<%@ Language=JavaScript %> محمد نور الدين مصالحة مع التاريخ والهوية

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

مصالحة مع التاريخ والهوية

 

 

محمد نور الدين

 

نال حزب العدالة والتنمية في انتخابات 12 حزيران / يونيو 2011 خمسين في المئة من أصوات الناخبين . ومع انه لم ينل أغلبية الثلثين الضرورية للتفرد في تعديل الدستور، ولا أغلبية 330 صوتاً الضرورية لتحويل أي تعديل دستوري إلى استفتاء شعبي، فإن “أجندة” الحزب لم تتبدل في السعي لقلب منظومة الكمالية ومحو كل أثر لمؤسسها مصطفى كمال أتاتورك .

تحوّل أتاتورك في الواقع إلى “أيقونة” لدى المتشددين من العلمانيين . لم يكن الأمر كذلك للجميع، فهناك علمانيون معتدلون يدعون ليس إلى حماية العلمانية في تركيا فقط بل إلى أن تكون مرنة وتحفظ الحريات الشخصية والجماعية للمسلم قبل المسيحي والمتدين قبل غير المتدين . ومن ذلك الحق في ارتداء الحجاب لمن هن فوق 81 عاماً .

ذهبت الكمالية إلى مديات غير مسبوقة في التشدد وتحوّلت في صراعها مع الدين الإسلامي إلى “دين جديد” .

لذا كان صراع الحركات الإسلامية منذ نجم الدين أربكان على الأقل، لتكون مروحة الحريات والديمقراطية أكثر اتساعاً . وبما أن الجيش كرّس نفسه منذ عام 1960 حامياً ل “المذهب” العلماني، فقد كان صراع الإسلاميين مع المؤسسة العسكرية التي نفّذت ثلاثة انقلابات مباشرة ورابعاً غير مباشر في عام 1997 .

وعندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة كان جوهر معركته الإصلاحية، هي جعل الحياة السياسية أكثر مدنية عبر إلغاء نفوذ العسكر في الحياة السياسية .

ولم يكن ذلك بالأمر السهل، إذ إن مراكز القوى العلمانية كانت أحكمت السيطرة على مفاصل الدولة ومفاتيحها يحميها جيش قوي ومتعصب، وعنده حساسية فائقة تجاه كل ما هو إسلامي .

وقد خدمت الظروف حزب العدالة والتنمية في معركته مع المؤسسة العسكرية . جاءت الحرب على العراق وامتنعت تركيا من مشاركة الأمريكيين فيها، واتهمت وزارة الدفاع الأمريكية حينها المؤسسة العسكرية التركية بأنها لم ترسل “إشارات قوية” إلى البرلمان لكي يوافق على مذكرة الحكومة المشاركة في الحرب .

وفي ظل حاجة الإدارة الأمريكية لأنظمة ذات طابع إسلامي لدفع التهمة عنها بأنها تحارب الإسلام بعد 11 سبتمبر/ أيلول، كان الاحتضان الغربي لتجربة ما يسمى ب”الإسلام المعتدل” . وحمايته كانت تتطلب تكسير كل الأخطار التي يمكن أن تهدده وفي رأسها المؤسسة العسكرية .

نجح “العدالة والتنمية” في معركة تحطيم النفوذ القانوني للجيش في الحياة السياسية والتي كانت ذروتها استفتاء 12 سبتمبر/ أيلول 2010 الذي ترجم على أرض الواقع استقالة جماعية للقيادة العسكرية في نهاية يوليو/ تموز الماضي 2011 ووصول قيادة جديدة تنسجم مع المرحلة الجديدة أي الولاء للسلطة السياسية .

وكانت آخر إرهاصات غلبة السلطة السياسية على السلطة العسكرية اعتقال رئيس الأركان السابق إيلكير باشيوغ، وتوجيه التهمة له بمحاولة إسقاط الحكومة عندما كان رئيساً للأركان وطلبت المحكمة له السجن المؤبد .

تمدد حزب العدالة والتنمية إلى المؤسسات الأخرى: إلى القضاء والمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين .

لكن الحزب انتقل إلى مرحلة جديدة هي تحطيم الركائز الفكرية للإيديولوجيا الكمالية، وقد ترجم ذلك في مجموعة من الإجراءات، منها منع الاحتفال بعيد الشباب والرياضة في الساحات العامة والاكتفاء به داخل المدارس وإجراء احتفال مركزي واحد في أنقرة .

استكمالاً لهذه الحملة دعا رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان إلى تربية جيل من الشباب “المتدين والمحافظ” . ودعا المسؤول البارز في حزب العدالة والتنمية حسين تشليك بصورة غير مباشرة إلى إلغاء القانون المعروف بحماية أتاتورك ومعاقبة من يسيء إليه، قائلاً إنه لا يمكن محبة شخص بقانون وحتى النبي محمد لا يوجد قانون ليحميه .

يستطيع حزب العدالة والتنمية المضي في حملة استئصال نفوذ القوى التي تعارضه فكرياً التي كانت من أسباب استمرار تركيا في مناخ التوترات والعداوات في الداخل ومع الخارج . لكن من الضروري أيضاً ألا تتحول هذه الحملة إلى خلق مناخ مضاد يؤذي التوازنات السياسية والاجتماعية في البلاد ويفضي إلى “أحادية” من نوع آخر . وإذا كانت تركيا تحتاج إلى مصالحة حقيقية مع تاريخها وهويتها فهي أكثر احتياجاً لعقد اجتماعي جديد يحمي مستقبلها أيضاً، في إطار كامل من الحريات الحقيقية والديمقراطية الفعلية المحترمة لكل المكونات التركية .

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا