<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

قمة تقسيم العالم العربي

 

 

د. كاظم الموسوي

 

في جزيرة مالطا اجتمعت خمس دول عربية مع خمس دول اوروبية وسمي الاجتماع بقمة خمسة زائد خمسة (يومي 5- 6/10/2012). وهي المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا، واسبانيا والبرتغال وفرنسا وايطاليا ومالطا، وحضر رئيس المفوضية الاوروبية، خوسيه مانويل باروسو القمة بصفة مراقب. ولابد من التساؤل لماذا هذه التسمية وهذا الاختيار ولمصلحة من تتم مثل هذه القمم وهذه المحاولات؟ وهل التسمية بلا مدلولات سياسية وإستراتيجية؟. لا اجوبة واضحة من الاطراف كلها. ولم تشرح الاسباب ولا المبررات لمثل هذه القمة وأمثالها، وما سبقها وما سيأتي بعدها. والنتائج تركت مفتوحة تتحمل كل التبريرات التي لا تخدم اساسا العالم العربي. ونسبت للقمة تسميات اخرى، بين جنوب وشمال البحر الابيض المتوسط، بين ضفتي المتوسط. وهذه القمة محاولة اخرى لسابقات لها ارادت ان تعقد بين هذه المسميات وحملت مثل ذلك ولكنها اخفقت في تحقيق الاهداف منها. كان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ساعيا عام 2008 الى تنظيم قمة بتسمية "الاتحاد من اجل المتوسط"، وفشلت بشهادة خلفه فرانسوا هولاند، وكانت تستهدف تقسيم العالم العربي وتطبيعا مع العدو الصهيوني. بينما عدت هذه القمة ثانية بعد لقاء قمة لمنتدى أنطلق في روما عام 1990 وسمي "حوار 5 زائد 5" فهل هذا جواب للعديد من الاسئلة؟..

كتبت وسائل إعلام تلك الدول بأنها أول قمة منذ سقوط نظامي الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي في تونس في 14 كانون الثاني/يناير 2011 والرئيس الليبي معمر القذافي الذي اغتيل في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2011، وكأن حدثها متميز ومناسب لما حصل في البلدين المعنيين ولم تجر الاشارة لما حدث ويحدث في البلدان الاخرى. ورغم كل الكلمات المعسولة في القمة وبيانها الختامي إلا انها تصب في الاخير في مبادئ التآمر على العرب والعالم العربي. وتسعى في كل محاولاتها الى تقسيم العرب والعالم العربي. حيث ان اختيار بلدان محددة من العالم العربي وتسميتها بالطريقة التي تختارها الدول الاوروبية وتحضر لها ممثل اتحادها الاوروبي ولا تستدعي مثيله من جامعة الحكومات العربية (التي خسرت نفسها بمواقف امينيها العامين الاخيرين، وهذه التجاوزات طبيعية لها)، يهيأ الاجواء لسياسات مقصودة ومعلومة. لاسيما مواقفها من القضية المركزية للعرب. وقد سبقتها منذ عقود طويلة مضت اهداف تلك السياسات في تفتيت العالم العربي وتقسيمه. والإصرار على الغاء تسميته باسمه، عالما او وطنا عربيا. وإطلاق تسميات مختلفة عليه، (ويشارك مع هذه المخططات بعض الرسمين العرب ووسائل اعلامهم خصوصا). والإدارات الاوروبية عموما وبالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية تسعى دائما وتخطط لانجاز تلك الاهداف قبل وبعد زراعة القاعدة الاستراتيجية في فلسطين، وتعمل بكل الوسائل الى محاصرة بلدان العالم العربي، والاستفراد بكل بلد لوحده او لمجموعة منه على حساب الاخرى، والعمل في ضوء ذلك. وكل قمة واجتماع بين هذه الدول ولاسيما الاوروبية منها لا تهتم إلا بمصالحها الاساسية، وتسأل عن طمأنتها عنها وتدقق في تنفيذها والالتزام بها، بينما لا تحرص مثلما تريد على مصالح شركائها في الساحل المقابل ولا في رغبات اداراته التي اجتمعت معها، وتغريها دائما بأبهة الكلمات ومعسول الالفاظ وتدعوها الى فتتح بلدانها للاستثمارات الغربية لتنظيم اقتصادياتها وهي تخطط لنهبها واستغلالها واضطهاد شعوبها وقواها العاملة.

في كل الاحوال ما تم في القمة وما نقل من تصريحات المشاركين فيها تبين انها لتقديم صفحات امال وبيانات تسويق لسياسات لا تعبر عن وقائع الحال واحتياجات الشعوب ومتغيرات البلدان. فتم تاكيد طمأنة بلدان اوروبا من تخوفها من الهجرة السرية من الجنوب الى الشمال، أي توظيف حكومات جنوب المتوسط لحراسة الحدود لأوروبا وصيانة استقرارها من تحديات كانت ومازالت هي من ضمن اسبابها. فالمعروف تاريخيا ان الدول الاوروبية المشتركة في القمة (ماعدا مالطا طبعا) هي دول الاستعمار القديم للبلدان العربية المشاركة في هذه القمة، وهي التي تقدمت اقتصاديا على حساب الشعوب العربية من خلال نهب ثرواتها واستغلال طاقاتها وقمع حرياتها واضطهاد كرامتها وانسانيتها. ولم تعتذر عما الحقته سياساتها الاستعمارية في تلك البلدان وما يتطلب من حكام هذه البلدان اليوم من مساءلة تاريخية وتعويض مادي وإعادة الاعتبار لكفاح ونضال شعوبها وشهدائها وتضحياتها الجسيمة من اجل الحرية والديمقراطية التي زعم احدهم انه يتقاسم قيمها لأول مرة مع دول الاستعمار القديم التي نهبت بلده وأذلت شعبه. وأضاف  ان التغييرات على الضفة الجنوبية للمتوسط "لا تشكل خطرا على اوروبا"، داعيا الى "عدم الخوف من السلفيين"، مؤكدا ان "الشعب لن يقبل ابدا انظمة اسلامية غير ديموقراطية، اننا نريد الديموقراطية الاسلامية وليس حكم الفرد"، وأكد اخر: ان "المنطقة شهدت تطورات ستساهم في استقرارها، ان بلداننا تحاول التوفيق بين الديموقراطية وحسن الادارة". واعتبر ان "مجموعة "5+5" نموذج من التعاون والتكامل وان بإمكان قيمها ان تساعد على تجاوز المشاكل" في المنطقتين. فهل هي حقا كذلك؟!.. ولماذا بقيت المسؤولية فيها على جانب واحد؟!.

من جانبه تطرق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى "تحديين اثنين" هما "مواكبة الانتقال الديموقراطي واحترام حقوق الشعوب" مع "العمل على ان تحترم كرامة الافراد في كل مكان" ثم "التحدي الاقتصادي" المتمثل في "تنمية الضفة الجنوبية من المتوسط" و"النمو الذي ينبغي تحفيزه في شمال المتوسط" مشددا على ان الهدفين يجب ان يتما بشكل متواز. ولابد من التمعن بهذا التصريح الفرنسي، فهو يشرح بين سطوره الدور الاوروبي في السيطرة من جديد على متغيرات وتطورات تلك البلدان وأسواقها وقواها العاملة وتقدمها. وهو ما وضحه رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي بقوله: ان "مساعدتنا لدول الجنوب يجب ان تصبح الية لان الديموقراطية تتعزز بفضل التنمية". وأكد مونتي ان "زهور الربيع العربي يمكن ان تذبل سريعا اذا لم يجد الناس ما يأكلونه". ولا مندوحة في الكلام هذا، إلا ان ما يخطط له الاتحاد الاوروبي لا يتطابق مع معانيه. والاهم هو ما يتحقق من الاهداف المغلفة لكل هذه المبادرات وتمريرها ببساطة امام الحكام العرب ولتفعيل الاستعداد الكامن او توجيه الحنين للاستعمار الاوروبي من جديد.

 رئيس الاتحاد الأوروبي حدد هو الاخر بعض ما يرده اتحاده من اهداف في العالم العربي، ومنها طبعا سياسات التقسيم والتطبيع والتخادم الوظيفي، وهو ما اكدته تصريحات له. حيث أشار الى أن الاتحاد الأوروبي استجاب بسرعة لهذه الأحداث التاريخية بإطلاق شراكة من أجل الديمقراطية والازدهار المشترك، ومقاربة جديدة لسياسة الجوار الأوروبية. "وتركزت هذه الأخيرة بالدرجة الأولى على دعم العملية الانتقالية الجارية وتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية، برفع مساعدتنا المالية إلى 2.8 مليار يورو لفترة 2011 ــــ 2012، وتعبئة المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوروبي للإعمار والتنمية، وتوفير فرص جديدة في مجال تنقل الأشخاص والتبادل التجاري".

كلمات واضحة وأهداف صريحة.. وهنا لابد من وعي عميق بها وإدراك للمهمات والمصالح العربية بينها. ويبقى السؤال للشعوب وقواها الوطنية.

كاظم الموسوي

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا