<%@ Language=JavaScript %> يحيا حرب رسالة قصيرة قبل الحج الى القدس!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

رسالة قصيرة قبل الحج الى القدس!

 

 

يحيا حرب

 

لا يستطيع غبطة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي إقناع أحد بأن زيارته الى القدس المحتلة، والتجول فيها بحراسة الجنود الصهاينة وضيافة سلطات الاحتلال العنصرية الاسرائيلية، لا تحمل مضامين سياسية، تمس جوهر الصراع في المنطقة.

وان كنا لا نشكك بنوايا وسريرة صاحب الغبطة، وان كنا نترك له ولضميره الحكم على اهميتها الدينية واللاهوتية، فإننا نؤكد لغبطته ما يعرفه بحكم تجربته الدنيوية، ان النوايا الحسنة لا تؤدي دائما الى نتائج حسنة، وان الغايات لا تبرر الوسائل، وان ما يجوز وما لا يجوز حقيقة نسبية خاضعة لشروط الزمان والمكان والكيفية، وان العالم اليوم يتحرك على ايقاع سياسي لا لبس فيه، تتكيف معه الثقافة والاعلام والحياة الاجتماعية ولا تنجو من تأثيراته الممارسات والسلوك الديني.

ان ما أصاب المسيحيين في الشرق لم يكن بسبب نقص في الايمان ولا تقاعس عن ممارسة الشعائر، بل هو بسبب سياسات، بعضها يمتد لعشرات السنين، وسياسيين مثلوا واجهة هذه الطوائف، وكرسوا انفسهم ناطقين باسمها!! فانعكست خياراتهم السياسية وارتباطاتهم الفكرية على عموم المسيحيين.

فليس صحيحا ما يردده القادة السياسيون المسيحيون، بل ما يتلهون ويضللون جمهورهم به ، من ان هذا الانقسام الذي يعانونه في لبنان، هو تعبير عن التنوع والحرية الفكرية والتعلق بالديمقراطية، هذه اوهام تبريرية لم ولن تعزز موقعهم في الساحة السياسية.

فالحقيقة انهم عرضة للاستقطاب والتجاذب على خلفية ما يعانونه من ضعف وعدم تماسك، وهذه الحالة متولدة من عدم وضوح الرؤية للواقع وعدم تحديد الرؤيا للمستقبل والدور.

ان السبب الرئيسي لكل ذلك هو محاولة التمايز لدى البعض عن المحيط المختلف دينيا، الا انه ليس مختلفا ثقافيا وحضاريا.. حيث ان هناك طرفين عملا على تعميق هذا المفهوم والتأسيس عليه: الغرب الاستعماري والتطرف الارهابي.

الغرب الذي جسد مقولة فرق تسد، عمل على الاستفادة من كل تمايز وخلاف يمزق وحدة الشعوب التي وضعها هدفا لاستعماره واستغلاله واستعباده، سواء كان هذا التمايز دينيا او عرقيا او غير ذلك.

والتطرف التكفيري الاسلامي كان دائما الوجه الاخر للعدو الخارجي، من حيث انه ينخر كالسوس في جسد الامة، فيمزق وحدتها ويضعف قدرتها ويكشف مواطن ضعفها.

ولطالما اعطت التجربة التاريخية، ناهيك عن الاختبارات العقلية والمنطقية، الدروس وقدمت النتائج المترتبة عن كافة الاحتمالات: فالغرب الاستعماري لم يكن، في اي مرة، أمينا على امر او شعار او هدف باستثناء مصالحه المادية، ومصالحه السياسية التي تؤبد هيمنته او تمكن سيطرته واستعباده للشعوب الاخرى.

وليس بعيدا عنا ما جرى للمسيحيين خصوصا في هذا الشرق في العقود القليلة الماضية، في ظل الحماية والاحتلال المباشر في لبنان وفلسطين المحتلة والعراق، وأخيرا في سوريا، تحت سمع وبصر بل بيد هذا الغرب واداته الصهيونية.

ان هذه الزيارة ستزيد من غربة المسيحيين في بيئتهم، وتعمق من الهوة بينهم وبين شعوب المنطقة.. وبالتالي فهي ستزيدهم ضعفا وتمزقا وترهلا، مما سيوفر الفرصة الافضل لاستقطابهم وتهميشهم وإضعاف تأثيرهم في الحياة العامة للأمة ودول المنطقة...

ذلك لأنها اي هذه الزيارة التي يزمع غبطة البطريرك القيام بها، لا تتواءم مع ايقاع الشعوب العربية والاسلامية، وتسير بعكس ارادة ومصلحة شعوب المنطقة، وهي صادمة لمشاعر وضمير العرب والمسلمين جميعا..

وعلينا ألا ننخدع مجددا بوهم الانقسام السياسي الراهن حول القضية الفلسطينية، وان لا نراهن كثيرا على محاولات بعض العوائل الحاكمة والانظمة البوليسية لايهام الناس بأن امكانية التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب باتت قائمة، وان الصراع بين دعاة التسوية الاستسلامية والمتمسكين بالحقوق المشروعة، هو مجرد صراع سياسي بين وجهتي نظر!! كلا.. انه جوهر الصراع بين القوى الوطنية والتحررية العربية والاسلامية وبين الاحتلال الصهيوني المدعوم من الامبريالية والرجعية العربية، وما زال اي تعامل مع اسرائيل خيانة سياسية عطفا عن كونه جريمة أخلاقية وخطيئة دينية.

وان هذه الزيارة، بالرغم من حرص غبطة البطريرك على الترفع عن التعامل بأي شكل مع الاحتلال وادواته، ستفتح الباب امام الكيان الصهيوني لاستغلالها دوليا، لتلميع صورته البشعة، كما قد يستغلها ضعاف النفوس والعملاء لتبرير انفتاحهم على العدو.

لن ندعي حرصا على المسيحيين اكثر من غبطة البطريرك وزعماء الطائفة الا اننا نشعر في التحليل السياسي ان هذه الزيارة غير المبررة أصلا، لا تصب ابدا في مصلحة المسيحيين لا على المدى القريب ولا البعيد، وان المراهنة على اللعب على التناقضات المذهبية مراهنة خاسرة.

ان مصلحة المسيحيين الحقيقية ان يحسموا خيارهم كما كانوا في غالبيتهم دائما الى جانب الانتماء الى هذا الشرق الجميل بتنوعه وتعدد منابع حضارته، والذي يتساوى فيه المواطنون في حق المواطنة في ظل القيم المشتركة، وما كان مختلفا بينهم يبقى شأنا خاصا يمارسونه بكرامة وحرية.

الغرب ليس شريكا لنا في ارضنا وثرواتنا وثقافتنا، ومحاولة البعض الموازنة بين انتماءاتهم الحضارية المتعددة، بين الشرق والغرب، هي الباب الاول للتغريب والانعزال الذي لم يجر على اصحابه الا الويلات والمزيد من العزلة.

لقد تأملنا خيرا مع بداية عهد غبطة البطريرك وشعاراته في المحبة والشركة، والتأكيد على ان البطريركية مشرقية الهوى والتاريخ والانتماء، وموقفه من الاسلام وانتقاده التطرف والاصولية التكفيرية باعتبارها خطرا على الاسلام والمسيحية في آن.. الا اننا صدمنا باصراره على اتمام الزيارة الى القدس المحتلة في وقت يجري فيه تدمير المنطقة بالربيع العربي، لانقاذ المشروع الصهيوني من الصحوة الاسلامية والقومية الجديدة، وفي وقت يتغول فيه الاحتلال على تهويد القدس وكل فلسطين المقدسة، وينتهك حقوق اهلها، مسلمين ومسيحيين على السواء، بشكل سافر وفج، في اسوأ مأساة عنصرية يتعرض لها شعب في التاريخ.. ونعتبر ان هذه الزيارة خطأ لا يصب في مصلحة السلام ولا في مصلحة الشعب الفلسطيني ومقدساته المسيحية والاسلامية، ولا يعزز مكانة ووجود المسيحيين في الشرق.

ان قوة المسيحيين هي في انسجامهم وتوافقهم مع محيطهم الاسلامي وانتمائهم الى هذا الشرق، هموما وقضايا ومصيرا.. وليس غير ذلك على الاطلاق، تماما كما هي مصلحة المسلمين في الاعتدال والوسطية وتقبل الاخر والحفاظ على التنوع والتعدد الاثني والعرقي والديني في بلادهم.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا