<%@ Language=JavaScript %> زياد ابوشاويش تركيا تتآمر على تركيا؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

تركيا تتآمرعلى تركيا !

 

 

 زياد ابوشاويش

 

حين قدم أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا نفسه باعتباره منظر السياسة الخارجية لتركيا والفكرية لحزب "العدالة والتنمية" التركي بقيادة أردوغان لم يكن في مقدوره أن يتصور بلاده بعد سنوات معدودة دولة منبوذة ومشكوك في أمرها من جيرانها بالذات كونه صاحب نظرية "تصفير المشاكل" التي شغل الدنيا بها باعتبارها فتحاً كبيراً في مجرى العمل الدبلوماسي والعلاقات بين الدول.

دأبت تركيا منذ بداية هذا العام على التدخل في شؤون الدول العربية بعد أن تصرف قادتها على نحو مقبول تجاه قضية حصار غزة والحقوق الفلسطينية، بالإضافة لكونهم قيادة الحركة الإسلامية التركية التي تجد امتداداتها في معظم الدول العربية ويتواجد فيها الإخوان المسلمون بنفس التسمية أو بأسماء حزبية مختلفة لتجنب الصدام مع الحكام والقوانين المرعية.

تركيا بلد المتناقضات مرت بمراحل متعددة منذ الإطاحة بالخلافة الإسلامية العثمانية، وحفل تاريخها منذ تلك اللحظة بالانقلابات العسكرية وتغيير الحكومات بسبب التزام المؤسسة العسكرية حماية العلمانية والحياة العامة والمجتمع بعيداً عن الروح الإسلامية والتدين.

التناقضات لم تكن تقتصر على تنوع الأعراق وصدامها في فترات متلاحقة كما نرى في قضية الأكراد المزمنة كمثال، بل وكذلك في تنوع الثقافات والأفكار وتناقضاتها التي تقود لمعارك داخلية شرسة بين الأحزاب والنخبة الحاكمة تحت رقابة الجيش وقبضته القوية والعنيفة غالباً.

إن تلك التناقضات أورثت البلاد حالة من التوتر الدائم في حياتها السياسية جعل العديد من الكتاب والمفكرين يدعون إلى إقصاء الجيش عن الحياة السياسية، وقد دفع هؤلاء ثمناً باهظاً لدعوتهم تلك. وبغض النظر عن أسباب صعود التيار الإسلامي العلماني كما يسميه البعض فإن الوضع في تركيا في العقدين الأخيرين وبعد رفض الأوروبيين قبول تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي كان يشير إلى تغييرات كبرى لابد منها للحفاظ على مكانة تركيا وموقعها الدولي وفي حلف الناتو الذي كانت تركيا أهم دعاماته في غرب آسيا وعلى حدود الاتحاد السوفييتي السابق، وروسيا وإيران حالياً. 

نجح الإسلاميون في بسط سيطرتهم على البرلمان والحكومة التركية في تغير نوعي أطاح بمقاومة العلمانيين المحافظين والجيش لمثل هكذا تغيير بعد إجراء عمليات "جراحة تجميلية" كبرى للتيار الديني ومؤسسته الأهم "حزب العدالة والتنمية" فكراً وممارسة، وبقي هذا التيار رغم ذلك يحتفظ ببعض المظاهر الإسلامية الشكلية، لكن خارجياً كانت خيوط التيار تتشابك بقوة مع أخواتها في المنطقة العربية، عزز من تلاقيها سلوك ومواقف القادة الأتراك كرئيس الوزراء التركي أردوغان والرئيس "غل" تجاه قضية العرب المركزية وحصار غزة كما أسلفنا، ولم يزد الأمر عن ذلك إلا في مظاهر شكلية ذات بعد عاطفي ليس إلا.

في كلامه أمام اجتماع "منظمة التعاون الإسلامي" تناول وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو سورية بطريقة استفزازية دفعت السيد وليد المعلم للرد بأن التوقيع على البروتوكول الخاص ببعثة "المراقبين" إلى سورية هو شأن عربي خالص بين سورية والدول العربية والجامعة العربية وأن تركيا ليست معنية بهذا.

إن ما تقوم به تركيا سواء لجهة تشجيع التمرد في سورية أو التآمر عليها عبر الإعلام المغرض والتصريحات العنترية وتقديم العون لقوى المعارضة أنهى بشكل كامل صورة الصديق التركي المسلم المناصر لقضايا العرب و الحريص على وحدتهم واستقرارهم، وفي الجانب الآخر من الصورة تضررت إلى درجة كبير علاقات تركيا مع إيران على خلفية الدرع الصاروخية التي تنصبها أمريكا على الأراضي التركية بموافقة حكومة أردوغان ووزير خارجيته الفهلوي أوغلو كما في موضوع الأزمة السورية، الأمر الذي أحدث ذات الأضرار بعلاقة تركيا مع روسيا الاتحادية، وإذا أضفنا المواجهة المحتدمة مع حزب العمال الكردستاني والقصف غير الشرعي أو المقبول لشمال العراق وما يحدثه من توتير للعلاقات بين البلدين فإنه يمكننا القول أن تركيا تحطم كل الجسور التي بنتها مع محيطها في كل الاتجاهات، ولا زالت أوروبا ترفض ضمها للاتحاد الأوروبي.

"تصفير المشكلات" أنتجت بعد أقل من عقد على بدايتها وضعاً خطيراً للغاية توشك أن تلجه تركيا بقدميها بعد أن بدأت عداءها لسورية وممارسة ذلك العداء وكأنها تجاور عدواً وليس صديقاً وقعت معه عشرات الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية وحتى الأمنية.

 إن التدخل في الشؤون السورية بهذه الطريقة الفظة والاستفزازية بدعوى الحرص على حياة السوريين يكذبه الحصار والمقاطعة غير الإنسانية لسورية، هذه المقاطعة التي تزيد في معاناة الشعب السوري وليس العكس، كما أن العبث بمقدرات الشعب السوري أو التهديد بمس أمنه القومي لن يجد سوى الرد المناسب من كل السوريين والأمة العربية التي ترفض الإهانة سواء جاءت من تركيا أو من أمريكا أو من عملاء لا يقيمون وزناً لحرية شعوبهم وكرامتها.

إن حكام تركيا يفتحون النار على تركيا وفي ظنهم أن الناتو سيحميهم لو وقعت الحرب وانفجرت المنطقة وهذا عين الخطأ والحماقة.

سورية ستعرف كيف تدافع عن نفسها ولن تحول الأحداث الجارية اليوم فيها دون الرد على كل عدوان على أرضها تحت أي عنوان أو ذريعة، وعلى حكام تركيا أن يوقفوا الحرب على بلدهم.  

Zead51@hotmail.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا