<%@ Language=JavaScript %> جائزة نوبل للسلام...لنا أم علينا؟ قيس عبد الله
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

جائزة نوبل للسلام...لنا أم علينا؟

 

 

 

قيس عبد الله

 

 

((فذكّر إن نفعت الذكرى))

قرآن كريم

 

لا يعيبك ولا يعيبني أن نجهل السيدة توكّل كرمان التي فازت بجائزة نوبل للسلام هذا العام أو أن نعرف القليل عنها، ولا يعيبها أو يعيب شريكتيها الليبيريتين كذلك، ولكن كيف تمنح أهم جائزة تقديرية في العالم الحديث إلى المغمورين أو ذوي الدور المحدود تاريخياً وجغرافياً؟ ثم ما بال جوائز نوبل للسلام تهطل على موطنينا كالمطر؟ لماذا للسلام دون غيره؟ ألأننا قوم مسالمون فقط؟ أليس لدينا مواطنون متميزون في مجالات غير السلام؟ أما من طبيب أو فيزياوي أو  كيمياوي أو اقتصادي؟ أما من أديب غير نجيب محفوظ؟

لم يفز بجائزة نوبل في العلوم من العرب غير الدكتور أحمد زويل في الكيمياء عام 1999، غير أنه أمريكي الجنسية منذ عقود ويعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أي أن الجائزة ذهبت للولايات المتحدة لا لبلده الأصلي مصر، وهذا مشابه لترؤس مواطنه فاروق الباز لمشروع البحث على سطح القمر ضمن وكالة ناسا الفضائية في برنامج أبولو الفضائي الأمريكي، وهذا بالطبع لا ينتقص من كفاءة الرجلين. أما بقية علمائنا في الفيزياء والكيمياء فنصيبهم الاغتيال عن طريق حوادث المرور المدبرة في الغرب كما كان نصيب طلائع المختصين في علوم الذرة في مصر والعراق في الخمسينات والستينات، وكما في اغتيال العالم المصري الدكتور يحيى المشد رئيس البرنامج النووي العراقي في باريس عام ثمانين، وكما في قائمة المئات من الاختصاصيين من الفيزياويين والكيمياويين والأطباء والاقتصاديين والأدباء العراقيين الذين صفاهم المحتل تصفية جسدية مبرمجة إلى جانب العسكريين والصحفيين وغيرهم من كبار الاختصاصيين.. والمحظوظون من كبار العلماء ممن ظلوا على قيد الحياة لم يحصلوا على هذه المنة عبثاً، فالمطلعون على البرامج الاستراتيجية للدولة ظلوا قيد الاعتقال دون محاكمة كما هو حال الدكتورة هدى عماش والدكتور عامر رشيد السامرائي، ولم يكرم بالمناصب العليا غير كبار الخونة مسربي أسرار بلدهم للعدو المحتل، وأشهر هؤلاء الدكتور حسين الشهرستاني الذي خان شرف مهنته وأفشى أسرار البرنامج العراقي الذي ائتمنه عليه مواطنوه، وللعدو المباشر. ويمكن القياس على تجربة الولايات المتحدة مع العلماء الألمان بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تغاضت عن ماضيهم ووظفتهم للعمل في بلادها، وأشهرهم فون براون أبو صناعة الصواريخ وبرامج الفضاء الأمريكية، حيث يمكن افتراض تسهيل عمل اختصاصيين عراقيين للعمل لديها كما كان أمرهم في كثير من البلدان الغربية قبل الاحتلال.

أما في الأدب فلم يفز من جميع أدبائنا غير نجيب محفوظ عام 1988، بعد أن فاز بها حتى نكرات من الصهاينة مثل شموئيل يوسف عجنون عام 1966، وهو مغمور خارج الكيان الصهيوني، أو طارئون على الأدب؛ فحيث لم يكن مقبولاً منح ونستون تشرتشل جائزة للسلام وهو الذي أصر على استسلام ألمانيا غير المشروط وكلف البشرية الملايين من الضحايا إبنا الحرب العالمية الثانية، والذي صنف المدن الألمانية وقتها حسب قابلية اشتعالها من أجل قصفها بالقنابل الحارقة، والذي كان قبلها وزيراً للبحرية إبان الحرب العالمية الأولى والمسؤول عن كارثة إنزال غاليبولي على الشاطئ التركي عام 1915، وقبلها بسنتين مشاركاً رئيسياً في صياغة قانون المعاقين عقلياً حيث اقترح تعقيمهم... فقد منح جائزة نوبل للأدب عام ثلاثة وخمسين. ورغم أنه كان خطيباً مفوهاً حقاً، فإن أشهر خطبه الذي ألقاه أمام البرلمان مع تسلمه الوزارة كان قبل ذلك بأكثر من عقد ونصف. أما محفوظ فقد كان أديباً ذا مستوى عالمي منذ الخمسينات، وكان بمستوى الجائزة منذ أنجز ثلاثيته الشهيرة، غير أنه لم يكرم إلا بعد تأييده للسادات وسلامه مع العدو. ثم بماذا يتميز العرب من حيث الإنجاز الفني؟ نحن نعرف أن العرب أمة الشعر، ويعتبر النقاد العالميون الشعر العربي –الجاهلي على الخصوص- ارفع ما أنجزته البشرية من شعر، ويقارن بالنحت الإغريقي.. وفي نهاية الأربعينيات أحدث شاعران عراقيان شابان خرقاً تاريخياً حين ألّفا بالشعر الحر الذي أسس للشعر العربي الحديث بعد ما يقارب الألفي عام من انطلاق هذا الضرب من الأدب، وهذا إنجاز عالمي فريد. ولئن مات السياب منذ ما يقارب نصف القرن، فإن نازك الملائكة عاشت حتى عام 2007، أي بعد تسعة عشر عاماً على تسلم نجيب محفوظ لجائزته، غير أنها وزميلها السياب لم يساوما على قضية شعبهما، واكتفيا بتكريم أمتهما... وهذا بالطبع لا يغض من المستوى الأدبي الرفيع لنجيب محفوظ، غير أن الحديث هنا عن مقاييس لجنة جائزة نوبل في الترشيح للجائزة.

ظل هناك السلام فحسب، وللعرب فيه حصة وافرة، ولكن لنلاحظ أن أول عربي حازها كان أنور السادات عام 1978 بالتقاسم مع مناحيم بيغن بعد تفريطه بحقوق أمته ومستقبلها وسفره المذل إلى عقر دار العدوان.. السادات الذي مرغته الأمة في دمائه جزاء خيانته لها ولمصالحها العليا. والذي يهمنا هنا هو علاقة العرب بهذه الجائزة، والتي تعلمنا ايام الطفولة أن محمود شكري الألوسي قد حصل عليها لنعلم عند الكهولة أنه تلقى تكريماً من ملك السويد لا من لجنة جائزة نوبل. لذلك سنلقي نظرة على الحائزين على هذه الجائزة –في السلام فقط- في الأعوام الأربعين الأخيرة لنتبين طبيعة الأشخاص المرشحين لها ولأدوارهم أمام الراي العام العالمي:

·                      1973 هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة على عهد نيكسون ثم فورد بعد استقالة الأول، ومستشار الأمن القومي 1969-1975، وفي عهده استمر القصف الاستراتيجي لفيتنام الشمالية واستخدم في ذلك العامل الكيمياوي المعروف بالعامل البرتقالي، وفي عهده أقامت الولايات المتحدة الجسر الجوي لإنقاذ العدو الصهيوني إبان حرب اكتوبر. اشترك معه في الجائزة شريكه في مفاوضات السلام عن الجانب الفيتنامي لي دُك ثو الذي رفضها.

·                      1975 أندريه زاخاروف الذي قاد حملة إعلامية معادية لبلده الاتحاد السوفييتي في الإعلام الغربي بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان.

·                      1978 محمد أنور السادات بالاشتراك مع مناحيم بيغن رئيس وزراء العدو ومؤسس منظمة أرغون الصهيونية المسؤولة عن مذبحة دير ياسين وتفجير فندق النبي داود في القدس، والذي اعترف على الملأ بتنفيذ اغتيال الكونت برنادوت مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين عام ثمانية واربعين بالاشتراك مع منظمتي الهاغانا والشتيرن.

·                      1983 ليش فاليسا رئيس نقابة التضامن في مدينة غدانس البولونية الذي قام بإسناد من الغرب والفاتيكان بنشاطات معادية للنظام الاشتراكي وحلف وارشو أدت في النهاية إلى تفكيك المعسكر الاشتراكي وإلحاقه بحلف الناتو. هذه الجائزة لم تمنح لرئيس الوزراء البولوني ياروزلسكي الذي سلك أسلوباً سلمياً في التعامل مع النقابات المنشقة.

·                      1990 ميخائيل غورباتشوف الذي انفتح دون تحفظ على الغرب وسلك سياسة تنازلية باسم الديموقراطية مما أدى إلى تفكك الاتحاد السوفييتي وسقوط التجربة الاشتراكية للقرن العشرين وإلحاق المعسكر الاشتراكي بالغرب.

·                      1993 نلسون مانديلا وفريدريك دي كليرك. ويجب الاعتراف هنا أن الرجلين أنهيا نظام الفصل العنصري في افريقيا الجنوبية، لكن نظرة قريبة للموضوع تشير أولاً إلى أن دي كليرك كان من أشد المحافظين في صفوف الحزب الوطني ومن الدعاة المتشددين للفصل العنصري في الجامعات أثناء تقلده لحقيبة وزارة التعليم، وظل عنصرياً حتى مغادرة سلفه الحكم إثر أزمة قلبية، وقد جنح للسلم مع استلامه السلطة وتفاوض (مضطراً) مع مانديلا الذي كان في السجن منذ ثمانية وعشرين عاماً حيث أفرج عن الأخير وانتخب رئيساً للبلاد بعد إنهاء الفصل العنصري. لكن الواقع أن مانديلا- وهو قائد الجناح المسلح في المؤتمر الوطني الأفريقي، تفاوض والحكم العنصري يترنح ويوشك على السقوط مما أدى إلى إنقاذ النظام وتغيير لونه فحسب دون طبيعته، حيث لا تزال العلاقات الاقتصادية - الاجتماعية على حالها، وتعاني جنوب إفريقيا من نسبة مرتفعة جداً من حالات الاغتصاب، إضافة إلى الأيدز والفقر المدقع في صفوف الأفارقة. وحيث أن مانديلا من أفريقيا السوداء فإن الإفريقي فرانز فانون كان مواطناً فرنسياً سجن وعذب لانتمائه لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وقد اشتهر بكتابه "معذبو الأرض". فانون لم يفز بجائزة نوبل، لا للسلام ولا للأدب.

·                      1993 ياسر عرفات بالاشتراك مع شمعون بيريز ويتسحاق رابين. أما عرفات فقد استطاع انتزاع الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني مما أقصى كل المخالفين من منظماتٍ مقاومة. وقد قاد المنظمة في سلسلة من التسويفات انتهت بقبول الصلح والتفاوض والاعتراف بالعدو بعد لاءاته الثلاثة الشهيرة (لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف) في رد اعتبارٍ للعدو بعد إدانة الأمم المتحدة للصهيونية كحركة عنصرية في قرار رسمي. الأسوأ أن عرفات اعترف بالعدو وألغى نص العمل على تصفيته من برنامج منظمة التحرير قبل الشروع بالمفاوضات، مما جرد الفلسطينيين من اية ورقة يمكن التفاوض على اساسها، حتى وصل الأمر لما هو عليه الآن. أما شمعون بيريز فهو من كبار الصهاينة ومن قادة الهاغانا ومن كبار ضباط الموساد.  أما رابين فقد كان من كبار قادة الهاغانا وقد شارك في حرب عام ثمانية وأربعين كقائد سرية. مشهور عنه دوره الرئيسي في التخطيط والتنفيذ لتطهير فلسطين من سكانها العرب وبالأساليب العروفة لدينا.

·                      2001 الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي عنان. عنان هذا وهو مواطن غاني جاء إلى الأمانة العامة بعد نقض الولايات المتحدة –الفيتو- ترشيح سلفه بطرس غالي لولاية ثانية. ويشتهر عنان بأن عهده شهد شن الولايات المتحدة وبريطانيا الحرب على العراق مع امتناع مجلس الأمن عن التفويض بها، كما صرح هو نفسه بأن الحرب غير قانونية. يرتبط إسمه بفضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء التي اتهم فيها ابنه بالتورط بالكسب غير المشروع عن طريقها، غير أن التحقيق توقف لعدم توفر الأدلة. ظل هذا الرجل أميناً عاماً للمنظمة رغم تجاوزه في قرار تهديم بلد مستقل، وفي هذا تنازل عن شرف مهنته. أما الأمم المتحدة فمعروف دورها منذ تقسيم فلسطين حتى حرب كوريا والحروب العربية مع الكيان الصهيوني وآخرها تفويض الغرب لا بتحرير الكويت فحسب، بل بتدمير العراق عام واحد وتسعين، ومعروف دورها في حرب تقسيم يوغوسلافيا والسكوت عن قصف الناتو لها.

·                      2002 جيمي كارتر، وليس له إنجاز واضح غير رعايته لاتفاق السلام بين السادات وبيغن في كامب ديفيد التي أنهت دور مصر في الصراع لصالح العدو الصهيوني والولايات المتحدة، والتي كان من نتائج شروطها تدمير الاقتصاد المصري.

·                      2003  شيرين عبادي، المحامية الإيرانية وداعية حقوق الإنسان. ولا غبار على السيدة لولا أن نشاطها موجه ضد حكومة معادية للولايات المتحدة وتكاد العلاقات بينهما تتطور إلى نزاع عسكري. الناشطة الأكثر تأثيراً وشعبية منها، والتي تعرضت أكثر للاضطهاد في سبيل قضيتها في الدفاع عن حقوق الإنسان هي الأمريكية إنجيلا ديفيز التي ساهم في سلامتها تطبيع بلادها مع الصين وإنهاء حرب فيتنام، على عكس مالكوم إكس ومارتن لوثر كنغ الذين اغتالتهما القوى العنصرية الأمريكية. لم يحصل من الأمريكان الأفارقة على جائزة نوبل قبل أوباما غير مارتن لوثر كنغ داعية الحقوق المدنية –لا الاجتماعية مثل ديفيز وإكس- وهو صاحب الحلم الشهير، الذي هو الحلم الأمريكي من حيث الجوهر، والذي لا يؤثر لا على النظام ولا على تركيبته ولا سياسته.

·                      2005 منظمة الطاقة النووية العالمية ورئيسها محمد البرادعي. دأبت هذه المنظمة على مراقبة النشاط النووي للدول غير التابعة للغرب والتدخل في برامجها وتفتيش منشآتها، مع التغاضي التام عن نشاطات حلفاء الغرب. ومعروف أن هذه الوكالة تتناسى رفض الكيان الصيوني تفتيش منشآته وتوافق على احتكاره للسلاح النووي في المنطقة فيما تهدد كوريا الشمالية وسوريا وإيران وتلوح باستخدام القوة ما لم توقف مشاريعها. ولقد كانت هذه المنظمة خادماً طيعاً للغرب في تضييقه على العراق وتفتيش حتى قصوره الرئاسية بدعوى تصنيعه لأسلحة الدمار الشامل، حتى أن الوكالة زودت الغرب –عن طريق عناصر من منتسبيها- بمعلومات استخبارية عن المؤسسات العراقية والعلماء والصناعات والبحوث التقنية مما سهل من تصفية الدولة واغتيال علمائها. وكان التقرير النهائي للبرادعي إلى الأمم المتحدة هو الذريعة الرسمية الأخيرة للغزو الذي أثبت خلو البلد من أسلحة الدمار الشامل وبرامج تصنيعها والبحث فيها. وظل الرجل في منصبه وهو يرى العراق يتهدم والعدو المدجج بالسلاح الذري يعيث قصفاً وحرقاً بغزة دون أن يحرك ساكناً، وها هو يرشح لرئاسة أكبر بلد عربي، وكان سيفوز لولا الثورة التي زعزعت النظام. هذا الرجل الذي ساهم جدياً بكل نتائج الحرب على العراق منح جائزة نوبل للسلام.

·                      2007 اللجنة المناخية للتغيرات البيئية وأل غور. أل غور ناشط في مجال البيئة وداعية لمعالجة التغير البيئي الذي تناهضه الولايات المتحدة ولم توقع على بروتوكوله ولم توافق على مقرراته. غير أن غور كان منافس جورج بوش الإبن في انتخابات الرئاسة الأمريكية ونائب الرئيس كلينتون طوال فترتي إدارته ويتحمل تبعات سياسة بلده حينها، ففي أثنائها بدأت حملة مطاردة بن لادن والدول المصنفة كراعية له وللإرهاب، حيث قصف السودان، وكالعادة في العمليات العسكرية الخرقاء للولايات المتحدة فقد طال القصف معملاً حيوياً لإنتاج الدواء. في عهد كلينتون غزي الصومال ولحقت بجيش الولايات المتحدة هزيمة نكراء اضطرته للانسحاب خزيان ذليلاً، غير أن الغزو أسهم في التدهور الذي نراه الآن. وفي عهد رئيسه كلينتون صدر قانون تغيير النظام في العراق، واستمر قصف المنشآت العسكرية العراقية خارج مناطق الحظر الجوي، وفيه شنت حملة القصف الصاروخي لأربعة أيام متواصلة على العراق ومدنه. وفي ذلك العهد قام سلاح الجو الأمريكي المشارك مع حلف الناتو بقصف تدميري ليوغوسلافيا، ثم أن غور ظل نائباً لرئيس كذب أمام شاشة التلفزيون واضطر للاعتراف بكذبه وقد تهدد بالخلع واعترف بفضيحة أخلاقية مخزية مع موظفة تحت إمرته. ونواب الرئيس ليسوا مجرد دمى، فقد صعّد لندون جونسون الحرب في فيتنام واستهل القصف الستراتيجي لفيتنام الشمالية ما أن اعتلى الرئاسة إثر اغتيال كندي، كما أن جورج بوش الأب الذي كان حملاً وديعاً كنائب لريغان أثناء إنهاء الحرب البارده هو الذي بدأ مشروع تحطيم العراق عن طريق إغواء صدام بغزو الكويت، وقبلها كان الذي أمر بقصف هيروشيما وناغازاكي بالسلاح الذري والحرب منتهية عملياً هو هاري ترومان نائب الرئيس وقد شغل منصب رئيسه رزفلت الذي توفي قبيل نهاية الحرب.

·                      2009 باراك أوباما. حصل على الجائزة عام توليه الرئاسة، اي قبل أي إنجاز واضح له. يكفي القول إن أوباما رئيس دولة تحتل بلدين مستقلين احتلالاً عسكرياً مباشراً، وتمارس نشاطاً حربياً ضد سكانهما. موقف باراك أوباما المتحيز من قضية سعي محمود عباس لتحصيل الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة يضعه إلى صف كيان قام على العدوان ولا يزال يمارسه، ثم أن تدخل بلاده وتحريضها ضد سوريا على الخصوص، ودعمها للتدخل في ليبيا ينزع عنه اية صفة للسلام. إن منح أوباما هذه الجائزة وفي هذه الظروف هو مهزلة حقيقية واستهزاء بمشاعر الجميع وعقولهم، ولا يكفي أن لا يكون المرء مجرماً (وليس أوباما مساوياً لجورج بوش) لكي يحصل على هذا التقدير.

·                      2910 ليو زياو بو، معارض صيني قاد حملة إعلامية ضد سياسة بلده على شاكلة زخاروف، ولا بأس في ذلك لو لم يكن ذلك في الأوساط الغربية وفي خدمة العمل الدؤوب المعادي لبلاده والتدخل في شؤونه الداخلية... والدعم الشعبي وجهود نصرته شيء، وتكريمه رسمياً على حساب سلطة بلده شيء آخر. نلفت النظر هنا إلى أن جائزة نوبل للسلام منحت هذا العام لثلاث نساء طليقات، وتناست الإضراب المستمر عن الطعام الذي يمارسه السجناء الفلسطينيون في سجون العدو، وهو بدون شك ذو أهمية دولية وطبيعة سلمية واضحة بوجه قوة لا تخفي عدوانيتها وعنفها.

***

على هذا ليس في جائزة نوبل للسلام ما يشرف وقد حصل عليها هؤلاء، وقد رأينا أن الجائزة في فروعها الأخرى تخضع لاعتبارات غير الكفاءة الشخصية. غير أن اثنين فقط رفضا هذه الجائزة عن قناعة شخصية، جان بول سارتر حين رفض الجائزة عن الأدب عام 1964 بدعوى أنها تؤثر في أمانة الأديب وتدعوه لمراعاة جوانب مادية في أعماله، ولي دك ثو رئيس وفد فيتنام في مفاوضات السلام الذي رفضها لأن السلام لم يكن قد تحقق، ومعلوم أن خصم بلاده انسحب إثر اندحار عسكري شامل. هذان الشخصان حصلا على الجائزة شأن غيرهما، لكنهما حصلا فوق ذلك على احترام البشرية والتاريخ لأنهما رفضا الإغراء المادي والمعنوي وتصرفا بما يفرضه الضمير وتمليه المسؤولية.

إن من شأن الحائز على جائزة نوبل للسلام أن يفخر بالاصطفاف إلى جانب بيغن والسادات ورابين وبيريز وعرفات.. لكن ليس من حق أحد الترويج لهذه النماذج من منابر المقاومة، وتهنئة اليمن والترويج للثغرات التي يفتحها العدو في صفوفنا. ولقد كان المسيحيون العرب نكرات في عرف الغرب والفاتيكان قبل غزو العراق ونهوض مقاومة العراقيين بوجهه، حينها تذكروهم وحاولوا رشوتهم بمنصب كاردينال عربي، غير أن مسيحيي العراق ظلوا على موقفهم الموالي لبلدهم ورفضوا الإغراءات رغم موقفهم الحرج على الصعيد الوطني والديني على السواء.

***

وافرحتا... حصلنا على جائزة أخرى للسلام، أو أنها حصلت علينا.. لا فرق ما دامت تهطل علينا كالمطر من كل حدب وصوب، ولئن تكن جائزة الأدب قد فاتت أدونيس الذي يدعي رئاسة شعر العرب ويتخذ إسماً إغريقياً وانتماءً فينيقياً هذا العام فستأتيه العام القادم أو ما بعده، ولنقنع الآن بالسلام ما دام الخير يغمرنا وينهمر على رؤوسنا، فهنيئاً لنا وهنيئاً لدعاة السلام لدينا، والتمنيات لمن ينتظر حصته من هذا الخصب الوفير والصيد السهل.

يقول المثل العراقي: يا مِسعدة وبيتچ على الشط... وين ما ِملتي غِرَفْتي

وقبلها قال الشاعر الجاهلي:

تكاثرت الظِباءُ على خُراشٍ   فما يدري خُراشٌ ما يصيدُ    

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا