<%@ Language=JavaScript %> نبيـل عـمــر الثورة وأزمة الأسئلة المكتومة‏!‏
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الثورة وأزمة الأسئلة المكتومة‏!‏

 

 

نبيـل عـمــر

 

 

يتعجب المرء وقد يضرب كفا بكف أو يشد شعره حين يخرج علينا الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء قائلا‏:‏

إن أهم حدث ديمقراطي في تاريخ مصر الحديث هو انتخابات البرلمان الحالية, وهي عبارة تصلح نكتة, وربما نأخذها دلالة علي أن رئيس الوزراء يتكلم ويصرح ويفتي دون أن يستشير خبراء في السياسة وعلومها, فالانتخابات النزيهة غير المزورة ليست هي الديمقراطية بأي حال من الأحوال, فالإنتخابات مجرد إجراءات في نظام حياة متكامل, تدل عليه ولاتؤسسه.. تبين مدي كفاءته ولاتصنعه!

ويبدو أن الكلام الكثير دون تفكير علمي منظم له الغلبة الآن في حياتنا, وكنا نتصور أننا تخلصنا منه مع ثورة25يناير بغير رجعة لكن العكس هو الذي حدث, إذ ارتفع ايقاعة وعلا صوته وزادت سرعة دور انه, وهو ماأظهرته الخناقة الأخيرة علي وثيقة المبادئ الدستورية, بين الموافقين والمعترضين والرافضين لها من الأساس!

فالذي يوافق يستند إلي أسباب خاصة بوضعه السياسي في المجتمع ووزنه في الشارع, والرافض يتصور أن الدستور تكتبه الأغلبية ولايجوز أن تتحكم فيه الأقلية, ويثق أنه قادم إلي الحكم بالانتخابات, وسيكون له اليد العليا في كتابة الدستور, والمعترضون علي بعض مواده يقفون علي مسافة واحدة من الطرفين, فلا يخسرون هؤلاء أو هؤلاء!

ولا أعرف لماذا لم نسأل أنفسنا السؤال البسيط: هل مصر في حاجة إلي وثيقة مبادئ دستورية حتي لاتنفرد جماعة أو حزب أو تيار بالدستور؟

 سؤال كان يمكن أن نطرحه علي الرأي العام ويدور حوله نقاش مجتمعي واسع من شهور طويلة ضاعت في كلام فارغ, مع الوضع في الاعتبار أن الدستور ليس صراعا بين أغلبية وأقلية, بل هو حالة توافق بين جميع أطياف المجتمع بغض النظر عن الجنس واللون والعرق والثروة والدين, فهو الوثيقة التي تجمع ولاتفرق وتؤسس عليها الدولة, فإذا انفردت بها الأغلبية, فيمكن أن تقع حروب أهلية أو انقسامات في الدولة, والتاريخ الحديث متخم بدول كثيرة انقسمت إلي دويلات لأن مواطنيها لم يتفقوا علي أرضية مشتركة في الدستور, وأيضا لايجوز أن تفرض الأقلية مطالبها علي الأغلبية وتحدد شروطها مسبقة لنصوصه!

وإذا راجعنا ماسماه الإعلام والقوي السياسية وثيقة السلمي, نكتشف أنها مجرد مادة خام للحوار والجدل, لاساحة للاختلاف والخناق..

وأتصور أن المادتين 9 و10 هنا أهم مافي هذه الوثيقة علي الإطلاق, فهذه هي المرة الأولي التي يطرح علنا وضع القوات المسلحة في النظام الجديد الذي لم نصنعه بعد.

وبالمناسبة.. نحن غير جادين حتي الآن في تأسيس نظام جديد, وكل الخطوات التي اتخذت فعلا, والحوارات التي دارت, والمليونيات التي خرجت لاتقودنا إليه, والخطأ ليس في المجلس العسكري فحسب, فالأخطاء في بنية الجماعة السياسية المصرية أفدح وأخطر وأكثر تأثيرا. نحن نتحدث عن انتخابات البرلمان ورئيس الدولة ولجنة المائة والدستور الجديد وقانون الطوارئ ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية, وهذا خليط عجيب بين ماهو جار قصير الأمد وماهو مستقبلي دون رؤية محددة لنوع المستقبل المراد, ولم نفكر: هؤلاء الدين يملكون السلطة الآن, ونطلب منهم العودة إلي ثكناتهم العسكرية, علي أي شروط سوف يعودون؟!

هل يستمرون علي الأوضاع القديمة وفي المراكز القانونية التي كانوا يتمتعون بها أم أن هذه الاوضاع قابلة للتغيير والمراكز القانونية خاضعة لتفسيرات جديدة مختلفة؟!

طبعا عدم الاجابة عن هذا السؤال يضع المؤسسة العسكرية في موقف غامض غير مريح بالنسبة لها, خاصة أن عددا من شباب الثورة, وكذلك من الفلول يصف المؤسسة العسكرية بأنها كانت جزءا من النظام المغضوب عليه, بل كانت حصنه وقلبه النابض؟!

وهنا لايصح أن تخرج تطمينات من واحد من المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الجمهورية, ويقول: لن تتم محاسبة أو مطاردة أي مسئول في هذه المؤسسة؟

 هذا كلام فارغ ومهين ولايجوز, فنحن أمام مؤسسة وطنية بكل المعايير, انحازت دوما إلى شعبها في وقت الأزمات الكبري, فكيف لمرشح محتمل أن يقول مثل هذا الكلام كما لو كان صك غفران منه؟

 طبعا المؤسسة العسكرية جزء من النظام القديم, ولو كانت ضده أو عملت ضده في أي وقت من الأوقات ما استحقت أن تكون مؤسسة وطنية, فجزء من الانضباط والدور هو عدم الانغماس المباشر في العمل السياسي وإلا فقدت سمعتها وقيمتها, ولنا العبرة والعظة فيما حدث في هزيمة يونيو 1967, فقد هجر قادتها الكبار المفاهيم العسكرية, وانخرطوا في أدوار سياسية واجتماعية ورياضية عامة, بل تمردوا بعد انفصال سوريا عن مصر في عام 1962, وقادوا مايشبه الانقلاب على جمال عبدالناصر, حين تقدم المشير عبدالحكيم عامر باستقالة من منصبه, ردا على تحميله سوء التصرف مع انقلاب الجيش السوري عليه, وكان وقتها في العاصمة دمشق, ولم يستطع احتواء التمرد الذي حدث وتعرض للإهانة هناك, وعاد إلى القاهرة وكتب استقالته المسببة, واختفي في مرسي مطروح, وفشل عبدالناصر في العثور عليه, وحين ذاع النبأ تجمع كبار الضباط في مركز القيادة, وأعلنوا رفضهم للاستقالة وهددوا بعمل انقلاب, ولم يهدأوا إلا بعد عودة المشير!

وعلينا أن ننسي أن الجيش المصري كان جزءا من النظام القديم, ونعاود طرح السؤال الصحيح للحوار المجتمعي حتى تعرف المؤسسة مالها وما عليها في النظام الجديد, فلا ينشغل قادتها بالبحث عن إجابات مسئول عنها المجتمع كله, وبذلك تسلم السلطة, وهي عارفة راسها من رجلها, كما تقول الأمثال المصرية.

فهل يمكن أن نفعل ذلك؟

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا