<%@ Language=JavaScript %> يحيى حرب كفوا عن الفسبكة العبثية!..

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

كفوا عن الفسبكة العبثية!..

 

 

يحيى حرب

 

بحسب الصحف الاميركية فإن روسيا خطت خطوة متقدمة باتجاه تقييد وضبط نشاط رواد الانترنت عبر الفيسبوك خصوصا، بعد ان وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونا جديدا يفرض على الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي ان يسجلوا عناوينهم لدى الجهات الرسمية قبل فتح حساباتهم الشخصية.

هذا الامر اعتبره رواد الانترنت وناشطون سياسيون موالون للغرب بأنه يمنح السلطات الحكومية القدرة على معرفة مصادر اي معلومة تنشر عبر الانترنت.

وكان اول المبادرين لتسجيل صفحته حسب القانون الجديد هو الرئيس بوتين نفسه الذي سبق ان وصف الانترنت بأنه مشروع السي آي ايه الخاص.

والمسألة لا تحتاج الى كثير من الجدل والديماغوجيا، ولا الى الصياح دفاعا عن الحرية المنزوعة من ابعادها القيمية والاخلاقية، والتهديد بالويل والثبور وعظائم الامور.

وقبل الدخول في نقاش الذرائع الاميركية المتحمسة للحريات، الاقتصادية والسياسية والدينية و... والاعلامية، نريد ان نثبت الحقائق التالية:

-        كل الدول التي واجهت ازمات اجتماعية او اقتصادية بادرت أولا لفرض نوع من القيود والرقابة على الانترنت، ما يؤشر الا ان هذا الباب هو اهم مصادر اشاعة الفوضى والاضطراب، بصرف النظر عن نوع النظام وهدف الحراك سواء كان تقدميا او تخريبيا.

-        ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية أكثر الدول مراقبة لما يجري على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي كانت تعلم ان المنظمات الارهابية تستفيد من هذه التقنية فجعلت منها فخا لاصطياد الخلايا الارهابية والايقاع بها، وقد حدث ذلك بالفعل في عشرات الوقائع الحقيقية.

-        ان كلا منا يعرف ان من يعيشون في الدول المتقدمة هم عبارة عن كتاب مفتوح امام المخابرات في البلد اولا والمخابرات الاميركية الأم ثانيا، من خلال اكثر من ثلاثمئة صورة تلتقط للفرد كل يوم، ومن خلال القدرة على معرفة تفاصيل حساباته المالية لحظة بلحظة، والتنصت على كل كلمة يقولها او يكتبها.  

-        ان الغرب الذي يدعي الحرص على الحريات اثبت في اكثر من حالة نفاقه الصريح في هذا المجال، فمعايير الحرية ورد الفعل على قمعها ليست واحدة في كل الحالات، ومثال ذلك موقف السلطات الاميركية والبريطانية خصوصا من القمع الدموي او قمع الحريات في دول "صديق" كالسعودية والبحرين وباكستان وتركيا، وهو ما توثقه صراحة وبكل اسف منظمات حقوقية ولجان برلمانية غربية.. الا ان الحكومات تتغاضى عنه لاسباب سياسية او تجارية.

نخلص من كل ذلك الى ان ما قاله الرئيس بوتين هو الحقيقة التي لا مراء فيها، وهي ان الانترنت هو في الاساس مشروع استخباري تجسسي، تستهدف منه الامبريالية الاميركية احكام قبضتها على افكار ومشاعر واتجاهات الرأي العام في الدول الاخرى، الصديقة والعدوة على السواء.

ان هذا المنجم المجاني من المعلومات، يستحق ان تستثمر فيه الدوائر الغربية والصهيونية المعنية برصد حركات الشعوب والتأثير فيها، مليارات الدولارات وصفوة الكفاءات الفكرية والتقنيات العلمية، وهو مع داتا المعلومات التي تتحكم فيها بطرق مختلفة، من خلال ربط الاتصالات اللاسلكية بمركز عالمي في نيويورك عبر الاقمار الصناعية، او بفرض اتفاقيات وقوانين ملزمة للدول الاخرى بتسليم داتا المعلومات للاتصالات الارضية السلكية التي يصعب التجسس عليها بالوسائل التقنية المعروفة.. وهذان المصدران باتا من اهم اسلحة الحرب الناعمة التي تشنها واشنطن لتطويع الشعوب المتمردة واعادتها الى بيت الطاعة.

ان لعبة التجسس القذرة لم تعد رجما في الغيب او من باب التكهن، بعد الفضائح الاخيرة التي نشرتها الصحف الغربية قبل بضعة اشهر، وما كشفه عميل المخابرات الاميركية ادوارد سنودن من قيام المخابرات الاميركية بكافة فروعها، بالتجسس على مليارات المواطنين في العالم، ومن بينهم مئات الملايين في فرنسا والمانيا وبريطانيا، بمن فيهم رؤساء الدول والحكومات والقيادات العسكرية في الدول الصديقة.. والكل يذكر ردود الفعل الغاضبة من المستشارة الالمانية ميركل وغيرها من المسؤولين والتي تحولت الى مجرد زوبعة في فنجان ومسرحية سيئة الاخراج لامتصاص الغضب الشعبي.

ان كل كلمة تقال او تكتب عبر الفضاء الافتراضي ستصل حتما الى اجهزة المخابرات الاميركية والصهيونية، بل ان كل معلومة تصلنا عبر هذا الفضاء تستبطن هدفا قريبا او بعيدا تريده تلك الاجهزة المخابراتية.. ولا نحتاج الى التذكير بأن هذه المنظمات ليست مؤسسات خيرية على الاطلاق بل هي اجهزة تعمل لخدمة استراتيجيات امبريالية كونية.

لذلك فإن الدول التي تحترم سيادتها لا تعبأ بالتهريج الاميركي والصهيوني بل تعمل على ضبط وتقنين هذه الوسائل كي لا يكون منافذ او ممرات لمخططات الاجهزة التي تتحكم بها.

وربما لم يكن من الصدفة ان تخوض الصين اكبر المعارك من غوغل واليوتيوب والفيسبوك لحماية مجتمعها واقتصادها، وقد استبدلت كل هذه الادوات بتقنيات مشابهة لا تمر عبر القنوات الاميركية.. بل انه ربما لم يكن من قبيل الصدفة ان تشن واشنطن وخارجيتها ورئاستها اعنف الحملات الاعلامية على الصين من اجل فتح فضائها للقنوات الاميركية.. وبالتأكيد فإن حب واشنطن لرفع القيود ليس عذريا بل هو تعبير عن مدى حاجتها لهذه الادوات في حربها المفتوحة مع الصين وغيرها من الدول في اطار تثبيت العالم احادي القطبية.

ماذا نفعل حيال ذلك؟ ألا يخشى ان تعود روسيا وغيرها من الدول الى النهج القمعي الخانق للحريات الفردية والمتحكم بالشعوب؟ وهل هذا النقد يعني القبول بإغلاق الابواب والنوافذ والعزلة عن العالم؟!

كلا طبعا.. والخوف مشروع فهذه المقدمات قد تكون ذريعة للديكتاتوريات لاعادة تلميع نهجها القمعي، والعودة الى سياسة التحكم بوسائل الاعلام واجهاض المكاسب الشعبية بهوامش الحرية والحق في التعبير والوصول الى مصادر المعلومة والحقيقة.

وهذا الاحتمال كنقيضه تماما وكما هي الحرية المفرغة من قيمها الوطنية والدينية والاخلاقية التي شكلت ذريعة للقوى الامبريالية والشيطانية لتنفذ منها الى مجتمعاتنا بهدف زراعة الشك والقلق والنزاع، واضعاف المناعة الوطنية.

ان التكنولوجيا الحديثة هي وسيلة نحن المعنيون بحسن استخدامها ووضعها في المكان المناسب، وسلاح يمكن ان يكون لنيل الحقوق كما يمكن ان يتحول الى اداة للجريمة، وهي كالمرآة اذا نظرنا اليها ولم تعجبنا صورتنا لا يعني ان نكسرها، بل هو حافز لنا لنحسن صورتنا ونتنبه الى نقاط ضعفنا.

واذا كان من حقنا ان نشكك في اي خطوة تقدم عليها انظمة دكتاتورية معادية للحريات، فإن هذا الميل يجب الا يجرفنا الى مستنقع ينتظرنا فيه ما هو اسوأ من الديكتاتورية، بين براثن الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية التي تتربص بالعالم الدوائر ولا تكف عن العمل لكسر ارادة الشعوب وتحويلها الى وقود لالتها الوحشية العالمية.

ومن هنا فإن البديل هو الوعي الوطني الملتزم مصالح الامة والشعوب، والحذر من ان تتحول صراعاتنا وخلافاتنا الى سلاح ينحرنا به عدونا المشترك، الحليف الطبيعي للدكتاتورية والقمع والفقر والحرمان.

ان الحرية هي امل الشعوب فلا تصدقوا ان الطامع بثرواتكم والمحتل لأرضكم يريدها لكم. 

                          

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا