والتأقلم والتعايش معها وأصبحت جزء من نسيجه السياسي، وبالتالي فانه يرى أن أي تأسيس أو حتى مهادنة لثقافة المقاومة تهديدا وجوديا له، وبالتالي فهو يرمي بكل ثقله لمنع المقاومة من تحقيق أي اختراق لهذا النظام الانهزامي.

ما زال الطرف الإسرائيلي يراوغ ويماطل كالعادة ويحاول تجنب مناقشة أي قضية جوهرية، وعدم تقديم أية تنازلات ذات معنى بشأن رفع الحصار الخانق الذي مارسه الكيان الصهيوني لما يقرب من الثماني سنوات. الوفد الإسرائيلي الذي لا يمكث في القاهرة الا لساعات معدودة ويعود الى إسرائيل بعد ذلك، يحاول أن يلعب على عامل الوقت لتحقيق مكاسب قد تؤمن له انتصارات وهمية لجيش الاحتلال الصهيوني الذي مرغ أنفه وهيبته وغطرسته وقدراته القتالية والاستخباراتية على اعتاب غزة الذي لم يجرء على التوغل بها، وبقي يراوح مكانه عبر الشريط الأمني خوفا من رجال المقاومة، عله يستثمر هذه الانتصارات المفترضة في الساحة الداخلية الذي بدأت بالتصدع ضمن الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحكومي وبين سكان المستوطنات اليهودية الجنوبية والحكومة الإسرائيلية وقيادة جيش الاحتلال.

ان إسرائيل تعمل وتسعى من خلال إطالة أمد المفاوضات والعمل على عدم تقديم أي تنازل جوهري لصالح المقاومة الى إيجاد شرخ، وزرع الفتنة بين المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية، وكذلك بينها وبين السلطة الفلسطينية، بمعنى إيجاد الفتنة داخل البيت الفلسطيني الواحد، والذي من شأنه أن يقوض المصالحة الفلسطينية والتي ما زالت متعثرة أصلا، وكذلك حكومة التوافق الوطني.

 كما تسعى إسرائيل الى تحويل واختزال القضية وحصرها بقضايا إنسانية وإعادة اعمار مشروطة بنزع سلاح المقاومة، الى جانب تحقيق مكاسب اقتصادية من وراء الاعمار وذلك بوضع الشروط لشراء مواد البناء من المصانع الإسرائيلية وذلك بحجج امنية واهية. إسرائيل تريد أن تستثمر الظروف العربية الراهنة ووجود أطراف داعمة لها ولعدوانها على ضلع من محور المقاومة في سبيل ان تنظم شؤون الاحتلال الصهيوني وآلياته وتحسين شروطه على قطاع غزة، وذلك بالتضيق المتزايد على القطاع تحت نظام مراقبة صارم يشرع له باشتراك أطراف عربية ودولية، السيطرة على الأوضاع الامنية داخل القطاع، مقابل تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لسكانه، بمعنى الأمن الاقتصادي ولقمة العيش مقابل الاستسلام وإبقاء الاحتلال وعدم التعرض له ومقاومته.

ما يريده الاحتلال هو استنساخ الوضع الأمني القائم في الضفة، وتطبيقه على غزة، ومن هنا تأكيد الكيان الصهيوني على التعامل مع السلطة الفلسطينية، حتى مع وجود حكومة التوافق الوطني. ولم يعد خافيا على أحد ان التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية مع قوات الاحتلال أدى الى حالة هدوء طويلة الأمد، وضمان أمن إسرائيل، والسماح للجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية تنفيذ الاقتحامات والمداهمات في أي منطقة في الضفة الغربية لاعتقال أو اغتيال أي من المطلوبين لسلطات الاحتلال.

في محاولة لإنقاذ المفاوضات الغير مباشرة في اللحظة الأخيرة قدمت مصر خطة "متدرجة" يتم فيها ترحيل القضايا الخلافية مثل المطار والميناء ورفع الحصار وموضوع الاسرى الى ما بعد وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى قطاع غزة، بمعنى أن نتعامل في المرحلة الأولى مع القضايا الإنسانية وهو ما يريده الاحتلال. وهذه الاستراتيجية هي التي اتبعتها كل حكومات الكيان الصهيوني منذ سيء الصيت أوسلو لغاية الان. فلقد رحلت كل القضايا الرئيسية مثل الحدود والقدس وقضية اللاجئين والعودة، وشغلنا العدو الصهيوني بتفاصيل أمور شكلية وضاعت الأرض وبنيت المستوطنات وجرت تحولات ديمغرافية في فلسطين كل فلسطين لصالح الاحتلال. نحن لا نريد "تخفيف الحصار" عن القطاع بشكل تدريجي ولا ان يتم تقليص منطقة الأمنية التي فرضت على القطاع بشكل "تدريجي" ولا أن يتم بحث النقاط الخلافية (وكأن المفاوضات أفضت الى الاتفاق على شيء) الى موعد آخر يتم تحديده بتوافق كافة الأطراف. شعبنا مل المفاوضات ومل عمليات الترحيل، لأنه بات يدرك بحسه العفوي وبدون فذلكات وتلاعب بالألفاظ أن هذا لن يفضي الا الى مزيد المصائب والكوارث والخوازيق.

نحن لا نشارك البعض الذين ما زالوا متمسكين بالمباحثات والمفاوضات المباشرة او الغير مباشرة لتحقيق حقوقنا الوطنية واسترجاع أراضينا المغتصبة. ففي نهاية المطاف نحن في صراع وجودي وليس حدودي، صراع مع مشروع استعماري استيطاني احلالي قائم على التطهير العرقي، والتصفيات الجسدية للطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية ولكل كائن فلسطيني، من خلال مجازر ارتكبها ويرتكبها الواحدة تلو الأخرى في تأريخ الكيان الصهيوني الأسود. وان كان هنالك وقف "لإطلاق النار" "دائم" أو "مؤقت"، فان ذلك لا يمكن اعتباره الا استراحة مقاوم للتحضير لجولة قادمة تكون أشد ضراوة على العدو الصهيوني مما سبقتها، لحين تحقيق النصر والتحرير لكامل تراب فلسطين. ويستحضرني قول لاجئ فلسطيني مسن في احدى مخيمات لبنان بعد الانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية عام 2006، من انه بدأ بالفعل يشعر ويرى امل التحرير والعودة الان، نقول الان ونضم صوتنا الى صوت من قال "البعض يراها بعيدة ونحن نراها قريبة".

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا