<%@ Language=JavaScript %> المبادرة الوطنية الأردنية " أحداث العراق في سياق استراتيجية الإحتواء" الحلقة الثالثة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

" أحداث العراق في سياق استراتيجية الإحتواء"

 

الحلقة الثالثة

 

 

المبادرة الوطنية الأردنية

30 / 6 / 2014

 

في هذه الحلقة يتم التطرق للبعد المحلي في أحداث العراق، في سياق تطور وإنهيار القوى الوطنية العراقية تاريخياً، وحلول قوى أخرى محلها، قوى ما بعد إحتلال العراق من قبل قوات الناتو، قوى تابعة: مذهبية  و"لبرالية" وأثنية وقومية ويسارية، وقوى أخرى متذبذبة المواقف مذهبية البنية وطنية الطرح.

تعرض العراق خلال تاريخه الحديث إلى ثنائية الإستعمار المباشر والثورة، إحتلال بريطاني وثورة العشرين، ثم مرحلة الإستعمار البريطاني غير المباشر، التي انتهت بثورة 14 تموز عام 1958، والتي فتحت عصر جديد في حياة العراق.

 تميزت مرحلة ما بعد هذه الثورة بإنجازات وطنية مفرحة – تأميم النفط مواقف معادية للأمبريالية، تحقيق بعض المطالب الإجتماعية للكادحين - وإخفاقات دامية مبكية – صراعات دموية بين أبناء الحركة الوطنية، وفشل إنجاز التنمية الوطنية الحقيقية - انتصارات هزائم وهزائم مذلة، وهزائم تمزيق النسيج الوطني، وهزائم تسليم ثروات ومقدرات الوطن للمركز الرأسمالي العدو الرئيس، هزيمة تحوّل العراق من قوة لاعبة في المنطقة إلى ساحة صراع للقوى الدولية والأقليمية، في الوقت الحالي.

الحالة القائمة اليوم هي المولود الشرعي للمرحلة السابقة بإنجازاتها وإخفاقاتها، ولأنها محصلة حقيقية لسيرورة تاريخية، بدءاً  بثورة 14 تموز عام 1958 التي فتحت الباب أمام قوى وطنية ، ذات إيدولوجيات متباينة ، استولت على السلطة السياسية، وحاولت السير في طريق إنجاز مهمات مرحلة التحرر الوطني، المتمثلة في تحقيق الاستقلال الوطني الناجز، عبر تحرير الإرادة السياسية وتحرير الثروات الوطنية وفي المقدمة النفط، وإنجاز مهمة التنمية الوطنية المتمحورة حول الذات، وتحقيق وحدة الأمة، لكنها وصلت في المحصلة إلى فشلٍ مر توّج في عملية إحتلال، إحتلال مباشر من قبل قوات الناتو، على مدار أكثر من عقد من الزمن من الحصار (1991 -2003 ).

 سارت العملية التحررية في تعرجات صعوداً ونزولاً، ويمكن إبراز السمات الرئيسة لهذه المرحلة من ثورة تموز إلى الإحتلال الراهن، كما يلي:

·       صراعٍ دامٍ بين مكونات الحركة الوطنية، نتيجة غياب مشروع وطني حقيقي ، جوهره التحول نحو بناء الدولة الوطنية المنتجة والمجتمع المنتج، إذ أعتمدت القيادة السياسية على إقتصاد ريعي ، وبقي النفط المكون الأساس للدخل الوطني، بحيث لم تختلف في هذه السمة عن الدول العربية التابعة.

·       لم تتمكن القوى الوطنية التي استلمت السلطة، خلال خمسة عقود، من إنجاز مهمة تنمية قوى الانتاج الوطني، الركيزة الأساس لبناء الدولة الوطنية المنتجة، والتي تنقل المجتمع من مجاميع الماقبل رأسمالية: العشائرية والمذهبية والأثنية والطائفية إلى المجتمع المنتج الحديث، مجتمع الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، حيث بقيت أنماط إنتاج بدائية مرافقة لأنماط استهلاك حديثة هي السمة السائد للتشكيلة الإقتصادية – الأجتماعية، ونتيجته أن  فقد المجتمع منظومة خصائصة الأصيلة – الفلاحية - ولم تتوّلد منظومة خصائص مجتمع منتج، وفي هذه الحالة فهو أيضاً لم يختلف عن الدول التابعة، بالرغم من إنجازات كبيرة في الجانب العلمي.

·       اعتمدت القيادة السياسية التي استلمت السلطة، على سياسة شراء القاعدة الأجتماعية، من خلال إغراء إمتيازات تحققت لها من خلال أجهزت الدولة، ولم يتم إعتماد نهج بناء قاعدة إجتماعية من خلال تبني مشروع الإنتاج الذي ينتج بالضرورة تغيير البنى الاقتصادية – الأجتماعية والتي بدورها تفرز شرائح إجتماعية وطنية كادحة ومنتجة واعية لمشروعها وصاحبة مصلحة حقيقية في انتصاره النهائي، مشروع بناء إقتصاد وطني منتج في كافة المجالات، يؤدي إلى بناء دولة وطنية منتجة، قادرة على مواجهة الهجمات الخارجية والداخلية.

·       تجاهل القيادة السياسية التي استلمت السلطة، قانون حماية الإنجاز، هذا القانون الذي يربط مهمات التحرر الوطني بمهمات التحرر الإجتماعي، فلم تستطع القيادة السياسية من الصمود أمام الهجمة الخارجية نتيجة غياب القاعدة الإجتماعية الحقيقية المنتمية الصادقة.

·       عجز القيادة السياسية عن صياغة تحالفات وطنية داخلية وتحالفات حقيقية مع القوى المعادية فعلاً لا قولاً مع المركز الرأسمالي العالمي، لا بل تم التحالف مع قوى التبعية العربية، التي غدرت بهذه القيادة سابقاً وستغدر بها اليوم كما فعلت بالأمس.

 

بعد هذه المقدمة وعود على بدء، البعد المحلي في أحداث العراق:

 ما هي الظروف التي قادت إلى أحداث العراق اليوم، وهي العلة والسبب لهذه الحالة المعاشة اليوم، السياسات التي قادت إلى فشل الدفاع عن العراق أمام الغزو الخارجي، تعود وتنتج ذاتها اليوم في هزيمة سياسة عسكرية أجتماعية. من هي القوى المحلية التي ساهمت في إحتلال العراق قبل اليوم، ومن هي القوى  المتحالفة والمتصارعة التي ساهمت في أحداث اليوم.

 على ضوء تشخيص الواقع القائم ، القوى المتصارعة كما هي بالفعل وفي الواقع، الواقع الذي هو سيرورة  الماضي في الحاضر ، الذي أوصل إلى إحتلال العراق، فتفككت الدولة وتم تفتيت المجتمع على أسس طائفية مذهبية أثنية وقبلية، أي فرط العقد الإجتماعي الوطني، وصولاً إلى مشاريع التقسيم المطروحة بالفعل أو بالتحايل من أجل خدمة مشروع أحتواء أبعد من العراق، مشروع إحتواء لمحور المقاومة والممانعة، بسبب إنجاز هذا المحور إنتصارات حقيقية على مخطط المركز الرأسمالي، وفي الجوهر منه وقف "مشروع الشرق الأوسط الجديد / الكبير "

وقفة مراجعة نقدية لسيرورة التطورات داخل العراق منذ أكثر من خمسة عقود، تشكل الضرورة الموضوعية وشرط تجاوز هذه الأحداث الدامية الجارية على الأرض العراقية.

ومن لا يرى أن المقاومة الوطنية العراقية بعد الأحتلال هي من أرغم المحتل على الرحيل، فلم يستفيد دروس من تجاربه، ومن لا يرى شرطية الوحدة الوطنية من أجل تحرير العراق من هيمنة المركز الرأسمالي على البلاد واسترداد ثرواته ومقدراته التي تم الإستيلاء عليها لصالح الشركات المتعدية الجنسيات، الهدف الرئيس الذي يمثل لب وجوهر الهيمنة، فلن يكون بمقدوره إنجاز هذه المهمة، لا بل على العكس من ذلك فسوف يؤبد الهيمنة.

 

·       إحتلال العراق كان مخطط نائم ينتظر ظروف إنفاذه، مخطط المركز الرأسمالي العالمي، مخطط شركات النفط العملاقة، مخطط خلاياه نائمة، مركز يتحين الفرصة لإعادة الهيمنة على ثروات ومقدرات العراق، ووضعها تحت تصرف الشركات العملاقة، ووضع السوق العراقي تحت هيمنتة لخدمة مصالح رأسمال المال العالمي.

·       إحتلال العراق قرار أتخذ، من قبل المركز الرأسمالي، في تلك اللحظة التي قفز فيها العراق من منظومة دول العالم الثالث إلى منظومة دول العالم الثاني، منتصف العقد السابع من القرن الماضي، بحسب تقارير الأمم المتحدة  للتنمية آنذاك.

·       إحتلال العراق ساهم فيه صراع دموي بين القوى الوطنية فيما بينها، وصراع دموي بين أجنحة الحزب الواحد، أفرغت معظم الأحزاب من معظم مناضليها المخلصين، وفسحت المجال أمام مجاميع إنتهازية وجهوية وقبلية من الإستلاء على هياكل هذه الأحزاب، مما هشم المجتمع وحطم قوى المقاومة داخله، فكانت هذه الفرصة التي ينتظرها المركز.

 

سبق لغورو عندما أحتلت فرنسا سوريا أن قال مقولته الشهيرة " ها قد عدنا يا صلاح الدين " وها هو ممثل شركات النفط قد صرخ بصوتٍ أعلى " ها قد عدنا إلى حقول النفط يا عراق ".

 

من هي قوى الصراع اليوم داخل العراق؟:

·       بدءاً لا بد من الإعتراف بغياب قوى التحرر الوطني العراقي عن الساحة وعن الفعل الحقيقي في هذا الصراع، بسبب غياب بنية ووظيفة وغياب الحامل الإجتماعي لمشروع التحرر الوطني ومهماته.

·       مساحات الصراع المحلية وأهداف الصراع للقوى المحلية هي أهداف فئوية ضيقة، تخدم في المحصلة مشروع الهيمنة، بوعي أو بغير وعي، لأن الأهداف الفئوية مهما على سقفها فهي في المحصلة لن تستطيع الخروج من الوعاء الحاضن الأوسع، مهما حسنت النوايا، وغلت العاطفة، وإرتقى الطموح.

·       قوى الصراع على أرض الواقع هي : قوى التبعية السياسية و قوى سياسية تحالف قوى التبعية العربية تحت وهم التكتيك، وقوى ظلامية مفوته وقوى إثنية تابعة.

قوى التبعية السياسية: هي القوى ذاتها التي قدمت إلى العراق على ظهر الدبابة المحتلة، بحجة إنهاء الإستبداد والدكتاتورية بمساعدة قوى الإحتلال، فهل عرف التاريخ قوة تحالفت مع محتل وغاصب إستطاعت طرد هذا المحتل والغاصب، لا يوجد، الذي يحقق طرد المحتل هي وحدها قوى التحرر الوطني وقوى المقاومة، فقوى التبعية بحكم المصالح لا تستطيع مقارعة الأحتلال حتى ولو إحتمت في لحظة ما بقوى معادية للمحتل، بحكم إرتباط مصالحها الخاصة، بعيداً عن المصالح العليا للوطن، لم تستطع هذه القوى من بناء جيش وطني، والدليل ما يحصل في شمال العراق، ولم يتم لحد الآن إعادة التيار الكهربائي إلى وضعه ما قبل الإحتلال، وزاد الجوع والفقر في دولة الثروات، عائدات النفط اليوم سنوياً ( 225) مليار دولار أين تذهب؟.

قوى سياسية متحالفة مع قوى التبعية العربية: وهي القوى التي انتقلت إلى موقع المقاومة بعد وقوع الإحتلال، وكانت أسرع مقاومة للأحتلال في التاريخ الحديث، وساهمت مع قوى أخرى على إرغام قوات الإحتلال على الإنسحاب العسكري من العراق، وبقيت مفاعيل الإحتلال الأجتماعية والأقتصادية والسياسية قائمة، وفي مقدمتها الفرز الطائفي المذهبي العشائري والإثني المقيت، فلم تتمكن قوى المقاومة هذه من الإنتقال في بنيتها إلى حركة تحرر وطني، لا بل وللأسف الشديد أنغمست في المشروع الطائفي، وبسببه أو العكس تحالفت مع قوى التبعية العربية والقوى الظلامية التابعة.   

القوى الظلامية هي قوى في الحضارة مفوته وفي الأيدولوجيا سلفية دموية، لم ولن تحمل مشروع تحرر وطني معادٍ للمركز الرأسمالي بحكم أيدولوجيتها الماضوية المفوته، بالرغم من أن جمهورها يتشكل أساساً من البروليتاريا الرثة، ووقودها هم الفقراء والموعزين من العمال والفلاحين، ومن قبائل وعشائر - مجاميع الماقبل رأسمالية – التي هي موضوعياً لم ولن تكون حامل لمشروع تحرر وطني وحاملاً لمشروع حداثة وإنتاج، لأنه يتعارض مع تشكيلتها الإجتماعية الاقتصادية وبنيتها الثقافية.

قوى إثنية تابعة وفي مقدمتها قوى كردية وقوى تركمانية، وهي قوى إقطاعية لا يمكن أن تقود حركة تحرر وطني، لتعارض بنيتها ومصالحها مع كافة الشرائح الوطنية الكردية الكادحة والمنتجة، فلم تتعض القوى السياسية الكردية من تاريخها الحديث، ولم تتمكن من وعي مسألة أساسية وفي جوهر النضال التحرري الوطني، وهي أنها تتحالف وتعتمد على قوى هي لا تسمح للنضال الوطني من تحقيق أهدافه النهاية، وفي الطريق أما أن تتحول إلى قوى تابعة أو يتم الرمي بها على قارعة الطريق من قبل هذا الحليف، وقد حصلت عدد من التجارب في تاريخ الشعب الكردي. طموح هذه القيادة الأقطاعية يتمثل في ضم أراضي لسلطتها وليس بناء مجتمعها المنتج، لا بل على العكس سلمت ثروتها النفطية للشركات متعدية الجنسات، ووضعت سوقها الوطني في خدمة المركز الرأسمالي العالمي، ونسجت علاقات قوية مع العدو الصهيوني، فكيف سيكون مستقبل هذه الدويلة في منطقة ستنجز في المستقبل القريب مشروع تحررها؟

 

في المحصلة يمكن استنتاج ما يلي:

·       أحداث اليوم نتيجة حتمية لسيرورة تاريخية، أنتجت المذهبية والطائفية التي قفز طرف منها إلى الظلامية، وأعادة إحياء الثقافة القبلية العشائرية، وهي بنى إجتماعية في المحصلة عاجزة عن حمل مشروعٍ تحرريٍ.

·       تساهم هذه البنى في المحصلة في إدامة الصراع على الأرض العراقية إلى مدى طويل، طالما لم يتم بناء حركة تحرر وطني عراقي، وبناء حامل إجتماعي من الشرائح الكادحة والمنتجة، صاحبة المصلحة الحقيقية في إنجاز التحرير.

·        الصراع الدموي طويل الأمد – ما يطلق عليه من قبلهم الحرب الناعمة، أي حرب بين أبناء الشعب الواحد - هو المخطط المرسوم من قبل قوى المركز الرأسمالي لأنه يوئمن إستراتيجية الإحتواء بدون نزف قطرة دم واحدة من جنوده ولا دولار واحد من جيبه.

·       علينا أن لا ننخدع في المشاريع السياسية لهذه القوى المحلية المتصارعة بهذا العنف، لأنها تمثل مصالح فئات وقوى محلية تابعة، وتبقى صراعات على البنى الفوقية للمجتمع العراقي – البنى الفوقية السياسية – وضمن العملية السياسية التي رسمت من قبل الإحتلال،  وليس صراع من أجل تحرير البنى التحتية – الثروات والمقدرات والإنتاج - جوهر الصراع، وينطبق على هذا الصراع المثل العربي " أوسعته شتماً وذهب بالأبل " ثروات العراق هي المحتله ولأجلها جاء الإحتلال.

·       أي مشروع سياسي خارج سياق مشروع التحرر الوطني متزاوجاً مع مشروع التحرر الإجتماعي ، لن ينتج تحرراً وطنياً حقيقياً لشعب العراق.

 

" كلكم للوطن والوطن لكم "

 

        

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا