%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
حتى لا تضيع الهبة الشعبية الفلسطينية هباء
د. بهيج سكاكيني
شهدت الأراضي الفلسطينية في القدس وغزة وداخل ال48 هبة شعبية على أثر اختطاف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير حيا، ومن ثم امتدت هذه الهبة الى مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة وخاصة بعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة والمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال وما زال. ولقد تحولت شوارع العديد من المدن الى ساحات حرب بين الشباب وجنود وشرطة الاحتلال الصهيوني. كما تكونت لجان الحماية الشعبية للتصدي لقطعان المستوطنين الذين ما زالوا يحاولون اختطاف فتية من عدة مناطق في الضفة والقدس ويعتدون على القرى الفلسطينية. الحالة السائدة تشبه الى حد كبير مظاهر التي سبقت الانتفاضة الأولى عام 1987. ولكن الاختلاف الجوهري ما بين الهبة الشعبية هذه والانتفاضة هو أولا غياب القيادة الميدانية الموحدة في هذه المرحلة للهبة الشعبية التي نشهدها الان في الضفة الغربية على وجه التحديد، بما فيها القدس حيث دارت وتدور مجابهات عنيفة من قبل الشباب الغاضب مع الجيش والقوات الأمنية للاحتلال. وثانيا وجود الانقسام في الشارع الفلسطيني وخاصة ما بين تنظيم فتح وحماس وهما تنظيمين لهما النصيب الأكبر ربما في التأثير على الشارع الفلسطيني وتحريكه. نقول هذا ليس للتقليل من فعل ووزن وتأثير الفصائل الفلسطينية الاخرى التي لها التاريخ المشرف في النضال والمقاومة الفلسطينية والتي ما زالت تعمل بكفاءة وجهوزية في هذا المضمار، بل لنؤكد أن عملية تطوير الهبة الشعبية ورقيها الى انتفاضة تؤرق العدو الصهيوني وتجعل كلفة الاحتلال باهظة الثمن على المستوى السياسي والعسكري، والإعلامي، والاقتصادي، يتطلب عملا وحدويا ينبثق منه قيادة جماعية ميدانية ذات استراتيجية واضحة تستطيع من خلالها قيادة الجماهير وتأطير نشاطاتها كما كان الحال في الانتفاضة الأولى.
لا شك فيه ان كل من قوات الاحتلال الصهيوني والسلطة الفلسطينية تدركان جيدا أنه إذا ما تركت الأمور على ما هي فان هنالك فرصة لنشؤ قيادة ميدانية من رحم هذه التحركات والهبات الشعبية، ولذلك عمد كل منهما وربما بطرق مختلفة للحد من هذه الفرصة. فقد قامت قوات الاحتلال باعتقال نشطاء فلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس وقد وصلت اعداد المعتقلين بالمئات، وما زالت حملات الاعتقال مستمرة للان. أما في أراضي ال48 فقد اعتقلت أجهزة الامن الإسرائيلية ما يقرب من 170 شخصا للان. بالإضافة الى ذلك حاول مجرم قانا بيرس أن يقوم بزيارة لتعزية ال خضير والاعتذار عن الجريمة النكراء التي ارتكبها المستوطنين بحق ابنهم الطفل محمد، وذلك في محاولة بائسة ويائسة لتهدئة الأوضاع، ولتبيان ان الطبقة السياسية في الكيان الصهيوني ضد هذه الأفعال اللاإنسانية والمتوحشة، وقد رفض ال خضير استقباله، وعلى أثرها قامت قوات الاحتلال بإطلاق القنابل المسيلة للدموع على خيمة العزاء.
أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية فقد بينت الاحداث وبشكل لا يقبل الشك أن هنالك فجوة كبيرة بين الشارع الفلسطيني والسلطة التي التزمت الصمت على ما يدور، ولم تتحرك بالشكل الجدي والمسؤول تجاه الاحداث وقمع قوات الاحتلال للهبة الشعبية وحتى تجاه العدوان الفاشي على غزة، وكأن الامر لا يعنيها أكثر مما يعني مدغشقر التي ربما اكتفت بإصدار بيان ادانة والطلب من المجتمع الدولي للتحرك لوقف العدوان. ليس هذا فحسب بل أن أجهزة الامن الفلسطيني قامت بقمع تحركات في الخليل وقلقيلية على الأقل على حسب ما ورد من بعض وسائل الاعلام الفلسطينية مثل شبكة القدس الاخبارية. وهذا ليس بالأمر الجديد ولا المستغرب، فقد اوجدت ودربت هذه الأجهزة على يد الضابط دايتون الأمريكي لمثل هذه الأغراض، وتقوم أمريكا بالتحديد بدفع الملايين من الدولارات للإبقاء على هذه الأجهزة وجهوزيتها. ولكن المستغرب والمستهجن ذهاب القيادة السياسة الفلسطينية المتنفذة للمشاركة في مثل هذه الظروف للمشاركة في المؤتمر الذي عقد في تل ابيب تحت عنوان "إسرائيل السلام"، بدلا من ان تذهب الى محكمة الجنايات الدولية مباشرة وتطالب بمحاكمة المجرمين من الصهاينة الذين ارتكبوا وما زالوا يرتكبون جرائم ضد الإنسانية والتي ترقى الى جرائم حرب بكل المقاييس الدولية. لا بل وبالإضافة الى ذلك يطلع علينا الرئيس عباس ويمد يده للسلام لمن يقوم بالقصف العشوائي للمدنيين في غزة برا وبحرا وجوا ويتوعد ويهدد باجتياح قطاع غزة بريا. الى جانب ذلك يقوم السيد الرئيس بأرسال عناصر قيادية الى القدس للعمل على تهدئة الأوضاع ومنع تطورها وتدحرجها الى مجابهات يومية مع الاحتلال الصهيوني. ويهدد ويتوعد عناصر من الصف الأول في فتح بطردهم من التنظيم لأنهم وجهوا انتقادات حادة الى سياسته التدميرية والمتساوقة الى حد كبير مع الاحتلال، واصراره على المضي في المباحثات والمفاوضات العبثية والتنسيق الأمني مع الاحتلال.
في النهاية نود أن نؤكد ان عملية تطوير الهبة الجماهيرية في فلسطين المحتلة والوصل بها الى انتفاضة جماهيرية، تستدعي تأطيرها، وتنظيم فعالياتها، وبرامجها، واستراتيجيتها، تحت سقف سياسي بقيادة ميدانية جامعة موحدة، تتمثل بها كل الفصائل الفلسطينية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني، والا فان الهبة ستبقى متقطعة ومشتتة وسرعان ما تخبو وتهدأ، وهو ما تعمل عليه وبنشاط الأجهزة الأمنية للكيان الصهيوني بالتنسيق مع قوى انهزامية ومنتفعة في الساحة الفلسطينية بالإضافة الى قوى إقليمية، ترى في الانتفاضة خطرا عليها وخاصة ضمن في الاحداث التي تجري في منطقتنا.
الدكتور بهيج سكاكيني
09.07.2014
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|