<%@ Language=JavaScript %> د. علي الأسدي زيارة البابا فرانسيس الأول .... لفلسطين المحتلة....؟؟

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

زيارة البابا فرانسيس الأول .... لفلسطين المحتلة....؟؟

 

 د. علي الأسدي

 

تشكل العقيدة الدينية في المجتمع الاسلامي جزء غالبا في الثقافة الجمعية لأفراده بصرف النظر اذا كان أولئك الأفراد ملتزمين أو غير ملتزمين بكل أو بعض تعاليم هذه الديانة. وكأي ديانة أخرى في العالم حُملت من الطقوس والتعاليم والتفاسير والاجتهادات ما يرتقي بها الى الشعوذة والخرافات التي لا يربطها بأصول الديانة ومصادرها الأم أي رابط. ولست هنا لأقيم هذا الدين أو تلك الطقوس أو ذلك المعتقد أو تلك المقولة أو ذلك التفسير لحديث أو رواية دينية فلست متدينا ولا فقيها يمنح لنفسه الحق في اصدار الأحكام بالخطأ والصواب.

 

 

 ما أود اثارة الاهتمام نحوه هو أن القادة الدينيين الاسلاميين المعترف بهم محليا وعالميا لم يستخدموا مواقعهم كما ينبغي كقادة لمجتمعاتهم في توظيف مبادئ الاخاء والتسامح التي يؤكد عليها الاسلام لتحسين العلاقات وبناء الثقة بين مكونات مجتمعهم أو مع المجتمعات والأديان الأخرى في العالم سواء كانت سماوية كما يعتبروها أو غير ذلك وينطبق هذا على العراق خاصة وعلى البلدان الاسلامية الأخرى على حد سواء. فمن وجهة نظر هذا المقال ان جميع الأديان لم تنتشر ويؤمن بها البلايين من البشر لولا يقينهم بانها رابطتهم بخالقهم الذي يجدون فيه ملاذهم الروحي رغم اختلافهم على تسميته وتصوراتهم عن هيئته ومكان وجوده وسبل التعبيرعن تبجيله وطاعته. ومع اختلاف الواجبات والتعاليم والطقوس الدينية التي تمارسها المجتمعات في العالم للتقرب منه وكسب رضاه هي في واقع الحال لغة تخاطب مشتركة يمارسها كافة أتباع الديانات في العالم دون استثناء.

 

الرموز الدينية الاسلامية كقادة روحانيون لمجتمعاتهم لم تضطلع بدور يذكر في حل  المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه تلك المجتمعات وخاصة الفقراء والكادحين سواء تلك التي لها علاقة بأجور وظروف العمل أو بالحياة السياسية وانعدام الحريات وحقوق الانسان التي يحيون ويعملون في ظلها. فلم يتدخلوا لتحسين أو لضمان شروط الحياة الكريمة لقوى العمل في حين ما يزال لحد اليوم أناس يعملون ويسكنون في ظل  استغلال بشع سواء من قبل أرباب العمل في الحقل أو في ورش العمل بدون حماية أو رقابة الدولة. ولم يسمع لهم صوت في مطالبة الدولة في تخفيف التفاوت بين الفقراء والأثرياء أو العمل من أجل توزيع عادل للثروة والدخل في المجتمع. ولم يمارسوا أي ضغط على السلطات الحكومية والأحزاب السياسية ما أمكنهم لوضع التشريعات المناسبة التي تمنع الاستغلال وتعاقب ممارسيه اذا تجاوز تلك التشريعات. واذا كانت بعض القيادات الدينية قد مارست نشاطا في هذا الحقل أو ذاك في المجال المحلي فانها لم تقم بأي نشاط لمعالجة الظاهرة على النطاق العالمي.

 

أما في المجالات السياسية والانسانية على المسرح الدولي فان سجلها أكثر فقرا اذا ما قورن بسجل قادة الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان ، فهذه لم تتواني عن لعب دورها في مجالات حيوية سياسية واجتماعية دولية كالدعوة للسلام والتآخي بين الشعوب والأديان والثقافات. فرغم تقدم العمر الذي عليه تلك القيادات تقوم بتلبية الدعوات للقيام بزيارات رسمية للعديد من دول العالم حيث تحاط بتكريم زعمائها والاصغاء الى ما تقول بكل اهتمام. الساحة الدولية بدون شك ميدانا مناسبا مفتوحا للعمل على تعزيز السلام الاقليمي والعالمي.

 

فالبابا الحالي سماحة فرانسيس الأول* قام بزيارات لعدة دول كانت أخرها الى الأردن وفلسطين واسرائيل ، الزيارة لتلك المنطقة بحد ذاتها تعتبر رسالة مهمة وعظيمة المغزى في موضوع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي الذي يستمر للعام الخامس والستين اذا ما أخذنا بالاعتبار أنها جاءت بعد عشرة أسابيع فقط من انتخابه لهذ المنصب المهم. لقد دعا خلال زيارته الطرفين لحل الخلافات واقامة الدولة الفلسطينية. وهي وان كانت موجهة بشكل خاص لزعماء اسرائيل بكونهم العقبة الرئيسية في حل المشكل الفلسطيني فهي في الوقت نفسه موجهة لحلفائها وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية الحاضن والداعم لها.

 

بدون شك كانت الزيارة قوة ايجابية داعمة للشعب الفلسطيني في كفاحه الصبور والطويل من أجل نيل حقوقه في وطنه واقامة دولته ووضع حد لنظام لم يماثله في قسوته ووحشيته غير النظام العنصري السابق في اتحاد جنوبي أفريقيا. سواء كان عبر التعامل  اليومي مع المواطنين الفلسطينيين في حياتهم العادية أو بما أقامته من حواجز كونكريتية وأسلاك شائكة تعيقهم عن التواصل مع أبناء شعبهم في القرى والمجمعات السكانية . وكان لصلاة البابا فرانسيس الأول ووقفة الصمت التي أداها أمام جدار الفصل العنصري مغزى عظيما لا يناظره بأهميته عشرات الفعاليات الاحتجاجية التي تمارسها الجماهير الفلسطينية في ظل الاحتلال.

 

 فالزيارة التي تقوم بها شخصية كبابا الفاتيكان للمنطقة لها أبلغ الأثر في حشد التأييد للحقوق الفلسطينية عالميا والتي سيكون لها وقعها المهم والمؤثر في المجتمعين الفلسطيني والاسرائيلي المتعاطف مع الحقوق الفلسطينية. علما بان زيارة البابا وخطبه يتابعها عشرات بل مئات الملايين من الناس في العالم. مثل هذا التقليد قام به أكثر قادة الكنيسة الكاثوليكية ، بينما لم يقم رمز اسلامي واحد بمثل هذه المبادرة منذ ظهور هذه المشكلة قبل خمس وستين عاما مضت بالرغم من ضرورتها. كان من الممكن أن يقوم قادة من مثل مفتي الديار المصرية أو رئيس جامعة الأزهر بزيارة مماثلة لفلسطين حاملا نفس رسالة البابا للشعب والحكومة الاسرائيلية داعيا لانهاء الصراع الذي طال أمده وبخاصة ان لمصر علاقات دبلوماسية وقنصلية وتجارية مع اسرائيل.

 

واذا كانت زيارة مفتي الديار المصرية غير مرحبا بها عربيا بسبب تشدد الجماهير المصرية والقيادات الدينية المحلية فيمكن ان يقوم بزيارة للعراق حاملا رسالة سلام الى المجتمعين الشيعي والسني واللقاء برموزهما على المستويين الديني والسياسي. زيارة كهذه لم يسبق لقائد ديني اسلامي بهذا المستوى أن قام بها للعراق لا في فترة الاحتلال الأمريكي ولا في الوقت الحاضر حيث تفجرت الخلافات وأعمال العنف من جديد بين متطرفي الطائفتين الشيعية والسنية. فزيارات يقوم بها شخصيات دينية سنية في ظل الأزمة التي يمر بها العراق حاليا ستكون مرحبا بها بالتأكيد خاصة اذا ما جرى التحضير لها جيدا كأن يكون لها خطة عمل أو خريطة طريق تتضمن سبل التوافق على برنامج تصالحي يضع حدا للاقتتال العراقي \ العراقي لاحلال التسامح والتآخي وتوحيد الجهود لبناء الوطن وتعزيز النمو الاقتصادي لصالح رخاء كل أبناء الشعب العراقي.

 

واعتقد ان الوقت الحالي مناسب جدا للقيام بهذا المجهود لمحاولة وضع حد لاقتتال الأخوة لابعاد العراق عن الانجرار لحرب بالنيبة كالتي تجري في سوريا الشقيقة. واذا لم يقم القادة الدينيون بهذه المهمة وهي من واجباتهم الرئيسية فان وجود الدين ورجل الدين تفقد جدواها ، لأن الناس الذين لن يجدوا من يصلح بينهم سيواصلون الانتقام من بعضهم البعض وتعود الحياة بالانسان الى قوانين الغاب حيث القوي يقتل أو يستعبد الأخر الضعيف وهذا ما يجب عدم السماح به أبدا.

______

*- بابا الفاتيكان الحالي الأرجنتيني المولد الذي استلم الكرسي البابوي قبل حوالي الشهرين وعرف بأسم فرانسيس الأول هو في واقع الحال ليس اسمه الحقيقي فهو اسم اختاره هو أما اسمه الحقيقي فهو خورخي ماريو برغوليو. البابا فرانسيس الأول هو أول رجل دين غير أوربي يشغل كرسي البابا منذ 1200 عاما أما آخر بابا غير أوربي فكان سوري المولد واسمه غريغوري الثالث الذي شغل الكرسي في الفترة 731- 741.

 

علي الأسدي

30.05.2014

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا