<%@ Language=JavaScript %> أحمد الناصري يبقى الوضع (السياسي) على ما هو عليه!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

يبقى الوضع (السياسي) على ما هو عليه!

 

 

أحمد الناصري 

 

كما كتبت في مرات عديدة سابقة، فأنني لا أكترث ولا اهتم بأخبار ونشاطات وآراء أطراف ما يسمى ب(العملية السياسية) التي صاغها وفرضها ووضع أسسها الاحتلال، ولا تزال مستمرة وقائمة على ذات الأسس، لأنها ببساطة أخبار ونشاطات وتصريحات تافهة ومزعجة، لن تؤدي إلى شيء ينفع الناس ويفيد الوطن، لكنني اهتم بخلاصات مكثفة، وبانعكاس الوضع السياسي في بلادنا على حياة الناس المباشرة ومعيشتهم وأوضاعهم الصعبة والخطيرة، ومحاولة المساهمة في رسم السياسة الوطنية الجديدة، والمشروع الوطني، لمواجهة الكارثة الحالية بكل أبعادها.

العنوان أعلاه يصلح للمسلسلات والأفلام العربية، المملة والركيكة والمكررة، لكنه يتماشى وينطبق على الوضع السياسي في بلادنا تماماً، والذي هو عبارة عن مسلسل دموي وتخريبي طويل ومتعدد الطبقات والأغراض، سبق احتلال بلادنا وتفاقم إلى أقصى وأخطر المديات بسببه، حيث يجري العمل لإبقاء الحال على ما هو عليه، ولبقاء الوضع على ما هو عليه، بل لتثبيته وتكريسه واستمراره بجميع الوسائل والأساليب، بدعم خارجي متنوع ومتعدد، كجزء من وضع إقليمي متوتر وشائك إلى أبعد الحدود، يكاد أن يتفجر بأكثر من صاعق، بينما يجري دفع القضية الفلسطينية إلى الخلف، وسحب الأضواء الإعلامية عنها، في ظل استمرار المشروع الصهيوني بتطبيقاته الاستيطانية والعنصرية، بأقصى سرعتها واندفاعها، مع ضمان أمريكي تام ودائم لأمن (الكيان)، وحمايته بقبة حديدية قادمة من الترسانة العسكرية الأمريكية المتطورة، تسمح له بقصف كل المدن العربية، بما فيها الخرطوم، من دون رد مضاد! والتعهدات الأمريكية تتواتر حسب تصريحات ومزايدات كل المرشحين للرئاسة الأمريكية، كي لا تصله كرات النيران المتدحرجة من هنا أو هناك، مع توقف وموت النظام العربي الرسمي، بعد عقود طويلة من الركاكة والتأزم والفشل المتلاحق!

 أن هذا التعبير والتوصيف الوارد في العنوان للوضع السياسي في بلادنا، هو تعبير دقيق عما جرى وما وصلت أليه الأمور منذ بداية الاحتلال إلى الآن، أي ما يعادل عشر سنوات طويلة وثقيلة، كانت كافية لحل اكبر وأخطر الأزمات، أو تدمير أجمل وأفضل البلدان، (حيث نهضت أوربا من كارثة الحرب بين أعوام 45 و55)، والوصول بالبلاد الى أزمة إدارة مستعصية ومفتعلة غير قابلة للحل، داخل الأزمة والكارثة الوطنية العامة، التي فرضت وكرست الخطط الأساسية للاحتلال في بلادنا، وهزت أركان المجتمع، ووضعت أسس جديدة مشوهة، تضاف للتشوهات العميقة التي فرضتها الفاشية والاستبداد والحروب والحصار على البنية الاجتماعية والسلوكية للناس، وعلى حالة الوطن الذي لم يزل ضعيفاً ومهدداً ومضعضعاً، لا يقوى على شيء.  بل إن البعض، في الداخل والخارج، يريد له هذا الحال وهذا المصير المريع. وأن لا احد حقيقي ينتظر أي شيء من هذه الإدارة بعقلها الديني والطائفي وفسادها العلني، وان المشهد هو تكرار واستمرار للمشهد الأصلي السابق، ولا شيء مطروح خارج هذا السياق.

لقد راقبنا وشخصنا في وقت مبكر طبيعة الخطط المطروحة، ومسار الأحداث الجارية وتوقعنا نتائجها، من خلال معرفتنا لطبيعة الشكل السياسي وشكل الإدارة المحلية الذي فرضه الاحتلال على أساس المحاصصة الطائفية، وحقيقة الصراعات والنزعات الضيقة والخلافات الدائرة إلى اليوم بين أطرافها، مع الفشل التام والصريح في حل مشكلة الأمن والخدمات الأساسية، دع عنك الأمور الاقتصادية الإستراتيجية والكبيرة. وكتبنا رأينا الصريح، وفق رؤية وطنية نقدية واضحة، وخضنا جدلاً حامياً حول الأسس الوطنية، على أساس الفكر السياسي الوطني في بلد محتل، وكنا نعتقد أن تلك المقدمات ستؤدي إلى هذه النتائج الظاهرة الآن على سطح المشهد وفي عمقه الحقيقي، بينما انزلق البعض وراح بعيداً يطرح ويكرر تبريرات شكلية ركيكة رغم تصادمها مع الواقع وحقائقه. لكن يبدو انه الدور الوظيفي المنوط بهذه العناصر والمؤسسات أن تقوم بهذا الدور الموكل لها والمكلفة به حسب صفقات وعقود معروفة. ومن هنا نستطيع أن نعرف ونقدر طبيعة ومعنى ما تقوله وتعرضه

الفضائيات ليل نهار من كلام فارغ، دون طائل، عن (الحياة) السياسية الوهمية في بلادنا، من دون التوقف والتطرق لحياة الناس الحقيقية مثلاً، أو آفاق المستقبل القريب أو المتوسط، حيث لا أفق ولا أمل بأي حل. كما أننا ندرك تماماً إن هذه الوسائل الإعلامية لابد لها أن تقوم بواجبها وتملي فراغاً وتسود صفحات الجرائد والصحف وتستدعي الوجوه المكررة وهي تزعق وتصيح وتشرح، كي تستمر اللعبة مهما كانت سمجة ومقززة ومفضوحة، ما دام هناك من يدفع ويأمر، رغم فشل المحاولة وافتضاح الأمر برمته!

لقد ورد هذا التعبير على لسان احد فرسان (العملية السياسية) لكن بطريقة كاريكاتورية فجة، فقد أدعى بصلافة قل نظيرها، بأن ما تبقى من عمر الحكومة الحالية لا يكفي لحل أزمة الإدارة وحل المشاكل المتفاقمة والمتراكمة الأخرى، لذلك فالحل المناسب والوحيد يكمن ب(إبقاء الحال على ما هو عليه) وعدم التصادم وتفجير الوضع، لكي لا يخسروا السلطة وامتيازاتها ومنافعها فقط، وليس أي شيء آخر يفكرون به. وهنا دار ويدور الصراع فيما بينهم بعيداً عن هموم الناس وقضايا الوطن الكثيرة والكبيرة! ولم يسأل المتحدث نفسه، أين كانوا عندما كان الوقت طويلاً وفائضاً؟ وما هو واضح من هذه الفكرة هو اللعب على الوقت واستغلاله واستثماره بالطريقة التي تخدم بقائهم الشخصي والحزبي والطائفي في السلطة. ففي بداية الاحتلال طالبوا بإعطائهم الوقت الكافي لحل المشاكل، وكنا ضد هذه الفكرة التي تعني عملياً الموافقة على تنفيذ خطط الاحتلال، كما حذرنا  من أن الوقت والسنين سوف تمر مثلما تمر الرياح والمياه. وبعد فشلهم التام والصريح لجئوا للعبة (بقاء الوضع على ما هو عليه) حتى قيام لعبة انتخابات جديدة مضمونة النتائج بالنسبة لهم، مع تغيرات شكلية، لا تمس جوهر الوضع ولا تساهم بتغييره، إنما تعيد إنتاجه وترتيبه لتطيل من عمرهم السياسي وتساهم في ديمومته وسط الخراب!

إن المحاولات الجارية التي يقوم بها (الرجل المريض) جلال الطالباني، سوف لن تصل إلى  أية نتيجة، بعد أن انتظروه طويلاً، كي يعود من رحلة علاجية مكلفة إلى ألمانيا، قيل أنها لتخفيض الوزن، و(إنقاص وزن القربة لكي لا تضغط على مفاصل الركبتين) لكنه عاد أخيراً دون ذلك، وربما أزداد وزن على وزن، وهو لم يزل ثقيل الحركة، يقضي جل وقته في منتجعه الجبلي (قله جولان) خلف جبل أزمر، حيث المنشئات (الرئاسية) الجديدة، والذي كان مقراً للعمليات العسكرية، وهي قريبه من (بكره جو) الشهيرة في الستينيات. كما ينشغل بحل الصراعات والخلافات المستعصية داخل حزبه، بصدد قضايا الفساد ومسألة خلافته، ويراقب من مدينة السليمانية خصمه التاريخي مسعود البارزاني وأساليبه المحمومة للسيطرة على عائدات النفط المصدر من منطقة كردستان والمنافذ الحدودية ومشكلة أموال الكمارك وموارد احتكار التجارة، وتوسيع سلطة عائلة البارزاني حصرياً!

من هذا كله، تفتق العقل السياسي الضيق، لسكان معزل المنطقة الخضراء، التي لا تزال محمية ومحروسة من قبل الشركات والطائرات والكاميرات الأمريكية، بما فيها عصابات بلاك ووتر، وإن تحت مسمى جديد لا يغير من الأمر شيئاً، وبأشراف المخابرات الأمريكية، لإبقاء الوضع على ما هو عليه، من خراب وفساد وفشل وتأزم، وربما جاء ذلك بأوامر أمريكية، لشدة اختلاط الأمور في المنطقة، وعدم وضوحها حتى اللحظة، بصدد سوريا وإيران، ولتأمين تصدير النفط والغاز من العراق وبلدان الخليج.

إن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني تكريس وفرض الأزمات الهائلة التي تعصف بمجتمعنا ويعاني منها شعبنا يومياً، وهي تنطوي على هروب من مواجهة وحل المشاكل الكثيرة، القديمة والجديدة، واعتراف صريح بالفشل التام الذي تمر به إدارة عاجزة ومتوقفة عن القيام بأبسط واجباتها في حماية امن المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية لهم، ومعالجة مشكلة الفساد ونهب مليارات الدولارات من المال العام بشكل علني وفي وضح النهار، وإشاعة الروح الطائفية بين الناس وتحطيم التعليم والثقافة ونشر التخلف والبؤس.

في هذا الوضع المتوتر والملتبس، يهدد المالكي بتشكيل حكومة أكثرية طائفية من لون واحد، حكومة صافية وخالية من (الشوائب) الأخرى، بعد إن أقر بفشل نموذج الشراكة والمحاصصة الطائفية، مما سيؤدي ويقود من جديد إلى صراعات عنيفة، تعيد شبح الحرب الأهلية السابقة والصراع الدموي العنيف والشرس.

إن الإسلام السياسي وفكره، بكافة فروعه ومستوياته ومدارسه، وبالخصوص الإسلام والدين الطائفي، هو جزء من الماضي البعيد، ومن الحقبة التجارية البدائية وليس المرحلة الصناعية الحديثة، وهو جزء من المشكلة وليس من الحل في كل التجارب القائمة، لذلك فهو لن يقدم برامج ورؤى معاصرة لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والحريات الشخصية والمرأة والتعليم والثقافة، وكلها مشاكل متفاقمة وملحة. وسوف يضيع الوقت والجهد، كما ضاع الوقت الثمين مع تجارب ما سمي ب(الانقلابات العسكرية التقدمية، والأنظمة الاستبدادية والفاشية المتخلفة، والأنظمة الوطنية والبرجوازية الوطنية، والجبهات الوطنية، ومهام الثورة الوطنية الديمقراطية، والتطور اللارأسمالي) وغيرها من ترهات تنظير المدرسة السوفيتية المندثرة.

إن رفض (العملية السياسية الأمريكية) برمتها، والتخلص من جميع الأوهام بصددها، وتبني  الفكر الوطني والحل الوطني، هو البداية الوطنية المطلوبة، حيث تزداد الحاجة للمشروع الوطني الواضح، بما يوفر من حلول وطنية جدية وخلاقة للأزمة العامة التي يمر بها شعبنا ووطننا.

سألت صديقاً، عزيزاً وقريباً، عن المطالب السياسية الملحة المطلوب طرحها الآن، وقد أجابني عبر رسالة سريعة بالتالي (يجب أن ندخل الآن بقوة الى المطلبية وفقا ًللتراتب التالي:-
1- تشكيل حكومة مؤقتة بإدارة الأمم المتحدة مهمتها الإشراف على انتخاب الهيئة الوطنية الدستورية من خبراء القانون والشخصيات الوطنية التي لم تسهم مطلقا طوال تاريخها لا بالعمل مع الدكتاتوريات ولا المشبوهة بالإثراء من المال العام.
2- تقوم هذه اللجنة بكتابة دستور بديل.
3- يتم التصويت على الدستور.
4- إجراء انتخابات للجمعية التأسيسية الوطنية.
5- انتخاب رئيس للجمهورية انتخاباً مباشراً.
6- تشكيل الهيئة الوطنية لمتابعة الأموال العامة والمتلاعبين بها منذ 1958 حتى اليوم .
7- تشكيل الهيئة الوطنية لإعادة الحقوق والاعتبارات لكافة العراقيين منذ 1958 حتى الآن.
8- إصدار قانون للعمل الحزبي).

أنها مجموعة من النقاط الأولية الهامة المطروحة للنقاش.

وفي النهاية، لا بد من التأكيد على إن قضية المشروع الوطني تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة والتجديد، وصولاً إلى الطريقة المناسبة لإنهاء وتجاوز (العملية السياسية) الفاشلة والخطيرة، والانتقال للعمل السياسي الوطني، عبر تشديد النضال الجماهيري والوطني، الواسع والمؤثر، لتشكيل حكومة وطنية انتقالية، تقود عملية انتخابات عامة، نزيهة وحقيقية، بإشراف الأمم المتحدة والمنظمات القانونية المستقلة، قد تخرج بالبلاد من مأزقها ونفقها المظلم والطويل إلى أفق مفتوح آخر، وصياغة باقي المهام الوطنية الآنية والملحة، وطرح الدستور الوطني.

هذا طرح أولي يحتاج إلى المزيد من الحوار والتدقيق، وليس صيغة نهائية أو جاهزة! 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا