<%@ Language=JavaScript %> علي الأسدي ما وراء حكومة ... تفرض من فوق...؟؟

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

ما وراء حكومة ... تفرض من فوق...؟؟

 

 

د. علي الأسدي

 

تشكلت الحكومة الجديدة على عجل نتيجة ضغوط من الولايات المتحدة كشرط لتقديم المساعدة العسكرية في المواجهة القائمة مع داعش ، ولا يستبعد دورها في التشكيلة الجديدة لسلطة الدولة. الحكومة التي علقت عليها الآمال تضم الكرد والسنة العرب والشيعة بنفس النسب التي احتلوها في الحكومة المطاح بها ، أما التغيير الذي حصل  فكان في مواقع كراسي ومكاتب عمل شاغليها الجدد وهذا التغيير وان بدا ظاهريا غير ذي اهمية ، لكنه في الواقع بالغ الأهمية وسنناقشه في السطور التالية. أما الطائفية التي جرى التهويل منها والحديث عنها صباح مساء عراقيا وعربيا وعالميا أثناء الفترة الأخيرة من حكومة المالكي فهي الطائفية ذاتها التي تشكلت وفقها حكومة حيدر العبادي. واكثر من ذلك ان السنة العرب والكرد ممثلون بنفس الشخصيات تقريبا التي عملت في الحكومة السابقة. فالنجيفي والمطلك ورئيس مجلس النواب يحتلون نفس المناصب السيادية التي شغلوها في الحكومة السابقة وكذلك الكرد ، حيث يشغل التحالف الكردستاني في الحكومة الحالية رئاسة الجمهورية ووزارة المالية ونائب رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس النواب. اذن فالحديث عن التهميش والطائفية كان لعبة سياسية ورائها شركات النفط الامريكية نفذت بأدوات عراقية متعددة القوميات والطوائف كجزء من اللعبة الأمريكية الأكبر. وكان التعبير عنها واضحا بتغييرين مهمين في الحكومة الجديدة ، أولهما والأهم هو الاطاحة بالشهرستاني وزير النفط في حكومة المالكي واحلال عادل عبد المهدي وزيرا للنفط بديلا له. والتغيير الثاني هو تعيين وزيرا من التحالف الكردستاني وزيرا للمالية ممثلا بشخص نوري شاويش وجاء التغييران على ما يبدو جليا استجابة لشروط البرزاني.  

 

هناك مهمتان يتوجب على عادل عبد المهدي انجازهما بأي ثمن ، الأولى وتتركز على الاستعجال بالعمل بقانون النفط والغاز المجمد في مكتب وزير النفط السابق منذ ولاية حكومة المالكي الأولى بعد أن رفضه الرأي العام الوطني العراقي لأنه قد صيغ لصالح شركات النفط الأمريكية ومن قبلها لوضع يدها على احتياطيات النفط والغاز العراقي للمئة وأكثر من السنين القادمة. والمهمة الثانية وهي الغاء كافة اعتراضات وزير النفط السابق على عشرات عقود النفط الموقعة من قبل وزير نفط افليم كردستان هاورامي مع الشركات الأمريكية والغربية  باعتبارها عقودا غير شرعية.

 

لقد وقعت تلك العقود من قبل وزير النفط لاقليم كردستان دون اطلاع الحكومة الاتحادية على بنودها ، ولأن مبيعات النفط المستخرج وفق تلك العقود لم تحول للحكومة الاتحادية كما نص عليها الدستور الاتحادي ، ولأن الكثير من المبيعات تتم بصورة غير شرعية عبر سماسرة أجانب بينهم ايرانيين واتراك بأسعار تقل كثيرا عن السعر العالمي المعلن ما يعتبر تفريطا بالثروة الوطنية التي هي ثروة كل العراقيين. والدكتور عادل عبد المهدي لمن لا يعرفه احتفظ بعلاقة جيدة مع السيد مسعود البرزاني وعلاقته ممتازة بفرنسا انضم لجماعة المجلس الاسلامي الأعلى في التسعينيات ويؤمل عليه كثيرا انجاز المهمتين.

 

شركات النفط الأمريكية التي لم تحصل على حصة الأسد من عقود استخراج النفط في الوسط وجنوب العراق عام 207و2008 صبت جام غضبها على الشهرستاني وعقود الخدمة التي أخذ بها ، لأنها لم تلبي طموحها بتحقيق نسب أرباح عالية مع أن شركات أمريكية وبريطانية وفرنسية أخرى قد وقعت تلك العقود وتمارس العمل بموجبها منذ التوقيع عليها. عقود الخدمة لم يبتكرها الشهرستاني من عنده فهي شائعة في الكثير من الدول النفطية في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولم يأخذ بها لسواد عيوننا ، بل نزولا عند رغبتنا واستجابة للضغوط الكثيرة التي شكلتها حملة معارضة عقود الشراكة في الانتاج التي تحبذها شركات النفط الأمريكية ولهذا السبب توجهت للتعاقد مع اقليم كردستان بشروط تحقق طموحها الذي لم تجده في الجزء الآخر من العراق. وقد شن المحافظون الجدد في مجلسي الكونغرس الأمريكي حملة عنيفة ضد الشهرستاني وحكومة نوري المالكي واعتبرتهما مذنبين لحرمان الشركات الأمريكية من حقوق الاستثمار في النفط وهو اتهام غير صحيح ويجافي الواقع لأن التنافس كان حرا في تقديم العطاءات وقد ضمنت الشفافية الكاملة في اعلان نتائج تلك العطاءات على الرأي العام العالمي حيث فازت بها أكثر من عشرين شركة نفط دولية.

أما تعيين وزيرا جديدا للمالية من التحالف الكردستاني فالهدف منه هو الاشراف مباشرة على توزيع الموارد المالية وضمان حصول الاقليم على التخصيصات المالية التي يطالب بها الاقليم بأثر رجعي وبنسبة قد تزيد ولا تنقص عن 17%  من مجمل موارد الميزانية الاتحادية السنوية. تلقي هذه التعيينات الضوء على الاسباب التي كانت وراء الحملة الاعلامية الواسعة ضد حكومة المالكي وليس كما أشيع عن طائفيته وتهميشه للسنة والكرد قبيل اجتياح داعش لبعض مناطق العراق. وستكشف الأسابيع والشهور القادمة بعض أو كل الخطة الأمريكية الأوسع في المنطقة ، فهناك مصالح غير معلنة يجري اعادة توزيعها بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا تتمحور حول مناطق وجود النفط والغاز أولا ، وتعزيز وجودها في منطقتنا الممتدة من حدود سوريا مع اسرائيل غربا والعراق وسوريا وايران شرقا ثانيا.

 

 فالأزمة الأوكرانية اختلقتها الولايات المتحدة لتكون جرحا نازفا في خاصرة روسيا ستنشغل بها لمدة طويلة من الآن بنفس الوقت الذي يتقدم فيه الناتو أكثر فأكثر نحو الحدود الايرانية الروسية. فهذه الدول تعزز وجودها في كردستان انطلاقا من المنطقة التي تحتلها حاليا داعش لتكون على حدود ايران مباشرة التي ستشهد قريبا تحولات دراماتيكية تهدد نظام ولاية الفقيه وخاصة ومرشدها الخامنئي على فراش المرض.

أما التغييرات المنتظرة المهمة التي كان الشعب العراقي بانتظارها فلا يبدو أن القوى الطائفية مستعدة للأخذ بها قريبا. فالحديث عن الترشيق الذي جرى تداوله بداية تسلم حيدر العبادي رئاسة الوزراء قد توقف. فما نقصده بالترشيق هو المفهوم الاقتصادي لا التجميلي الذي لم تعبر عنه التشكيلة الجديدة لقمة الحكم العراقي . فهناك اسراف غير معقول في عدد الوزارات وفي نواب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والنواب التي اعلن عنها ، فالمهام هي التي تبرر استحداث المناصب لا الأشخاص. فوظيفة نائب رئيس الجمهورية استحدثت للتخفيف من ضغوط العمل على رئيس الجمهورية وليس لارضاء هذه الكتلة او ذلك الحزب. واذا ما طبق مثل هذا النمط ( استحداث المناصب للأشخاص لا للضرورة الوظيفية)  كما عكسته التشكيلة الجديدة للحكومة فسيتم الأخذ به تنازليا حتى منصب الفراش في الدوائر الدنيا من سلم الجهاز الاداري. مثل هذا السلوك البدائي يشكل تحقيرا للمسئولية الوظيفية التي استحدثت بالأصل لخدمة الصالح العام لا الصالح الخاص وهذا ما يجب العدول عنه ووقف ممارسته قطعا. فما معنى وجود اكثر من نائب لرئيس الجمهورية أو لرئاسة الوزراء أو لرئلسة مجلس النواب ، فهل مهام رئيس الولايات المتحدة أقل من مهام رئيس الجمهورية العراقي ليكون لهذا الأخير ثلاثة اضعاف ما لدى الرئيس أوباما الذي له نائبا واحدا .؟؟

 

مثل هذه الممارسة الخاطئة في دوائر الدولة لا مثيل لها في دول تسعى للاعتراف بها كدول مستوفية لشروط الشرعية الدولية يمكن احترام قادتها كممثلين لشعوبهم ولا نستغرب دور الولايات المتحدة في ذلك لأنها أصبحت ذات خبرة بهواية العراقيين للمناصب والموت لأجلها. ولنتصور كم تكلف مثل تلك الممارسة  من ميزانية الدولة التي كما نعرف ان الموارد المتدفقة اليها تأتي من مبيعات النفط بنسبة 97%. هذا التدفق يعتمد على مبيعات النفط - وهذه تعتمد على كميات النفط المصدر - وهذا يعتمد على طاقة انتاج آبار النفط  - وهذه تحكمها العديد من الشروط اضافة الى أن أسعار النفط غير مضمونة وقد تنخفض نتيجة عوامل خارجة عن ارادتنا.

 

فالترشيق يعني الاقتصاد في النفقات فاذا لم تضرب الحكومة الجديدة مثلا فلن يرتدع موظفوا الدولة في السلم الأدنى وعندها تفقد مصداقيتها أي حكومة وتنتهي صلاحيتها كأي سلعة فاسدة. ومادمنا في خانة الترشيق فان من أولى واجبات حكومة تحترم القسم والشرف الشخصي والوطني أن تعيد النظر بسلم رواتب ومخصصات المسئولين في قمة الهرم الاداري بدءا بالرئاسات الثلاث ونزولا الى أعضاء مجلس النواب ومحافظي المدن والقصبات. فهذه واحدة من الأسباب التي تدفع بالعراقيين الناقمين للاصطفاف مع الارهاب أو احتضانه وتشجيعه ، ولو كانت النزاهة وبياض اليد واضحة وجلية فان النقمة والاستياء بين الناس ستتناقص لأن مبرراتها لم تعد موجودة. فرواتب ومخصصات الرئاسات والنواب والسفراء تعادل ميزانيات دول بدون مبالغة ويجب أن تتوقف خلال ولاية هذه الحكومة فصاعدا فهي مهمة طال أمد انتظارها ولن تحتمل التأجيل أبدا فالبلد خلال الحكومات السابقة قد هدر أموالا طائلة. ليس لنا حاليا احصاءات نوردها تدليلا على ذلك لكن ليس سرا ان العراق موضوع على قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم وهو أمر مشين ينبغي الخجل منه والعمل بكل جدية للخروج من دائرته.

 

وفي الوقت الذي نشير فيه لهذه الجوانب الحرجة في أداء الحكومات العراقية السابقة نتمى أن يحالف النجاح حكومة السيد حيدر العبادي في مهمته لمعالجة تلك الجوانب التي لا أحد ينفي مصاعب وحراجة الظروف السياسية الداخلية التي ستعمل حكومته في ظلها ، لكن الأمل يحدونا بأن يتمكن في جهوده للحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وتعزيز الأخوة الشيعية السنية الكردية مع كل ابناء الانتماءات الاثنية والدينية الأخرى.

 

علي الأسدي

11.09.2014

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا