<%@ Language=JavaScript %> عادل سعد نبوءة طه حسين!!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

نبوءة طه حسين!!

 

 

عادل سعد

 

هل تحققت نبوءة عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين عندما قال (لا تخشوا الأمية الأبجدية في عدم فك طلاسم القراءة والكتابة لأن من السهل معالجة هذا الأمر، بل الخشية من الأمية الأكاديمية) في إشارة إلى جموع المتخرجين من الجامعات العربية دون أن يكون لهم التأثير العلمي الفعلي في تغيير نمط الحياة اليومية باتجاه تطوير القدرات التنموية لبلدانهم في المجالات التي تكفل التحديث والإفادة من التطورات العلمية والتقانه.

واذا كان طه حسين قد عبر عن خشيته هذه ضمن قراءة مستقبلية للتوجهات المحتملة في الوطن العربي فأن الفيلسوف البريطاني برنادشو قد قطع المسافة الى هذا التشخيص تعليقاً على ملاحظة ابداها أحد الصحفيين منتقداً له في التقليل من عطاء هذا الفيلسوف، فما كان من برنادتشو إلا ان قال له (والى ماذا تسعى انت) فاجابه الصحفي ( أسعى لنيل الشرف الإعلامي) وهنا رد برنادتشو ( كل يسعى الى نيل ما ينقصه، انت ينقصك الشرف وانا ينقصني العلم)، والحال هناك شتان بين السعي الى ما ينقص كل منهما.

في إطار هذين التشخيصين لابد من الاعتراف أننا نعاني كثيراً في البلدان العربية من نقص التطور العلمي الذي من شأنه ان يسد نقصاً في متطلبات ما نحتاجه مــن النهوض في جميع المجالات بعيداً عن ظواهر تقليد الآخرين في مساعيهم.

وبشيء من التفصيل في الاعتراف علينا الاقرار اننا لا نغرد (علمياً) إلا بعد ان (يغرد) الآخرون، فعلى سبيل المثال ما زلنا لا نملك الثقافة الحقيقية في مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تعصف بنا من حين الى آخر، ولم نمتلك حتى الآن الوصفة اللازمة لمواجهة قضايا مثل مشكلة الباحثين عن العمل والفساد وتبييض الاموال والمتاجرة السياسية وانتشار مظاهر الرياء والكذب والتخوين، إننا نقلد الاخرين بما يقومون به، وكذلك الحال بالنسبة الى الظواهر البيئية بعد ان تمكن الجفاف ان يتحول الى وحش بأكثر من رأس واحدة، على الرغم من ان النسبة تصل في هذه الظاهرة داخل واقعنا الجغرافي الى معدلات هي الاعلى بين مناطق العالم دون ان نتمكن حتى الآن من وضع أولويات تستطيع ان تكون علامة عربية.

لقد تعلمنا فنون الانتظار واستطعنا ان نجيدها بامتياز بدل ان نتعلم فضيلة المبادرة اجتهاداً في هذه الميادين، كما أن التأسيس العلمي الذي نعتمده لم يأت نتيجة دراسات ميدانية حقيقية، بل في إطار نزعة اللحاق بالاخر، وهكذا لم نسمع حتى الان عن استاذ أكاديمي أمضى عدة أشهر في مكان صحراوي ليقيس مدى التأثيرات السلبية لتلك البيئية على الاحياء هناك، ولم نسمع أو نشاهد ان فريقاً علمياً بحرياً عربياً أمضى جولة علمية متواصلة في الغوص لقياس غضب البحار والمحيطات وكنوزها، مع ان الوطن العربي مسيج بحزام بحري طويل نسبياً.

وبتواضع أقول ان أغلب الاكاديميات العربية لم يسجل لها حتى الآن قصب السبق في رعاية ومتابعة حالة حياتية معينة، واذا كان قد حصل مثل ذلك فأنه أتى بجهود علمية فردية لاننا لم نتعلم العمل بروح الفريق الواحد على غرار الفردية ونزعة التشرذم التي تحكم العديد من احوالنا السياسية وإلا كيف يمكن القبول بوجود عشرات الاحزاب في مجتمع عربي صغير إلا اذا كان المبدأ الذي يسود يرتكز على الفوضى وليس على التنوع، وفي هذا السياق تستحق الاوضاع التي نعيشها اسئلة حائرة حقاً عن الفرص الضائعة في تغيير نمط التفكير ضمن مناخات الرأي العام العربي بما يعيد الاعتبار للاسبقيات التنموية ويقلل من اللغو السياسي والاعلامي اليومي الذي اغرقنا بالكثير من الشكاوى البنيوية الفئوية.

وعودة على بدء نقول ان حاجتنا باتت ماسة الى توأمة جامعاتنا ومؤسساتنا الاكاديمية الاخرى ومراكز بحوثنا بشرط ان لا تقع بما وقعت به المؤسسات التي قامت على هامش الجامعة العربية وقد اعياها الملل والتكرار، فلدينا الآن العديد من المراكز والاتحادات العربية في مجالات الزراعة والصناعة والمعادن ومحاربة الجريمة ورعاية الطفولة وضمان حقوق المرأة وصيانة الثقافة العربية وحماية الاعلام من الكذب والافتراء وحماية الحقوق الفكرية غير أنها مجرد عناوين فضفاضة لم تستطع ان تتخلص من حالة (العقم) الذي صاحبها منذ ولادتها بل والافظع أننا دخلنا مرحلة (التجارة) العلمية عبر شركات تزينها لافتات تقول (نعمل البحوث من خلال الانترنيت)، وكفى الدارسون متاعب البحث!.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا