<%@ Language=JavaScript %> د.عدنان عويّد لماذا تدخل حزب الله في سورية؟.

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

لماذا تدخل حزب الله في سورية؟.

 

 

د.عدنان عويّد

 

     مع دخول حزب الله إلى سورية لمواجهة جبهة النصرة وداعش اللتين تريدان إقامة الخلافة الإسلامية في بلاد الشام والعراق, وبالتالي تهديد كل القوى التي تختلف معها فكرياً ومذهبياً, كثر الحديث والنقد من قبل بعض القوى المعارضة في سورية وبخاصة القوى الإسلامية الجهادية ومن يقف معها من الجمهوريات الديمقراطية في العالم العربي,  وبخاصة جمهوريتا آل سعود وآل جاسم, على تدخل حزب الله في سورية, في الوقت الذي غضوا فيه النظر والقول عن تدخل القاعدة وعناصرها الذين جاؤوا على سورية من /83/ دولة في العالم, لقتال السورين تحت رايات طائفية. ومن بين ما راح يشيع له : (إن دخول حزب الله إلى سورية جاء لدعم النظام ومنع سقوطه, تنفيذا لأوامر إيرانية ومرجعها ولاية الفقيه, وأيضاً لسبب طائفي بغيض, بحجة الدفاع عن الشيعة والسيدة زينب, وحسن نصرالله يعلم تماماً أن سقوط النظام سيعني فشل المشروع ألصفوي الشيعي بالمنطقة.)

     وبناءً على هذه الإدعاءات قمت بكتابة هذا المقال توضيحاً لطبيعة الصراع الدائر على سورية اليوم, والأسباب التي دفعت حزب الله لدخول سورية ومواجهة القوى الأصولية التكفيرية.

     لاشك أن ما يتضمنه هذا الإدعاء من أفكار تتعلق بأسباب تدخل حزب الله إلى سورية, وجد من يروج له داخل سورية وخارجها عبر وسائل إعلام الفتنة, بغية غرسه في عقول الكثير من الشباب السوري المعارض وبخاصة من حمل السلاح ورفع شعار (لا إله إلا الله محمد رسول الله .. وقائدنا إلى الأبد سيدنا محمد.). وهؤلاء أصبحت معروفة الأجندة الدينية التي اشتغلوا عليها, ومعروف أيضا من يحركها ويدعمها من الخارج.. وأحب أن أذكر هنا هؤلاء الذين حولوا الصراع في سورية إلى صراع طائفي, وحرفوه عن مساره الحقيقي, ما قاله منذ فترة على قناة العربية المعارض السوري "عمار ألقربي" : (نحن أخطأنا في سورية كمعارضة أخطاءً كثيرة أهمها, أننا لا نجيد السياسة, وان هناك أخطاءً كثيرة ارتكبتها بعض فصائل المعارضة بحق الشعب (يقصد تصرفات داعش والنصرة), ولكن أهم ما قاله : (إن دعم تركية وقطر جاء  لجماعة "الإخوان المسلمون", فقط, أما بقية المعارضة فالأجر على الله).. إذاً إن التوجه الديني في المعارضة السورية الذي دعمته تركيا وقطر منذ بداية الحراك, سيصب  بالضرورة في الاتجاه الطائفي لسببين:

      الأول : هو أن مشروع الإخوان الديني هو مشروع سني, وهذا بالضرورة سيوجه تيارهم المعارض إلى الاشتغال على مسألة السنة والشيعة لكسب المعركة ضد النظام, وهذا ما تم من خلال الترويج الإعلامي بأن الجيش السوري هو جيش علوي, وبالتاي فإن عملية استهدافه من قبل الجماعات المسلحة, هي استهداف للطائفة العلوية منذ بداية الحراك .

     والثاني: إن الداعم لهذا التيار كما قال "عمار ألقربي" هما قطر وتركيا, فقطر ودول الخليج عموماً لهم موقف من إيران منذ قيام الثورة الإسلامية لأنها ضد مصالح أمريكا في المنطقة (الشيطان الأكبر كما سماها الخميني), والمعروف للجميع أن الخليج هو قواعد أمريكية, ففي قطر وحدها, هناك قاعدتان, وفي كل دول العالم أمريكا تدفع أجر قواعدها, إلا في قطر ودول الخليج فهي من يتكلف بمصروف القواعد الأمريكية وأساطيلها فيها, وبخاصة قطر.

      أما تركيا فهي عضو في الحلف الأطلسي, ولديها قاعدة انجرليك الأمريكية, وهي تطمح بأن تكون عضواً في الاتحاد الأوربي, وهذا ما يجعلها تنفذ أوامر أمريكا من اجل إسقاط النظام السوري, هذا إضافة إلى كون حزب العدالة الأردوغاني في تركيا هو حزب إخواني, وللإخوان مشروعهم العالمي السني الذي يجد في التأجيج الطائفي وسيلة فعالة لكسب الشارع. أما دور القاعدة ممثلة في (داعش وجبهة النصرة), التي تدعمها أمريكا والسعودية في السر, والسعودية هي العدو اللدود لإيران, فحدث ولا حرج في مسألة الاشتغال على الطائفية لدى هذه القوى, وهناك الكثير من تصريحات رجالات القاعدة وفصائل المعارضة الإسلامية المسلحة في سورية, التي تعلن بأن أهم مسألة في حملهم للسلاح هو قتال العلوية النصيرية والشيعة المجوس. وهذه كلها عوامل ساهمت في تأجيج المشروع الطائفي, وتعميق الفكرة التي تقول بأن دخول حزب الله إلى سورية هو البعد الطائفي والأوامر الإيرانية الصفوية له .

     ولكن يظل السؤال المشروع هو: لماذا القسم الباقي من المعارضة السورية بكل أحزابها وأطيافها, وهم العلمانيون والليبراليون, لم يقولوا كما تقول المعارضة الإسلامية بأن الصراع في سورية صراع طائفي؟. ثم لماذا لم يعلقوا على دخول حزب الله إلى سورية؟. بل على العكس كان هناك ارتياح لدخول حزب الله إلى سورية. هذا إضافة إلى  تأكيدهم المستمر بأن الثورة قد انحرفت عن مسارها الصحيح وسرقت من قبل القوى الدينية. والسؤال هنا: لماذا لم تزل هذه المعارضة العقلانية متمسكة بشعارات (الثورة) الحقيقية التي انطلقت منذ البداية, والتي حركت الشارع, وكانت وراء استجابة النظام للعديد من مطالبها, مثل الغاء المادة الثامنة وتحقيق التعددية الحزبية وحرية الإعلام وغير ذلك؟..  ثم لماذا المعارضة الممثلة بالإتلاف المحسوبة على الخارج والتي تمثل التيار الإسلامي في معظمه, وتدعم (الجماعات الجهادية), لم توافق على مشاركة بقيه المعارضة في مؤتمر جنيف, وعلى رأس هذه المعارضة العلمانية هيئة التنسيق في الداخل والخارج, وهي معارضة لم يزل لها أجندتها التي تحافظ على الوحدة الوطنية في سورية, وعلى علمانية الدولة, وتعميق المشاركة السياسية وتبادل السلطة؟. هذه أسئلة كلها مشروعة ويجب أن تجيب عنها المعارضة الإسلامية ومن يأخذ بشعاراتها الطائفية.

     إن الصراع على سورية اليوم وكما كان منذ بدايته هو صراع محاور ... صراع بين محور يريد الحفاظ على كيانات دوله ومواجهة التفتيت عبر (مشروع الشرق الأوسط الجديد), الذي تشتغل عليه أمريكا والغرب وإسرائيل ودول الخليج, وهو مشروع يريد محوره تفتيت دول المحور الآخر إلى دويلات أو كانتونات صغيرة, إن كان في لبنان وسورية والعراق ومصر وليبيا والسودان, وبقية الدول العربية, أو في إيران وروسيا والصين, ومن يتابع الدور الأمريكي والصهيوني والسعودي في الجمهوريات الإسلامية الروسية ( والشيشان أنموذجا),  يعرف ذلك. ومن يتابع ما يجري اليوم في أوكرانيا يعرف ما هو المخطط المرسوم لروسيا كذلك. من هنا جاء تحالف هذا المحور الروسي الإيراني السوري اللبناني الصيني, الذي تدفعه إلى التحالف القضايا التالية :

     أولاً بالنسبة لسورية: سورية هي بيضة ألقبان في هذا المحور, ولكون لها أرض محتلة وهي الجولان, ولم تجد لدى العرب والغرب وأمريكا ما يساعدها على استرداد أرضها بعد أن لمست كيف يزحف العرب لتقبيل أحذية الزعماء الصهاينة في كامب ديفيد, ووادي عربة وأوسلو.. وكيف تعقد الاتفاقيات بالسر والعلن بين حكام الخليج والصهاينة, اضطرت أن تلجأ إلى هذا المحور الذي يقدم لها ما تحتاجه من أجل تقوية نفسها واسترداد أرضها. وهذا ما جعلها تتحالف مع إيران منذ قيام الثورة الإسلامية, ومع روسيا منذ قيام ثورة البعث في سورية. ومع حزب الله وأمل وكل القوى الوطنية في لبنان, أو ما سمي بقوى الثامن من آذار بعد دخولها لبنان /1975/, ومن بينهم حزب الله وتيار عون وكل القوى الوطنية الناصرية واليسارية, الذين وجدت فيهم النصير الذي يحمي خاصرتها من جهة لبنان أمام القوى العميلة لأمريكا والسعودية وإسرائيل, ووجدوا هم فيها العون والمساعدة لمواجهة تيار. /14/ آذار وهو التيار الموالي للمحور الأمريكي السعودي الغربي الصهيوني.

     ثانياً بالنسبة روسيا: وهي الدولة الاتحادية التي حافظت على نفسها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي, أمام سعي أمريكا والغرب وآل سعود إلى تفتيتها, بدءً من الشيشان وانطلاقاً إلى بقية مكوناتها القومية والدينية الأخرى. ونحن نعلم كم كلف روسيا التحرك الانفصالي في الشيشان من مال ودم. وهذا ما يدفع  روسيا إلى التمسك بسورية للأسباب التالية:

     آ-  إن سورية هي نافذتها الوحيدة على المتوسط, أو  المياه الدافئة).

     ب- إن سورية هي القاعدة التي تعطيها حرية الحركة في الشرق الأوسط, ومنع أي محاولة لمحاصرتها أو النيل منها من قبل المعسكر الآخر وبخاصة في مسألتين هامتين هما :

     الأولى:  منع اختراق الأيديولوجيا الوهابية إلى دولها الإسلامية.

     الثانية: منع محاصرة الغاز الروسي إلى أوربا الغربية والشرقية.

      نحن نعلم أن روسيا تصدر عن طريق بحر الشمال, من الشمال الغربي لروسيا الغاز إلى ألمانية وبقية دول أوربا الغربية, وعن طريق البحر الأسود في الجنوب الغربي إلى أوربا الشرقية, وأن هذه الدول الأوربية تستلك 80% من حاجتها للغاز من روسيا. والمخطط المرسوم اليوم من قبل قطر وتركيا والسعودية وأمريكا والغرب, هو السيطرة على سورية كي تقوم قطر بمد خطوط الغاز القطري من السعودية إلى الأردن إلى سورية إلى أوربا الغربية عن طريق المتوسط, ثم  إجبار إيران على تصدير الغاز عن طريق تركيا إلى أوربا الغربية أيضاً (خط انابكو), بدلاً من طريق العراق سورية, وبالتالي محاصرة الغاز الروسي وإنهاك روسيا اقتصادياً والقضاء عليها كدولة عظمى من جهة, ثم تحقيق مكاسب مادية لقطر وتركيا على حساب خطوط الغاز من جهة ثانية. ومن يعود إلى الوراء قليلاً ويتابع كيف دخلت كل من تركيا وقطر على سورية, ومحاولتهما جر سورية عن المحور الإيراني الروسي, إلا إنهما لم يفلحا, الأمر الذي كان وراء هذا التآمر غير المسبوق في حدته وبشاعته على سورية وشعبها في العلاقات الدولية.  

     أما إيران: فهي دولة لها مصالحها الاقتصادية والثقافية في المنطقة, شأنها شأن تركيا وأي دول في إقليم الشرق الأوسط, ولكن الحصار الذي فرض عليها ومحاربتها من قبل أمريكا والغرب ودول الخليج منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران, تحت ذريعة النووي الذي يدعي المحور المعادي لها بأنه يهدد دول الخليج والكيان الصهيوني, في الوقت الذي كانت فيه أمريكا هي من أقامت هذا المشروع في إيران عندما كان نظام الشاه قائما, وكان لإيران تلك العلاقات الحميمية مع السعودية ومصر وكل دول الخليج. إن هذا الحصار المقيت عليها جعلها تلتقي مع سورية وتجد فيها بوابتها إلى المنطقة والتصدي للمحور الذي يتآمر عليها ويحاصرها, وبالتالي التقت هنا المصالح السورية الإيرانية, فسورية وجدت في إيران دولة قوية تسير نحو التقدم بخطى متسارعة, وهي مستعدة أن تقدم كل شيء لسورية, إن كان في التكنولوجيا أو في كل ما يساعدها على مقاومتها للكيان الصهيوني واسترداد أرضها المحتلة, سيما وأن من صلب تعاليم الثورة الإسلامية الإيرانية مساعدة الفلسطينيين وتحرير القدس. وهذه مسألة عقائدية وجد فيها حزب الله وحركة أمل أيضاً عاملاً للتحالف مع إيران من اجل تحرير الجنوب المحتل من الكيان الصهيوني, والخلاص من سيطرة البيكوات والشيوخ عليهم وعلى حياتهم في لبنان, وهذا ما تم, حيث حصلوا على كل الدعم من إيران واستطاعوا تحرير الجنوب, والانتقال بحياتهم إلى مستوى معيشي وسياسي لم يكن يتحقق لهم لولا هذا الدعم الإيراني والسوري أيضاً.

     أما بالنسبة للعلاقة مابين روسيا وإيران, فهنا تنطبق القاعدة التي تقول: (عدو عدوك صديقك). فروسيا وجدت في إيران التي فُرض عليها الحصار الظالم عدواً لأمريكا والغرب ومن يقف معهما من دول الخليج وبخاصة السعودية عدوة إيران اللدودة والمصدرة للفكر الوهابي, ثم التواجد الأمريكي الفاعل في أهم منطقة حيوية في العالم وهي منطقة الخليج. كما أن إيران وجدت في روسيا أيضاً العدو اللدود لأمريكا التي تحاول تفتيت روسيا والقضاء عليها. وهذا الموقف ينطبق على الصين بالضرورة, فالخطر الأمريكي على تفتيت الصين لا يختلف عن روسيا.

     هذه هي طبيعة ومكونات وأبعاد الصراع على سورية والمنطقة, وقضية الصراع هنا ليست قضية شيعة وسنة, أو ولاية فقيه كما تقول المعارضة الإسلامية الموالية للسعودية وقطر وأمريكا, وإنما القضية قضية وجود أو لا وجود لأي محور من هذين المحورين. إن المحور الذي سينتصر سيلغي وجود المحور الآخر, ولكون المنطقة العربية متخلفة ولم يزل الوعي الديني يشكل 90% من بنية العقل العربي المفوت حضارياً, فقد وجد المحور الموالي للمعارضة الدينية السورية في المسألة الطائفية حصان طروادة الذي سيحقق له ما يريد في مواجهة المحور المعادي... وإلا ما دخل آل سعود وآل ثان وآل جاسم وآل خليفة وأمريكا وفرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني, بالديمقراطية والحرية ودولة القانون في سورية والعراق وليبيا ومصر..؟!. . 

لذلك نقول إن حزب الله عندما تدخل في الأزمة السورية, هو يعرف أن المؤامرة على سورية هي ليست على سورية فحسب, بل هي عليه أيضاً. وهذا ينطبق على تدخل إيران وروسيا والصين. 

 

كاتب وباحث من سورية

d.owaid50@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا