<%@ Language=JavaScript %> د. بهيج سكاكيني غزة العزة والكرامة أسقطت كل رهاناتكم البائسة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

غزة العزة والكرامة أسقطت كل رهاناتكم البائسة

 

 

د.  بهيج سكاكيني 

 

دخل العدوان الصهيوني الهمجي اسبوعه الثالث الذي قارب على الانتهاء، وبالرغم من كل المجازر التي ارتكبها الجيش الصهيوني المدجج بالسلاح والعتاد وكل الأجهزة المتطورة للتنصت والمراقبة، فما زالت المقاومة الباسلة في أوج عنفوانها وما زالت تمطر العدو الصهيوني وعلى مساحة فلسطين التاريخية المحتلة بوابل صواريخها، دون تباطؤ او التقليل من العدد الذي أطلقته منذ بداية العدوان البربري على قطاع غزة، وما زالت تفاجئ العدو النازي بقدراتها، وعملياتها، وأسلحتها النوعية يوما بعد يوم. وما زال شعبنا في غزة يشكل الحاضنة الحميمة الدافئة للمقاومة، مبديا القدرة الأسطورية على الصمود، والتصدي، وتحمل كل التضحيات والجراح، غير عابئ بالدمار الوحشي الذي يتسببه القصف الجوي والبحري والبري للفاشيين الجدد، الذين لا يعيرون أي اعتبار للقوانين والأعراف والمحرمات الدولية، ولا تهتز لهم شعرة من رؤية جثث الأطفال الممزقة، والاشلاء المتناثرة من جراء اجرامهم الذي فاق كل التصورات والتخيلات، الذي ان دل على شيء، انما يدل على سادية متأصلة ومتجذرة في الفكر الصهيوني، والشعور بالنشوة لقتل الغير كما هو الحال مع أولاد عمومتهم من اخوان داعش ، فلا فوارق بين الاثنين فكلاهما ينهل من نفس البئر العنصري والاجرامي.

مما لا شك فيه أن الهدف الرئيسي لهذا العدوان الغاشم كان وما زال طمس القضية الفلسطينية واسقاط كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه، والامعان في تقسيمه، ووضع نهاية لهذه القضية التي أرقت مضاجع الكيان الصهيوني منذ اقامته. ولقد استغل العدو الصهيوني فرصة التشرذم القائمة في وطننا العربي، وحالة الانقسامات والاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده المنطقة، وانكفاء بعض الدول العربية بمشاكلها الداخلية، الى جانب التآمر الواضح والعلني من قبل الرجعيات العربية والنجاح النسبي الذي حققته في حرف بوصلة الصراع في المنطقة. لقد اعتقد الصهاينة أن فرصتهم الذهبية قد حانت للانقضاض على المقاومة في غزة والاجهاز على قدراتها القتالية ضمن الاستراتيجية الصهيو-أمريكية للتعدي على محور المقاومة واضعافه. ولا شك ان العدو الصهيوني أراد ان يستثمر ويستغل الخلافات القائمة بين القيادة السياسية لحماس في الخارج ومحور المقاومة المتمثل بحزب الله وسوريا وإيران. فماذا كانت النتيجة؟

الشرخ الذي أرادت إسرائيل زرعه بين الشعب الفلسطيني وخاصة في الضفة وغزة والتي تراءى لها انها من ممكن ان تحققه، وذلك من خلال بعض العناصر الانهزامية والمستسلمة والتي تتساوق مع الاحتلال لتحقيق الأغراض والمنافع الاقتصادية خاصة، جاءت الهبة في القدس وبقية مدن الضفة وفلسطيني أراضي المحتلة عام 48 وتزامن هذه التحركات، لتسقط الرهان على شق الصف، فتوحد الشعب الفلسطيني وربما لأول مرة بهذا البعد ليثبت أننا شعب واحد، متوحد في المصير وملتف حول المقاومة. وجاءت الهبة الشعبية كداعم أساسي ورئيسي، بالرغم من حالة التشرذم التي كانت الى حد كبير مسيطرة على الشارع الفلسطيني والعربي. وربما كان وما زال القلق الشديد الذي يساور العدو الصهيوني والهاجس الأمني، يتمثل بالهبة الشعبية لجيل الشباب في داخل أراضي 48 نصرة للمقاومة في غزة وتنديدا بالمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني. هذا الجيل الثالث، الذي ولد ونشأ وترعرع داخل الكيان الصهيوني، والذي اعتقد هذا الكيان بأنه نجح في تدجينه وترويضه وتحييده عن الصراع العربي -الصهيوني، وجاءت تحركاته وبهذا الزخم، وعدم قدرة رؤساء المجالس المحلية ورؤساء البلديات العرب من السيطرة على تحركات هذا الجيل، حيث باءت كل نداءاتهم بالتهدئة بالفشل  الذريع. ومما يدلل على القلق الإسرائيلي من التحركات في الوسط العربي، هو عقد العديد من الاجتماعات بين مسؤولين من وزارة دفاع العدو والأجهزة الأمنية للكيان مع رؤساء المجالس المحلية والبلديات للمدن ذات الكثافة السكانية العربية.

ولقد جاءت الهبة الشعبية في احياء القدس العربية وخاصة بعد خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير حيا لتسقط ما سمي بالقدس الموحدة، فلقد رأى العالم بأجمعه عبر شاشات التلفزيونات الاكذوبة التي حاول الكيان الصهيوني تمريرها على العالم بأن القدس "الموحدة" هي عاصمة إسرائيل. وفرضت الاحداث والمظاهرات والمصادمات مع جيش الاحتلال الصهيوني معادلات جديدة للصراع وأعادة مشكلة القدس على أجندة الساحة الإقليمية والدولية.

وكما سقط الرهان على شق الصف الفلسطيني، كذلك سقط الرهان على الاستفراد بحماس ومحاولة شق محور المقاومة والباسه الطابع المذهبي. لقد اعتقد العدو الصهيوني بغباء أن حماس باتت معزولة وضعيفة، وخاصة مع وجود الاختلافات مع أطراف محور المقاومة، وبالتحديد في موقفها وتحليلها الخاطئ عما يدور في سوريا، واصطفاف القيادة السياسة لها الى جانب حركة الاخوان المسلمين، وتغليب انتماءها لتنظيم الاخوان المسلمين على انتماءها لفلسطين. لم تدرك ان كتائب القسام الحمساوية في فلسطين المحتلة لم تكن راضية على هذا وأنها كانت منشغلة بتحضير كوادرها للمعارك القادمة بعد العدوان الصهيوني على غزة عام 2012، الذي ذهب ضحيته ما يقارب من 1000 شهيد. من المؤكد أن القيادة الميدانية قد فرضت معادلات جديدة في هذا الاتجاه وليس ادل على ذلك هو اتصال الأمين العام لحزب الله بالأمين العام لحماس خالد مشعل المقيم في قطر لتقديم الدعم المطلق للمقاومة الفلسطينية، الى جانب ما جاء في خطاب الرئيس الدكتور بشار الأسد في حفل القسم والتنصيب، بالإضافة الى تصريحات إيران بشأن دعم المقاومة ودعم صمود الشعب الفلسطيني. لقد فشلت الحكومة الصهيونية في إدراك أن التلاحم والتوحد المتواجد في محور المقاومة هو تحالف ذو بعد استراتيجي واضح المعالم، وخاصة في نطاق تحديد التناقض والصراع الرئيسي في منطقتنا، وعدم القبول بحرف بوصلة هذا الصراع الى صراع قائم على المذهبية والطائفية المقيتة. لقد سقط تصوير المقاومة على أنها شيعية أو علوية، فها هي حماس الفلسطينية تحارب عدوها الرئيسي وهو الاحتلال الصهيوني.

ان صمود ونجاح المقاومة بالتصدي للآلة العسكرية الإسرائيلية، والنجاح النوعي الذي حققته المقاومة من عمليات التسلل، ونقل جانب من المعركة مع جيشه الى داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 48 ، وعمليات الانزال خلف خطوط "الجيش الذي لا يقهر"، قد قلب الموازيين والمعادلات وخلق نوع من الذعر والمخاوف وحالة من الارتباك في الطبقة السياسية والعسكرية والأمنية الصهيونية، والأخطر من ذلك ربما هو سقوط وضرب الهدف الاستراتيجي للكيان العنصري في التمدد والتوسع الجغرافي والانكفاء الى حال يراد به تثبيت دولة الكيان مرة أخرى. ما جرى من عمليات المجابهة من جانب المقاومة الفلسطينية لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتعريض الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني للمخاطر، وشل الحياة بكاملها في العديد من المناطق، انما جاء ليدق ناقوس الخطر ويزعزع نظرية الامن الصهيوني الذي أدرك ان كيانه مهدد ولأول مرة من داخل فلسطين المحتلة، وهذا ما سيؤدي على المدى المنظور الى لجم العربدة والتبجح بعناصر القوة والتراجع عن خططه الاستراتيجية التوسعية الى حين ليس بالقصير.  ومما لا شك فيه أن الكيان سيبذل قصارى جهده للحيلولة دون تفسخ جبهته الداخلية وأمنها، والذي من شأنها أن تسقط مقولة أن إسرائيل هي الملاذ الامن ليهود العالم، وتشجع الى مزيد من الهجرة الى خارج هذا الكيان المصطنع، وبالتالي انهيار الحلم الصهيوني ومشروعه على أرض فلسطين.

لقد اسقطت المقاومة بصمودها والتلاحم العضوي الغير قابل للانفصام مع شعبنا الفلسطيني مراهناتكم وفرضت على القيادة الرسمية السياسية الفلسطينية تبني شروط المقاومة، والتغير في خطابها السياسي الذي ما زلنا ننتظر ترجمته الفعلية على الأرض. وتراجعت أصوات المتخاذلين والمستسلمين الى الجحور ولم نعد نسمع بالعنتريات. راهنتم على الفرقة والانقسام فها هي بوادر التوحد الميداني الذي عمد بدماء الشهداء يولد بوادر تفعيل الموقف الفلسطيني والولوج الى مرحلة جديدة لا مكان لاتفاقية أوسلو الذليلة والسيئة الصيت مكان في فضائها السياسي ولا التنسيق الأمني المذل والمخزي مع العدو الصهيوني المقيد لنضال شعبنا في الضفة الغربية.

ان الخوف الذي ينتاب الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة من تطور الاوضاع في هذا الاتجاه، والخطر الحقيقي الذي بات يتهدد الكيان الصهيوني بفعل المقاومة الفلسطينية وادائها النوعي، والتضامن الذي شهدته خاصة العواصم الغربية، جعل السيد كيري المتغطرس بالتعجيل لزيارة المنطقة والتنقل من عاصمة عربية الى أخرى بزيارات مكوكية، كما أتت بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الفرنسي فابيوس الذي بدأ يبلع تصريحاته المؤيدة للكيان الصهيوني، كما ان وزير الخارجية البريطاني والاسباني في الطريق الى المنطقة. كل هذه التحركات لم تأتي لرفع المعاناة عن شعبنا وخاصة في غزة، ولا لإيقاف العدوان الصهيوني على غزة لأنه يشكل جريمة ضد الإنسانية، ولم تأتي هذه الزمرة المارقة لإحقاق شعبنا وتمكينه الى نيل حقوقه المشروعة، انما أتت لإنقاذ الكيان الصهيوني وجبهته الداخلية من مزيد من التصدع والهزيمة، فما زال هذا الكيان يمثل كلبها المدلل، وما زالوا يريدون تحميل الضحية المسؤولية عن العدوان، ويبذلون جهودهم للرجوع الى مفاوضات الذل والخنوع والدخول في الحلقة المفرغة مرة أخرى. لقد سقط زمام المبادرة من هذه الزمرة المارقة كما اسقطت مبادرات ادواتهم من الرجعيات في المنطقة، وأصبحت القيادة الميدانية الفلسطينية هي التي تملك زمام المبادرة وهي التي تفرض المعادلات وهي التي تدير الصراع على الأرض. والمقاومة لن تقبل باي تهدئة الا بشروطها ولن تقبل بوقف "اطلاق النار" قبل ان تتحقق شروطها المتمثلة في إيقاف العدوان الصهيوني، وفتح المعابر، وفك الحصار الذي دام ثمانية أعوام، واطلاق جميع الاسرى الذين اطلق سراحهم بما عرف بصفقة شاليط واعتقلوا مرة ثانية مؤخرا.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا