<%@ Language=JavaScript %> د. بهيج سكاكيني المحاور والتآمر المستمر على المقاومة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

المحاور والتآمر المستمر على المقاومة

 

 

د. بهيج سكاكيني

 

الاجتماع الذي عقد مؤخرا في باريس والذي حضره وزراء خارجية الامبريالية العالمية ممثلة بمن ينوب عن بالاتحاد الاوروبي وبزعامة الولايات المتحدة بالإضافة الى حضور وزير خارجية قطر وتركيا، اعتبر بمثابة مؤتمر دولي مصغر، الهدف المعلن له هو بحث وقف إطلاق النار في غزة بين "حماس" وإسرائيل، فهؤلاء المجتمعين ما زالوا يصرون على ان "القتال" يدور بين حماس وإسرائيل. بمعنى أن ما يدور في غزة ليس بمثابة عدوان همجي مخطط ومعد له من قبل القيادة السياسية وجيش الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وعلى أن الذي يقاوم هذا العدوان هي كافة الفصائل الفلسطينية من كتائب القسام وسرايا القدس والوية ناصر الدين وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى وكافة الفصائل الفلسطينية الأخرى، وعلى أن المقاومة مجتمعة محتضنة من الشعب الفلسطيني في غزة خاصة الى جانب جماهير الضفة وفلسطينيو 48 والشتات. هذا كله لا يدخل في حساب هؤلاء المجتمعين.

ومن السذاجة السياسية بمكان أن نعتقد أن هذه الاجتماعات ترمي الى وقف إطلاق النار في غزة، فهذا الامر لا يحتاج الى مثل هذه الاجتماعات وعلى هذا المستوى والتمحيص. ان هذا الاجتماع هدف الى مناقشة خير السبل للقضاء على المقاومة الفلسطينية تمهيدا لإنهاء القضية الفلسطينية برمتها بعد كل التنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية الرسمية، التي بدأت باتفاقيات أوسلو السيئة الصيت وما تبعها من مسلسل المهادنة والتأقلم مع الاحتلال الصهيوني والعيش تحت هذا السقف السياسي المذل التي ارتضت به السلطة الفلسطينية حفاظا على المكاسب السياسية والاقتصادية لحفنة من المنتفعين. ومثل هذا الاجتماع التصفوي لم يكن ليحدث لولا وجود واقع عربي مشرذم، ومحاور إقليمية تقيم علاقات استراتيجية مع العدو الصهيوني، والتي تسعى لتقديم الخدمات للاستراتيجية الصهيو-امريكية في المنطقة. الدول الغربية تبحث عن المحور الذي يحقق لها الهدف المنشود من الاجتماع، وما دعوة قطر وتركيا الى هذا الاجتماع الا لمعرفة وتحديد الدور الذي من الممكن ان تقوم به هاتين الدولتين بحكم علاقاتها مع حركة حماس باعتبارها جزءا من حركة الاخوان المسلمين، والتي في تقديري أن أغلبية قيادتها السياسية قد ارتكبت خطا تاريخيا عندما غلبت انتماءها للحركة عن انتماءها للوطن فلسطين. فالدول الغربية كما هو الحال للصهاينة يريدون إيجاد الشرخ بين قيادة حماس السياسية والقيادة الميدانية للمقاومة الفلسطينية في غزة، كوسيلة لإضعاف المقاومة، ومن هنا نرى التركيز بكل وسائل الاعلام الغربية، واعلام ادواتهم في المنطقة على حماس واختزال قطاع غزة والمقاومة بحماس واختزال فلسطين بقطاع غزة، لان أحد الأهداف هو فصل وعزل الضفة الغربية بما فيها القدس عن قطاع غزة. وخير دلالة على الهدف الأساسي من وراء هذا الاجتماع يكمن في تصريحات وزير الخارجية الأمريكي كيري بان الإدارة الامريكية تسعى للتوصل الى تهدئة إنسانية تسمح للجيش الإسرائيلي بالعمل ضد الانفاق. الى جانب حديث أوباما مع نتنياهو والطلب منه وقف إطلاق النار مع ضمان الولايات المتحدة بنزع سلاح المقاومة ضمن إطار أي حل مستقبلي. والتصريحات بان غزة يجب ان تكون منطقة منزوعة من الصواريخ والانفاق وغيرها التي تؤكد من خلالها الولايات المتحدة وقوفها الدائم الذي لا يتزحزح مهما ارتكب الكيان الصهيوني من مجازر.

والمحور الاخر الذي يعمل لنفس الغرض في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية بالقضاء على المقاومة يتمثل بالتحديد بالسعودية والامارات والنظام المصري كما تدلل المواقف. وكلا المحورين يعملان بالتنسيق مع الولايات المتحدة التي تميل الى هذا المحور تارة والى المحور الاخر تارة أخرى. وبلدان هذه المحاور تتمتع بعلاقات متينة استراتيجية، وامنية ، وتجارية، واقتصادية، وتقيم العلاقات الدبلوماسية تحت الطاولة أو العلنية، وبعضها مرتبط باتفاقيات يرفض بشدة التراجع عنها أو تجميدها. وبالتالي نحن نستغرب من تصريحات السيد خالد مشعل مؤخرا في مؤتمر صحفي بالقول "اننا نثق بقطر" ولا ندري على أية أسس بنيت هذه الثقة، وقطر لعبت وما زالت تلعب دورا قذرا في المنطقة بأكملها وتدخل في تنافس مع السعودية في تدمير الوطن العربي سواء في سوريا أو في ليبيا أو اليمن. وللأسف فان القيادة الرسمية الفلسطينية لعبت وما زالت تلعب دور الوسيط بين هذه المحاور الإقليمية وهذا ما يفسر الزيارات المكوكية للرئيس أبو مازن لمصر والسعودية وقطر وتركيا وهكذا. ان القيادة الرسمية الفلسطينية من المفترض ان تأخذ موقفا مع شعبها ومع المقاومة بدلا من ان تلعب دور الوسيط أو ان تدخل ضمن هذه المحاور المتآمرة على شعبنا وقضيته العادلة. نحن لا نستطيع أن نتفهم لماذا لم توقع السلطة الفلسطينية معاهدة روما لغاية الان والتي تؤهلها لملاحقة قيادات سياسية وعسكرية صهيونية قانونيا في محكمة الجنايات الدولية، بالرغم من كل المجازر التي ترتكبها حكومة الكيان العنصري الصهيوني وجيش الاحتلال، من قصف متعمد للسكان المدنيين وقتل الأطفال بدم بارد وتدمير البنى التحتية عن سبق إصرار، وقصف المستشفيات وطواقم الاسعاف الطبية، والقصف المتعمد لمراكز إيواء المهجرين بمدارس الاونروا وغيرها من المجازر الموثقة بالصورة والصوت والشهادات الميدانية. كما لا نستطيع أن نستوعب الاصرار الذي يبديه هرم السلطة الفلسطينية الرئيس محمود عباس بتقديس التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، ولماذا هذا الإصرار على التمسك بالاتفاقيات مع العدو الصهيوني الذي ينسف الاتفاقيات التي وقع عليها وينتهكها يوميا. لنا الحق ان نسأل، وخاصة مع رؤية جثث الشهداء من الأطفال والنساء المقطعة الى أشلاء أو المتفحمة نتيجة القصف الهمجي المتواصل من البر والبحر والجو لجيش الاحتلال الصهيوني على غزة. ومن الواضح ان هنالك بعض الرموز في السلطة تحاول التشويش على المواقف ونقل صورة مغايرة للواقع في محاولة بائسة لخلق نوع من البلبلة في صفوف المقاومة، كما هو الحال في التصريح الأخير للسيد ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي صرح مؤخرا انه تم الاتفاق مع حماس والجهاد الإسلامي على هدنة لمدة 24 ساعة من طرف واحد، وانه من الممكن تمديدها الى 72 ساعة بناء على طلب من الأمم المتحدة. ولم يكن هذا الخبر صحيحا، فلقد أوضحت كل من حماس والجهاد الإسلامي عدم صحة تصريح ياسر عبد ربه الى وسائل الاعلام.

أن المبادرات المطروحة حاليا على الأقل في وسائل الاعلام والتصريحات من هنا وهناك تشير الى حجم التآمر على المقاومة والقضية الفلسطينية، لأنها وببساطة تساوي بين الجلاد والضحية، وكلها ينادي بوقف إطلاق النار وكأن ما يدور على الساحة هو "اقتتال" بين فريقين متحاربين ومتكافئين، وليس بين جيش احتلال لحكومة فاشية بدأت بالعدوان الهمجي وتنصلت من اتفاقيات سابقة، وتقوم الان بحرب إبادة للبشر والحجر وترتكب المجازر كل يوم التي ترتقي الى مجازر ضد الإنسانية وبالتالي يجب ان تحاسب على جرائمها في المحاكم الدولية، والطرف الفلسطيني هو الطرف الذي يقاوم هذا العدوان البربري ويدافع عن شعبنا الفلسطيني المحاصر منذ اكثر من سبع سنوات من جميع الجهات من العدو "والصديق" الذي يحرم عليه دخول الادوية والمستلزمات الطبية والغذاء تحت حجج واهية، ليس هذا فحسب بل ويسمح ،"لطاقم طبي اماراتي" ومستشفى ميداني من دون الطواقم الطبية العربية والأجنبية الأخرى، ليتبين بعدها بان عدد كبير من "البعثة الطبية الاماراتية" هم من جهاز المخابرات الإماراتية جاء لجمع المعلومات والتجسس على المقاومة.  ان المبادرات المطروحة بجانب انها لا تلبي الحدود الدنيا لشروط المقاومة وحقوق شعبنا بالعيش الكريم وتوفير اقل مستلزمات هذه الحياة الكريمة الامنة، التي هي حق لكل انسان على وجه الأرض، فإنها لا تشير من بعيد أو قريب أو تتعامل مع جوهر المشكلة الا وهي الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وممارساته النازية التي فاقت كل الحدود والتصورات.

ان المقاومة الميدانية الفلسطينية تدرك بشكل جيد حجم التآمر عليها، وهي واعية تماما للأهداف المشبوهة للتحركات التي تشهدها المنطقة، وبالتالي لم يكن مستغربا الرسالة التي وجهها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، والتي أشار بها ان المقاومة لن توافق على تهدئة دون تحقيق شروط المقاومة، وأنها لن تسلم سلاحها تحت أي شرط من الشروط،. وكذلك الرسالة التي وجهها القائد العام لكتائب عز الدين القسام قبل يوم مفادها " لن نوقف إطلاق النار الا برفع الحصار"، وهي رسالة موجهة لأولئك في القيادة السياسية التي ستذهب للتفاوض، ومفادها أن القيادة العسكرية في الميدان هي التي تفرض السقف السياسي للتفاوض وليس العكس. ولهذه الرسالة دلالة كبيرة في تزامنها مع الحراك السياسي المحموم لوقف إطلاق النار. ويأتي هذا الحديث متزامنا أيضا مع الدعوات التي أطلقها المناضل مروان البرغوتي من سجنه والتي يدعو فيها الى تفعيل خيار المقاومة في كل الأراضي المحتلة، وهذه الدعوة ربما تكون موجهة الى بعض العناصر في السلطة الفلسطينية التي ما زالت تراوح مكانها، ان لم تكن منخرطة في الاطروحات الإستسلامية والانهزامية، التي تحاول الالتفاف على المقاومة وتحويل انجازاتها الميدانية النوعية، وتضحيات شعبنا الصامد المرابط الحاضن للمقاومة الى هزيمة سياسية في هذه المرحلة المفصلية التي تزداد فيها شراسة ونازية العدو الصهيوني، ضد أهلنا وشعبنا على كافة أراضي فلسطين المحتلة.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

  30.07.2014

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا