<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

في الاول من ايار/ مايو *

 

 

د. كاظم الموسوي

 

في الاول من ايار دخلت السجن الرسمي

وسجلني الضباط الملكيون شيوعيا،

حوكمت كما يلزم في تلك الايام -  وكان

قميصي اسود، ذا ربطة عنق صفراء،

خرجت من القاعة تتبعني صفعات

الحراس، وسخرية الحاكم، لي امرأة

اعشقها وكتاب من ورق النخل، قرأت

 به الاسماء الاولى، شاهدت مراكز توقيف

يملؤها القمل، وأخرى يملؤها الرمل

وأخرى فارغة إلا من وجهي.

" يوم انتهينا الى السجن الذي ما انتهى

وصيت نفسي وقلت المشتهى ما انتهى

يا واصل الاهل خبرهم وقل ما انتهى

الليل بتنا هنا والصبح في بغداد"

 

سعدي يوسف

 

 

مللت من الروتين اليومي والحياة الرتيبة في المقر، هناك مفارز كثيرة تمر على فصيلنا، وتتحرك باتجاه الداخل والمقرات الاخرى، رغبت فعلا بالنزول معها وزيارة الفصائل واللقاء مع الانصار مباشرة ومعرفة ظروفهم وأحوالهم وجها لوجه. اخبرت الرفاق بذلك، وكالعادة لا يقرر احد منهم إلا بعد ان تهزه كنخلة في الجبال، حضرت نفسي مع قافلة كبيرة، فيها معدات وأسلحة ومواد تموينية وبريد حزبي، فاغتنمت الفرصة وانطلقت معها. الدليل فيها رفيق عربي اعرفه جيدا وكذلك بعض الانصار من حمايتها ايضا. وحين نمر ببعض المقرات، نستقبل بحفاوة ونتبادل كما هو معتاد بالضيافة اللازمة وهموم المكان وأوجاع الانتظار او المكوث الطويل. ادرت في بعضها جلسات حوار مفتوح ونقاش حر، وسمعت اراءا وملاحظات كثيرة عن طبيعة العمل الانصاري وعن العلاقات الحزبية والأنصارية والجبهوية، وتساؤلات غير قليلة عن مستقبل العمل والكفاح في اعالي الجبال وعلى الشريط الحدودي دون توجهات واضحة لما بعد. بعض بيانات المكتب العسكري تتحدث عن عمليات انصارية وقتالية وقتل جنود وغنم اسلحة ومعدات، ولكن بعد تجربة انتفاضة عام 1982 في مدن كردستان القريبة من الحدود وتحررها من اجهزة الدولة تقريبا وسيطرة سكانها وقوات البيشمركة والأنصار على ممتلكات المؤسسات الحكومية لم يدم ذلك طويلا، ولم يسعد السكان بما انجزوه، فميزان القوى ليس في صالحهم في كل الاحوال.  سجلت معظم ما سمعت وما انتهى اليه السجال وحين عدت بعد اسابيع قدمت رسالة الى المكتب السياسي لخصت فيها "مشاهداتي الصحفية". شكرني عليها ولكن يبدو ان اغلب اعضائه لا يعرف عن مثل ما قمت به، وقد لا يرتاح له، أو يحسبه في افضل الحالات امر غير مرض او تصرف فردي غير حزبي، فهم لا يقرأون ما يصل لهم عما يجري إلا عبر محاضر الهيئات الحزبية والرد عليها حزبيا بضرورة التريث والمعالجة المؤقتة وانتظار الفرج. انتهى شهر اذار في تلك الجولة " السياحية لي"،  ونسيت ذكر مشاركاتي في احتفالاتنا بعيد الحزب نهاية اذار، حيث كانت اغلب الفصائل تهيئ ما يناسب من كلمات وفعاليات، وهيئة التحرير اتمت عددا خاصا من الجريدة وتوزعت بزيارات بين الفصائل والأحزاب والقرى، مناسبة وطنية ولابد من ابرازها بما يليق بها، وأنجزناها بكل نجاح وقدرة معروفة عند الشيوعيين في هذه الحالات. وجاءنا نيسان، ومنذ اوله فكرنا بعيد العمال، وضرورة التحضير له مبكرا، والاهتمام به بما يميزنا ويربطنا به والطبقة العاملة والقوى السياسية المجاورة لنا والقريبة منا، وقد يكون وسيلة مشتركة ايضا.

صباح هذا اليوم كان المفروض ان اكون خفرا، ولكني لم اكن مستعدا نفسيا، لذلك، لم احضر الحطب اليابس ولم التق بالإداري لمعرفة العدد والكميات المطلوبة وكيفية تجهيزها، ورغم ذلك وجدت نفسي مسرعا لأداء الواجب، والصراع مع الزمن، فأكثر اعضاء الفصيل لا يقدر كثيرا التباطؤ والتكاسل في اعداد وجبات الطعام، وبشكل كامل دون نواقص في الكميات والأعداد ونظافة المكان والصحون وغيرها من المستلزمات الروتينية العادية لمثل هذا الواجب الدوري لكل الرفاق الموجودين في الفصيل، طبعا القادرين منهم، وغير المصابين بداء النقرس!!.

مساءا شعرت بتعب وخاصة في عينيّ اللتين شبعتا من الدخان الذي لم يرحمهما ولم يساعدني في سرعة الطهي والانجاز، ولكن مساعدات بعض الرفاق والرفيقات في استكمال الاعمال اليومية للخفر سهل بعض الشيء ووفر الامور بشكل اعتيادي، كما هو كل يوم يمر، وكل خفارة لكل رفيق منا.

في الغرفة كالعادة تدور النقاشات حول الاعمال والبرامج والنشاطات الحزبية والإعلامية وحتى بعض الاخبار عن العمليات العسكرية وما يجري هناك. من بين ما اتفقنا عليه تشكيل لجنة مثل اللجنة التي اعدت لاحتفال عيد الحزب لاحتفالات عيد العمال ومشاركة كل الاطراف السياسية الاخرى المتواجدة بالقرب من مقراتنا ووضع خطوات لتعميمها لكل المواقع والمقرات لإبراز الاحتفال بعيد الطبقة الحاملة، كما يلفظها بعض الاخوة من اكراد اربيل، حيث يغيرون حرف العين الى حاء، دون قصد طبعا.

بعد افطار اليوم التالي اجتمعت اللجنة، وأنا عضو فيها، ووضعت مقترحاتها ووضع برنامج حافل، متنوّع ومنوّع، يشمل احتفالا سياسيا، خطبا سياسية، واحتفالا ثقافيا مصاحبا، قراءات شعرية ومشاهد مسرحية وفرق فنية غنائية، وباللغتين العربية والكردية، وتحضير موقع الاحتفال وكيفية تزيينه بالشعارات واللافتات المناسبة، ومشاركة الفنانين التشكيليين في معرض لهم مع صور فوتوغرافية لشهداء الطبقة العاملة العراقية. وأخذت الامور تجري بسرعة بين الفصائل والتشكيلات المتنوعة، ووضع حسابات الاعداد وتكاليفها وتوفير المستلزمات لها ماديا ومعنويا، والعمل بكل الجهود لها من كل الرفاق والفصائل المشتركة في المقر وما جاوره، وهكذا التحركات تتسابق مع الزمن في مثل هذه المهمات.

(قال صاحبي: الاول من ايار في عواصم البلدان الاشتراكية خصوصا عيد اممي ووطني، ومهرجانات كبيرة وضخمة بكل المعاني، والتظاهرات والمسيرات تعمها اضافة الى صور الفرح والابتهاج التي تغطي الوجوه، والشوارع والساحات والمطاعم والبارات وحتى الحدائق والأسواق الكبيرة. فاليوم اضافة الى انه عطلة رسمية لكنه محفز لأعمال اكبر او اخرى لا تختلف عن غيرها بالنسبة للأفراد والجماعات، وفي الساحات المركزية للاحتفالات تلتقي بوجوه قيادات الاحزاب والنقابات العمالية وتسمع اناشيدا واغان بروليتارية وأمورا كثيرة تتناسب مع اليوم والعيد والاحتفال والعاصمة او المدينة التي تقوم بذلك. في احداها قرأت قصيدة الشاعر سعدي يوسف في تلك الايام، عن الاول من ايار في احتفال حزبي وكانت القصيدة اهم ما فيه معنى واهتماما من الحضور بعد حلوى العيد).

 

كاظم الموسوي

 

* فصل رقم 52 من كتاب: بشت آشان.. فصيل الاعلام، يوميات نصير في كردستان، صدر عن دار خطوات/ دمشق، ط1،2007. الفصل الذي يليه بداية قصة ما حدث في بشت آشان، مجزرة 1983...!. وصدر الجزء الاول من اليوميات، بعنوان، الجبال، عن دار الكنوز الادبية، بيروت، ط1، 1996.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا