<%@ Language=JavaScript %> د. بهيج سكاكيني الارهاب المتنقل من سوريا الى العراق الى لبنان ...موحد في المنشأ والاهداف

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الارهاب المتنقل من سوريا الى العراق الى لبنان ...

 

موحد في المنشأ والاهداف

 

 

د. بهيج سكاكيني 

 

ها هي الساحة اللبنانية تعود مرة أخرى الى واجهة الاحداث المرتبطة بالإرهاب، الذي أصبح يتنقل من منطقة الى أخرى تبعا للظروف التي يتعرض لها في كل بلد، وتبعا للقوى المحركة له والاهداف التي رسمت لتحقيقها من وراء استخدام الارهاب كأداة أساسية للوصول للأغراض المبتغاة. فمع العمليات المستمرة في الساحة السورية التي يوجه فيها الجيش العربي السوري الضربة تلو الضربة للإرهابيين والقتلة ومجموعات المغول والتتار، التي جمعت من أكثر من ثمانين دولة من العالم، الى جانب التناحر بين إخوة التكفير والإرهاب على تقاسم مناطق النفوذ، وعمليات السطو والنهب والسرقة، كان من المتوقع أن يهاجر أجزاء من هذه المسخ الاثمة الارهابية الى المناطق المحيطة.

ولقد حذر الكثيرون ممن لديهم الرؤية الصحيحة، والقدرة على فهم الواقع المتحرك وقراءة المستقبل، بان الارهاب الذي أرسل الى سوريا سرعان ما يضرب دول الجوار، وان المسألة مسألة وقت ليس الا. ولقد حذر الكثيرون وخاصة بعد الضربة التي تلقتها المجموعات التكفيرية الإرهابية في القصير في الداخل السوري، والتي كانت تشكل معقلا إستراتيجيا رئيسيا للإرهاب، الى جانب الضربات المؤلمة لهذه المجموعات في منطقة القلمون بأكملها، بأن الارهاب بات من المؤكد ان يهاجر القسم الأكبر منه المتواجد في تلك المنطقة صوب الأراضي اللبنانية. ولكن العديد من القوى اللبنانية وخاصة في قوى 14 من آذار تمادت في دعمها السياسي، والإعلامي، وفي تحرضيها الطائفي والمذهبي لنصرة الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر، وصمتت صمت القبور على البيئات الحاضنة له التي تشكلت هنا وهناك على الأراضي اللبنانية، لا بل انها عملت على إيجادها ومحاولة تحصينها من تدخلات الجيش اللبناني كما أشارت احداث طرابلس وعبرا العام الفائت. كل هذا لان هذه الأطراف الفاعلة على الساحة اللبنانية رأت في هذه المجموعات الإرهابية سندا لها، وأنه بالامكان استخدامها في صراعها المحموم والحاقد على المقاومة وعلى رأسها حزب الله. فكم من مرة خرج علينا المتحدثين من قوى 14 آذار، وما زال البعض منهم للان يرددون المعزوفة المقيتة وهي، أن السبب هو تواجد عناصر من حزب الله يقاتلون في سوريا، وهم يدركون تمام الادراك والمعرفة أن هذه المجموعات كانت متواجدة منذ سنوات على الساحة اللبنانية، وحتى قبل بدء الازمة السورية. وأحداث مخيم نهر البارد في شمال لبنان عام 2007 والذي ذهب ضحيته ما يقارب من 180 شهيدا من الجيش اللبناني في تصديه لفتح الإسلام بهدف القضاء على الارهاب الذي بدأ يتفشى ويعشش في المخيمات عندئذ. ولكن البعض يريد أن يتعامى عن الحقائق والوقائع ويحرفها بالشكل الذي يخدم أغراضه ومصالحه التي أصبحت واضحة ومكشوفة للقاصي والداني. ولطالما بقيت هذه الأطراف تتحدث من هذا المنظور المرتبط عضويا سواء عن وعي أو عن غير وعي بالمخططات الجهنمية التي تقودها الولايات المتحدة وعملائها وادواتها للمنطقة، والتي تسعى جاهدة لضرب محور المقاومة، واشعال المنطقة بحرب طائفية ومذهبية لتحويل المنطقة بأكملها الى كانتونات وجزر أرخبيل طائفية ومذهبية متصارعة فيما بينها، بغرض تأمين وحماية أمن الكيان الصهيوني ومصالح الدول الامبريالية، سيبقى احتمال تمدد الارهاب، والظاهرة الداعشية السرطانية  الى الداخل اللبناني كبيرا وتتصاعد خطورته على السلم الأهلي في لبنان، الذي يعود الفضل الأكبر في الحفاظ عليه للان للمقاومة في لبنان المتمثلة بالأخص في حزب الله وامينها العام السيد حسن نصرالله، هذه المقاومة التي رفضت وما زالت ترفض بشدة الانجرار وراء هذا النهج المذهبي والطائفي المدمر، وحرف بوصلة الصراع في منطقتنا.

ما حدث في عرسال من مواجهات وصدامات عسكرية بين الجيش اللبناني والعناصر الإرهابية من الدواعش وجبهة النصرة، لم يكن مفاجئا على الاطلاق بل كان متوقعا وخاصة بعد الهزائم المتتالية التي لحقت بهذه المجموعات الإرهابية في منطقة القلمون كما ذكرنا على ايدي الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله. وفي حقيقة الامر إن هذه المجموعات الإرهابية كانت تسرح وتمرح في عرسال منذ زمن بعيد، نظرا لما شكلته من حاضنة سياسية واجتماعية لهذه المجموعات الاجرامية، التي استخدمتها كقاعدة وركيزة للانطلاق للداخل السوري ومركز لغرف العمليات، والطبابة والعلاج في المستشفيات للمسلحين العائدين من سوريا، وذلك منذ سقوط القصير، بالإضافة الى اعتبارها خط الدفاع الأخير لتوفير الملاذ الامن للانسحاب من الأراضي السورية. ولقد عملت قوى لبنانية متنفذة على جعلها منطقة محظورة على الجيش اللبناني لأكثر من عامين، مما أدى الى تمكن هذه المجموعات الإرهابية وتمركزها وتحصنها في البلدة وفي الجرود المتاخمة لها، واستخدامها في حربها على سوريا وارسال السيارات المفخخة الى الداخل اللبناني وخاصة الى الضاحية الجنوبية. وبالرغم من معرفة القوى الأمنية اللبنانية بأسماء الأشخاص الذين يقومون بتفخيخ السيارات وارسالها الى الداخل اللبناني وأماكن تواجدهم في عرسال، الا انها كان من المحظور عليها الدخول الى هذه البلدة الحدودية، لأسباب طائفية ومذهبية بالإضافة الى الغطاء الأمني والدعم السياسي من الأطراف اللبنانية التي عملت وما زالت ولو بدرجة أقل الان على تأجيج النعرات الطائفية والمذهبية في لبنان.

اليوم أكثر من أي وقت مضى لم يعد هنالك مكانا للمساحة الرمادية في السياسة والموقف تجاه هذه المجموعات الإرهابية، وتقديم الدعم المطلق الغير مشروط للجيش اللبناني في تصديه لهذه المجموعات الإرهابية، وإطلاق يده وعدم تقييده كما كان الحال في احداث طرابلس العام الماضي. ان الاحداث تبين بشكل واضح ان الجميع في لبنان، وسلمه الأهلي، ونسيجه الاجتماعي المتميز بمجملها في دائرة الاستهداف. ومن هنا نقول أنه لا مكان للمراوحة، أو المهادنة، أو التردد، فإما ان تكون مع الجيش اللبناني في تصديه الوطني للإرهاب المتنقل الذي أصبح يدق الباب اللبناني وساحته الداخلية بقوة وشراسة، واما ان تكون الى جانب الارهاب وداعما له. الاحداث في لبنان الان ستكشف وتعري وتفضح المواقف المحلية والإقليمية والدولية من الارهاب، كما هو الحال في سوريا وكما هو الحال في العراق وغيرها.

من الواضح أن القوى المحركة لهذه المجموعات الإرهابية وأن تعددت أسمائها، واشكالها، والوانها، والاعلام التي ترفعها، هي واحدة ولم تعد خافية على أحد. هي الاطراف التي فشلت في تحقيق مآربها القبلية في سوريا وفي تركيع الدولة السورية، على الرغم من عشرات المليارات التي قامت بضخها لهذا الغرض، وارسال عشرات الالاف من المسلحين والمقاتلين الأجانب الى الداخل السوري، ولذلك تراها ترسل وتدعم الارهاب في الدول المجاورة كلبنان، والعراق، واليمن، علها تسترجع بعض من رجولتها الضائعة، ونفوذها الذي بدأ ينحسر يوما بعد يوم أمام نظرها سواء على الساحة الإقليمية أو الدولية، وافتضاح أمرها فيما يختص بالإرهاب العالمي كما اشارت العديد من مراكز الأبحاث العالمية.  الإرهاب الذي صنع في المصانع الوهابية وأرسل الى بقاع العالم قد يبدو للبعض أنه بدأ يخرج عن طاعة مصنعيه، ومموليه، وراعيه والداعمين له في المحافل الإقليمية والدولية وعلى كافة الأصعدة، وهذا مخالف في تقديرنا للحقيقة.

لا شك ان الوضع الأمني في منطقة عرسال وضع معقد لكونها منطقة حدودية مع سوريا وان الإرهابيين يستغلون التضاريس الطبيعة الجبلية الوعرة في التنقل والاختباء بها، وهذا مما سيؤدي الى إطالة أمد الحرب مع الجيش اللبناني والدخول في مرحلة حرب استنزاف معه تطول أمدها، مما قد يتيح للعناصر الإرهابية المتواجدة في الداخل اللبناني والتي لم يتم القضاء عليها أن تفتح جبهة أخرى مع الجيش اللبناني لتخفيف الضغط على أولئك الإرهابيين المتواجدين في منطقة عرسال، بالإضافة الى إيجاد الفرص لإدخال مزيد من العناصر الإرهابية الى الداخل اللبناني، مما سيشكل خطرا جديا على لبنان بأكمله، ويضعه في أتون النار والاقتتال الداخلي الذي وعد به أمير الارهاب بندر بن سلطان عندما كان مسؤولا على الملف السوري وخاصة عند بداية احداث القصير والقلمون. وما احداث طرابلس الأخيرة التي حدثت قبل أيام فقط الا مؤشر لهذا الاحتمال.  بالإضافة الى هذ العامل فان البعض ما زال يلعب على الوتر المذهبي المقيت ويشهر قضية شيعي- سني، وذلك لمنع تدخل مقاتلي حزب الله جنبا الى جنب مع الجيش اللبناني للتعامل وللقضاء السريع على الإرهابيين في منطقة عرسال، على غرار ما حدث من تنسيق مع الجيش اللبناني في أحداث عبرا عند الاشتباكات مع جماعة الأسير. ولا شك أيضا أن أي عمل عسكري على الحدود سيطلب تنسيقا أمنيا وعسكريا مع الجيش السوري وقواه الأمنية، وبإمكان الجيش السوري تقديم الاسناد الجوي الذي يفتقده الجيش اللبناني الضروري للتعامل مع الإرهابيين في هذه المنطقة ذات التضاريس الجغرافية الصعبة، إذا ما أراد لبنان تجنب إطالة أمد الحرب. ان الحرب مع الارهاب الذي بات يهدد الداخل اللبناني يستدعي التنسيق والعمل المشترك بين الجيش السوري ومقاتل حزب الله في تلك المنطقة والجيش اللبناني بالإضافة الى أهالي عرسال. وهذا يتطلب قرارات جريئة سياسية من قبل الأطراف اللبنانية التي دعمت العدوان على سوريا بشكل صريح وكذلك ممن اتخذت سياسة "النأي بالنفس" وكلاهما أنتج ما يجابهه لبنان الان.

أن مكافحة الارهاب هي مسؤولية الجميع وان لم تتكاتف جميع القوى والاجهزة القادرة والمعنية بمكافحته، فأن النفق المظلم سيخيم على لبنان ولن يرحم أحدا. نحن وإذ نشد على ايدي الحكومة اللبنانية المؤقتة في موقفها تجاه الارهاب في عرسال، نأمل أن تضع كافة القوى السياسية اللبنانية مصالح الوطن وأمن مواطنيه كافة فوق أي اعتبار، وأن تتخذ كل التدابير والقرارات والسبل للقضاء على الارهاب، فالوطن المهدد هو وطن الجميع دون استثناء.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

06.08.2014

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا