<%@ Language=JavaScript %> علي الأسدي جدار برلين .. ذكرى بائسة ... لحدث نشاز

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

جدار برلين .. ذكرى بائسة ... لحدث نشاز

 

 

 د. علي الأسدي

 

 

يصادف اليوم الأحد التاسع من نوفمبر \ تشرين الثاني الحالي الذكرى الخامسة والعشرين لهدم جدار برلين ، الذكرى التي يحاول الاعلام الغربي تعزيزها في ذاكرة الناس بكونها الحدث الذي عجل في انهيار امبراطورية الشر بينما واقع الحال هو العكس تماما فقد انتصرت امبراطورية الشر على الاشتراكية. الدول الرأسمالية وظفت أجهزتها الاعلامية وما توفر لها من تقدم تكنولوجي وعلمي لخدمة الثورة المضادة للاشتراكية بدأها الرئيس ترومان في أربعينيات القرن الماضي ومارسها باقتدار الرئيس رونالد ريغان. فقد أخذ هذا على عاتقه أن لا يخرج من البيت الأبيض الا وتكون امبراطورية الشر قد تهاوت تحت ثقل الأعباء التي سيحملها بها. وأذكر لريغن قولا أثناء زيارته لبرلين عام 1987 قاله وهو يقف في مواجهة الجدار من جانب برلين الغربية  " انه قبيح جدا ، لكن النظام الذي خلفه أكثر قبحا " ووجه كلامه للصحفيين الذين يتابعون جولته بنداء الى رئيس الاتحاد السوفييتي حينها كورباجيف " يا كورباجيف فكك هذا الجدار" ثم استقل عربته وغادر المكان. ولم يخذله كورباجيف فقد استجاب الرجل لنداء الرئيس ريغن ، ولم تمض سنتان على ذلك النداء حتى حضر أصحاب المعاول ونفذوا بكل جدية ومهنية ما أمروا به ، فكانت تلك بداية النهاية لدولة جاءت باسم كادحي المعاول ولأجلهم فتحولت بأقل من ومضة البرق الى امبراطورية للصوص المال العام وللأوليغارش والكومبرادور والشركات الأجنبية الذين أجازوا لأنفسهم نهب ثروة الشعوب السوفييتية باسم الحرية والديمقراطية وسلطة القانون.

 

وتنفيذا لنداء رونالد ريغن لم يتوقف ميخائيل كورباجيف عند جدار برلين ، بل ذهب الى أبعد من ذلك. فقام بزيارة الى بولندة عام 1988ليلقي هناك الكلمة التي كان ريغن بانتظارها ، ففي مجلسها النيابي أطلق كورباجيف تعهده الذي جاء فيه " ان الاتحاد السوفييتي لن يرسل بعد اليوم  قواته لدعم الحكومة البولندية في أي نزاع مع المعارضة فيها ، قال ذلك في وقت كانت حكومتها تتفاوض بالفعل مع المعارضة. وقد أدت كلمة كورباجيف في البرلمان البولندي الى ارباك واضعاف موقف حكومة بولندا التي كانت تتفاوض حينها مع ممثلي نقابة التضامن اليمينية المدعومة من قبل الاستخبارات الأمريكية والكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان. وفي كلمته في الأمم المتحدة في ديسمبر \ كانون الأول من نفس العام كرر كورباجيف التزامه وتعهده الذي قاله للبولنديين مضيفا ان عشرات الآلاف من القوات السوفييتية في البلدان الاشتراكية ستنسحب منها ولن يستبقي جنديا واحدا فيها.

 

ومع كل تلك التنازلات التي قام بها كورباجيف للرئيس المنتهية ولايته رونالد ريغن قام جورج بوش الأب الذي استلم ادارة القصر الأبيض بالسعي لنيل المزيد منها ، فهذا شدد من سعيه الحثيث لانجاز المهمة الأعظم وهي تفكيك الاتحاد السوفييتي والانتهاء كليا من كابوس المعسكر الاشتراكي لكن ليس قبل توقيع معاهدة تخفيض السلاح النووي التي بدءها سلفه.  لهذا  السبب فقد عجل بوش بمفاوضات المرحلة الأخيرة ، فالوضع الداخلي يزداد صعوبة في موسكو والخلافات بين بوريس يلتسن وكورباجيف تتطور في غير صالح الأخير. فالأخير كان الى جانب بقاء هيكلية الاتحاد السوفييتي بينما عمل يلتسين الى تفكيكه وهو الهدف الأعظم الذي كافح الأمريكيون من أجله فراحوا يدعمون يلتسن في السر بينما يتعاملون مع كورباجيف في العلن. وفي مؤتمر لقمة الدولتين عقد في موسكو بين بوش وكورباجيف تم التوقيع على معاهدة عدم انتشار الصواريخ متوسطة المدى الحاملة للرؤوس النووية  " ستارت " في تموز عام 1991.

 

 محاولة الانقلاب الفاشلة ضد كورباجيف التي قادها أعضاء في المكتب السياسي والجيش والتي لعب يلتسين دورا بارزا في افشالها قد أضعفت كثيرا من موقع كورباجيف في الحزب ورئاسة الدولة السوفييتية مما شجع الادارة الأمريكية على توثيق علاقاتها مع يلتسين بكونه المسئول الأكثر نفوذا وتجاوز كورباجيف المنتهية صلاحيته . وبعد قيام يلتسين بحل الحزب الشيوعي السوفييتي ومنعه من النشاط قدم ميخائيل كورباجيف استقالته من قيادة الحزب الشيوعي لكنه استمر كرئيس للاتحاد السوفييتي. وقد عزز وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر من عزلة كورباجيف أكثر بعد تصريح له أمام الصحافة الغربية بان كورباجيف قد انتهى فكان رد كورباجيف على ذلك قائلا " انها قلة وفاء ". لم تكن قلة وفاء بل انعدام أي وفاء ،  انه الغدر بعينه فقد قدم الرجل الكثير ليكسب قلوب الأمريكيين وليجعل منهم أصدقاء حقييقين لبلده ، لكن ليس الذنب ذنبهم فهم هكذا فهو الملام لا هم. واثبت كورباجيف انه يجهل تماما ألاعيب ومناورات ممثلي الامبريالية الذين لا يمكن التعامل معهم بغير معاييرهم  هم.

 

ومما زاد من خيبة كورباجيف الاجتماع الذي عقده رؤساء ثلاثة جمهوريات سوفييتية هي روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء في بداية ديسمبر\ كانون اول 1991 والذي أعلنوا  فيه تأسيس ما سمي بمجموعة الدول المستقلة دون التشاور مع مؤسسات الدولة السوفييتية ورئيسها حتى ذلك الحين ميخائيل كورباجيف. شكل ذلك الاعلان تطورا خطيرا حيث وضع نهاية لوجود الدولة السوفييتية على الخارطة السياسية لعالم ما بعد ثورة أكتوبر عام 1917 وهو ما حصل بالفعل. خائبا مجروح الضمير والوجدان استقال كورباجيف في الخامس والعشرين من ديسمبر 1991 من منصبه الأخير وخرج من التاريخ وليس في جعبته غير جائزة نوبل للسلام الممنوحة له عام 1990.

 في عام 1996 حاول العودة الى النشاط السياسي بعد قيامه بتأسيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي فرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية الروسية ، لكنه فشل بحصوله على أقل نسبة من من الأصوات. وبمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لهدم جدار برلين ظهر أمام عدسات آلات التصوير منتقدا الغرب  " قليلي الوفاء " بالقول " ان الغرب مستسلم لمشاعر النصر" محذرا من الانزلاق نحو حرب باردة جديدة كان هو قد وضع نهاية لها ، لكن على حساب تفتيت دولته واذلال شعبه. لقد انتصر الغرب  فعلا  على الدولة العظمى السوفييتية أثناء ما كان هو رئيسا لها فتحولت خلال اربع سنوات من وجوده على رأسها الى دولة من الدرجة الثانية. بعض المحللين الصحفيين الغربيين الذين يعترفون بخطر الانزلاق نحو الحرب الباردة لكنهم يتساءلون من الملام بهذا..؟؟ فكما كانوا دائما لا يحملون دولهم المسئولية عنها بل الاتحاد السوفييتي السابق مع أنهم متورطون في الجرم المشهود. أما اليوم فيعيدون استخدام وسائلهم السابقة متجاهلين بتعمد زحف الناتو الى الحدود الروسية بعد استيعاب كامل دول المنظومة الاشتراكية السابقة في حلف الناتو والاتحاد الأوربي ، ورغم كل ذلك لا يريدون من روسيا ان تدافع عن نفسها أو تحتج. البحث عن تفسير لذلك ليس صعبا ، فوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هي من تتهم بوتين بمحاولة اعادة الاتحاد السوفييتي الى الوجود مرة أخرى.ولو صحت نبوءة السيدة هيلاري كلنتون لكنت أول من يبرق للرئيس بوتين ببرقية تأييد حارة من الأعماق.

علي الأسدي 11 \ 11 \ 2014

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا