<%@ Language=JavaScript %> د. خالد حدادة أن تكون ضد المؤامرة.. وقائداً للتغيير
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

أن تكون ضد المؤامرة.. وقائداً للتغيير

 

 

د. خالد حدادة

 

 

أثبتت الأيام الأخيرة كم ستكون صعبة المرحلة الانتقالية التي يمر بها العالم العربي في ضوء الصراع (بموازين قوى مختلفة)، بين الهجمة المضادة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية والحلف الأطلسي مع حلفائها الإقليميين في مجلس التعاون الخليجي وتركيا وما يسمى بالحركات الإسلامية المعتدلة، في مواجهة الحالة الشعبية العربية التي عمت الدول العربية جميعها منتفضة من اجل الحرية والكرامة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.

ولا بد من الاعتراف في هذا المجال بأن هذه الهجمة حققت بعضاً من مهامها، على صعيد محاولة احتواء الحركات الجماهيرية في تونس ومصر، وبالتالي المساعدة في تحويل ثمار هذه الحركات للقوى السياسية التي كانت مترددة تجاه هذا الحراك الجماهيري، ومن خلال حصر المطالب باستبدال السلطة السياسية، دون المس بالمصالح الاقتصادية للفئات المسيطرة من البرجوازية، وبشكل خاص دون المس بمصالح الولايات المتحدة الأميركية خلافاً لشعارت الحركة الجماهيرية نفسها، والتي ربطت بين التغيير الديموقراطي ومواجهة الفقر والجوع والتخلف، وما بين الموقف من السيادة الوطنية ومواجهة الاستعمار..

 وكذلك على مستوى، مصادرة الحركات الجماهيرية ومحاولة توظيفها في إطار مشروع إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وبالتالي استخدام موقف الأنظمة في بعض الدول لتبرير التدخلات ولتبرير هذه المصادرة كما جرى في ليبيا وكما تتم محاولة التعميم على سوريا اليوم.

في إطار هذا الصراع وفي ظل هذه المرحلة الانتقالية، وعلى أبواب الانسحاب الأميركي، شبه الإجباري، من العراق، كان طبيعياً أن تستفيد هذه الهجمة من كل «أسلحتها» من دول ومجموعات مسلحة ومن مؤسسات دولية وإقليمية ومن كل إمكانياتها في الضغط الاقتصادي والسياسي.

 وازدادت إلحاحية هذه الهجمة مع ظروف أزمة الرأسمالية العالمية والتصدع المؤدي حتماً للانهيار لمنطقة «اليورو» من اليونان الى ايطاليا وغداً في اسبانيا والبرتغال وكذلك فرنسا والمانيا، والقرار الأميركي الضمني بتكرار مراحل مختلفة من التاريخ، بالاستعانة بقوتها السياسية والعسكرية وإمكاناتها على تفجير الحروب في مناطق مختلفة من العالم، كي تتلقى دول العالم نتائج الأزمة الكبرى وبالتالي، محاولة انقاذ الاقتصاد الأميركي ولو أدى ذلك الى دمار مناطق بكاملها.

 نحن اليوم إذن في مرحلة متقدمة وحاسمة من مراحل هذه الهجمة، لا ينفع معها إعطاء فترات السماح والمراوغة... لذلك لم يكن مسموحاً للدول العربية «المعتدلة» و«للجامعة العربية» حتى وضع قضية الدولة الفلسطينية وموقف الولايات المتحدة الأميركية منها ومن منظمة اليونسكو على جدول أعمال اهتمامات، لا الملوك والأمراء في «ديموقراطيات» الخليج العربية ولا بالتالي على جدول أعمال الجامعة العربية.

 و«المستغرب» في هذا المجال، «استغراب» البعض وحديثهم عن الموقف الأخير للجامعة العربية من أحداث سوريا، ووضع مأساة شعبها في خدمة الهجمة الأميركية، بعد عجز الأخيرة عن تكرار السيناريو الليبي مباشرة عبر مجلس الأمن الدولي. وبالتالي كيل الشتائم والاتهامات لهذه المؤسسة.

 منذ سنوات اعتبرنا، أن هذه الجامعة الممثلة للنظام الرسمي العربي، ماتت مع موت هذا النظام، واعتبرنا حينها أن السيد عمر موسى أمينها العام السابق هو وكيل تفليسة، وبالتالي فإن السيد نبيل العربي اليوم يمكن اعتباره مديراً لمؤسسة دفن الموتى لا أكثر ولا أقل.

 فالجامعة العربية هذه لعبت وعلى حساب الشعوب العربية وقضية العرب الأساسية، دور السمسار لمصلحة المشروع الأميركي، والجمهورية العربية السورية عضو كامل العضوية فيها توافق احياناً، وترفض حيناً آخر.

 فهذه الجامعة، ساهمت في جر القيادة الفلسطينية الى ساحة المشروع الأميركي وشجعت على الانقسام الداخلي وغطت الحصار المجرم لغزة.

 وهي كذلك غطت الهجوم الأميركي ـ الأطلسي على العراق في مرحلتيه.. وهي تآمرت ولم تغط فقط، مع الهجوم الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وبذلك، فهي في فلسطين والعراق ولبنان، تتحمل مسؤولية عشرات آلاف الشهداء ومئات آلاف الجرحى من العرب.

 وفي المرحلة الأخيرة غطت هجوم الناتو على ليبيا واحتلال مجلس التعاون الخليجي للبحرين وقمع انتفاضة شعبها.

 ولذلك، فالاستغراب اليوم هو «المستغرب»، والمطلوب البحث في كيفية المواجة ومع مَن؟؟

 [[[

 إن الوضع السوري هو اليوم في أولوية اهتمامات «الهجمة المضادة»، والسؤال مرة جديدة ليس عن وجود «المؤامرة» ولا حاجة للبحث كثيراً عن تبريرات للقول بوجودها، بل السؤال عن الطرق التي اعتمدت لمواجهة هذه المؤامرة ولمنعها من ركوب موجة التحرك الشعبي المحق للشعب السوري المطالب بحرية وبناء الدولة المدنية الديموقراطية؟

 لقد دعونا منذ البداية، النظام السوري، للتنازل لشعبه وللإسراع في تحقيق المطالب المشروعة واعتماد لغة الحوار مع المعارضة الوطنية الديموقراطية في الداخل وإلاّ فإن اعتماد الحل الأمني وتجاهل مشروعية المطالب سيصبّ زيت القمع، على نار المؤامرة والفتنة.

 ولكن، تمّت إضاعة الكثير من الفرص، فتحت حجة «الآليات الدستورية» تتم المماطلة في عملية الإصلاحات ويستمر مسلسل القمع ويستمر الحل الأمني اساساً في خطة الدولة... وعندما تم تغيير الحكومة السابقة افترضنا أن هذا التغيير سيكون لانطلاقة جدية للحوار مع القوى الوطنية والديموقراطية، ولكن للأسف تم تشكيل حكومة اقل من عادية لمواجهة ظروف استثنائية وخطيرة.

 إن هذه الممارسة ساعدت في تقدم خطوات الهجمة المضادة التي كانت قرارات الجامعة العربية أحد فصولها وليس الأخير... والآتي حتماً سيكون أكثر خطورة من الضغط لتوحيد المعارضة وبمعنى محدد إخضاع معارضة الداخل لشروط عمل وتكون المجلس الانتقالي، تشديد الضغوط الاقتصادية والسياسية على سوريا، إيجاد ما يسمى «المناطق العازلة» وتحويلها الى مراكز تدريب المجموعات وتجميعها ولاحقاً تمركز لما يمكن كسبه من الجيش السوري، وتأمين الاعتراف الدبلوماسي الغربي والعربي بالمعارضة ممثلاً شرعياً لسوريا وغيرها من الخطوات التدريجية التي تضاف لعوامل الفتنة المذهبية التي انطلقت بوادرها بشكل مؤلم ومخيف...

 إنها صفارة انطلاق الهجمة لإسقاط سوريا، وليس نظامها فقط.. اسقاط سوريا كموقع عربي تقدمي، اسقاط المطالب الشعبية وفكرة بناء الدولة المدنية الديموقراطية، معركة استكمال الشرق الأوسط الجديد، بدويلات وإمارات جديدة وبالدم العربي المسكوب على مذبح مشروع برنارد لويس المتجدد بأشكال جديدة عبر خطاب باراك أوباما في جامعة القاهرة.

 [[[

 إذا كانت واضحة اهداف المؤامرة، فهل تكرار التحذير منها ومن المواقع نفسها هو الحل؟؟

 حكماً إن استمرار النظام السوري في سياسته وممارسته، وتوجهه للتنازل امام الخارج على حساب مصلحة سوريا وشعبها، سيسهل للمؤامرة أدوات نجاحها... ولذلك فإن المطلوب اليوم سد الثغرات الكبيرة التي كانت خلال الأشهر الماضية من مواجهة الأزمة وربما يكون أولها في عقد مؤتمر وطني، او حكومة وطنية موحدة مع المعارضة الوطنية، تضع برنامجاً للمواجهة، ينطلق من ضرورة التغيير وبناء الدولة المدنية الديموقراطية، المواجهة لمخاطر الهجمة الأميركية وتأخذ ضمن اولوياتها المطالب الوطنية والاقتصادية والاجتماعية للشعب السوري.. توقف حمام الدم وتلغي ثغرات اللعب على التناقضات الداخلية وتطلق سراح المعتقلين، وتحاسب المسؤولين عن الدماء التي سالت من الشعب والجيش والقوى الامنية على حد سواء.

 ومن جهة أخرى، فإن قوى المعارضة الوطنية الديموقراطية في الداخل، مطالبة بأن تشكل بشكل موحد، خطة مواجهة للمؤامرة الخارجية مرتبطة ببرنامجها للتغيير الديموقراطي وغير معزولة عنه. وعلى الأقل توحيد موقفها وأداتها وتطوير مبادرتها وجرأتها في التوجه لكل القوى السياسية الممثلة في سوريا بجانبها أحزاب الجبهة الوطنية وحزب البعث تحت شعار سوريا الديموقراطية، في مواجهة التدخل الخارجي والمؤامرة الأميركية.

 ربما يقول قائل: إن الوقت قد فات على هذا الطرح، ربما اصبح الوقت ضيقاً الى حد الاستحالة... ولكن بلورة نهج المقاومة بمضمونها الديموقراطي، لم يكن يوماً في الظروف السهلة والأوقات المريحة.

وفي هذا المجال، تمنٍ كنا نطرحه دائماً بالغرف المغلقة، لا بد من طرحه علناً اليوم، على القوى اليسارية وخاصة الشيوعية في سوريا... لا يمكن اليوم، جعل الوعاء التنظيمي مانعاً لليساريين والشيوعيين من أن يأخذوا موقعهم في مواجهة المؤامرة وفي عملية التغيير الديموقراطي وبالتالي توحيد موقفهم السياسي على الأقل للخروج ببرنامج مقاومة فعلي يرفض ثنائية الخيار التقليدي التي يوضع فيها اليسار دائماً، إما المؤامرة أو تأبيد الأنظمة.

 خيارنا كان دائماً مواجهة المؤامرة الأميركية، بمسار يوحد هذه المواجهة مع عملية بناء الدولة المدنية الديموقراطية.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا