غيابك سر المعنى

 

سامي أحمد

 

1

لم يعد لي قربان أقف عليه،‏

ولا ميزان معارف يؤلب عليّ قبائل رحيلك‏

رنينك لا أسمعه‏

لا يمشي إلى قميصك الأزرق،‏

لا يخيط بنطالك الفضفاض‏

لا يسمع قرع أجراسك على الباب.‏

 

2‏

أخذتك الأشياء مني‏

أعطتك أسرارها وضوءها‏

كأسك الآن ملآنة‏

وكأسي فارغة‏

سنشرب حتى ننام في الكؤوس‏

3‏

كنت تجمع الضوء في المحراب‏

وتجمع الكواكب لكل ساقية تمر،‏

ماؤك عذب وأنت عطشان‏

4‏

جسمك يتدلى‏

جسدك جرح طريقك‏

وإلهك شجر يتنبأ‏

طيف يهمس‏

قل لي:‏

ما أحلامك!‏

5‏

اتخذني ضيفاً تحت هذي الأرض‏

وكن مقامي‏

لن أقول لجنة كوني مقامي‏

لن أعبث بجحيم.‏

6‏

كن ما تريد، وخذ صباحي في ظلمة جبٍّ‏

يتصاعد ضوءه في صورة الموت‏

أنت من جعلت من نهاري دماً‏

وأي نوم يحمل موتي أو حياتي.‏

7‏

تراك كنت معي‏

في عشائك الأخير‏

توصيني،‏

وتنادي: هل تريد شيئاً؟‏

8‏

يا لمآذن حرستا وأجراسها‏

لم أسمع منها سوى رنينك‏

أين صوتك؟‏

رنين يملأ جسدي،‏

ضجيج لا يفهمني‏

لا أسمعه‏

فاتحاً قميصك على كل ريح‏

9‏

قلبك؛‏

قصب الماء، زهر الجنائن، مزيج‏

يتعلم أسراره‏

ويرفع منها سقوفاً لأحلامه.‏

10‏

بلاد؛‏

لا يتغير فيها إلا القبر‏

غيابك سر المعنى.‏

11‏

هكذا تطبق الشمس أجفانها‏

حين ترنو إليك‏

لا ترى فيك سوى أرضاً للشقاء‏

تدور في عباءة الأنبياء.‏

12‏

في غيابك ليس لي صباح‏

بل قشرة من رياح‏

تهب على رنين،‏

لا أرى وقع خطاه،‏

قنديله أصم.‏

13‏

فاتنا يا سمير‏

أن يكون لأمواجنا شاطئ واحد‏

موت واحد‏

فاتنا‏

أننا كنا نسبح‏

ونقرأ في أيقونة‏

لا تعود إلى بيتها.‏

14‏

إلى متى أقرأ حزني‏

أن يعيش في قرارة نفسي‏

إلى متى أجز رأسي بخيال‏

لوّنه الدمع.‏

15‏

شبت، يا سيدي، عاجلاً‏

شبت قبل الأوان.‏

لأني أعرض على الناس عقلي‏

وخفية أمسح دمعي.‏

16‏

شعرك الأبيض يتساقط‏

من جسوم كثيرة‏

سيُقال:‏

تحيّر فيه مشط الجنة.‏

17‏

أتراني‏

عراف غبارك‏

ونحات غيومك.‏

18‏

سأعود كما كنتُ‏

أركل الحصى على جبل‏

أضرمناه ذات مساء‏

أركل بقدمي الملوية كل قوانين الشعر والتنك‏

أهز جذع الشمس إن ضاقني الشعر‏

19‏

سأجمع الدروب في عينيّ‏

وأذرفها كل صباح لعاشق‏

يسكنهُ هواهُ‏

ولا بيت له سوى خطاه،‏

سأجمع الرحيل فوق ظهري لعاشق‏

يقرأ للطير أشعاره‏

لولا رحيلك‏

لما تركت العابرين يؤلبون عليّ قبائل الخريف‏

لما بشّرت البراري‏

بقدوم الشتاء.‏

20‏

يا هذا التكوين‏

تُراني ميتٌ، أم حيٌّ؟‏

و ج هـ ي ي هـ ج و‏

يهجو هذي الأرض:‏

الموت فراغ،‏

حتى حين يكون مليئاً‏

«والنفيس غريبٌ حيثما كان».‏

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا