<%@ Language=JavaScript %> عبد الاله بلقزيز الثورات العربية ونظيراتها المعاصرة

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الثورات العربية ونظيراتها المعاصرة

 

 

عبد الاله بلقزيز

 

هل في وسعنا أن نقرأ، بعقل مقارن، تجربة الثورات العربية المستمرة في ضوء تجارب الثورات العالمية المعاصرة التي اندلعت في سنوات السبعينات والثمانينات والتسعينات، وخاصة في جنوبي أوروبا - ابتداء - ثم في شرقيّها ووسطها وفي أمريكا اللاتينية تالياً؟ وهل من فائدة وراء هذه القراءة المقارنة نستفيد منها؟

السؤالان جديران بالتفكير لأسباب عدّة يتصدّرها اثنان رئيسان:

أولهما أن بين المجتمعات العربية والمجال السياسي فيها ومجتمعات هذه المناطق الثلاث من العالم، عناصر تشابه عديدة، فإلى تأخرها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، المتفاوت درجات، عن المجتمعات الميتروبولية الغربية، حكمتها نظم سياسية تسلّطية تشابهت في الملامح السياسية والقسمات: من احتكار السلطة، واحتكار الثروة، وانتهاك الحريات، وهضم الحقوق . . إلخ، مثلما أنجزت عملية التغيير فيها قوى اجتماعية مدنية غير مؤطرة، في الأغلب، بأدوات حزبية قائدة لعملية التغيير تلك . وإلى ذلك يضاف أن المؤسسة العسكرية نهضت، في هذه البلدان جميعاً، وفي عملية التغيير فيها، بأدوار متفاوتة التأثير والأثر . وهو ما يختلف، كثيراً، عن نموذج الثورات الديمقراطية التي حصلت في المجتمعات الغربية منذ الثورة الفرنسية وحتى اندحار النازية والفاشية في نهاية الحرب العالمية الثانية .

وثانيهما أن في الخبرة الثورية العالمية المعاصرة الكثيرَ الكثيرَ من الدروس التي يمكن الاستفادة منها، والبناء عليها، إمّا من طريق توطينها في نسيج عملية التغيير الديمقراطي، إن نحن نظرنا إليها بما هي مكتسبات عامة، كونية أو إنسانية، يَسْتَحِبّ الأخذَ بها كل عقلٍ سياسيٍ تاريخي وتراكميّ، وإمّا من طريق الاتعاظ بدروسها وأخطائها، بمحاذرة الوقوع فيها مجدداً، والسعي في تجنب مطبّاتها .

على أن هذا التشابه في المعطيات التاريخية والسياسية الذي لا يقبل إنكاراً أو شكّاً، بين مجتمعاتنا ومجتمعات الديمقراطيات المعاصرة، لا ينبغي أن يحجب عنا ما بينهما من تمايزات وفروق واختلافات . والمستفادُ منها أنها ليست مما يمكن عَدهُ في باب التفاصيل، أو التهوين من أثره وتأثيره، إذ يقع بعضها في نطاق ما هو بنيويّ، أي في نطاق ما لا يمكن حسبانه طارئاً وعارضاً أو قليل الشأن في الواقع التاريخي . كما أن بعضها الآخر تتعسر معه المقارنة من فرط ما ينطوي عليه من تباين صارخ، بل من تجافٍ في بعض الأحيان .  ولذلك، سيكون من أوجب واجبات فعل المقارنة أن يلحظ تلك الفروق، وألا يُغضِيَ عنها باسم شرعية المقارنة كفاعلية معرفية أو منهجية مألوفة .

ليس موضوعُنا، هنا، بيانَ تلك الفروق والتمايزات، وهي عديدة، من التراكم السياسي والاجتماعي والثقافي واختلافاته في المجتمعات العربية ومجتمات الديمقراطيات المعاصرة، إلى الفارق - غير القابل للتجاهل - بين برنامج التغيير الديمقراطي المدني في المجتمعات غير العربية تلك ونظيره الملتبس، في شخصيته المدنية، في المجتمعات العربية، وبين برنامج التغيير الديمقراطي السلمي في تجارب الديمقراطيات غير العربية، ورديفه العربي المراوح بين سلميّة فِعل التغيير وعسكرته، ثم بين موقعّية المؤسسة العسكرية هنا والمؤسسة العسكرية هناك من عملية التغيير . . .، وإنما يعنينا التشديد على أن عملية المقارنة - وهي مشروعة لا غبار عليها - ستفقد إجرائيتها، وبالتالي شرعيتها، إن لم تأخذ في الحسبان تلك الفروق والتمايزات التي ألمحنا إليها .

يرتبط بهذه المحاذير المنهجية الحذرُ من استسهال مقاربة حقبة ما بعد الثورة في الوطن العربي، والمرحلة الانتقالية منها على نحو خاص، بتوسل ما بات يعرف في علم السياسة، اليوم، باسم “علم الانتقال” أو “علم المرحلة الانتقالية” . إن “العلم” هذا لا يعدو أن يكون وصفة أقنومية يُراد تنزيلها على أوضاع ووقائع وسيرورات، متنوعة ومختلفة، لا تقبل إدراجاً تحت برنامج للتغيير جامع ومعياري . إن نمذجة عملية الانتقال باسم “العلم” عملية “معرفية” لا تاريخية، ولا تراعي الشروط الخاصة بكل ثورة وبكل بلد، وهي أشبه ما تكون بالنمذجة الاقتصادية والمالية التي تصطنعها وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .

ونحن لسنا نقول هذا من باب الدفاع عن “خصوصية” عربية مزعومة، كما يمكن أن يتهمنا أحد بذلك، وإنما ننطلق فيه من أن تجربة الثورات، في جنوبي أوروبا وشرقيها، وفي أمريكا اللاتينية، أثبتت هي نفسها أن لا سبيل إلى إخضاعها إلى القواعد والسمات عينها التي يتحدث عنها “علماء الانتقال”، فالثورات التي أسهم فيها العسكر “في اليونان والبرتغال”، غير الثورات المدنية في شرقي أوروبا (بولونيا، تشيكوسلوفاكيا، رومانيا، ألمانيا الشرقية)، وهذه غير الثورات التي أنجزت بصفقة وتسوية بين العسكر والقوى المدنية في أمريكا اللاتينية، وهي غير الانتقال الديمقراطي الذي حصل نتيجة التفاهم بين الفاشية والملكية والقوى الديمقراطية في إسبانيا ما بعد الجنرال فرانكو، أو الذي حصل بين نظام الأبارتهايد في عهد فريدريك دوكليرك وبين “المؤتمر الوطني الإفريقي” بزعامة نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا . ثم إن مسارات الانتقال الديمقراطي في هذه البلدان كافة، لم تكن واحدة، لا في محطاتها التي مرت بها، ولا في ملامحها .

 

الخليج 14/2/2012



 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا