%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
سريالية الحالة العراقية تبعث على الغثيان !
جمال محمد تقي
يثير الاستخدام المغالط لعبارة ، العملية السياسية ، في عراق اليوم ، الكثير من علامات الاستفهام لدى اغلب العراقيين الذين لا يجدون في ما يجري سوى صراع على السلطة بين قوى استخلفها الامريكان لتقاسم حكم العراق ، بهدف تقسيمه وليس لاشاعة الديمقراطية فيه كما يزعمون .
ليس غريبا ان تتشكل من مجمل افعال هذه القوى وردود افعالها على استحقاقات اهل العراق ، حالة مطاطة من العلائق والاستطرادات والمتاهات والقرارات والاجراءات الفقاعية المتلاطمة والمنفصمة عن الواقع ، لوحة سريالية يختلف في قراءة سماتها العامة القارئون ، خاصة وان الحالة قد وصلت الى مديات من التقاطع بين خطوط لوحتها الرئيسية ، صار فيها اللامعقول " من حيث انعدام الافق العقلي فيه " هو اعلى درجات سرياليتها ؟
يبتزون المشاعر العرقية والطائفية عند الاهالي ليجيشونهم خلفهم في معارك وهمية غرضها الاساس التغطية على فسادهم وعلى ازماتهم المتلاحقة ، كما يحصل الان في التوترات الجارية بين البارزاني والمالكي حيث دق لطبول حرب اهلية لا احد من الاهالي يتمناها !
كلهم ينتقدون الفساد المستشري و فوضى الاستيراد و تردي الخدمات ، وكلهم ينتقدون مظاهر الفقر المدقع التي تشمل اكثر من 33 بالمئة من العراقيين ، وكلهم ينتقدون الاختراقات الامنية ، وكلهم يعبرون عن امتعاضهم من وصول معدلات البطالة بما فيها المقنعة الى درجات مخيفة ، وكلهم يؤكدون على ضرورة استقلالية القرار العراقي ، وكلهم يتحدثون عن اهمية نزاهة وشفافية وعدالة العمليات الانتخابية التي لا بد ان تجري تحت اشراف محايد ونزيه ، واخيرا كلهم يتنصلون عن المسؤولية عندما يتعلق الامر بادوارهم المتعلقة بوصول الامور الى هذا النحو الخطير من التردي الشامل والزيف الكامل !
لا عقيدة يجمدون عليها غير عقيدة السلطة ، فكل العقائد او الايديولوجيات او اليافطات التي يتبرقعون بها وهم خارجها تبقى مجرد اعلانات دعائية متحركة او ماركات مسجلة يستفاد من رواجها لتحقيق هدف الوصول للسلطة ، حيث عندها فقط تتجلى العقيدة الحقيقية ، وهي حتما ستكون انتقائية تجريبية برغماتية انتهازية ولا نغالي اذا قلنا ميكافيلية وهي ايضا في جوهرها تبعية ، السلطة لديهم وسيلة وغاية ، هي وسيلة لان استثمار امكانياتها يتيح الاستبقاء بها ، وهي غاية لانها تلبي كل تطلعات الفريق الذي يستحوذ على مفاصلها .
بعضهم يتشبث بالفدراليات ويريدها رديفة لفدرالية البرزاني والطالباني ، وذلك عندما لم يتمكن هذا البعض من الوصول وبكفاية للسلطة في بغداد ، كما حصل مع دعوات الحكيم وبعض اطراف القائمة العراقية ، وبعضهم يريد استبقاء قانون الانتخابات الذي بموجبه حقق مكاسب غير مستحقة ، وبعضهم يريد تغييره بما لا يجعل الفائز الاكبر هو من يستحوذ على الحصة الاكبر من الاصوات الفائضة ، بعضهم يشدد المطالبة بقانون ينظم عمل الاحزاب ويكشف مصادر تمويلها وبعضهم يعرقل هذا المسعى لانه سيكشف حقيقة فساده مرتين ، مرة لانه تمول بمال حرام ،مال عام ، او مال مهرب من دول اقليمية ، واخرى لانه استخدم لافساد الاخرين ، بعضهم يعرقل اقرار قوانين معينة لا تعود عليه بمكاسب الا اذا مررت معها قوانين اخرى له فيها مكاسب ، بعضهم يعرقل تسليح الجيش لانه لايعتبره جيشا للجميع ، واخر يعتبر قوته خطرا على فدراليته ، بعضهم يتصرف وكأنه من دولة منفصلة وهو ايضا يبرر سلوكه استنادا على الدستور ، الذي يمتلك كل طرف منهم ترجمة خاصة عنه ، حتى اتفاقية اربيل الاولى التي تشكلت بموجبها حكومة المالكي الثانية ، لم تكن لتقوم لولا جمع تراجم اطرافها ووضعها باطار واحد ، والان عاد كل طرف لترجمته الاصلية الخاصة به ، فالمالكي يقول ان الاتفاقية تخرق الدستور والبرزاني وعلاوي يقولان العكس ، ومن الواضح ان المالكي قبل بترجمات الاخرين فقط عندما اراد تمرير بيعتهم له لتولي السلطة .
لكل حكومة برامج امنية واقتصادية وسياسية واجتماعية ، توضع بقالب عام يغطي فترة حكمها يسمى بالبرنامج الحكومى ، وهناك خطط حكومية سنوية واخرى تجمل سنوات حكمها وترسم ابرز توجهاتها ومشاريعها ذات النفس الطويل ، ولكلا الخطتين السنوية والرباعية او الخماسية ميزانيات الاولى تكون تحت متناول اليد بعد تبريرها امام الجهات الرقابية والتشريعية ، واخرى تكون مرشدة لعملها العام واطار تستقى منه الخطط السنوية وبارقام نسبية ، وفي كلا الخطتين او الميزانيتين لابد من اولويات ومبررات تستدعيها ، وعليه لابد من مباديء وثوابت ومنطلقات ، واذا اعتبرنا الدستور العراقي هو المرجع الاول لمنطلقات الحكومة العراقية ، وهو نفسه بحاجة لاعادة نظر بمنطلقاته وتفاصيل بنوده وذلك بموجب احدى اهم فقراته التي تقول بضرورة اعادة النظر بالدستور وتعديله بعد مرور 6 اشهر من اقراره لان هناك تناقضات وعلل احتواها ويتوجب التخلص منها وباقرب وقت ممكن ، فان ما احتواه الدستور يشكل انقلابا على الاخضر واليابس في العراق لماقبل الاحتلال الامريكي ، حيث كان القطاع العام هو العمود الفقري للاقتصاد العراقي وبالتالي المجتمع العراقي في مجالات النفط والصناعة والزراعة والاسكان والصحة والتعليم والنقل والطاقة والتجارة والتأمين ، اما دستور بريمر وقوانينه المتعلقة بالاستثمار والتجارة وتحويلات العملة فانها جميعا تصب لمصلحة الخصخصة والتجارة الحرة غير المقيدة ، وباعتماد مايسمى بسياسة السوق الحرة ، وهي تعني عمليا ربط العراق تماما بعجلة التبعية لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبالتالي منظمة التجارة العالمية ، وهذا الربط غير ممكن دون تخلي الدولة تماما عن وظيفتها العامة الملخصة بدور القطاع العام ، لذلك هناك سعي حثيث من قبل اصحاب الشأن لالغاء البطاقة التموينية ورفع اي دعم حكومي لاسعار المواد الاساسية ، ومن الممكن لاحقا تسريح مئات الالاف من العمال الذين ينتسبون لمعامل ومصانع القطاع العام بحجة توقفها وعدم صلاحيتها ، فهذا يونادم كنة رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس النواب يقول ان العامل العراقي لا يعمل اكثر من 48 يوما في السنة وهو يستلم مرتبات طوال السنة ، وقبله قال احمد الجلبي ، ان تركة القطاع العام معرقل حقيقي لدخول العراق وبقوة في منظومة الاقتصاد العالمي الحر ، وما اثير من ضجة مؤخرا حول اعمال الفساد وغسيل الاموال الجارية في البنك المركزي وعلى اضرارها القريبة والبعيدة على الاقتصاد العراقي ، الا غيض من فيض هذا الانخراط الفاسد والغير العقلاني بنظام السوق الحرة ، فبلد تنحصر مجالات الاستثمار الخاص ، الداخلي والخارجي فيه ، بقطاع الاستيراد وبحدود ضيقة في مجال الخدمات العقارية والاستثمار العام بمجال الامن والنشاط الاستخراجي لا يمكن وباي حال من الاحوال ان يكون غير متضرر وبدرجات حيوية من هذا الانخراط غير المبرر ، فالعراق اليوم يستورد كل شيء بل واصبح مكبا للماركات المقلدة والبضائع متدنية الجودة وكنتيجة لانعدام نظام التعرفة الكمركية فان اسعار كل المستوردات هي ارخص من المنتج العراقي على ضآلته زراعيا او صناعيا وبذلك فان هذا النهج لابد وان يؤدي لتحول المجتمع العراقي بالكامل الى مجتمع مستهلك تتصاعد فيه التفاوتات الطبقية الى اعلى مستوياتها ، وان وفرت عائدات النفط المرتفعة حاليا فائضا يسد رمق المشلولين عن العمل والانتاج فان اي اهتزاز للاسعار سيكون له تاثير مباشر ودراماتيكي على مجمل الحالة العراقية ويسيجعلها مؤهلة حتما للافلاس والمجاعة !
فشل امني وسياسي واقتصادي واجتماعي تعيشه حكومات العراق منذ احتلاله وحتى اشعار اخر ، فشل سببه الاساس عدم وجود برنامج مفعل للنهوض الوطني الشامل الذي يؤسس لمصالحة وطنية حقيقية ، ويرفض كل القيود الاحتلالية ومخلفاتها ويسرع باعادة اعمار العراق وتقوية القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار المنتج وليس الطفيلي وتشجيع الاستثمار الاجنبي وفق ضوابط لا تخل بقوامة القطاع العام ، واتباع سياسة نقدية وطنية توازن بين الداخل والخارج من العمل الصعبة وتراعي عوامل الانضباط وارقابة .
ان الاسس الفاسدة القائمة لا يمكن ان تنتج غير الفساد حتى لو صدقت نوايا البعض ، وسيبقى التجريب والتخريب والتأليب سيد الموقف حتى تتغير مضامين اللوحة القائمة تماما ، صفقات السلاح فاسدة ، مفردات البطاقة التموينية فاسدة ، وقرار الغائها فاسد ، لانه تهرب من معالجة المشكلة لحل مفخخ لا يمكن محو صفة الفساد عنه ، انتخابات فاسدة لان قوانينها وشروطها فاسدة ، حتى اصلاحهم فاسد لانه لا يعالج جذور الفساد وانما بعض مظاهره ونتائجه التي يمكن ان تؤلب الناس عليهم بسبب من فضائحيتها !
العالم يقول : بغداد ثالث اوسخ عاصمة فيه ، وثامن مدينة متلوثة من بين المدن المليونية الموبؤة بأكاسيد التلوث الهوائي والمائي والارضي !
المسؤولون في الحكومة العراقية وتحديدا حزب الدعوة الذي يقودها ، يشيدون بالاوضاع القائمة ويتحدثون عن منجزات مقابلة ، من وزن بغداد عاصمة للثقافة العربية ، وبغداد مقرا لانعقاد القمة العربية ، والنجف الاشرف عاصمة للثقافة الاسلامية ، وبغداد مقرا لحلحلة الخلافات الايرانية الامريكية !
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|