<%@ Language=JavaScript %> محمد السعدي وداعأ ... جليل كمال الدين.

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

وداعأ ... جليل كمال الدين.

 

 

محمد السعدي

 

تفاجأت الاوساط الادبية والفكرية وأهل الصحافة بالرحيل الهاديء للاستاذ والمترجم والمفكر والكاتب والسياسي جليل كمال الدين .. منذ اللحظات الاولى لتلقي فاجعة رحيلك لفني حزن عميق لخسارتك الكبيرة في يومنا هذا العصيب . وتوهجت بنفسي محطات من الذكريات والايام الصعاب لعلاقة أمتدت منذ عام 1980 الى 1983 , في ظروف أستثتائية مر بها شعبنا .

في السنة الاولى عام 1980 . قبلت طالبا جامعيا في الاداب .. وفي عامها أشتعلت الحرب العراقية الايرانية مما أجلت الدراسة الى شهرين . في الاسبوع الاول من الدراسة , كانت تتم مراسيم التعارف بين الطلبة مع بعضهم وبين الاساتذة .

في الدرس الاول للاستاذ جليل ... بدأ سؤاله للطلبة عن سكناهم .. وعندما قلت له .. انا من الهويدر أبتسم وقال ... الهويدر الحزينة ... عزاهم موجوع في عاشوراء .. وأكمل حديثه معي أجلس أيها القروي الدمث ... وطيلة فترة علاقتنا يمزح بها .

ولد جليل كمال الدين عام 1930 في مدينة الحلة , كما تشيرسيرته . ومن بدايتها واكب التطورات السياسية في البلد , بل دخل معتركها , عندما قاد الجماهير المنتفضة ضد معاهدة بورتيسموث عام 1948 . فاعتقل وسجن ثلاثة أعوام . ساهم في تأسيس أتحاد الادباء العراقيين بعد ثورة تموز1958

حكم عليه بالسجن أيضا عام 1960 بعد كتابته لمقال في جريدة الرأي العام , الذي كان رئيس تحريرها الشاعر الكبير الجواهري .. هوجم به المسؤولين المحيطين بالزعيم عبد الكريم قاسم . بعدها غادر الى الاتحاد السوفيتي لاكمال شهادة الدكتوراه في نظرية الادب ... وهناك أطلع على كتاب روسيا والحياة السياسية وتعمق في دراسة الادب الماركسي , وأغنى المكتبة العربية برواد الادب الماركسي وعلم الجمال .

شخصية فكرية وأدبية وسياسية مثل جليل كمال الدين ... يرحل بهدوء حتى بعيدا عن أعلان رحيله الا بعد أسبوع . يعلن عنه في صحيفة أيلاف مع تغطية عن نبذة مختصرة عن حياته . والتفت من خلالها الاستاذ ضياء نافع رفيقه وزميله لسنوات طويلة وممتلئة وصعبة .  في مقال ... توقف به عن أهم محطات حياته الزاخرة في مجالات السياسة والترجمة والادب والتأليف والمواقف  .

عرف الاستاذ جليل كمال الدين في مطلع الستينيات في الاوساط الثقافية والفكرية عبر مؤلفاته المتعددة بالادب العربي والروسي والعالمي ... ترجم وكتب عن الادب الامريكي شناينبك وعن فوكنر .. وايضا كتب عن القائد الشيوعي ماوتيسي تونغ ... وترجم أعمال الكاتب الروسي جنكيز أيتماتوف .. وداعا غولساري . وبمرور الايام توثقت علاقتي به , رغم مخاطرها . وأمتدت لقاءتنا خارج حدود المحاضرات والدروس الى الحديث في السياسة والادب ... تفاجأت في زيارتي الاولى لبيته في شارع 14 رمضان يعيش  مع زوجته أم فرقد وأبنهما فرقد , بمكتبته الكبيرة والمتنوعة شاغلة غرفتين كبيرتين من البيت , وطلب مني بمساعدته في ترتيبها .. وايام ولم نتمكن من أنجاز ترتيبها أكوام من الكتب تزدحم به غرفه وزواياه , ولم يعد هناك مجالا للماره .

كانت عندي محاولات بسيطة للكتابة في ذلك الزمن والظرف , ولم أجرء على البوح بها , لكن عند أطلاعه عليها كسر في داخلي هذا التردد , بل أعطاني خطوطا عامة للبدء بالكتابة . كان الله يرحمه موسوعة تاريخية وفكرية  كبيرة وغنية , عندما يضع قلمه في كتابة موضوعا ما , لم يجف حبره الا بانجازه .

في تلك الفترة عدت أتصالي مع منظمة الصدى للتنظيم السري الشيوعي , بعد أن فرطت تنظيماتنا السابقة بحل عقد الميثاق الوطني بيننا وبين البعثيين  , وكان الرفيق أشتي شيخ عطا طالبا في المستنصرية قسم الاقتصاد هو مسؤول التنظيم . وبحكم العلاقة التي تكونت مع الاستاذ جليل , بدأت أوصل له البيانات الحزبية وجريدة الحزب طريق الشعب المحظورة ونشاطات الشيوعيين في جبال كردستان . مما تعمقت علاقتنا أكثر , وأخذت مديات أوسع في الموقف والنضال . في صيف عام 1983 تعرضت الى محاولة أعتقال على أثر أعترافات أجبر عليها أنور المزوري في دائرة مخابرات قضاء ( كلر ) . مما أجبرني على ترك مقاعد الدراسة والقرية والتنظيم والرفاق , وألتحقت برفاقي الانصار في جبال كردستان . في عام 1985 , توجهت فكرة الحزب بتوسيع رقعة تنظيمات الداخل . وبدأ الرفاق بالتوجة الى بغداد وديالى وتكوين محطات حزبية وتنظيمات خيطية , وكنت ممن مرشح للتوجه الى بغداد , لكن الاحتراب ما بين الاحزاب أخرني عن الالتحاق بالرفاق الي سبقوني . وطلب مني التنظيم وتحديدا طه صفوك ( ابو ناصر ) والشهداء محمد الخضري ( ابو جلال ) ومحمد وردة ( الحجي ) .. بكتابة رسائل الى الرفاق والشخصيات التي ممكن تسهل عملنا في الداخل , أو ممن كان لي أتصالات بهم  ... ولثقتي العالية بالشهيد ابو جلال بعد نزوله الى بغداد والالتحاق بالتنظيم , وهذه الثقة حقا كانت في مكانها . كانت واحدة من رسائلي الى الاستاذ جليل كمال الدين ... وأستقبلهم وتعاون معهم وقدم خدمات للتنظيم تذكر بالموقف والعرفان والتحدي  , لكن عندما تعرض التنظيم الى المداهمات والاعتقالات بداية 1986 ... شملت التحقيقات الاستاذ جليل ودوهم بيته ووجدوا به مما يؤكد هذا الصلة , وتعرض الى السجن لمدة ثلاثة أعوام , في حينها وصلت أنا الى بغداد , وكانت الاعتقلات والمداهمات لم تنقطع بحق رفاقنا , وتعذر عليه التحرك والاتصال . كوكبة شيوعية ونضالية  , أبيدت كاملة . ابو جيفارا .. ابو جلال ..ابو غسان .. ابو قيس .. ابو ستار .. ابو سهيل وأخرين .

قبل رحيله . طلبت من أبنه فرقد رقم تلفونه ... ليتسنى لي الحديث معه , بعد ان مهد له فرقد , لانه صحته كانت في الطريق التدهور السريع وضعف الذاكرة .... وحاولت مرات عديدة , لكني لم أفلح بالحديث معه ..... مواساتي لفرقد وعائلته بفقدانهم قامة عراقية ... يعتز بها كل العراقيين . والرحمة له ومثواه الخلود .

 

محمد السعدي

مالمو \ السويدية

2014.07.05

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا