<%@ Language=JavaScript %> د. علي الأسدي قتال داعش ليس حلا .. لنجرب التفاوض معها ..؟

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

قتال داعش ليس حلا .. لنجرب التفاوض معها ..؟

 

 

د. علي الأسدي

 

هناك شبه إجماع في الرأي بأن داعش وقبلها القاعدة وأخواتها كجبهة النصرة هي من صنع وكالات الاستخبارات الغربية وحليفاتها في الشرق الأوسط لاستخدامها كأداة لتغيير السياسات والأنظمة التي ينظر اليها بكونها معادية للمصالح الغربية في منطقتنا. وهناك الكثير من المتخصصين في شئون الارهاب من يؤكد هذه الآراء ، فاستاذ الاقتصاد في جامعة أوتوا الأمريكية Michel Chossudovsky يشير باصبع الاتهام الى الولايات المتحدة ودول أخرى حليفة لها داخل حلف الناتو وخارجه بكونهم هم الذين أوجدوا داعش. وهناك من يدعم الرأي القائل بأن القضاء على داعش قد يستغرق ثلاثين عاما. فاذا كانت الحرب الفيتنامية حربا عالمية مصغرة قد ساهمت فيها قوات أمريكية بعشرات الآلاف واستخدمت فيها كافة الاسلحة وشاركت من الجانب الفيتنامي قوات كبيرة تساندها قوات صينية وبدعم سوفييتي استمرت عشرين عاما ( 1\11\1955 حتى 30\4\1975) أليس من المستغرب ان تستمر الحرب على داعش 30 عاما بينما يقدر مقاتلوها بعدة آلاف برغم ان قوة الولايات المتحدة العسكرية هي أضخم بما لايقاس بقدراتها اثناء الحرب الفيتنامية؟ وهل حقا يريد الغرب اقناعنا بان القضاء على داعش قد يستغرق هذه المدة أو حتى عشرها..؟؟

 

 واذا كان الشعب الفيتنامي قد حصل على دعم الصين والسوفييت فالشعب العراقي وبالمساعدة الرمزية من جانب الغرب غير قادر على تقديم الضحايا البشرية والمادية للثلاثين عاما القادمة. وعلينا أن لا ننسى أن القدرات المعنوية لجيشنا تقترب من الصفر آخذين بالاعتبار تضحياته الجسيمة في حرب الثماني سنوات مع ايران ومعاناته خلال حصاره بعد حرب الكويت ، ثم  بعد ذلك تبعات احتلال العراق عام 2003  التي ما تزال مستمرة حتى اليوم. يقودنا هذا الى الاستنتاج بأن العراق سيستمر يقدم التضحيات حتى آخر مواطن قادر على حمل السلاح دون أن يتمكن من دحر داعش الممولة من قبل دول وأغنياء الخليج. لكن لماذا لا نحاول أسلوبا آخر لا يكلفنا دينارا واحدا أو شهيدا واحدا ولا يتطلب منا التخلي عن سيادتنا للدول الغربية مقابل رهن ترابنا الوطني ثمنا لمساعدات عسكرية رمزية لم تحرر مترا واحدا من الأراضي التي احتلتها داعش..؟؟

 وبصرف النظر عما ينشر من أدلة عن داعش بكونها مشروعا غربيا فلا يجب أن نوقف جهودنا الخاصة للتعامل مع مواقفها من الحكومة الحالية بوسائلنا الخاصة ووفق التقاليد العربية الشائعة في بلادنا.

يجب على الحكومة العراقية وحقنا للدماء ومنعا لمزيد من الضحايا البشرية والمادية أن تقوم بخطوة شجاعة وجريئة سواء عبر مسئولين منها أو عبر وسطاء تعبيرا عن حسن النية بمحاولة الاتصال بقيادة داعش بهدف الدخول في مفاوضات مع ممثلين عنها  للتعرف على مطاليبهم السياسية والدينية. الحكومة العراقية تمثل فسيفساء المجتمع العراقي مع نفوذ أوسع في تمثيل الطائفة الشيعية ، فكما لهذه الأخيرة مواقف دينية لا توافقها عليها الطوائف الاسلامية الأخرى  وبالعكس ، فلداعش مواقفها أيضا التي تتفق وتتعارض مع الطوائف الاسلامية. وكما تصنف المواقف الفكرية والسياسية الحالية للحكومة الائتلافية العراقية بكونها يمينية الهوى في نظرتها للاشتراكية والفكر الماركسي فان داعش هي الأخرى يمينية الهوى تناهض الاشتراكية والفكرالماركسي. قد تكون  الأخيرة أكثر أو أقل تطرفا في نظرتها لعديد من القضايا مدار الخلاف بين الطوائف الاسلامية لكنها رغبنا أم لم نرغب تمثل تيارا لفكر ديني وعلينا أن نعترف لها بذلك ومن هذا المنطلق ينبغي الدخول معها في حوار بناء لوقف سيل الدماء دون مبرر. المملكة السعودية دولة معترف بها دوليا وهي حليف كبير للغرب وللولايات المتحدة بوجه خاص تتبنى الكثير من أطروحات داعش الفكرية وربما أكثرتطرفا منها ، فلماذا نقاتل داعش بينما نتعايش ونتحالف مع السعودية ..؟؟ ازدواجية  المعايير في السياسة  لا تخدم العدالة ويلغي حق الفرد في التعبير والمعتقد التي يكفلهما الدستور العراقي وينبغي بناء عليه احترام تلك الحقوق والمواطن الذي يمارسهما.

 

ان التجارب التاريخية على الأقل خلال القرن الماضي  تشيرنا الى حدوث انعطافات هامة في الكثير من الحركات المسلحة التي حاربت حكومات بلدانها لسنين طويلة انتهت نهاية سلمية واعيدوا للحياة الطبيعية بين أفراد شعوبهم. ففي ستينيات القرن الماضي توصلت حركة المقاومة المسلحة للشعب الجزائري الى اتفاق مع المستعمرين الفرنسيين وتحقق السلام عبر المفاوضات وتم بناء العلاقة السياسية على قاعدة الاحترام المتبادل بين الجزائر وفرنسا. وعلى الطريق نفسه سارت حركة الماو ماو في  كينيا وحركة الاستقلال بقيادة باتريس لومومبا في الكونغو وحركة النضال ضد حكومة روديسيا البيضاء وضد حكومة الفصل العنصري في اتحاد جنوبي افريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية وحركة الجيش الجمهوري الايرلندي شمال جمهورية ايرلندا وحركة  السندنيستا في أمريكا اللاتينية وغيرها كثير. تلك تجارب لا شك تفيدنا  في التقدم على طريق المفاوضات  السلمية والتخلي عن السلاح والحرب التي تزيد شقة الخلاف بدلا عن تقريبها لوجهات النظر التي لا شك ستبدو للوهلة الأولى متباعدة يصعب التقريب بينها ، فهكذا بدت المرحلة الأولى من المفاوضات بين الأطراف المتنازعة. لكن ما أن بدأت المفاوضات وتعرفت الأطراف على بعضها البعض حتى زال الاحتقان والمواقف المتطرفة المسبقة وحل محلها الثقة المتبادلة وتزايدت الرغبة في الوصول الى اتفاقات  كانت مستحيلة قبل اللقاء الأول وبذلك انتهت صراعات طويلة نهاية مرضية للاطراف كافة فلماذا نفشل نحن في التوصل الى اتفاقات مثمرة..؟؟

 

وبصرف النظر عن التطرف غير المقبول والقسوة بحق خصومهم الذين تبث صورهم على بعض القنوات الفضائية فان بناء قنوات الاتصال مع المنظمة بحد ذاته يشكل تقدما مهما. فنحن لا نعرف ماذا يريدون بالضبط غير رفع الاعلام السوداء هنا وهناك وبث الاخبار عن نشاطاتهم التنظيمية التي غالبها لاغراض اعلامية. يجب على الحكومة العراقية أن تتعرف عن قرب على خططهم السياسية وماذا ينتظرونه منها ، فلا يمكن أن تستمر حمامات الدم وخراب المدن والبيوت وتتعطل الدوائر الحكومية عن أداء خدماتها للمواطنين والمزارع عن مباشرة نشاطاتها الانتاجية والمدارس والجامعات عن خدمة منتسبيها. ولابأس أن تنخرط  في هذا الجهد الانساني جهات محايدة من داخل العراق أو من دول عربية واسلامية.

 

ونصيحتي للحكومة والقوى السياسية العراقية أن تتجاوز كل العقبات من أجل السلام بين ابناء شعبنا وان أي نجاح قد يتحقق بتقريب وجهات النظر هو لصالح مجموع الشعب العراقي ولصالح شعوب المنطقة ومستقبل تطورها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. النجاح في ضمان الاتصالات بين الحكومة وداعش سيكون له صدى ايجابيا ، ولا أراه أو أتوقعه غير ذلك ، ولي كل الثقة بأن بين قادة داعش شخصيات تحرص على أن لا يستمر سيل الدم العراقي الى مالانهاية وانه لابد من ايجاد حل سياسي للعلاقة بين داعش والسلطات السياسية العراقية. وخدمة لجميع مكونات شعبنا الدينية والطائفية اقدم شخصي كأول متطوع للذهاب الى ممثلي داعش في أي مكان يختارونه اذا ما خولتني حكومتي للقيام بتلك المهمة ، وسيكون لي الشرف أن أقوم بذلك في اي وقت.

 

علي الأسدي 2014

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا