<%@ Language=JavaScript %>

 

 

                                       حكايات فلاحية:

 

 نهاية ( 2014 ) وبداية (2015 ) !

 

 صالح حسين

 

 

 هذه الحكاية مهداة إلى زوجتي ( أم سارة ) بمناسبة رأس السنة ( 2015 ) ...كلما تقدمنا بالعمر تطرأ علينا تغيرات نفسية وفيزيولوجية عميقة... حيث يتوقف البعض عن محبة أبنائهم ليتعلقوا لدرجة الوله بأحفادهم، والمثل يقول: عز الولد، ولد الولد، كما يشعر من يتقدمون في السن بالسعادة عند الخروج من البيت ولكنهم سرعان ما يحنون اليه، ويصبحون اكثر سعادة بالعودة، ومع التقدم في العمر، يشعر البعض منا، بأننا قد أصبحنا ننسى الأشياء بمسمياتها، لكن سرعان ما نكتشف ان من حولنا أفضل منا ويصبح الأمر طبيعياً عندما أكتشف ان ( أم سارة ) التي اعتمدت عليها في أمور مختلفة، هي أفضل مني في ترتيب الأمور المنزلية، خصوصاً ما يتعلق بـ(المطبخ ) أنواع الأكل مثل:المكدوس، الزيتون، المخللات، الحلويات وآخرها المدلوئة، والأصغاء إلى طلبات الأولاد المختلفة وغير المنتهية، ومن علامات الكبر ان النوم أمام التلفزيون أصبح أكثر راحة وأفضل منه  في الفراش، الأمور التي كنا نهتم بأدائها، أصبحنا لا نعطيها اهتماماً، ومن علامات الكبر ايضا، عندما اصبحت وظيفتي مختصرة على شراء الحاجيات التي يسميها أولادي بـ( اللسته - inköpnings lista - القائمة ) مثل: البصل، الثوم، الملوخية، أنكنار أي عشبة الأرض، ولها إسم ثالث هو (خرشوف ) + ( الزهرة - القرنابيط ) الفاصوليا، الهندبة، الكزبرة، بصل يابس ( احمر، أصفر وأبيض ) أنواع الفواكه والبهارات الهندية، مع التأكيد على نوع من الصمون، يسمى في السويد ( بولّر-bullar ) يشبه كعك ( جارك ) الذي يباع في المقاهي العراقية، والكراجات، من خلال الجوالة، لكنه بشكل مدّور.

 أجد ( القائمة ) كل صباح على طاولة الكتابة ( الداته ) وعند العودة أسألها، أي ( أم سارة ) بدون أن أدري، شنو طابخة اليوم؟...والجواب جاهز ومتكرر دائماً: هل قاسمه الله! روح أخذلك (غفوة - قيلولة ) لحظات والأكل جاهز، ومن الطبيعي أن القيلولة قبل الأكل نص أستاو، لاتكفي... ولكي تكتمل الصورة، عندي ( دراجة هوائية ) عليها ثلاث سلات مثل خرج العطار أيام زمان، أو بشكل ادق مثل دراجة ساعي البريد، يقابل كل هذا الجهد، جملة حلوة من ( ام سارة ) اطال الله بعمرها مع وافر الصحة،  تعدّل المزاج، هي: الله يعطيك العافية، ويخليك فوك روسنا.

نعلم اننا قد كبرنا خصوصاً عندما نكتشف ان الأجهزة الكهربائية الكثيرة التي بين ايدينا تتطلب اكثر من معرفة ( OFF/ON ) عندها نضطر ونستنجد بالأولاد للمساعدة، وأكثر ما يؤلمنا هو عندما تسمع ( هسة جاي ) إلا إنه مشغول في ( موبايله - تلفونه ) أبو خمس نجوم، الذي لايتوقف عن الرنين،  يحسسك إن ( تلفونه ) يشبه لحد ما، جهاز مراقبة مطار ( هيثرو ) لندن، هبوطاً وأقلاعاً!

وعندما يصبح بأمكان البعض شراء ما يريد، لانقوم بذلك بحجة انه اسراف لا داعي له، وإذا ما تقاعد الرجل، تعتقد الزوجة ان ايام الراحة والاستمتاع بالصحبة قد بدأت، لكن سرعان ما تشعر بأنها على أستعداد لأن تقوم  بأي شيئ  ليحصل زوجها على عمل ويبقى خارج البيت، لكني لم ألاحظ مثل هذا عند ( أم سارة ) لحد اليوم، ربما فيما بعد... كما  نكتشف فجأة ان أكثر ملابسنا  صارت من القياسات الصغيرة، ولكن نرفض التخلص منها، حيث أن ( أم سارة ) دائماً ما تحدث أولادها عن ( القاط الأسود ) الذي بقى عندي أكثر من عشر سنوات في سورية، لم أرتديه إلا مرتيين لسبب أنه موديل...، اي مواليد 1 / 7 / 1890، ومع الكبر أيضاً نسمع الجميع ينادينا بـ( ياعمي، يا خالي، يا حجي، ويا جدو ) ولا يفوتنا عندما نكثر من الإهتمام باطفاء الأنوار لغرض التوفير وليس للرومانسية، ومن علاماته ايضا، ان شمعات كعكة الميلاد تصبح أقل عدداً، فكل شمعة تمثل عقدً من الزمن وليس سنة واحدة، مثلا: ست شمعات بدلا من ( ستين) شمعة، بالنسبة إلى ( أبو سارة ) أما مايتعلق بـ( أم سارة ) فتسويهن خمسة ونص، وفجأة نكتشف ان الكثيرين على استعداد للتخلي عن كراسيهم لنا في الحافلات وعند مراجعة الأطباء، وزياراتنا لهم، التي تصبح لحد ما تشبه مرورك بحفار القبور أي ( الدفان ) الذي ينتظرنا ولا محال من التودد له... كما يتزايد عدد من يعرضون مساعدتهم لنا في حمل حقائبنا في محطات القطارات أوعلى درج الطائرة، أو وضعها في خزانة الأمتعة العلوية، خصوصاً من أجمل المضيفات، هنا يرتابك شعور ونشوة الشباب عندما تبتسم لك أحداهن أو تنظر لك بطرف من أحدى عينيها. ومن علامات الكبر ايضا، نبدأ  بالأكثار من استخدام  كلمات مثل:آسف أواعتذر... لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ وايضا لا اتذكر، وربما ولا أسمع ...الخ! 

من العلامات الأخرى هي:

-         زيارة طبيب الأسنان والعيون، أي التمسك بالحياة وجمالها من جديد.

-          تجمع بعض الأشياء بحجة إنه ممكن الأستفادة منها مستقبلا.

-          كثرة النقود ( الخردة - فراطة / فكسل -  växel) في المحفظة.

-          كثرت المقارنة بين ما يجري في هذا العصر وفي السنين الماضية وخصوصاً أيام الخطوبة، أي قبل الزواج، حيث يقول المثل: اذا ضاق خلقك تذكـّر أيام عرسك، وهناك أمور كثيرة من الصعب التحدث عنها ولكن نشير إلى بعضها مثل:

 أستحالة لبس ( الجوارب أو السروال الداخلي ) وأنت واقفاً.

  الأهتمام بالمأكولات الشعبية، على أعتبار إنها مفيدة وغنية بالفيتامينات! وربما تجبرك الأمور لأكل بيض الخروف! أو عصاعيص غنم! مع  شوربة عدس!

 بداية الشعور بألم المفاصل والركبتين، كما هو حال ( أم سارة ) اليوم!

 ولكن ليس صحيحاً إن التقدم في العمر يجعل كل شيئ  يبدو سيئا، هناك دائما أغاني قديمة لا نحب سماع غيرها ...وأفلام قديمة لا نتذكر غيرها ...وعادات قديمة لا نرغب في نسيانها، وأفضل من كل ذلك، أصدقاء الطفولة، كذلك أصدقاء العمر، أو رفاق طريق جمعنا معهم حب الوطن ، لا نتخلى عنهم بكل ما في العالم من مال ! وعلينا بالتالي ان نستمتع بكل مرحلة من العمر نمر بها، وأية محطة نتوقف عندها!

مشيجيخة: تبدأ مرحلة كبر السن في الغرب بعد سن الستين بشكل عام وهناك بلدان أخرى في الغرب تعتبر كبر السن ابتداء من ( 55 - 60 ) سنة بالنسبة للرجال و ( 50 ) سنة بالنسبة للنساء وفي غالبية البلدان العربية يعتبر سن الستين بدء مرحلة كبر السن للجنسين معاً. ويطلق على المرحلة التي تلي هذا العمر الشيخوخة بينما في البلدان الغربية يطلق عليها كبر السن أو التقدم في السن، لان كلمة شيخوخة هي كلمة جافة أو غير مهذبة، تعني الذبول والاضمحلال.

إن سكان العالم يشيخون بسرعة، فالتقديرات تشير إلى أن نسبة كبار السن في العالم ستتضاعف من حوالي 11% إلى 22% ما بين عامي 2000 و2050. وهذا يعني أن زيادة متوقعة من 605 ملايين إلى ملياري شخص فوق سن الـ( 60 ) وإن كبار السن يواجهون تحديات صحية خاصة، ينبغي الاعتراف بها...ولذلك أوصى الخبير الألماني (هانز هيلموت مارتن ) كبار السن بتناول كمية معينة من الأطعمة يومياً تشتمل على وجبة ساخنة وحصة من الفاكهة ومثلها من الخضروات أو السلاطة مع كوب من الحليب أو الزبادي أو اللبن المخثر أو الجبن وشريحة من الخبز الأسمر، لافتاً إلى أنه يُفضل أيضاً تناول قطعة من اللحم أو السمك أو البيض بشكل يومي.

مربط الفرس:  تذكرت هنا الشاعرة الراحلة ( رابعة العدوية ) التي تنحدر من آلـ( عتيك ) من بني (عدوة ) ولدت في مدينة ( الفيحاء – البصرة ) عام ( 180 هجرية ) وهي الابنة الرابعة لوالدها بعد ثلاث بنات لذلك سميت ( رابعة ) واسم والدها ( إسماعيل ) وهوشخص غيرمعروف... حيث قالت:

يا سروري ومنيتي وعمادي ::::: وأنيسي وعدتي ومـــــرادي.

أنت روح الفؤاد أنت رجائي :::::أنت لي مؤنس وشوقك زادي.

أنت لولاك يا حياتي وأنسي ::::: ما تشتت في فــــــسيح البلاد.

كم بدت منةٌ، وكم لك عندي ::::: من عطاء ونعمـــــة وأيادي.

حبك الآن بغيتي ونعيمـــي ::::: وجلاء لعين قلبي الصــــادي.

إن تكن راضياً عني فأني ::::: يا منى القلب قد بدا إســــعادي.

أخيراً: من المفيد أن نتذكرقواعد السعادة الأربعة : لا تكره أحدا مهما أخطأ في حقك، عش في بساطة مهما علا شأنك، توقع خيرا مهما كثر البلاء، أعطي الكثير حتى لو امتلكت القليل. السويد / صالح حسين- 19 / 12 / 2014

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -