صقور المجتمع المدني

 

 

صلاح حسن الموسوي

 

المعهد الجمهوري الامريكي , المعهد الديمقراطي الامريكي , منظمة فريدوم هاوس , منظمة كونراد اديناور الالمانية , اسماء تتداولها وسائل الاعلام العالمية بقوة في ظل الازمة المحتدمة بين الحكومة المصرية والحكومتين الامريكية والالمانية  على ضوء نية المصرين لمحاكمة بعض اعضاء المنظمات الاجنبية العاملة في مصر وفق تهم جنائية تصل عقوباتها الى السجن لمدة خمس اعوام .

ونبذة خاطفة عن طبيعة عمل هذه المنظمات تؤيد ماذهبت اليه الحكومة المصرية من اجراءات قضائية  وتعضّد شكوكها حول المخاطر التي يلحقها عمل هذه المنظمات بالامن لقومي للدول , فرئيس المعهد الجمهوري الامريكي حالياً (جون ماكين)  الجمهوري المتطرف والذي تبتعد افكاره كثيرا عن الرسالة الانسانية لمنظمات المجتمع المدني واخر ماتميز به ماكين عن بقية السياسين الامريكان دعوته لتسليح المعارضة السورية ,  أما مادلين اولبرايت رئيسة المعهد الديمقراطي الامريكي , فهي من صقور الحزب الديمقراطي , وحين كانت ممثلة لامريكا في الامم المتحدة منتصف التسعينات , يتذكر العالم اجابتها لسؤال صحفي عن كون (موت مليون طفل عراقي بسبب الحصار ثمن مناسب لاسقاط نظام صدام ) حيث اجابت بعد صمت قصير (نعم اعتقد انه مناسب) , ومنظمة فريدم هاوس (بيت الحرية ) الامريكية فهي معروفة بتمويلها لحركات المعارضة في اسيا الوسطى وشرق اوربا ومتهمه بتنظيم انقلابات في هايتي وفنزويلا . وقد تولى رئاستها في احدى المرات جيمس ولس المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية  , أما منظمة (كونراد اديناور ) الالمانية التابعة لحزب رئيسة الوزراء الحالية انجيلا ميركل , فهذه لها قصة خاصة بعلاقة اليمين المسيحي الالماني بالدولة العبرية , وجاء بمحضر اتهام القضاء المصري (ان مقر منظمة كونراد اديناور في اسرائيل هو المسؤول ادارياً وفنياً عن مقر المنظمة في جمهورية مصر وان مقر تل ابيب هو من يضع السياسات والبرامج الخاصة بنظم عمل المنظمة في مقر القاهرة), وللأستزاده فأن اسم هذه المنظمة اخذ من اسم اول رئيس الماني اعترف لاسرائيل بالـــــ(محرقة) وفرض على بلده دفع تعويضات دائمة للدولة الصهيونية , واخطر مافي هذه التعويضات بالنسبة للعرب تحويل قسم منها الى منظمات مجتمع مدني او مراكز دراسات عربية عن طريق الالمان وبأشراف اسرائيلي , وحالياً يوجد دار نشر عراقية شهيرة يديرها شاعر عراقي مقيم في المانيا تأخذ تمويلها من وزارة الخارجية الاسرائيلية عبر التعويضات الالمانية .

باتت قضية انحراف وتضخم التمويل الاجنبي في بلدان العالم الثالث تسيئ وبشدة لعمل المنظمات الغير الحكومية وتسمها بالربحية الضيقة وتنفيذ اجندة خارجية تهدد مصير الكيانات الوطنية , على نمط تبني القضايا الجزئية والهامشية في المجتمع لا لتعويض دور الدولة والقطاع الخاص بل للنفخ وتوريم الاختلافات العرقية والمذهبية بهدف تقسيم البلدان على اسس اثنية ومذهبية , وقياساً بالدور الناصع والريادة الوطنية لمؤسسات المجتمع المدني كاالنقابات والجماعات الحقوقية والمطلبية يوحي التركيز الغربي الحالي على مايسمى بمنظمات المجتمع المدني  بأتخاذ الية عولمية مكملة لدور (الشركات متعدية الجنسية ) في انهاك سيادة الدول واستقلالها ويضفي على هذه المنظمات الدولية الكبرى مظهراً شبيهاً بــــ(الشركات الامنية الغربية ) المتكاثرة كالفطر في البلدان منقوصة السيادة .

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا