<%@ Language=JavaScript %> أمجد عرار فرنسا ونهضة "اليسار"
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

فرنسا ونهضة "اليسار"

 

 

أمجد عرار

 

للمرة الأولى منذ ثلاثة وخمسين عاماً، تتحول الأغلبية داخل مجلس الشيوخ الفرنسي من “اليمين” إلى “اليسار”، وهما في الحالة الإمبريالية مسألة نسبية، لكن في سياق التفاوت تبدو نسبيتهما أبعد مسافة مما هي الحال في الولايات المتحدة، حيث إن الحزبين الكبيرين المتنافسين يمينيان، فيما اليسار لا يرى بالعين المجرّدة . فالنتائج الأولى للانتخابات الداخلية في مجلس الشيوخ أظهرت أن مرشحي “اليسار” حصلوا على أغلبية مطلقة مريحة، حيث انتزعوا 23 مقعداً على الأقل من الحزب الحاكم .

 

بعض المحلّلين اعتبر أن هذه النتيجة تعني تغييراً للحرس القديم، ووصفها رئيس مجلس الشيوخ بالزلزال الذي ستكون له ارتداداته داخل فرنسا وخارجها، لكنه في كل الأحوال هزيمة تاريخية لحزب نيكولا ساركوزي، وهي بالمقابل تعتبر نصراً تاريخياً لليساريين، لم يأت من فراغ أو نتيجة تغيّر لحظي في مزاج الفرنسيين، بل جاء تتويجاً لسلسلة من النجاحات التي حققها المرشحون الاشتراكيون في الانتخابات البلدية الأخيرة، ولصعود يساري مطّرد منذ عام 2004 .

 

بالنظر إلى أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية ستجرى بعد سبعة أشهر، فإن هذه النتيجة لا تعني نهاية عصر ساركوزي، لكنها تعد ضربة قوية لأحلامه في التجديد لولاية ثانية إذا لم يعرف ما الذي يتوجّب عليه فعله لإعادة المقادير التي سقطت . وفي واقع الحال لم يشكّل تراجع الحزب الحاكم مفاجأة في هذه الانتخابات، وإن كان حجم التراجع هو المفاجأة، ذلك أن نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي سبقت الجولة الانتخابية أشارت إلى استمرار التراجع في شعبيته في الفترة الأخيرة .

 

في بلاد اعتادت على الشفافية، تكون مسألة الحفاظ على الشعبية والزخم من أصعب المهمات والأهداف أمام السياسيين . لذلك فمن الطبيعي بالنسبة لمسؤول أو حزب في دولة كفرنسا أن تتراجع شعبيته، وأن يتعرّض مستقبله السياسي للخطر، وهو يتعرض لموجة من الفضائح المالية والسياسية قبل سبعة أشهر من موعد منافسته على منصب الرئاسة، خاصة إذا كان المعنيون بهذه الفضائح من المقربين منه، وهم متهمون بقضايا فساد مالي، باعتبار أن رئيساً يدعو إلى جمهورية نقية، لا بد أن يتصدى لهذه الحملات التي تستهدف نقاءه . حتى لو نفى ساركوزي وحزبه ومكتبه الرئاسي هذه الفضائح المفترضة، باعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فإن مجرد تداولها إعلامياً، ووصول بعضها إلى المستوى القضائي، لا شك أنه يسبب المتاعب ويفضي إلى تراجع الشعبية والتأييد في الشارع .

 

وإذا كانت الفضائح المالية والسياسية لم تصل حد الإدانة، فإنها ليست العبء الوحيد الذي يثقل كاهل الحزب الحاكم ورئيسه ساركوزي الذي يجد نفسه الآن مطالباً في بحر سبعة شهور أن يتصدى لحالة الغضب الاقتصادي التي تسود بلاده بسبب البطالة، وعليه أن يتعامل مع ميزانية مثقلة بالديون الأوروبية وأعباء المساهمة في إنقاذ الدول المتعثرة في منطقة اليورو .

 

وكما في الساحة الأمريكية، لا تبدو السياسة الخارجية لها نصيب كبير في اعتبارات الناخب الفرنسي الذي ينظر إلى من يختارهم بعين الوضع الداخلي . لذلك لسنا بصدد التعويل على التغييرات في بلاد العالم من أجل الحلول مكاننا في عمل ما ينبغي عمله لأجل قضايانا . فبالنسبة للفرنسيين، المسألة لها علاقة باختيار من يرفع مستوى معيشتهم ويقوم بواجبه من دون تجاوز المقابل الذي تحدده الدولة . أما بالنسبة لنا، فمن الجيد أن يصل لحكم البلاد النافذة قادة أكثر ملامسة لقضايا الشعوب، لأن قادة هذه الدول لا تقتصر مهمتهم على التشريعات الداخلية، إنما تتجاوزها لممارسة سياسة من شأنها تغيير مصير شعوب ودول .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا