<%@ Language=JavaScript %>
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

حواتمة في حوار مع قناة "المنار" الفضائية اللبنانية

برنامج "المشهد الفلسطيني"

 

حاوره: محمد شري

مدير البرنامج

 

عندما انطلقت الثورة الفلسطينية ومن ثم تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني، لم يكن الأمر مرتبطاً باستفتاء، إنما كان هناك ميثاق؛ ميثاق طبيعي تعاقد عليه كل أبناء الشعب الفلسطيني من منظمات وهيئات وشخصيات وأفراد، كانت الشرعية في الميثاق؛ وعندما سقط الميثاق كان من الطبيعي أن يسقط معه أشياء كثيرة ...

لم يكن حينها مكان للتفكير بشيء يسمى "إسرائيل"، كان مصطلح "إسرائيل" يعني الخيانة العظمى في طول الوطن العربي وعرضه، كان النظام وكان القتال وكان الشهداء والجرحى والأسرى يسقطون من أجل فلسطين، وللأسف أصبحنا اليوم نحتاج كلما أشرنا إلى فلسطين نحتاج إلى أن نضيف إليها كل فلسطين، وكأن فلسطين تحتل أن تكون بعض من فلسطين وليس كل فلسطين، وكأنها وطن ناقص خلاف لأي منطق وخلافاً لأي عرف في تاريخ الأمم والأوطان، كأن الشهداء الذين سقطوا من أجل حيفا ويافا والناصرة وكل قرى فلسطين كانوا يناضلون لأرض ليست لهم السؤال، لماذا وصلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى ما وصلت إليه إلى حد استجداء الإقرار لها بنسبة 20% من أرض فلسطين، أليس من يتنازل عن 80% قابل بنفس المعايير وبنفس المنطق أن يتنازل تبعاً للظروف والضغوط والأمر الواقع عن 90% وصولاً إلى 100% التي يريدها الإسرائيليون كاملة اليوم تستعيد فلسطين حقيقتها وحقها بأن تكون كسائر الأمم والأوطان كما أن مصر تعني مصر وسورية، تعني سورية وإيران، تعني إيران وفرنسا، تعني فرنسا، فإن فلسطين تعني فلسطين من النهر إلى البحر والغريب والمستهجن أن يكون مثل هذا الكلام البديهي غريب ومستهجن لا سيّما في الوطن العربي وتحديداً بين بعض الفلسطينيين من طهران ومن أجواء المؤتمر الخامس لدعم الانتفاضة ...

يسعدني أن أرحب بضيفي أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة أهلاً وسهلاً بكم ...

حواتمة: أهلاً بكم وأهلاً بهذه الإطلالة من على منبر "المنار" لتجديد العلاقة مع شعبنا ومع كل الشعوب العربية والشعوب المسلمة وكل من يتلقى هذا المنبر.

 

س1: هل نحن بحاجة اليوم لإعادة تعريف مصطلح "فلسطين" ؟

أبداً؛ فلسطين هي فلسطين وكما قُلتَ في مقدمتكم مصر هي مصر، وسورية هي سورية، وفرنسا هي فرنسا، وإيران هي إيران، وهكذا ... عليه؛ من جديد في الأفق الإستراتيجي وفي السلسلة الإستراتيجية من أجل تحرير فلسطين، نحن حاولنا جميعاً فلسطينيين وعرب ومسلمين وكل قوى التحرر والتقدم ومحبي الحرية وحقوق الشعوب بتقرير المصير على امتداد ما يفيض على 70 ـ 80 عام وبالتحديد حتى عام 1974؛ حاولنا جميعاً ومعنا كل هذه الكتل البشرية والقوى أن نصون حرية بلدنا فلسطين، وحقنا بإقامة دولتنا الوطنية الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني من أقصاه إلى أقصاه، وصلنا إلى نتيجة بفعل ما يجري حولنا، وبفعل ما جرى في داخل الحالة الفلسطينية تاريخياً أيضاً، وصلنا إلى لحظة بأن هذه العملية الإستراتيجية أو كما يمكن أن يصطلح على تسميتها استعادة بلادنا بـ "الضربة القاضية" عملية تدخل في عالم الاستعصاء بفعل مجموعة من التطورات الواقعة إقليمياً وعربياً ودولياً، وعليه كان علينا أن نعمل الفكر بعد أن سلمنا قضيتنا الوطنية على مساحة تفيض عن 80 عاماً للدول العربية المجاورة، وهذه الدول وبفعل طبيعة هذه الدول والأنظمة وبكل وضوح أنظمة إقطاعية متخلفة ومتخلفة تاريخياً، وتحت الهيمنة الكولونيالية البريطانية والفرنسية، وفيما بعد الأمريكية، حاولنا من خلال هذا التفويض للدول العربية على يد القيادة الفلسطينية حينذاك ممثلة بالحاج أمين الحسيني ومن حوله، وكانت النتيجة أننا حصدنا من هذه النكبة الوطنية والقومية والإنسانية الكبرى عام 1948.

ما وقع عام 1948 توج بخطوة مدمّرة على يد الدول العربية مباشرة بعملية تواطئية وقعت بين الكولونيالية البريطانية ودولة العدو الناشئة على أرضنا والأنظمة العربية، فصودر ما تبقى من الأرض الفلسطينية، جرى اقتسامه بعملية تواطئية بين دولة العدو التي قامت على القسم الأعظم من الأرض الفلسطينية وبين الدول العربية المجاورة، وكذلك الحال جرى اقتسام الشعب الفلسطيني، ومن هنا بقيت قيادة العدو حتى العام 1993 تقول: الفلسطينييون كانوا بالماضي لا يستخدمون تعبير شعب إطلاقاً، وأما الآن فهم "عرب إسرائيل وعرب البلدان العربية"، وفلسطين كانت بالماضي، وأما الآن على حد تعبير "غولدامائير" فهي "إسرائيل" والبلدان العربية، أي نفي وجود فلسطين ونفي وجود الشعب الفلسطيني؛ شعب مثل شعوب العالم، له الحق بتقرير مصيره بنفسه.

هذه العملية التاريخية الموجعة والمؤلمة التي تمت على قضيتنا الوطنية هي نتاج موازين القوى المتشكلة عبر تلك المرحلة التاريخية، وأعطت هذه النتائج الكارثية.

بعدها حاولنا بأشكال متعددة ...، الجيل الذي سبقنا أن ينتقل إلى النضال الفلسطيني المباشر من أجل فلسطين وعلى أرضه الوطنية.

الدول العربية المجاورة جميعها حجبت هذا ... حجبت عن 47 بالنسبة، و48 عندما تشكل جيش الجهاد الفلسطيني حوصر من الأنظمة العربية وشكلت بديلاً وموازياً له، وبالضد منه جيش الإنقاذ الذي تزعمه في حينها المناضل المعروف فوزي القاوجي ابن لبنان؛ ابن طرابلس، وحرم جيش الجهاد من السلاح، وأيضاً عام 47 ـ 48 عندما حمل الفلسطينيون "أشخاص" على عاتقهم السلاح بما تمكنوا عليه صدرت الأوامر من جامعة الدول العربية ومن قيادة جيش الإنقاذ بتحريم ذلك، بشعار "هذه حرب نظامية لا يدخل فيها السلاح كحرب عصابات"، حرب التحرير الوطني كما أسميه ...  

س2: مراجعة هذه التجربة المريرة مع الأنظمة العربية مرة تلو المرة بأي اتجاه سارت؛ هل كانت المراجعة باتجاه مزيد من الواقعية أم باتجاه شيء آخر ؟ وعندما نتحدث عن المرحلية وإعادة النظر وعندما نتحدث عن الضربة القاضية ماذا تعني "بالضربة القاضية" ؟ هل يمكن لصراع من هذا النوع أن نتصور أنه سوف ينتهي بضربة قاضية فهو صراع مفتوح ؟

صراع مفتوح ولا زال مفتوحاً بالتأكيد، وقصدت من ذلك أنه على امتداد 80 عاماً بكل هذه القوى والبلاد كانت باليد والأغلبية الساحقة من الأحياء الموجودين على أرض بلدنا؛ على أرض فلسطين، كانت لنا فلسطينياً وعربياً، وبالتالي كان ممكناً وممكناً جداً فعلياً أن نحل المسألة بمرحلة واحدة دون الدخول بمراحل متعددة، لأن البلاد كانت باليد، وعام 47 وحتى عام 48 عندما نشأت دولة العدو كان بيد المستعمرين المستوطنين الوكالة اليهودية فقط 5% من الأرض الفلسطينية و95% كانت بيد الشعب الفلسطيني، وأيضاً الأغلبية الساحقة ثلاثة أضعاف مقابل الغزاة المستوطنين المستعمرين، وبالتالي كانت الظروف مؤاتية جداً جداً محلياً وعربياً من أجل أن ننجز عملية حماية بلدنا وصيانة استقلاله وعروبته؛ وهذا لم يحصل ... لماذا ؟.

المراجعة الفعلية جرت بأكثر من اتجاه: الاتجاه الأول والأكبر بالمراجعة الفعلية على يد كل التيارات الفلسطينية بلا استثناء على اختلاف طيفها الإيديولوجي، وأيضاً كل التيارات العربية في ذاك الوقت "استعادة فلسطين هي عملية تتطلب استدعاء كامل الطاقات العربية وكل من يساند الطاقات العربية وبالعالم إجمالاً.

وعليه؛ طلعت أكثر من نظريات وبرامج ممارسات متعددة؛ نظرية تقول مثلاً "ليس ممكن أن نحرر فلسطين بدون عملية تجمعية توحيدية لعدد من الأقطار العربية وخاصة الأقطار العربية المجاورة"، وأقصد بذلك مصر وسورية ولبنان والأردن، مسند بالجبهة الخلفية العربية، وهناك نظرية أخرى ليس ممكناً أيضاً أن نحرر فلسطين إلا بخطوات واسعة توحيدية بالعالم الإسلامي حتى يصبح ممكناً تجميع كل الطاقات الإسلامية أو ما أمكن بالأقصى باتجاه خطوط التماس مع العدو، وطلعت نظرية ثالثة تتململ باتجاه إعادة بناء الهوية الفلسطينية، ولكن كانت أضعف الاتجاهات هي إعادة بناء الهوية الفلسطينية، فالاتجاهين الأول والثاني الذي ذكرت هو الذي هيمن على يد جيل 1948، وأيضاً طلعت أشكال أولية خاصة في غزة مبكرة باتجاه أنه يجب أن نعمل شيء خاص بالفلسطينيين لكن هذا لم يشق طريقه، والذي شقّ طريقه هو محاولة "بناء وحدات عربية تجمع الطاقات العربية على جبهات القتال وخطوط التماس على طريق الوحدة العربية، هي الطريق إلى فلسطين" مثل "الوحدة الإسلامية، هي الطريق إلى فلسطين"، جرى الاستبشار الواسع جداً بهذا عام 1958 عندما قامت "وحدة مصر وسورية"؛ فبني على وحدة مصر وسورية هذا الأفق بهذا الاتجاه، وصراعات صارت تأخذ توسيع الوحدة وتمكين هذه الوحدة، وهذا ما جرى مثلاً مع العراق وثورة 14 تموز 1958 بالعراق، وهذا الذي هيمن في ذلك الوقت بسلسلة المراجعة التي جرت الفلسطينية والعربية بصفوف القوى الجديدة الناهضة بهذه المجتمعات.

وقع استثناء في قطاع غزة التي كانت تحت الإدارة المصرية لم تسلب الهوية الفلسطينية، لم تسلب الشخصية الفلسطينية، ولذلك بالتحديد بعد ثورة 23 يوليو في مصر بزعامة عبد الناصر شكل بقطاع غزة مجموعات فدائية كتائب فدائية شهيرة، التي كان يرأسها ضابط مصري العقيد مصطفى حافظ؛ استشهد بعملية اغتيال على يد العدو في العام 54، وقصدت بأن هذه المراجعات في قطاع غزة كان هناك هوية فلسطينية تتململ في هذا الاتجاه اتسعت في العام 56 عندما وقع العدوان الثلاثي الشهير واحتلال قطاع غزة وشكل في ذلك الوقت جبهة وطنية فلسطينية، وتشكل أيضاً نواة لجيش التحرير الفلسطيني، ولكن بالرغم من هذا لم تتمكن أن ترتقي إلى تشكيل حالة فلسطينية مشتركة.

س3: انشغلت الساحة الفلسطينية على مدى عقود من الزمن في هذا الصراع النظري، والذي كان يستوجب ويبني نظريات ويجادل في النظريات "الوحدة قبل التحرير أو التحرير قبل الوحدة"، "الاشتراكية قبل الوحدة والتحرير هو الطريق إلى الاشتراكية"، هذه السجالات الإيديولوجية والنظرية لتحقيق الهدف كانت تأخذ من وقت المثقفين المناضلين، وكانت تستورد منظمات وهيئات وأشكال كثيرة فيما الطريق إلى فلسطين، والهدف الذي هو جوهر القضية كان هو الضحية، والذي هو كما الكلمة الشهيرة إلى فلسطين طريق واحد يمر بفوهة البندقية، كانت البنادق تتوزع وتتقاتل في خنادق كثيرة، وكان الخندق المركزي وهو خندق القتال ضد العدو، وهو الذي يخسر من أن تتوجه له كل الزخم الحقيقي لتحقيق التحرير، فالتحرير لا يحتاج الكثير من الإيديولوجيات والنظريات ؟

التحرير لا يحتاج إلى إيديولوجيا هذا صحيح، فالتحرير يحتاج إلى إرادة وطنية تتجمع وتخترق الحواجز الإقليمية وفي المقدمة الحواجز العربية، ولكن مرة أخرى أقول: لنأخذ الأمور في سياقها الفعلي التاريخي الذي فرض نفسه ولم يفرض نفسه على قاعدة إيديولوجيات، فرض نفسه على قاعدة الإمكانيات ...

س4: لا أريد أن أساجل في هذه القضية والجزائر ونحن نحتفل بانتصار الثورة الجزائرية ونحن نعرف بأن هذه الثورة استمرت أكثر من قرن ونصف القرن ووقع مليون ونصف المليون شهيد، فثورات التحرير لا تقاس بعشرات السنوات أو عشرين سنة، أو بالظروف والمعطيات التي تملي التعديل في المبادئ والمواثيق التي من أجلها انطلقت الثورة ؟

من جديد أقول لم تكن المسألة مسألة إيديولوجيات، كانت مسألة تجميع إمكانيات، تجميع قوى وهذا أولاً، ولذلك المناضلين الفلسطينيين من الجيل الذي سبقنا وجيلنا بعد نكبة 48 ... المناضلين الفلسطينيين انخرطوا في حينه بعد نكبة 48 في صفوف حركة التحرر والتحرير العربية وفي صفوف الحركة الإسلامية، وبالتالي غابت الجهود الوطنية لتجميع الطاقات، لأن الوضع العربي الذي تشكل بعد العام 48 كان يحجب على الفلسطينيين حجاباً كاملاً، أي خطوة باتجاه تجميع قدرة خاصة.

أولاً: بالجزائر، 130 سنة، لكن الثورة الجزائرية لم تستمر 130 سنة ولا عشرين سنة، الثورة الجزائرية عندما وقع الاحتلال الفرنسي قامت الثورة الجزائرية برئاسة الأمير عبد القادر الجزائري لفترة محددة.

ثانياً: عندما انهزم الأمير عبد القادر الجزائري لم يجد مكاناً بالجزائر، ولا حتى في بلدان المغرب العربي؛ لجأ إلى المشرق العربي وبالتحديد إلى الديار السورية  في ذلك الوقت، وهيمن الاستعمار الفرنسي إلى عام 1954، وأقول ذلك لأنني عشت فترة من النضال في الجزائر ومعي جزائريين في ذلك السياق، أيضاً حتى عام 1954 في الجزائر لم يكن هناك أي جيل بعد هزيمة جيل عبد القادر الجزائري نهض على قاعدة جزائرية، الأحزاب والقوى التي تشكلت كانت محتارة ما هي هوية الجزائر، هل هي جزائرية أم عربية أم مسلمة أم فرنسية ؟! ... تذكر وأرجو أن تتذكر معي أن فرحات عباس أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة، كتابته كلها كانت تقول أنه بحث عن هوية جزائرية بالمقابر وبكذا وبكذا ... الخ، ولم يجد هوية جزائرية، وأن الجزائر هويتها تتجه نحو أوروبا وتحديداً كان يقول فرنسية، وحتى قبل أشهر من انطلاق الثورة 54، ومن تشكيل للحكومة. عرضت المنظمة الخاصة التي أطلقت الثورة على فرحات من البداية أن يرأس الثورة لكنه رفض ...

س5: المذيع مقاطعاً ـ اليوم الجزائر هويتها عربية إسلامية؛ وهذا النموذج هو النموذج الخاطئ، هو النموذج الذي تأثر بهذا الاحتلال ...

أنتَ استشهدت بالجزائر وهذا خطأ والمقاربة خاطئة، فالنواة الخاصة التي تشكلت داخل صفوف حزب الشعب الجزائري، هذه النواة الخاصة تشكلت من الجيل الجديد، جيل العشرينيات، حسين آيت أحمد كان عمره 18 سنة على سبيل المثال والآخرين الذين كانوا معه، أي الجهاز الخاص، وعندما عرضوا رئاسة العمل على فرحات عباس رفض علي يوسف بن خدلا رفض وآخرين لا زالوا أحياء رفضوا، عند ذاك صعدت المنظمة الخاصة إلى الجبال.

متى أيضاً خرجوا إلى الجبال كانت فرنسا قد لحقت بها هزيمة "دبان بيان فو" في فيتنام 1954، وبالتالي خرجت مهزومة بالحرب العالمية الثانية، وخرجت مهزومة بمستعمراتها وجيشها منهك، وبالتالي طلعت هذه المجموعة إلى الجبل قاتلت ست سنوات، والمليون شهيد الذي تكلمت عنهم هم أبناء الست سنوات.

فلسطين أحاط بها وضع أصعب بكثير من الجزائر، فالجزائر قارة 2.5 كم2، وشعب على امتداد القارة الجزائرية، إمكانية اختراق الحدود المجاورة؛ إمكانية مفتوحة لكل شيء بما فيه تهريب السلاح، بينما فلسطين تشكل عندنا وضع خذلتنا قيادتنا الفلسطينية في ذلك الوقت، خذلتنا القيادات والأنظمة العربية في ذلك الوقت، وكان ومضة زمنية صغيرة هي ثورة 36 ـ 37 على يد الفلاحين في القرى والريف، وبعدها لا شيء، والحاج أمين الحسيني غادر الأراضي الفلسطينية عام 1939 ولم يَعُد لها بعد ذلك التاريخ.

أقول هذا حتى أقول أن التعقيدات التي شهدناها لم يشهدها أي بلد من البلدان العربية، ففي الجزائر كان هناك 8 مليون مقابل مليون معمر فرنسي أي مستوطن، بينما الأوضاع معقدة عندنا المساحة محدودة 28 ألف كلم2 هذا أولاً، وثانياً: التواطؤ الاستعماري ـ البريطاني الذي أدخل على صك الانتداب في وعد بلفور، وبالتالي الإمبراطوريات الاستعمارية والحركة الصهيونية حركة ذات عقلية علمية، الأنظمة العربية متخلفة وعاجزة إلى حدٍ كبير ...

س6: قد يكون هناك تباين ولكن مقاييس القوى بين القوى الاستكبارية فرنسا كانت قوة عظمى، كانت إمبراطورية كبرى عالمية، وكانت الثورة الجزائرية بالخيول والرماح وبعض الأسلحة قياساً بدولة فرنسا، لا يمكن أن نقيس والثورات وحق الشعوب لا يمكن أن يقاس بمعايير وظروف وإمكانات والظروف السياسية المتغيرة، لا يمكن أن نبني على ظرف سياسي متغيّر ومتحوّل حقيقة دائمة نقرر فيها لعدونا بشيء من حقوقنا ... هل توافقون على هذا ؟

لا أوافق على ذلك، يمكن أن تنشأ تيارات كما نشأ بالجزائر وقبل قليل وقبل أن تبدأ هذه الحصة بالحوار، كنا قد تكلمنا عن فرص تاريخية أُتيحت على سبيل المثال تنشأ تيارات متعددة، ولكن أودُّ أن أقول هنا بعد احتلال غزة 56 بدأ التفكير بتشكيل نواة جديدة، وتشكلت نواة جديدة، وبعد انهيار وحدة مصر وسورية انفتح هذا على مصراعيه في بلدان الشتات وفي المقدمة في صفوف اللاجئين بكل من الأردن وسورية ولبنان، وعليه؛ عليك أن تلاحظ وعلينا جميعاً أن نلاحظ أن غزة كانت قد سبقت هذا، لأن الانطلاقة التي جرت في الأقطار العربية المجاورة على يد الأخوة في فتح الـ 65 وفي ظل أيضاً صراع إقليمي عربي ـ عربي، أي صراع بين حزب البعث الذي كان يعاير عبد الناصر باليومي بعدم "غلق مضائق جزيرة تيران" منذ 1956، والسعودية كذلك، التي كانت تعاير عبد الناصر بوجود قوات الأمم المتحدة بمضائق تيران، في ظل هذا الصراع جاء الأخوة في فتح، ولكن انفتح الميدان أمام الشعب الفلسطيني بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، وتعملقت المقاومة والثورة الفلسطينية بعد حزيران/ يونيو 1967 وحتى يومنا، أنجزنا لشعبنا خطوات كبرى إستراتيجية على طريق الحرية والاستقلال والعودة، على الجميع أن يرى ذلك، لا أن يقفز عن ذلك.

س7: هناك قد يقال بأن هناك دول كثيرة استعمرت ولكن لم تقر الشعوب لمستعمريها بحقهم بالاستعمار قد تهزم شعوب وقد تستكين لفترة تاريخية ولكن لا تصادر إرادة الأجيال الأخرى لتتنازل عن هذا الحق، وهناك شعوب أوبيدت في التاريخ ولكنها لم تمضي صك الاستسلام والتنازل عن حقها، لكن هل يمكن لشعب أن يمضي صك تنازل عن جوهر قضيته ؟ نحن اليوم بصدد هذا، وهل توافق أن الصراع الرسمي (العربي) وما يسمى بالمبادرة العربية؛ مبادرة الملوك والرؤساء هو كله على عشرين% من فلسطين، وضرب شارون بها عرض الحائط فهل هناك إهانة أكبر من هذه الإهانة ؟! ...

هذا يؤكد كل السياق الذي تكلمنا به على امتداد هذا الحوار، يؤكد مرة أخرى بأن الأنظمة العربية وطبائعها الرئيسية أنظمة متخلفة تاريخية وأنظمة استبدادية وفاسدة، وهذه الأنظمة تدير سياستها ليس فقط بالشأن الخاص بكل بلد من البلدان، بل عندما تلتقي في إطار جامعة الدول العربية وفي إطار القمم العربية، هذه الأنظمة تدير سياسات لشعوب أخرى تتدخل بشؤونها وتقرر لها مصيرها في هذا الميدان، والأمثلة كثيرة على هذا، وأنت طرحت مثلاً على هذه الأمثلة المبادرة العربية، فالمبادرة العربية بدأت بطبخة سعودية وثم عممت وكرست بالقمة العربية في آذار/ مارس 2002، ووافقت عليها القمة الإسلامية بالإجماع وأصدرت ما أصدرت، والذي أصدرته في إطار ما اصطلح على تسميته بالقمم العربية بتصفية آثار العدوان 1967 وليس فلسطين وتحرير فلسطين، وعليه وضعت خططها في هذا السياق وفي هذا الإطار، بينما لا حق لأي دولة عربية أو مجموع الدول العربية أو مجموع الدول المسلمة أو أي مجموعة في العالم بأن تقرر لشعب مصيره هي وبالنيابة عنه والوصاية عليه، وتستخدم التعقيدات في طريقة من أجل محاولات فرض الهيمنة وتقرير مصيره، ولذا نقول هذه سلسلة تاريخية من الأخطاء العربية التي قدمت تحت عنوان عربي بأن فلسطين "قضية العرب المركزية"، بينما بالممارسة العملية لم تكن هي القضية المركزية، بالممارسة العملية أخذت الأمور منحى آخر.

نهضنا بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 نهوضاً عملاقاً والثورة الفلسطينية متصلة ومتواصلة، وبالتأكيد في صفوف الثورة الفلسطينية تيارات متعددة، وإلا لماذا تباينّا واختلفنا مراراً على سبيل المثال، فنحن اختلفنا على الذهاب إلى مدريد، فلقد قررنا بقرارات بالمجلس الوطني الفلسطيني لا نذهب إلا بشروطنا كذا وكذا ... الخ، وفي إطار وفد عربي موحد وفي إطار تنسيق بين الجميع، ورفضنا الحلول الثنائية والمفاوضات الثنائية، ولكن ماذا وقع في حينه تيار في صفوفنا بزعامة الأخ أبو عمار أخذ برأي الدول العربية وبالتحديد الدول العربية المجاورة والسعودية أيضاً وذهب إلى مدريد؛ مما أدى إلى كسر قرارات المجلس الوطني الذي أخذنا بالإجماع (28 أيلول/ سبتمبر) قبل أقل من شهر من مؤتمر مدريد، ثم كررنا هذا ثانية بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير في 18 تشرين أول/ أكتوبر قبل 12 يوماً من مؤتمر مدريد، ولكن أبو عمار عصا عن هذا كله وأخذ بضغط الدول العربية أخذ هذا كله بجانبه قوى والعديد من الشخصيات المستقلة.

نحن أخذنا موقف الاعتراض والمعارضة، وانسحبنا من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وانسحبنا من المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وانسحب معنا الجبهة الشعبية، وكذلك الحال الشاعر محمود درويش والأخ شفيق الحوت وعبد الله حوراني، أي كنا باللجنة التنفيذية أفقدنا النصاب السياسي وأفقدناها النصاب القانوني، ولذلك الأخ أبو عمار لم يستطع أن يعمل اجتماع اللجنة التنفيذية ولا المجلس المركزي إلى عام 1996 من أكتوبر 1991؛ عندما عقد مجلس وطني في غزة في ذلك الوقت، وأعاد تشكيل المجلس الوطني لمنظمة التحرير وأغرقه بـ 300 عضو بقلمه وهذا مثال.

حول الاستحقاق اليوم: نحن أخذنا سياسة فلسطينية بدأت على ضوء مجموع التجارب والمراجعات، تبلورت بالفترة الواقعة بين 56 ـ 74؛ أن نناضل من أجل حقنا، وبالأمس هنا البارحة وأنت سمعت ورأيت بالمؤتمر كل الكلمات قالت إذا أمكن أن ننجز تحرير أي جزء من الأرض الفلسطينية، نقيم عليه سلطة وطنية ونقيم عليه مشروع دولة إلى آخره ...

أنجزنا هذا البرنامج؛ تبلور بعد أكثر من 30 سنة، في عام 1974 أنجزنا هذا البرنامج أن فلسطين هي فلسطيننا بكامل ترابها، وأن هذه العملية الإستراتيجية هي الهدف نتجه باتجاهها وما نستطيع أن نحرره وأن نصل له نبني عليه مشروع الدولة، نبني عليه مشروع السلطة، هذا الذي قررناه بـ 74، وأخذنا عليه موافقة قمة الرباط العربية، وبعدها بدأت الاعترافات الواسعة بنا، ودخلنا الأمم المتحدة، وعلى هذه القاعدة أخذت اعترافات القمم العربية والإسلامية، عدم الانحياز، بلدان التجارب الاشتراكية (السوفييت، الصين، فيتنام، كوبا ... الخ، الهند، البرازيل) ...

هذه القاعدة أيضاً اهتزت عشية مؤتمر مدريد وقبل هذا اهتزت بشكل أفدح بعد حرب أكتوبر 73؛ عندما دعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى مؤتمر جنيف، تم دعوة كل من: "إسرائيل" والأردن وسورية ومصر، تم شطب فلسطين وشطب الشعب الفلسطيني وشطب منظمة التحرير الفلسطينية، والدول الأربعة وافقت على الذهاب إلى مؤتمر جنيف برئاسة كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. مطروح على الطاولة فقط القرار 242 و 338، وحتى كلمة "الأرض مقابل السلام" ليست مطروحة؛ لأن هناك خلافاً حول أرض، والأرض التي احتلت عام 1967.

اختلفنا بشأن مؤتمر مدريد، لأن أبو عمار لم يأخذ بقرارات المجلس، واختلفنا بمؤتمر جنيف، فأبو عمار حمل على الأكتاف في مؤتمر جنيف من كل الدول العربية ومن كل العالم ليقدم إقراراً من ثلاث قضايا؛ بأنه موافق على 242 و 338، ولا تربط بحق تقرير المصير وعودة اللاجئين وحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، هذا بعد انتفاضة دامت 6 سنوات من 1987 إلى 1993 هذا أولاً، وثانياً: وافق وأعلن هذا بمؤتمر جنيف بمؤتمر صحفي بالغتين العربية والإنكليزية بحق "إسرائيل" بالوجود، وهذا أخطر بالمناسبة من القرار 242 و 338. وثالثاً: نبذ العنف، وبالتالي هذا أعطى اتفاقات أوسلو التي اختلفنا عليها أيضاً فوراً، عشرة سنوات لا يوجد أي اتصال بيني وبين عرفات.

س8: هذه التجربة وصلت إلى طريق مسدود وكان استشهاد الرئيس ياسر عرفات على يد العدو في نهاية المطاف بالمقاطعة ومنظر المقاطعة الذي كان دامياً أمام أنظار العالم، أي حتى الذي تعهد وسلك هذا الطريق شهدنا إلى أين وصل مع الجانب الإسرائيلي ؟! ...

لذلك علينا أن نسمي أن السلطة القائمة الحالية سلطة تحت الاحتلال، لا سيادة لها على الأرض، سلطة حكم ذاتي للسكان فقط، لا سلطة وسيادة على الأرض، لا مكان وحتى الذين أقاموها الآن يكفرون بها، فأبو مازن واحدة من النقاط الذي أثارها بالأمم المتحدة بأنه غير مستعد بأن يواصل على رأس سلطة بدون سلطة، أي بدون سلطان، لأنه ليس لديه سلطة على الأرض بهذا الميدان.

 

 

س9: ما هي خيارات الرئيس أبو مازن اليوم في ظل الموقف الأمريكي الصريح الذي لا لبس فيه؛ بأنهم لم يسمحوا بإقرار هذا الموضوع في مجلس الأمن ... ما هي الخيارات المتاحة عملياً بعد هذا ؟

أدرك وحتى قبل أن نذهب إلى الأمم المتحدة كنا أيضاً أخذنا خطوتين وليس خطوة واحدة، فالخطوة الأولى نذهب إلى مجلس الأمن ونحن ندرك مسبقاً وأبلغ أبو مازن مسبقاً قبل أن يذهب بأنهم سيستخدمون "الفيتو"، هذا وقع أكثر من مرة في جنوب إفريقيا على سبيل المثال، ولقد كان ممكناً أن نذهب مباشرة إلى الأمم المتحدة، لكن مباشرة إلى الأمم المتحدة لا يمكن أن ننجز دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال، الممر يجب أن يكون بموجب قوانين الأمم المتحدة مجلس الأمن ومع ذلك نعلم أنه سوف يستخدمون "الفيتو"، أصرينا على الذهاب إلى مجلس الأمن حتى نكشف السياسة الأمريكية أكثر فأكثر من جانبنا كما فعلنا عندما ذهبنا إلى مجلس الأمن بشأن الاستيطان قبل 3 أشهر، وانتزعنا قرار من 14 دولة مع ضرورة وقف الاستيطان ما عدا أمريكا، وتعطل القرار ولكن كسبنا ماذا؟ "إسرائيل" أصبحت معزولة دولياً باستثناء الإدارة الأمريكية والأمريكان بسياستهم بالشرق الأوسط، سياستهم الفلسطينية أصبحوا أيضاً بحالة عزلة لأنه لم يقف معهم بمجلس الأمن أحد هم فقط اضطروا بمجلس الأمن أن يبرروا الموقف بأنهم أيضاً موافقون للوقف الكامل للاستيطان.

س10: جوهر عملية الصراع هل هو الرهان على مجلس الأمن والأمم المتحدة ونحن نذكر في مراحل تاريخية وأنت عشت هذه المراحل بشكل مباشر في مرحلة تاريخية كانت الجمعية العامة تعتبر الصهيونية حركة عنصرية، وكان هناك إجماع كامل وأخذت قرارات قبل 242 و 338 والقرار 194 الذي يقرُّ حق العودة، كان نصف المجتمع الدولي، كان هناك الاتحاد السوفييتي، كانت مع القضية الفلسطينية، ماذا جنينا من هذا الدعم الدولي إذا لم تكن النواة الصلبة الفلسطينية ـ العربية ـ الإسلامية هي الأساس ؟

بما أن "النواة صلبة التي تتكلم عنها غير موحَّدة فلسطينياً، غير موجودة عربياً، إسلامياً"، علينا أن نقدم أجوبة ملموسة على الوقائع الملموسة، وليس على الرغبات الذاتية المعلقة بالهواء.

في صفوف الحركة الفلسطينية يوجد تيارات وتباينات، وبالتالي كنا نتوحد على قاعدة القواسم المشتركة؛ أي قاعدة الحد الأدنى، وأنجزنا أربعة برامج بالحوار الوطني الشامل بالإجماع ... ولكن لم تنفذ حتى الآن، والانقسام قائم منذ يناير 2006 حتى الآن. أيضاً الحالة العربية أسوأ من الحالة الفلسطينية، حالة مفككة بالكامل، مفككة بانعزال السادات وخروج مصر من الميدان مفككة بحروب الخليج الثلاثة، وكل الدول العربية استنزفت على امتداد 30 عاماً بحروب الخليج الثلاثة، وأصبح كله متجه نحو الخليج وليس نحو فلسطين، حالة العالم المسلم أكثر تفككاً وهزالاً.

إذاً هذه الحالة الملموسة يجب أن ندرسها جيداً حتى لا نظل نتكلم نظريات عن النواة الصلبة، فالنواة الصلبة تتطلب إنهاء الانقسامات والوحدة الوطنية على قاعدة إستراتيجية نشتق منها التكتيك اليومي، نشتق منها التكتيك المرحلي، هذا ما حصل مؤخراً بالحوار الوطني الشامل في القاهرة وتوقيع اتفاق 4 أيار/ مايو بإجماع قادة الفصائل الفلسطينية، لكن الاتفاق لم ينفذ حتى الآن، لأن نزعات المحاصصة الانقسامية بين فتح وحماس لم تستجب بعد إلى آليات التنفيذ الجماعية المقررة باتفاق 4 أيار/ مايو....

س11: ألا تلحظ أننا كثيراً ما خلطنا بين التكتيك والإستراتيجي وأصبح التكتيك هو كل الإستراتيجية ؟

لا أعتقد ذلك، فريق منا خلط، لكن إذا أخذنا مكونات الشعب الفلسطيني وطاقاته وأغلبية فصائله لم يخلط، نحن على امتداد هذا التاريخ من 1967 حتى يومنا؛ حمينا الأفق الإستراتيجي؛ الهدف الإستراتيجي، وحمينا الحركة الفلسطينية من أن تقع كلها بالخطأ والتكتيك الخاطئ، ولذلك حتى مؤخراً أنجزنا وثائق لإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية الوثيقة الأولى في آذار/ مارس 2005 بالحوار الشامل بالقاهرة والوثيقة الثانية بقطاع غزة في حزيران/ يونيو 2006 في غزة، ووقع عليها الجميع إسماعيل هنية وأحمد بحر موجود الآن معنا وتوقيعه موجود معي، والكل وقعنا عليها، ثم برنامج ثالث مبني على الأول والثاني بالقاهرة في آذار/ مارس 2009 والأخير في 4 أيار/ مايو 2011، ووقع الجميع من حواتمة ومشعل وشلح وأبو مازن و13 فصيل فلسطيني، حتى نحمي الأفق الإستراتيجي الهدف، وحددنا الإطار السياسي وحددنا، الائتلاف في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى أساس العودة للشعب بانتخابات ديمقراطية شاملة؛ تقوم على قوائم التمثيل النسبي الكامل حتى نوحد الشعب، حتى نوحد المجتمع، وكذلك مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.

س12: بعد النكبة هناك الجيل الذي انتفض على الجيل الذي سبق؛ الذي أضاع فلسطين 48، ومن ثم وصلنا إلى نكسة 67، ثم انتفضنا وكانت المقاومة وكفاحها المسلح والنضال السياسي في نهاية المطاف، والآن هناك جيل جديد أيضاً سوف يتابع هذا النضال فهل تشعرون أيضاً بهذا الجيل، وأستذكر النكبة والنكسة، ولكن أيضاً يستذكر التجربة النضالية الضخمة والانتصارات جديدة تحققها هذه المقاومة وهذا النضال لهذا الشعب ... هل تستبشر بهذا الجيل أيضاً انتفاضة تتجاوز وتتقدم النضال من أجل فلسطين لتحرير الأهداف الإستراتيجية الكبرى ؟

نعم ومتأكد بأن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة، وأبني على هذا بعديد المؤشرات عندما كنا بالقاهرة نحاور من أجل البرنامج الجديد بـ 4 أيار/ مايو 2011 نزلت عشرات الآلاف في كل من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة بنداءات على "فيس بوك"، وهذا يؤشر إلى انتفاضة نزلت وترفع شعار "الشعب يريد إسقاط الانقسام"، "الشعب يريد تطبيق اتفاق 4 أيار"، "الشعب يريد العودة لفلسطين"، متأكد بأن الانتفاضة الثالثة قادمة ولكن كما يقرر الجميع بلا استثناء من الجبهة الديمقراطية إلى حماس وما بينها الجميع يقرؤون، يعترفون بأن "انتفاضة ثالثة نصونها ونحميها ونتطور معها وتتطور معنا، تستدعي بالضرورة إنهاء الانقسام اليوم قبل الغد، وتطبيق اتفاق 4 أيار 2011، وبدون إنهاء الانقسام وإسقاطه؛ سنصطدم مع بعضنا البعض بالشارع، فنحن نريد أن نوحد الشعب، الانتفاضة تريد وحدة شعب بهذه الحالة ووحدة قيادته بهذه الحالة"، وإذا بقي الوضع على حاله بدون إنهاء الانقسام أقول لك بوضوح: ستأتي اللحظة في يوم ما، فالأراضي الفلسطينية المحتلة وفي الشتات نحو انتفاضة ثالثة تتجاوز كل هذه القيادات دون استثناء هذا أولاً، وثانياً: الذي يجري بالبلاد العربية من المغرب إلى البحرين، هذا ليس شيء بسيط، وأرجو أن تلاحظ هذا أيضاً أثناء الثورة في تونس والثورة في مصر وليبيا وأنا ضد دعوة الدول العربية لتدخل "الناتو"، وأعلنت ذلك ومع الأسف القذافي بدلاً من أن يحاور شعبه مباشرة لجأ إلى الحرب الأهلية "سأوبدكم أيها الجرذان، أيها الفئران"، دار دار ... زنقة زنقة ...، فخافت أيضاً الدول العربية؛ الأنظمة العربية، خافت إذا أباد الشعب الليبي ينتقل علينا، ولذلك تجمعوا بالقاهرة وزراء الخارجية؛ خارجية الأنظمة العربية وليس الشعوب، وطلبوا من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يتدخل ووقع ما وقع.

أقول بوضوح: هذا سوف يواصل تداعياته، فسيطرة الثورة في المرحلة الأولى بتونس والثورة التونسية لم تكتمل بعد، ولكل ثورة لها مراحل، وسقط الاستبداد في مصر وفي ليبيا، علي عبد الله صالح من يحميه الآن، بصراحة كاملة الذي يحميه ليس قوى ذاتية داخلية داخل اليمن، فهناك انقسام رهيب داخل اليمن، فأغلبيته ليست معه والجيش منقسم على نفسه، والذي يحميه الآن المظلة الأمريكية ـ السعودية، ولكن مع ذلك أنا واثق من الانتصار للثورة باليمن والتداعيات العربية ستتواصل لتنزل الأنظمة العربية عند "استحقاقات الشعوب، إسقاط الاستبداد والفساد، الديمقراطية الكاملة، العدالة الاجتماعية" وهذا حق للشعوب بعد قرون عديدة من الاستبداد  ...، وفلسطين سوف تحيا بالمقاومة لماذا ؟! ... لأنه بالميادين الملايين كان الهم إسقاط الاستبداد، وكنت تلاحظ أنه لم يُحْرَق علم صهيوني ولم يُحْرَق علم أمريكي إلى أن سقط الاستبداد، هذا النهوض العظيم قادم أيضاً وستكون فلسطين بالضرورة على رأس جدول الأعمال لكل شعب من الشعوب الذي انتفضت وثارت، وعليه نحن أمام شيء جديد يتشكل في الحياة الفلسطينية وفي الحياة العربية، وآمل أن يترك تداعياته أيضاً على بلدان العالم الإسلامي، لأنه كذلك الحال العديد من الأنظمة أنظمة استبدادية تصادر حريات شعبها وتقمع شعبها بكل الأشكال وتدمر قدرة الشعب النهوض، وهذا كله يعني أننا نعيش مرحلة فلسطينية وعربية ثورية جديدة من الماء إلى الماء كما يقول المغاربة، وكما نقول نحن المشارقة من المحيط إلى المحيط؛ من مراكش إلى البحرين.

هذه تطورات واعدة ولكن علينا أن نحمي جذوة الثورات؛ أن تبقى جذوة وطنية ثورية حتى ولو انقسمنا، أن تبقى هذه الجدوة هي المقاومة، المقاومة بكل أشكالها، المقاومة في كل الثورات قاومت بالسلاح وقاومت بالسياسة وقاومت بالنضال الجماهيري، فلقد كان عندنا انتفاضة كبرى عام 1987 ... 1993 لم تستخدم السلاح على سبيل المثال.

 

المذيع: المعيار المقاومة وليست هذه المستويات من المقاومة فهي في مقابل بعضها البعض وليس بديلاً عن بعضها البعض، هذا هو جوهر الموضوع وكله في خدمة الهدف واحد.

شكراً لهذا الحوار الشيق، وإلى حوار قادم ...

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا