<%@ Language=JavaScript %> د. بهيج سكاكيني العدوان الصهيوني على غزة يأتي ضمن إطار الهجمة على المنطقة ككل

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

العدوان الصهيوني على غزة يأتي ضمن إطار الهجمة على المنطقة ككل

 

د. بهيج سكاكيني

 

ما زال العدوان الصهيوني المسعور على قطاع غزة مستمرا لليوم الرابع، وما زالت الطبقة والقيادة السياسية والعسكرية في الكيان النازي بكل المقاييس تتبارى وتتسابق في المزايدات وتصعد من تهديداتها، وتهدد باجتياح بري لقطاع غزة، في حالة استمرار سقوط وابل صواريخ المقاومة الفلسطينية الباسلة على كامل التراب الفلسطيني المحتل من القدس الى "تل ابيب" الى الخضيرة الى حيفا الى ديمونة الى أشدود وعسقلان وايلات. صواريخ المقاومة باتت تطال أي تجمع صهيوني على كل بقعة من الوطن المحتل، وهذا ما سبب اختلال عقلي وجنون في المنظومة السياسية والأمنية والاستخباراتية الصهيونية بكاملها، واوجد حالة من الارتباك كما هو واضح من الضربات العشوائية لسلاح الطيران والبحرية والبرية التي أصبحت تقصف بيوت المدنيين على رؤوس ساكنيها، على امل ان تقتل قياديا هنا او هناك أو ان تصيب منصة صواريخ هنا او هناك. ومع شحة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لدى العدو الصهيوني يزداد جنون القيادة السياسية والعسكرية، لعلمها المسبق بطبيعة خسائرها البشرية والمادية على الاقل فيما إذا قررت دخول القطاع بريا.

لا بد لنا من الإشارة والتأكيد هنا على ان الهجمة والعدوان الشرس والهمجي على قطاع غزة المحاصر يأتي ضمن مسلسل الهجمة الأميركية والغربية على كل المنطقة، وعلى انه يندرج ضمن منظومة استراتيجية مرتبطة عضويا بهذه الاستراتيجية التي تسعى جاهدة لتقسيم المنطقة الى كانتونات طائفية وعرقية متنازعة ومتحاربة فيما بينها لإحكام السيطرة على المنطقة. وهو مخطط قديم جديد روج له عتاولة وكبار السياسيين الأمريكيين المخضرمين أمثال كيسنجر وبريجنسكي وشلة المحافظين الجدد وجوقة من أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ أمثال جون ماكين وغيره ، وذلك لضمان أمن الكيان الصهيوني وتفوقه في المنطقة الى جانب الاستمرار في نهب ثروات المنطقة وخاصة مصادر الطاقة وضمان تدفقها الى الأسواق العالمية بأسعار مناسبة للشركات الاحتكارية العملاقة العابرة للحدود والقارات ضمن نظام العولمة الجديد الأكثر قدرة وكفاءة في امتصاص دم الشعوب وخيراتها. الكيان الصهيوني يؤكد من خلال عدوانيته وهمجيته دوره الوظيفي الذي من اجله زرع في منطقتنا كبؤرة سرطانية خبيثة، ويشاطره في هذا الدور الوظيفي حفنة من أشباه الرجال في بعض الدول الخليجية الذين خصص دورهم بدفع الفواتير لكل تآمر وعدوان ومحاولات تمزيق وشرذمة دول المنطقة ضمن المخططات والاستراتيجية الأميركية. أي تحليل في تقديرنا يجب أن ينطلق من هذا الفهم وخاصة إذا ما أردنا ان نسقط هذا المشروع، وخاصة وان هنالك ما زالت أصوات فلسطينية تأخذ ما أطلق عليه في لبنان زورا وبهتانا "سياسة النأي بالنفس". الاستقطاب السياسي العميق والحاد الغير مسبوق والعلني التي تشهده المنطقة لا تتيح لأي انسان لأن يجلس على السور دون موقف او تردد.

الحكومة الإسرائيلية أرادت أن تستثمر اختطاف الثلاثة جنود وقتلهم وتوظفه في حملة مسعورة للقضاء على المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة. نقول استثمار لهذه الحادثة لان الأجهزة الأمنية الاسرائيلية علمت منذ اليوم الأول ان الجنود المختطفين قد تم تصفيتهم كما تبين من الشريط المسجل للمكالمة التليفونية التي تمكن أحد الجنود المخطوفين من اجراءها يطلب الإغاثة، وبه سمع في الخلفية إطلاق رصاصات. كما وأن الشابين التي تتهمهم إسرائيل بالخطف والقتل كانوا أيضا قد عرفوا منذ اليوم الأول. ولكن الحكومة الإسرائيلية وبالتحديد نتنياهو والاجهزة الأمنية أصدرت الأوامر المشددة بعدم تناول أية معلومات أو الحديث عن الواقعة في الصحف او التلفزيونات، واوحت للأهالي بان ابناءهم ما زالوا على قيد الحياة. ولقد قامت الحكومة الإسرائيلية باستخدام وسائل الاعلام لحشد الجمهور اليهودي وتعبئته لدعم الحكومة التي اتخذت إجراءات تعسفية وهمجية واتبعت سياسة البطش والقمع على كافة الأراضي المحتلة عام 1967 وقامت باعتقال المئات من النشطاء، والسجناء المحررين وقيادات من حماس وغيرهم، لتفريغ الضفة من القيادات التي يمكنها ان تلعب دورا في أي انتفاضة قادمة، ولقد كانت كثير من التحليلات الإسرائيلية تشير الى إمكانية حصول انتفاضة ثالثة. وبالإضافة الى ذلك ارادت إسرائيل من وراء حملات الاعتقالات المكثفة ضرب اية إمكانية لاستكمال المصالحة الفلسطينية التي ما زالت مبتورة وعرجاء. هذا الى جانب فصل غزة عن الضفة في أي مشروع تسوية تفرضه باجندتها.

بعد حملات الاعتقالات المكثفة التي قامت بها إسرائيل في الضفة، وتعبئة الشارع اليهودي ضد حماس بالإضافة الى الحملات المسعورة العنصرية التي أطلقها النازيون الجدد من قطعان المستوطنين وعناصر من الطبقة السياسية في الكيان الصهيوني، التي صعدت من خطابها السياسي التحريضي العنصري ضد العرب، بات الطريق ممهدا امام الحكومة الإسرائيلية لشن العدوان العسكري المبيت على قطاع غزة والتدرج بتصعيد الهجمة المجنونة. وعلى الرغم من عدم وضع اهداف محددة معلنة لهذه الحملة المسعورة ومدتها الزمنية، الا أن التصريحات من هنا وهنالك تشير الى أن الهدف الرئيسي هو ضرب البنية التحتية للمقاومة والحد من امكانياتها العسكرية وقدرتها السياسية، بالإضافة الى تقويض مسار المصالحة الوطنية ووضع العراقيل أما حكومة الوفاق الوطني والانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع اجراءها. والحملة العسكرية تشن أيضا لحسابات داخلية إسرائيلية لإرضاء اليمين المتطرف والمستوطنين ومحاولة لإنقاذ حكومة نتنياهو المتهالكة على أثر فك الشراكة والارتباط بينه وبين وزير خارجيته ليبرمان على خلفية رد الفعل تجاه حماس، حيث نادى ليبرمان باجتياح غزة منذ البداية وعدم ابرام أي تفاهم لوقف إطلاق النار.

الغطاء الأميركي والاوروبي لهذا العدوان الذي يتضح من خلال التصريحات الرسمية وخاصة من قبل الإدارة الأميركية كما جاء على لسان وزير خارجيتها من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها منذ البداية، بالإضافة الى الدعم الألماني لإسرائيل حيث ادانة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل دون تحفظ اطلاق الصواريخ وتبعتها فرنسا معبرة عن نفس الموقف،   يدلل بوضوح أن هذه الحرب انما تشن ضمن الإطار والاهداف الاوسع والاشمل بمعنى محاولة القضاء على أحد حلقات محور المقاومة في المنطقة، التي اعتقد الكيان الصهيوني وأجهزة استخباراته ان القطاع يمثل الحلقة الأضعف وخاصة ضمن ما يجري في المنطقة والخلاف ما بين القيادة السياسية لحماس وسوريا. ومما يزيد من شراسة العدوان ويشجعه على التمادي في غيه هو هذا الصمت العربي وخاصة للنظام الرسمي العربي الذي يتصرف بشكل خجول ومخزي ومعيب ولا يرقى مطلقا الى ضخامة الحدث، هذا اذا لم نقل ان هنالك تواطىء فاضح من قبل بعض الأنظمة التي باتت جهارة لا تعتبر ان إسرائيل لم تعد العدو وذهبت الى حرف بوصلة الصراع والتآمر مع الكيان الصهيوني على قضايا الامة العربية وتدمير مقدراتها كما يحدث الان في سوريا والعراق وليبيا والسودان واليمن ولبنان على سبيل المثال. وكلمة نوجهها للرئيس السيسي في مصر والحكومة المصرية في هذه المناسبة، ان خلافكم مع الاخوان المسلمين لا يجب أن ينعكس على التعامل مع القضية الفلسطينية ومعاقبة سكان قطاع غزة والتضييق عليهم حتى بأعداد الجرحى الذين يمرون من خلال معبر رفح الذي يفتح في المناسبات لساعات فقط، وعار على بعض الكتاب والصحفيين المصريين أن يشمتوا على يدور بغزة، ويشدوا على ايدي السفاح نتنياهو لمزيد من العدوان على غزة. وللرئيس المصري نقول إذا كان الخليج العربي جزءا لا يتجزأ من الامن القومي المصري وهو البعيد جغرافيا، فماذا تقول على هذا القطاع المحاصر بحرا وجوا وبرا وملاصقا لحدودكم ويتعرض لهجمة همجية إرهابية بكل المقاييس؟

في النهاية نود أن نؤكد أن البيانات والادانات الخجولة والاجتماعات لم تعد تكفي، وأن على السلطة الفلسطينية أن تتحمل مسؤوليتها بشكل أكبر وجدي. نعم ان التحرك على مجلس الامن والطلب منه تحمل مسؤولياته تجاه ذبح وقصف وقتل المدنيين واجب، ولكن الأهم هو الذهاب ودون تردد وعدم الاكتفاء بالتهديد الى محكمة الجنايات الدولية لمعاقبة المجرمين الصهاينة وملاحقتهم على جرائمهم الماضية والحاضرة. وأن عليها ان تدرك أن العدوان على غزة انما يأتي ضمن الهجمة على المنطقة ككل وانه يشكل حلقة في هذا المسلسل الدموي والارهابي الذي يريد ان يفتت المنطقة وينهي القضية الفلسطينية. نقول هذا حتى ندرك من هو الصديق ومن هو العدو، ولرسم صورة التحالفات. نحن معنيون أكثر من أي وقت مضى لفهم هذه الحقيقة والتصرف على أساسها، والا بقينا ندور في الفلك الأميركي والمتآمرين من العربان، والرهان على السراب الذي أسمه المفاوضات العبثية.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا