<%@ Language=JavaScript %> د. علي الأسدي  كبح المليشيات الطائفية ... مطلب لا يقبل التأجيل...

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 كبح المليشيات الطائفية ... مطلب لا يقبل التأجيل...

 

 

د. علي الأسدي

 

احتلال الموصل ومدنا أخرى كانت خطة محبوكة بعناية شكلت الخيانة الوطنية فيها دعامتها الرئيسة ، وما يزال الوقت مبكرا لمعرفة أبعادها وسيكون ضروريا اجراء تحقيق محايد ومسئول لكشف الحقيقة كاملة للشعب. ويجب أن لا ننسى أولئك الأبطال من النساء والرجال الذين فضلوا المقاومة والموت على أن تنتهك كرامة الشعب ومقدساته وتربة الوطن في تلعفر وصلاح الدين وسامراء وبيجي والموصل. ونتيجة للوضع الحرج الذي يتعرض له العراق استنجد رئيس الوزراء نوري المالكي بالأمريكيين لتقديم دعم جوي عسكري لوقف تقدم داعش نحو مناطق أخرى.الأمريكيون ليسوا على عجالة من أمرهم كما يبدو والا لقاموا بعمل ما يدل على التزامهم بالاتفاق العسكري المبرم  بين البلدين ، وسنحتاج بعض الوقت لنحكم على مدى احترامهم للاتفاق.

 

وكما نشرت وسائل الاعلام الغربية فان الأمريكيين ينتظرون أن يروا رئيسا جديدا للوزراء يستطيع أن يجمع القوى السياسية الرئيسية في حكومة وحدة وطنية بمشاركة حقيقية من قبل تلك القوى. لكن الناطق باسم رئيس الوزراء علق على الخبر قائلا : أنه ليس لأحد الحق في الطلب من المالكي عدم السعي لولاية ثالثة ، لأنه ملتزم بالدستور وسيقوم باحترامه وتشكيل الحكومة بعد الأول من شهر تموز\ يوليو القادم ، كما رفض فكرة تشكيل حكومة انقاذ وطنية. ومن الضروري التذكير بأن الموقف الأمريكي بخصوص تنحي المالكي قد أعلن عنه بعد اجتماعات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بمسئولين عراقيين في واشنطن هم السادة رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني ورئيس مجلس النواب الاتحادي أسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك وآخرين.

 

زيارة وزير الخارجية جون كيري الأخيرة الى بغداد كان غرضها نقل وجهة نظر الرئيس الأمريكي تلك الى رئيس الوزراء نوري المالكي شخصيا وان لم تكن بصراحة تامة ، بل وفق مقولة " الحليم تكفيه الاشارة ". وكان كيري قد زار قبل ذلك بيروت للاحاطة عن قرب بالحالة العراقية وموقف حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وبالأخص السعودية وتركيا واسرائيل ومصر التي زارها أولا.

 

لكن هناك من يقترح عقد مؤتمر لكافة القوى السياسية لبحث الأزمة السياسية الراهنة ووضع برنامج عمل شامل لمعالجة كافة موضوعات الخلاف بينها بما فيها تشكيل حكومة وحدة وطنية. وستكون مهام حكومة كهذه اخراج العراق من أزمته الراهنة أولا وتنفيذ برنامج للاصلاح السياسي والاقتصادي ثانيا. الأمل المرجو من عقد مثل هذا المؤتمر هو المحافظة على وحدة العراق وتحاشى خطر الانزلاق نحو حرب طائفية وقومية. لكن يظهر ان المالكي وتياره مصران على تشكيل ائتلاف يمكنه من تمرير ولايته الثالثة رغم معارضة القوى السياسية الرئيسية الممثلة بالتحالف الكردستاني وبعض القوى الشيعية والسنية. لكن مثل هذا الاصرار لن يساعد على تعزيز الوحدة الوطنية بل يزيدها تشظيا وهو الخطر الذي يجب على كل المخلصين تجنبه فميزان القوى السياسية قد تغير في غير صالح المالكي وتحالفه.

 

المهمة الملحة اليوم لكل القوى الوطنية الخيرة وجماهير شعبنا بكافة مكوناته الدينية والقومية والطائفية الطيبة والقوى العاملة العراقية الواعية هي تحويل المعركة الطائفية الجارية الآن في العراق الى معركة طبقية ووطنية ضد الفساد والفاسدين والمستغلين بصرف النظر عن أصولهم الطائفية والاثنية. تغيير وجهة الصراع كفيل بدحر القوى الرجعية السوداء داعش وأخواتها وهي كما يعرف العالم مجموعة من القتلة التي تعادي كل الاديان والثقافات والمقدسات. فليس هناك دين يحترف مدعوه قطع الرؤوس واغتصاب النساء والأطفال ، وليس هناك مجتمع واحد في العالم كله يمكن أن يرضى بشريعة تجيز السطو على الممتلكات الخاصة والعامة والحكم على مخالفيهم بالاعدام في الشوارع والساحات بدون قانون ومحاكمة وشهود .

 

 الحكومة العراقية الحالية مدعوة الى اعادة تنظيم وضبط الدعوة للتطوع التي وجهتها المرجعية الشيعية لمقاومة الارهاب الداعشي ، فقد استغل استغلالا خطيرا لاعادة تشكيل مليشيات اجرامية كان المالكي نفسه قد قمعها بشدة عام 2006- 2008 وهو انجاز مهم يذكر له. ان خطر المليشيات يتضاعف في الاحياء الشعبية المختلطة مهددة بانهيار ما تبقى من مشاعر الاخاء السني الشيعي في مجتمعنا ، فعصابات الجريمة تنتهز الدعوة للتطوع لممارسة الابتزاز تجاه فئات المجتمع لبث الرعب في نفوس الناس من كل المكونات بما فيهم الشيعة والسنة والأقليات الدينية. المطلوب من الحكومة الحالية الضرب بيد من حديد على كل من يمارس تلك النشاطات الارهابية القذرة ضد جيرانه وأبناء حيه ومدينته. الدعوة موجهة بالدرجة الأولى للمرجعية الشيعية الموقرة لتتبع الظاهرة والطلب من الحكومة لتشديد العقوبات على ممارسيها لوضع حد لانتهاك الحقوق والحرمات. وأن يجري تشديد الحراسة على الكنائس والجوامع والحسينيات لمنع استهدافها من قبل الأوباش والارهابيين الذين يستغلون الفلتان الأمني للقيام بنشاطاتهم.

 

ان الظاهرة مازالت في بدايتها لكنها اتسعت بما يكفي لتشكل خطر اندلاع مصادمات طائفية الطابع قد تكون سببا لحرب أهلية يصعب السيطرة عليها بعد انفجارها. وتضع على أئمة الجوامع والحسينيات والمعلمين في المدارس المسئولية في توجيه الناس من كل الأعمار والتحذير من مخاطر الاستفزازات التي يفتعلها الجهلة والأوباش ممن لا يشعرون بالمسئولية الأدبية والأخلاقية والدينية. السنين العشرة الماضية أثبتت أن العصبية القبلية والطائفية والتعصب الديني ليس فقط لا تحل مشاكل العراق الاقتصادية والاجتماعية بل تقوده للكوارث الاجتماعية التي نحن شهودا عليها في أيامنا هذه. لذلك فان مصلحة العراقيين تكمن في تشبثهم بالهوية العراقية التي بفضلها فقط يتحقق السلم الأهلي وبفضلها نزدهر ونتقدم.

 

لكن للأسف لسنا مجتمعا موحدا ضد الطائفية ، ولو كنا كذلك لما احتجنا للمعونة الأمريكية التي قد تأتي وقد لا تأتي لمنع داعش من تنفيذ مخططها التخريبي الاجرامي. فوحدة المجتمع اللاطائفي القائمة على قاعدة التآخي بين مكونات مجتمعنا من مسلمين ومسيحيين ومندائيين وايزيديين وشبك وغيرهم كفيلة بالحفاظ على أمن وسلامة شعبنا. لكن مثل تلك الوحدة غير ممكنة دون شراكة حقيقية لتلك المكونات في مسئولية قيادة الدولة دون تمييز أو استعلاء. ولا يمكن استكمال بناء العراق اقتصاديا وسياسيا وعلميا بدون تلك الشراكة وأي حكومة تتجاهل ذلك هي حكومة منقوصة الوطنية ، وأي دولة لا تضمن ذلك لمواطنيها هي دولة منقوصة السيادة ، وأي رئيس دولة أو حكومة لا يعزز تلك الشراكة قولا وفعلا هو رئيس ناقص الأهلية.

 

علي الأسدي

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا