<%@ Language=JavaScript %> د. علي الأسدي ماذا لو فشل الأمريكيون ... في تدمير داعش ..؟؟

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

ماذا لو فشل الأمريكان ... في تدمير داعش ..؟؟

 

 

د. علي الأسدي 

 

نحاول أن نكون متفائلين بجهود التحالف الدولي لتدمير قدرات داعش العسكرية  والاقتصادية وخاصة منشآت انتاج النفط الخام وتكريره التي استولت عليها في كل من العراق وسوريا والتي تقدر مدخولاتها منها بحوالي 5 ملايين دولارا في اليوم وهو ما استهدفته أخيرا الغارات الجوية الأمريكية. مثل هذه الغارات قصد بها تجفيف مصادر داعش المالية التي تساعدها في شراء الاسلحة وتجنيد المزيد من المقاتلين والانفاق على اقامتهم وتنقلاتهم من بلدانهم حتى مواقع عملياتها في العراق أو سوريا.

 

العمليات العسكرية الأمريكية ( القصف الجوي تحديدا ) تقيد تحركات داعش الى حدود معينة لكنها لا تقضي عليها ، فليس للمنظمة ثكنات ثابته يتواجد فيها مقاتلوها وليس لها قواعد عسكرية تحتفظ فيها بمعداتها القتالية الثقيلة وعربات تنقل مسلحيها انها عصابات ذات خبرة في التمويه وخداع أعدائها فلها خبراء عسكريون من بقايا النظام العراقي السابق ومن دول أخرى تخطط لنشاطات المنظمة في المديين القصير والبعيد. فليس غريبا أن تذهب معظم الضربات العسكرية الأمريكية نحو أهداف مهجورة لا تكبد داعش الا القليل من الضحايا. ومما ساعد داعش على قيامها بتلك الاجراءات الاحترازية هو الاعلان عن الخطة الأمريكية التي تستهدفها في وسائل الاعلام وهي مساعدة لا تحلم بها داعش.

 

  فقياداتها وخبرائها تتنقل بين عناوين مختلفة داخل المجمعات السكانية حيث مقراتها المتحركة تركن لها في أوقات غير محددة لتمويه المخبرين وبذلك يصعب على الطائرات الأمريكية تمييزها عن الناس العاديين وخاصة وان داعش على علم مسبق باستهداف قادتها المهمين من قبل الأمريكان. فمدينة الموصل على سبيل المثال مدينة كبيرة بمليونين من السكان تقريبا فكيف ستميز الطائرات العسكرية الداعشي عن المواطن العادي وبيتا تقطنه عائلة موصلية عن بيت تقطنه بهائم داعشية. وهذا يعني أننا أمام عدو لا لون مميز له وحتى لو حددت مكان بعضهم بالضبط فان استهدافهم يعرض للخطر حياة السكان الابرياء. وتفيد المعلومات المستقاة من مناطق القصف ان عددا من الضحايا المدنيين قد أصيبوا ما قد يخلق استياء بين السكان فيما لو تكررت الاصابات. ومع ان عدد الغارات الأمريكية في الفترة الماضية قد زادت عن المائتي غارة عدا صواريخ توما هوك فان ضحايا داعش يعدون بالعشرات وليس بالمئات في حين تحدثت الانباء عن ضحايا بين السكان المدنيين في كوبال على سبيل المثال. وحدث الشيئ نفسه أثناء الغارات الجوية العراقية اضطرت على اثره التوقف عن قصف مواقع داعش بعد ان احتجت قيادات سياسية تنتمي للمكون السني على ذلك القصف لشكوكهم بان القصف يستهدفهم هم. وهذا يعني أننا نتوقع حربا طويلة كل ما نعرفه عنها هو تاريخ بدئها أما موعد نهايتها فلن نعرفه وكما تناقلته الانباء فان الولايات المتحدة تخطط لحرب لا تعرف هي نهاية لها الا في حالة واحدة وهي القضاء على داعش.

 

 واذا كان لا مفر من الاستمرار في تلك الغارات برغم ما تشكله من أخطار على السكان فان الكثير من الخبراء العسكريين يرون بأن القصف الجوي لوحده غير كاف لتحقيق نصر كامل على داعش ولذا فانهم ينصحون بنشر قوى عسكرية على الأرض. فالعدو الذي تستهدفه الطائرات من الجو كالجرذ في مغارة ما أن تهاجمه من جحر حتى يهرب من جحر آخر ، وحتى تتمكن من الاجهاز عليه يتطلب غلق منافذ هروبه جميعا ومن هنا أهمية وجود قوى عسكرية على الأرض.

 

لكن وجود القوات الأجنبية على الأرض سيعقد الوضع الأمني داخل العراق فمنظمات مثل داعش وغيرها ستجد المبررات لتصعيد نشاطاتها متظاهرة بالدفاع عن الوطن ضد الغزو الاجنبي وبذلك يعود العراق الى الحالة التي كان عليها أثناء فترة الاحتلال. فالعراق في وضع لا يحسد عليه فمن جهة هو عاجز عن دحر داعش بقدراته الخاصة ، ومن جهة أخرى هو بأمس الحاجة للدعم الأمريكي بعد انهيار قواته العسكرية في المناطق التي تعرضت لهجوم داعش. ومن المحتمل أن يوافق العبادي على الشروط نفسها التي رفضها المالكي لبقاء قوات أمريكية في العراق بعد عام 2011. وهي حالة ينطبق عليها المثل العراقي الشعبي الذي يقول " راويه الموت حتى يرضه بالسخونة ".

 

نحن أمام لغز كبير ، فظهور داعش المفاجئ من حيث لا ندري ، وامتناع الولايات المتحدة لحد كتابة هذه السطور عن الافصاح عن الجهة التي وقفت وراءها يثير أكثر من سؤال ستجيب عليها الشهور والسنين القادمة. الأمريكان متفوقون على غيرهم من الدول بكونهم الدولة الأبرز في صناعة أفلام الرعب والخيال الفني وطبعا في الاخراج المسرحي. فظهور داعش وفق بعض المحللين انه واحد من أفلام الرعب تلك كانت أهم نجاحاته ازاحة المالكي واحلال آخر محله.

 

أما في سوريا فالمسرحية المتخيلة أكثر قربا من الواقع ، الهدف واضح وجلي بما فيه الكفاية لتفسير انتشار داعش فيها ، حيث تقوم طائرات المتحالفين بضرب اهداف في سوريا بنفس الوقت الذي تعهدت السعودية بناء على طلب الولايات المتحدة بانفاق 500 مليون دولار على تدريب معارضين معتدلين لزجهم في المعارضة للاطاحة بالنظام السوري. القصف الأمريكي يستهدف ضرب القوى الاسلامية المتطرفة التي تفرض هيمنة شبه كاملة على مناطق كثيرة في سورية تضعها قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على الحكم وهو ما تخشاه الولايات المتحدة ، ولهذا لابد من اضعافها ومنعها من أن يكون لها أي دور في السلطة القادمة بعد الاطاحة بالأسد. وفي هذه الأثناء يجري دعم مقاتلي الجيش السوري الحر ومنظمات حليفة له بالمال والسلاح والمقاتلين لتمكينهم من الحلول محل القوات الاسلامية المتطرفة التي سيتم طردها أو اضعافها تمهيدا لظهور الجيش الحر كقوة وحيدة  تستلم الحكم بعد ازاحة الأسد عن السلطة.

 

انها خطة تشابه الى حد كبير خطة فرض الحظر الجوي في الأجواء الليبية لتمهيد الطريق لاستلام المعارضة الليبية للحكم بعد تصفية القذافي. ونرجو أن نكون على خطأ وان نوايا الولايات المتحدة في كل من سوريا والعراق نزيهة ولا غبار عليها وانها لن تطالب بقواعد عسكرية ثابته في الجنوب والوسط العراقي وليست لها أطماع في نفط المنطقة ايضا وكذلك الحال في سوريا.

 

لكننا أمام كارثة حقيقية وشيكة الحدوث هي تلك التي سنواجهها في الشهور والسنين القادمة فيما اذا ثبت بان داعش حقيقة لا مسرحية خيالية ، وعندها سنكون أمام خطر حقيقي في حالة فشل الأمريكان في التصدي لداعش والقضاء عليها. وما نتوقعه هو سيناريو تحول العراق الى أفغانستان ثانية التي قادت الولايات المتحدة فيها حربا ضد طالبان منذ عام 2001 وفشلت في القضاء عليهم ، بل ازدادوا  قوة وتسليحا. وليس ذلك فحسب ففي باكستان المجاورة تتصاعد من جديد طالبان الأم التي ولدت ورعت طالبان أفغانستان. ومما يعقد الحالة العراقية أكثر ان دول جواره الى جانب حيازتها على أكبر احتياطي نفطي في العالم هي في الوقت نفسه لسوء حظ العراق تحوي أكبر احتياطي للارهاب في العالم وأكبر مصدر للفكر التكفيري في العالم وأكبر مصدر للجهل والخرافة في العالم.

 " اللهم سترك ".

 

علي الأسدي

 30\9\2014

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا