الروس إن حكوا

 

 

زهير ماجد

 

عطل الروس والصينيون أية امكانية لانزال الأذية بسوريا بعد استعمالهم الفيتو في مجلس الأمن .. موقف يشبه الثورة على ذلك المجلس الذي ينام في عباءة الاميركي والحلف الأطلسي.. كان معلوما ان الروس والصينيين لن يقبلوا نموذجا ليبيا جديدا، وهم الذين خدعهم الحلف الأطلسي كما قال الخبير السياسي والمرجعية التاريخية يفجيني بريماكوف لإحدى القنوات العربية، وأبرز أن الروس اخطأوا في قبول قرار مجلس الأمن 1973 حول ليبيا. تلك من علامات الصورة الجديدة للواقعية الروسية التي بات عليها حسم أمرها مما يحصل في سوريا.. ولهذا السبب رأى بريماكوف أن الروس سيظلون الى جانب سوريا، ومع أنه كان يقول رأيه الخاص باعتباره بعيدا الآن عن المناصب الرسمية، إلا انه أيد بشدة استعمال الروس كل امكانياتهم الى جانب سوريا.

تحدث بريماكوف عن المعارضة السورية التي تم استقبالها في موسكو والتي طلب منها هناك فتح حوارات مع النظام السوري حول مستقبل سوريا وكيفية الخروج من الأزمة الحالية، وعندما رفضت تلك المعارضة الحوار " اعتبرت ذلك موقفا غير بناء " لأنه لابد من الحوار من اجل ايقاف الدماء، خصوصا وان النظام السوري، برأيه، اتخذ الاجراءات الضرورية لهذا، ولأن المعارضة لم ترد الحوار معه رفض بريماكوف ما صدر عن تلك المعارضة.

بريماكوف تمنى أن تظل روسيا ثابتة على موقفها في استعمال الفيتو في مجلس الأمن كلما دعت الحاجة " ولأنه موقف منطقي " برأيه، اذ لا يعقل كما يرى أن يتم غزو سوريا على الطريقة الليبية، بمعنى ان الغرب يخطط لهذا الأمر، وربما هنالك خطط جاهزة تنتظر الإذن بالتحرك الفوري من مجلس الأمن، مضيفا أن أي خطأ يرتكب ضد سوريا سيأخذها الى الحرب الأهلية التي قد تكون أسوأ بكثير مما يحصل في العراق.

أطل بريماكوف على ايران وتركيا فرأى أن أسوأ ما قد يحصل للمنطقة هو ظهور صراع شيعي تتزعمه ايران وآخر سني تتزعمه تركيا .. ورأى أن رئيس وزراء تركيا أردوغان يملك ذكاء سياسيا ، اما ايرن فدولة قوية نتجت عن الحرب الأميركية في العراق ، فيما " لا وجود لعراق قوي مقابل ايران " كما اضاف . وعن العلاقات الاستراتيجية بين سوريا وايران كشف بريماكوف ان الرئيس الراحل حافظ الاسد أسر اليه انه لن يقف في وجه اسرائيل وحيدا ولهذا تحالفه مع ايران ، الأمر ذاته مع الرئيس الحالي بشار الاسد .

عندما يتحدث الروس عن منطقة الشرق الاوسط فهم يقولون الرأي بمنطق العارف والمتداخل بقوة في هذه المنطقة الحساسة بالنسبة اليهم ، خصوصا وأن سوريا ستظل تشكل بالنسبة لروسيا الموقع الأخير الذي يمنحهم الاطلالة على البحر الدافيء ، لا بل قد يكون ضمن الحسابات الاستراتيجية للخطوة الرئيسية القادمة والقائلة باقامة " اتحادها الاوراسي " الذي قد يكون صورة غير طبق الأصل عن الاتحاد السوفييتي الراحل ولكنه شبيه به سياسيا الى حد بعيد .

 

 

زهير ماجد

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا