%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
تركيا.. من ازمة النموذج الى ازمة الحكم
د. كاظم الموسوي
قدمت القيادة الحاكمة في تركيا حاليا، من قيادة حزب العدالة والتنمية، نفسها بطريقة متناقضة مع الشعارات التي رفعتها، والتي حاول البعض من اتباعها العرب وغيرهم ترويجها لها كما حصل في المؤتمر الاخير للحزب الحاكم في اسطنبول. والذي عكس صورة اخرى للقيادة التركية وأحلامها وادعاءاتها العثمانية من جهة، وتشكل قيادة اسلاموية سياسية ومقر قيادي لها بيّنه حضورها الحزبي وخطاباتها التعبوية وبيعتها للقيادة التركية الحاكمة والمدعومة من الناتو علنا وبديهيا من جهة اخرى. وهو ما يتناقض مع ما كان يطرح عنها، سواء اقليميا او غربيا، وكذلك عربيا طبعا. فقد طرحت اولا ومن خلال السياسات التي اعلنتها والخطوات الانفتاحية التي مارستها قبل اعوام قريبة، انها دولة اسلامية وسطية معتدلة وإنها تسعى لحل الاشكاليات العالقة بينها وبين جيرانها، مستفيدة من تجربة سنوات الماضي ولاسيما حكم العسكر وتعاونه المطلق مع سياسات الناتو والمعاهدات العسكرية مع اعداء الامة الاسلامية والعربية، خصوصا في القضية الفلسطينية. والعمل على "تصفير المشاكل" وبناء علاقات جديدة لمنطقة "اسلامية"، تمتد من اطراف اسيا الشرقية الى اطراف افريقيا الغربية. ولكن هذه المشاريع اصطدمت بما حصل في بعض البلدان العربية من حراكات وانتفاضات شعبية وتغيرات في قمة السلطات فيها، وبروز قوى الاسلام السياسي في اغلبها ووصول بعضها الى الحكم. هذه التطورات غيّرت في سياسات تركيا وحزبها الحاكم وقياداته، لاسيما في خطب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته احمد داوود اوغلو. (ما يتعلق بالإمبراطورية العثمانية والفتح العثماني والخلافة الاسلامية)!.
قدمت تركيا تنازلات كثيرة للدول الاستعمارية الغربية في سبيل توجهها اليها وانتسابها الى الاتحاد الأوروبي، والغرب عموما. لم تحصل ما طالبت وأرادت. رغم انها اعترفت بالكيان الاسرائيلي منذ عام 1949 وعضوية حلف شمال الأطلسي/ الناتو، وفتحت اراضيها محطات تسهيلات وخدمات عسكرية قتالية وغيرها للحلف وقيادته بالضد من مصالحها وعلاقاتها بجيرانها القريبين منها، لاسيما الاتحاد السوفيتي وروسيا بعده والبلدان العربية عموما. ووقفت مواقف تاريخية مناقضة لمكانتها وعلاقاتها مع اغلب الثورات العربية في مصر والعراق والجزائر واليمن، ومع تطورات القضية الفلسطينية والحروب التي خاضها الكيان الاسرائيلي ضد الشعوب العربية. بل أصبحت مخلب الغرب في العالمين العربي والإسلامي، لاسيما في مؤتمرات التعاون الاسلاموي والقمم الاسلامية وقراراتها بخصوص القدس والقضية الفلسطينية عموما. وهو ما كشف مؤخرا في عهد الحزب الاسلامي الحاكم وقيادته التي حاولت ان تمثل دورا استعراضيا، يضلل الرأي العام عن مواقفها الحقيقية من التحالف الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني وحلف الناتو. وحين تكشفت هذه الوقائع امام العرب وبانت خطط تركيا ورغم الانبطاح القيادي للإخوان المسلمين معها، وكذلك مواقفها الحقيقية من جيرانها الجنوبيين، سوريا والعراق فضحت ووضعت في موقعها من الخارطة السياسية للمنطقة والعالم ايضا.
تقدمها الاقتصادي مع صعود الحزب الحاكم الى السلطة هيأها، على اساسه، نموذجا لغيرها من البلدان المجاورة لها، لاسيما في العالمين العربي والإسلامي. وكانت الطروحات في هذا الصدد تشغل مكانا واسعا في ابرازها. ولكن انحسار علاقاتها السياسية بسبب مواقفها الاخيرة وتأزمها مع اغلب جيرانها اثر على وضعها الاقتصادي ايضا وطرح امام الرأي العام فشلها في هذا النموذج او الشكل الذي اصبح معضلتها الفعلية من جهة وزيادة اعبائها فيها من جهة اخرى، لاسيما في التباهي بنموذجيتها على هذا الصعيد قبل سنوات قليلة ماضية. كما ان تدهور وضعها الاقتصادي خلق لها مصاعب اخرى في استقرارها الامني وعلاقاتها الداخلية. وهذا يعني ان تركيا لم تتقدم كما كان مخططا لها او مرغوبا منها ومن غيرها. وتركيا بفشلها في نموذجها الاقتصادي لم تعد الدولة التي تلعب الدور الاستراتيجي الذي كان من الممكن ان تقوم به في المنطقة. اذ ان سياساتها الحالية لا تقدم نموذجا مقبولا، ليس لها وحسب وإنما حتى لمن دعمها واختارها ووضعها في الموضع الذي لم تحققه بعد. الخطوات العديدة الخاطئة التي مارستها القيادة الحالية لتركيا تركت اثرها على دورها ايضا، بل وفضحت مكانتها التي ارادت ان تلعبها، لاسيما بعد الانسحاب العسكري الامريكي من العراق وخططه من افغانستان، وكذلك صعود احزاب الاسلام السياسي في بعض دول جيرانها ممن عرضوا انفسهم الاقرب اليها وانعكاس ذلك ليس على تركيا فقط وانما عليهم ايضا. وهذا ما اوقعت سياسات الحزب الحاكم الخاطئة في اعتبار دورها واستلام الريادة التي تسلمتها لفظيا، ولكن الوقائع على الارض لا تقر بها ولم تسمح لها ان تستمر عليه خصوصا مع انشغال الدول الغربية بأزماتها وعدم قدرتها على مساعدتها في انجاز خططها في المنطقة، خصوصا في سوريا والعراق.
تكرار خطابات القيادة التركية والتذكير بانتسابها الى السلاجقة والعثمانيين وعدم الاستفادة من دروس التاريخ وما قدمته هذه الفترات في التاريخ يفسر رغبات وطموحات مشابهة لها ويطرح تساؤلات عن خطط القيادة التركية في استعادة امجاد ليست مضيئة في تاريخ البلدان العربية على الأقل، مهما حاولت تلميع صورتها في خطب رنانة امام زعماء عرب او وسائل اعلام اسلاموية، ليس في ايديها ما يقوي تلك المزاعم ويضعها امام الشعوب العربية والإسلامية نماذج يمكن اعادتها او تقليدها وإرضاء الدول الغربية بها. الامر الذي حول مواقف القيادات في تركيا من الدور الاستراتيجي الذي يمكن ان تلعبه في المنطقة الى الدور الاخر الممثل لعضويتها في حلف الاطلسي/ الناتو ومشاريعه العدوانية في الغزو والاحتلال، واستبدالها في توجهاتها من التعاون الى التدخل، ومن العلاقات الطبيعية الى التناحرية، ومن الاستقرار والتوافق والوحدة الوطنية الى التشاغل والاحتراب والتنازع العرقي والطائفي. وهذا كله لا يولد علاقات طبيعية ولا يخدم مصالح شعوب المنطقة. مما يتطلب اعادة نظر جذرية ومراجعة حقيقة للسياسات الخاطئة والخطوات التي ادت الى ذلك وتقليل مخاطرها الفعلية وإعادة الثقة الى الجسور التي يمكن ان تعاد بينها وجيرانها ولاسيما العربية والإسلامية منها، والتوجه الصادق الى ذلك وليس العكس منه.
خطوات تركيا الاخيرة ليست خاطئة وحسب وإنما خطيرة على امن وسلام المنطقة وتهددها ايضا ولابد من وضعها في موقعها الصحيح وتغييرها بالحوار والاتصالات المعروفة والمجربة في العلاقات القانونية والطبيعية.
كاظم الموسوي
18.11.2012
www.kadhimmousawi.blogspot.com
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|