<%@ Language=JavaScript %> نزار رهك دعاة دولة المؤسسات بلا مؤسسات..!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

دعاة دولة المؤسسات بلا مؤسسات..!

 

 

نزار رهك

 

بناء الدولة الحديثة يعتمد على المؤسسات التي تؤسسها أو تعيد بناءها أو تستورد خصائصها من مصادر موثوقة وهي معادلة ليست بسيطة ولكنها أيضا ليست من وحي الخيال و التعقيد الأكاديمي و ليست عملية مستحيلة .. ولكنه علم له ثوابته وأسسه الفكرية ونظرياته وعلمائه ورغم الأختلاف هناك مشتركات وبديهيات .. وهذا البناء هو لا يشبه موقع بناء عمارة سكنية إلا في حال شرحها لطلبة المدارس الأبتدائية .. لأن بناء الدولة هو عملية تاريخية كان لها بداية وسيكون لها نهاية (نظريا) وكل مفصل من مفاصلها له تفسيرات وتفسيرات مضادة وله رأي وآراء أخرى معارضة ..

قبل آلاف السنين وعلى أرضنا الرافدينية تم بناء الدولة الأولى والمؤسسات المجتمعية الأولى و الأنماط القانونية الأولى .. وتنظيم مجتمعي يعتمد على نظم إقتصادية إجتماعية وثورات وتحولات وطرق متعددة في تنظيم علاقة الأفراد فيما بينهم وعلاقتهم الجمعية بالسلطة أو المالك أو الكهنة .

المؤسسة هي علاقة تنظيمية بين الأفراد لغرض متفق عليه وهي تمثل وحدة قانونية معترف بها لتحديد علاقتها بالدولة أو الفرد أو المؤسسات الأخرى .. ومثال على المؤسسة المدرسة أو الجامعة أو البرلمان أو مؤسسة رعاية الأمومة والطفولة و الأحزاب السياسية والنقابات والمرجعيات الدينية ...الخ ... فالمؤسسة هي عملية تنظيمية إجتماعية تعتمد التخصص أو المشتركات الفكرية أو الطبقية .... وأهم خصائصها هي إستقلاليتها التنظيمية والمهنية والأقتصادية عن غيرها من المؤسسات. .

ومن يدعو الى دولة المؤسسات ويتحدث عن المؤسساتية عليه أن يوضح قدراته على عملية تنظيم العمل بين المؤسسات وقدرته على التنظيم القانوني لهذه المؤسسات وعلاقة هذه المؤسسات بالدولة إقتصاديا وقانونيا ورؤيته لتطور العلاقة بينها وبين الفرد في المجتمع ..

ولاتختلف طبيعة المؤسسات في المجتمعات الرأسمالية عنها في المجتمعات ذات التوجه الأشتراكي إلا في كون مؤسسات المجتمع الرأسمالي مستقلة عن الدولة بينما المؤسسات في المجتمع الأشتراكي تكون ضمن مؤسسة الدولة المركزية وتخضع لقوانين التخطيط والتنمية المركزية .. والأولى مستقلة عن الدولة ولكنها ليست مستقلة عن الشركات الأقتصادية والمصالح الحيوية المهمة في المجتمع الرأسمالي . .. وللموضوع تفاصيله الأكاديمية وتفرعاته وموضوعنا الحالي في غنى عنها .. ونود ربط هذه المقدمة الموجزة بالوضع العراقي الساخن ودعوة البعض الى الدولة المدنية الديمقراطية ودولة المؤسسات .. ونود طرح السؤال الأكثر أهمية : أي دولة مؤسسات تريدون ؟ ووفق أي نظام إقتصادي – إجتماعي ؟ وذلك لتحديد تبعية هذه المؤسسات ودورها في تنظيم المجتمع والدولة ولمعرفة طبيعة الدعاة الطبقية . وعلينا التمييز بين المؤسسة والأفراد والعناصر المكونة لها وخاصة بعد الأحتلال الأمريكي للعراق و قراراته بحل الدولة العراقية وقبل ذلك حل كافة المؤسسات المجتمعية المتكونة والناشئة تاريخيا وعلى رأسها الأحزاب السياسية وإستبدالها بكيانات سياسية تقودها نخب سياسية قابلة للبيع والشراء والتداول والتنقل من حضن الى آخر .. بدلا من عملها كمؤسسات إجتماعية تعكس الحالة الطبقية والأختلاف في الآراء والأيديولوجيات وتعبر عن الرأي الجمعي للطبقات الأجتماعية ..

إن إنهيار الدولة الذي قاده الأحتلال الأمريكي للعراق لم يكن خطأً تكتيكي بل هو عمل إرادي وأستراتيجي لتخريب ليس البنى التحتية للمجتمع فحسب وإنما أيضا البناء الفوقي الذي تم بناءه عبر عشرات السنين وكلف الشعب صرف نسب لا يستهان بها من الثروات الوطنية وتقديم الآلاف من الشهداء من أجل الحرية والكرامة الوطنية وبناء الدولة الوطنية المستقلة .

كانت لدينا في العراق ديكتاتورية فاشية في حكومة مركزية قوية ولكن أيضا في دولة مؤسسات

التي يطالب البعض بها في حملاته الأنتخابية اليوم (مؤسسة عسكرية ومؤسسات أمنية ومؤسسة حزبية فاشية واحدة ومؤسسة إعلامية ووزارات وجامعات ومراكز أبحاث ..الخ ).

وطالما كانت المؤسسة علاقة تنظيم  بين أفراد المجتمع فقد كان لزاما عليهم بعد الأحتلال المحافظة عليها وتطويرها وليس تدميرها و إعادة بناءها بشكل مشوّه فقد كان المفترض الحفاظ على الطابع التنظيمي لهذه المؤسسات على الأقل وتغير أهدافها وشروطها الداخلية بالأتجاه الديمقراطي المفترض .

بعد القضاء على النازية والفاشية تمت المحافظة على جميع أنظمة المؤسسات القديمة وكامل كادرها التنظيمي وقوانينها الداخلية وأرشيفها والنمط الأداري.. لأن الهدف كان إنهاء هذه الأنظمة وليس إنهاء الدولة ومؤسساتها ... جريمة الأحتلال الأمريكي للعراق بالأضافة الى جريمة الأحتلال بذاتها وضحاياه التي تتجاوز المليوني ضحية عراقية والدمار الشامل للبلد كانت الجريمة الكبرى هو القضاء على الدولة العراقية ومؤسساتها العسكرية والمدنية (بأستثناء وزارة النفط) ومن إشترك في مجلس حكم الأحتلال هو مساهم فاعل في هذه الجريمة وعلى الشعب تقديمهم للمحاكمة بدلا من إنتخابهم ثانية أو من يمثلهم ... ومنهم من يرفع شعار الدولة المدنية الديمقراطية أو دولة القانون أو دولة المواطنة وغيرها من خزعبلات الحملة  الأنتخابية في العراق دون التدقيق في فحواها. فالطائفية ليست دولة وليست لها علاقة بالمؤسسات وإنما قادتها هم أصحاب عصابات وميليشيات مسلحة أو الأكثر عقلانية فيهم من كان ضمن أحزاب سياسية ترى في التوجه الأسلامي شيعيا كان أم سنيا طريقا منقذا للبلاد والعباد .

والدولة هي ليست ولم تكن يوما ما هي الحكومة وإنما الحكومة تعتمد على تسخير أجهزة الدولة لخدمة مصالحها وحماية نفوذها و جبروتها .. تتغير الحكومات ومؤسسات الدولة باقية .. التغيير الممكن لمؤسسات الدولة هو عن طريق تطوير تقنياتها العلمية والعملية ورفع مستوى الأداء من خدمة أفضل للمواطن صاحب الحق من الأستفادة مما تقدمه هذه المؤسسات من خدمات تسهل حياة المواطن وتنظم علاقته بالدولة والحكومة والمجتمع.

دولة المؤسسات هي عملية إدارية تنظيمية لا تصلح كشعار إنتخابي ومن يرفعها شعار عليه أن يوضح طريقة عمل هذه المؤسسات ونمطيتها ووفق أي نظام إقتصادي – إجتماعي وما هي آلية التغيير والبدائل وبغير ذلك هو منافق وكذاب ولا يصلح لأن يمثل الشعب في أي محفل أو دائرة فاعلة في المجتمع.

الحزب السياسي هو مؤسسة تهتم بتنظيم الناس وفق مصالحهم الطبقية أو القومية أو الطائفية وهي ايضا هيئة جمعية تنظم المطالب الجمعية للمواطنين وتكسب ثقتهم ... وعندما يقف المواطن في حيرة من أمره .. حول منْ يجب إنتخابه ؟ فهذا يعني إنه خارج دائرة التنظيم الجماعي الذي يوحد إرادته ... أي إنه يعوزه المؤسسة الأجتماعية التي تنظم مطاليبه , كأن تكون حركة أو حزب سياسي أو تيار شعبي أكثر من حاجته للشخص الذي يكسب قناعاته الشخصية المحدودة وهذا الشخص سوف لن تكون له القدرة على المنافسة مع الرأي الجمعي لمرشحين آخرين .. أي إن حاجة الناس اليوم أكثر الى إيجاد بديل تنظيمي موحد ومشترك (مؤسسة) تتبنى المطاليب الشعبية , منه الى البحث بين السراق والمفسدين عن أفضلهم لأنتخابه في البرلمان.

لقد كان إنهاء الأحزاب السياسية وإسقاطها من قبل الأحتلال هو ضمن مخططاته لأنهاء دولة المؤسسات و إستبدالها بالفوضى وشراء الذمم والمرتزقة ومنهم قادة المؤسسات الحزبية القديمة

الذين يبحثون اليوم عن شعارات مبهمة لها تفسيرات متعددة , وكل يفسرها حسب رؤيته ومنها دولة الضمان الأجتماعي ودولة العدالة الأجتماعية ودولة القانون و المواطن .. والبعض يسمي كتلته الأنتخابية بالوطنية وقائدها عميل لأكثر من 12 دولة أجنبية .. !!.

 

المانيا

24.04.2014

Rahak@t-online.de

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا