<%@ Language=JavaScript %> عبد العزيز المقالح درس من التاريخ

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

درس من التاريخ

 

 

عبد العزيز المقالح

 

يحتاج المرء بين حين أو آخر إلى قراءة التاريخ لا لكي يتعلم من أحداثه وعظاته فحسب وإنما ليتأكد أن التاريخ لا يعيد نفسه ولا يكرر أخطاءه . وما أحوجنا (نحن العرب) في هذه المرحلة إلى أن نعيد قراءة الفصل الأخير من تاريخ العرب في الأندلس، والتوقف طويلاً عند تلك الحقبة المريرة التي تكاثر فيها الحكام وتمزقت فيها البلاد الأندلسية وصار لكل ولاية من ولاياتها ملك أو أمير لا يكتفي بما اقتطعه من جسد الدولة الواحدة بل يسعى إلى منافسة غيره من حكام الولايات الذين لهم الأطماع نفسها والدوافع ذاتها، فهم يتنافسون ويتقاتلون ويتلقون الدعم من أعدائهم لمواصلة حروبهم الصغيرة في ما بينهم والإغارات اللاأخلاقية على أراضي بعضهم بعضاً حتى أدركهم الوهن وصاروا جميعاً لقمة سائغة لأولئك الأعداء الذين كانوا يهللون للاختلافات ويهتفون للدماء العربية التي تراق في غير محلها وللطاقات التي تذهب هدراً .

لقد ضعف الحكم العربي في الأندلس بعد قوة، وتمزق بعد وحدة، وتشتت القوى وتبعثرت وصار النظام الواحد أنظمة، والجيش الواحد جيوشاً، والعلم الواحد أعلاماً، ولم يقف الأمر عند تلك الحالة، بل صارت الأنظمة المفككة تحارب بعضها بعضاً، وصارت جيوشها تغير على الجيوش الأخرى . وبعد أن أصبح في كل مقاطعة خليفة ومنبر على حد قول شاعرهم بات في مقدور أجهل الجهلاء أن يحكم على هذه الأنظمة الممزقة المتناحرة بالسقوط في يد الأعداء الذين كان أمر السقوط بالنسبة لهم مسألة وقت لا أكثر، فالمقدمات تدل على النتائج، وكما تتساقط الأوراق حين تجف وتفقد صلتها بالجذوع، كذلك يحدث للأنظمة التي تتخلى عن جذورها وتحتمي بأعدائها .

وحبذا لو أن العودة المطلوبة إلى قراءة التاريخ، وتاريخ تلك الحقبة المريرة من تاريخ الأندلس، قد تمت بالنسبة لنا منذ وقت مبكر وقبل أن يستولي الأعداء على القرار العربي، وقبل أن يصبحوا هم الخصم والحكم في قضايانا الداخلية قبل الخارجية، لعل تلك العودة كانت كفيلة بأن تبصرنا بمواقع الخطأ وتجعلنا نحافظ على وحدة صفوفنا ونعض عليها بالنواجذ لما تمثله من صمام أمان ومن ردع مباشر وغير مباشر للطامع البعيد قبل الطامع القريب، وللخروج من عقدة العشائرية المفرطة في أنانيتها التي تجعل من الاحتماء بالأجنبي حالة أيسر من الاحتماء بالقريب الذي ترى فيه منافساً، وكأن التاريخ في الوطن العربي الراهن يعيد ما كان قد صنعه مع حكام الأندلس قبل سقوطها الفاجع .

وإذا كان البعض ممن يحزنهم ما حدث ويحدث في الوطن العربي من خلافات وانقسامات وتشتت في المواقف باتوا يرون أن الوقت قد فات، وأن الاستفادة من عبر التاريخ ومواعظه الصارخة لم تعد مجدية، فإن البعض الآخر لا يرى فقط بل يؤمن بأن الوقت لايزال مواتياً لقراءة جوانب من التاريخ العربي، سواء في الأندلس، أو في مشرق الوطن العربي ومغربه، لتدارك ما يمكن تداركه من مواقف خاطئة، ومن انسياقات عاطفية وراء ردود أفعال أنانية من شأنها أن تزيد التفتت تفتيتاً وأن تجعل الأعداء يعدون أنفسهم لاستقبال الحصيلة النهائية والفوز بالغنيمة من دون أن يبذلوا جهداً يذكر كما حدث ذات زمان، هناك في الأندلس التي لايزال بعض الواهمين يسمونها الفردوس المفقود .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا