<%@ Language=JavaScript %> خميس التوبي تركيا (السلطان) أردوغان
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

تركيا (السلطان) أردوغان

 

 

خميس التوبي

 

هل رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي هو مناصر للقضايا العربية والإسلامية حقًّا؟ أم ساعٍ إلى إحياء أمجاد الدولة العثمانية وإعادة نفوذها؟ أم باحث عن دور تركي وتأمين مصالح تركيا في الخريطتين السياسية والاقتصادية؟

لقد سطع نجم أردوغان في سماء منطقتنا العربية تحديدًا في أعقاب العدوان الغاشم الذي شنته دولة الإرهاب الإسرائيلي في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 على قطاع غزة، حين انسحب من منتدى دافوس بعد جلسة نقاش ساخنة مع رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي شيمون بيريز، حيث رفع أردوغان عقيرته مناصرًا للقضية الفلسطينية موجهًا انتقاداته اللاذعة لدولة الإرهاب الإسرائيلي على استخدامها القوة الغاشمة غير المبررة في قتل أطفال ونساء أبرياء وأن ما ارتكبته هو جرائم غير إنسانية ويجلب العار. وقد جاءت هذه المواقف في وقت كانت مشاعر الإحباط واليأس من الموقف العربي الرسمي الخانع قد بلغت مبلغًا لا يطاق لدى الشعوب العربية، حيث كان المواطن العربي يبحث عن صوت يردع الإرهاب الإسرائيلي ويقول لا للإرهاب، كفى قتلًا وعدوانًا، ما أدى إلى ارتفاع الأسهم الأردوغانية بصفة خاصة والتركية بصفة عامة في البورصات العربية. ووسط هذه الأجواء الملبدة بمشاعر النصر والتأييد وببداية رد الاعتبار، تلاحقت المواقف الأردوغانية التي استهوت الجماهير العربية، وأولها: رد الفعل التركي العنيف على التعامل الإسرائيلي غير القانوني والعدوان على سفينة الحرية لكسر الحصار على قطاع غزة "مرمرة" وقتل تسعة مواطنين أتراك، والتهديد بخفض العلاقات العسكرية والاقتصادية وإلغاء مناورات "نسر الأناضول" مع الكيان الإسرائيلي، ما لم تقدم تل أبيب اعتذارًا صريحًا لأنقرة عن قتلها الأتراك التسعة. وثاني المواقف: أمام مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ136 هدد أردوغان من على منبر جامعة الدول العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي إذا لم يرفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، ويعتذر عن عدوانه ويعوض أسر الشهداء، مختتمًا كلمته بقوله: تعالوا لنرفع علم فلسطين إلى السماء ليكون رمزًا للعدالة والسلام في الشرق الأوسط"، ووسط إعجاب وزراء الخارجية العرب واحمرار أيديهم نتيجة التصفيق الحار، لم يكتفِ المواطن العربي بالتغني بمواقف أردوغان، بل تعدى إعجابه إلى المقارنة بين الزي المحتشم لزوجة أردوغان وبين زي سوزان مبارك (قرينة الرئيس المصري المخلوع). وثالث المواقف: هدد بتسيير سفن لكسر الحصار بمرافقة الأسطول البحري التركي، كما أعلن عن عزمه زيارة غزة لكسر الحصار على متن بارجة حربية تركية. وفي مهرجان شعبي في مدينة كونيا وسط الأناضول قال إن "مصير القدس مرتبط بمصير اسطنبول.. وأن مصير غزة مرتبط بمصير أنقرة"، متعهدًا "بعدم تخلي تركيا عن الفلسطينيين وحقوقهم، حتى ولو تخلى العالم عنهم".

وفيما يتعلق بموقف تركيا مما يجري حاليًّا في سوريا، فقد وصف الإعلام التركي رسالة الرئيس التركي عبدالله جول إلى الرئيس السوري بشار الأسد بـ"الإنذار"، فإذا لم يلتزم الأسد بمضمونها من وقف العنف ضد المحتجين وإذا لم يبادر إلى خطوات الانتقال إلى الديمقراطية فإن تركيا ستنتقل إلى "مرحلة التدخل الدولي". لكن هذا التدخل لا يعني في المرحلة الأولى "تدخلًا عسكريًّا"، أما أردوغان فقد تمادى في تهديداته للنظام السوري لدرجة تجاوز فيها حدود اللياقة الدبلوماسية بوصفه الأسد بـ "الجبان".

تلك المواقف أسرت الجماهير العربية لدرجة تمنت أن يكون في كل دولة عربية قائد من نمط أردوغان، فأصبحت حديث الناس. لكن هؤلاء المعجبين الذين شغلتهم ثوراتهم، لم يسألوا أنفسهم أين مواقف "السلطان" التركي أردوغان من القضية الفلسطينية التي كانت أحوج ما تكون إليها في فترة مناقشات طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة؟ أو على الأقل الضغط على المحتل الإسرائيلي لوقف الاستيطان والدخول في مفاوضات حقيقية؟

إن المتابعة الرصينة للأحداث ورصد صغيرها وكبيرها، وربط بعضها بعضًا، أمر مهم لتبيان الحقيقة وكشف النوايا، حيث يقودنا الربط إلى خلفيات الاستعراض الأردوغاني وهي: أولًا: مناقشة دافوس الساخنة جاءت قُبيْل استحقاق انتخابي نيابي في مارس 2009، وبُعيْد وصول "السلطان" التركي (أردوغان) إلى اسطنبول قال للصحفيين "كونه رئيس وزراء كان عليه أن يتصرف بتلك الطريقة لحماية كرامة تركيا وكرامة الشعب التركي". ولم يقل هنا كرامة الشعب الفلسطيني. وفي الأنباء آنذاك، أن لقاء سبق العدوان على غزة بأسبوع جرى بين بيريز وأردوغان في الثالث والعشرين من ديسمبر 2008 تناول العدوان على غزة من أجل إزاحة حماس. ثانيًا: حسب الإعلام التركي (صحيفة يني شفق) المعروف عنها قربها من حزب العدالة والتنمية أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش "الصغير" أوكلت لحكومة "السلطان" أردوغان مهمة إقامة شرق أوسط جديد ونموذج إسلامي معتدل، بينما الرئيس التركي عبدالله جول صرح ـ وهذا ليس سرًّا ـ لقناة الجزيرة بأن الحكومة التركية تقوم بالوساطة بين سوريا و"إسرائيل" من أجل تطبيع العلاقات بينهما، كما تجاهد من أجل تطبيع العلاقات بين باكستان و"إسرائيل". ثالثًا: لدى تركيا علاقات قوية اقتصادية وسياسية وعسكرية مع الكيان الإسرائيلي المحتل، وتحتضن الأراضي التركية محطة استخبارات إسرائيلية تستخدم للتجسس على جوار تركيا. رابعًا: بتكبيل مصر باتفاقية كامب ديفيد أصبحت المنطقة تعيش فراغًا مقصودًا، تتنافس على ملئه كل من تركيا وإيران، وسط خواء عربي يفضل تركيا السنية؛ أهون الشرين (الشر الإسرائيلي، والشر الإيراني).

إن دخول تركيا إلى المنطقة من البوابة الفلسطينية والانتصار للشعب الفلسطيني، أمر قد كشفت حقيقته الأحداث الجارية، وما يجري حبكه ورسمه ضد المنطقة في الغرف المغلقة، فالمطلوب من تركيا "السلطان" أردوغان أن تلعب دور العرَّاب للغرب في تقسيم موارد المنطقة، مع مقاسمتها شيئًا من هذه الموارد مكافأة لها على دورها، ولذلك لا نستغرب الحضور التركي في اجتماع وزراء الخارجية العرب الخاص بمناقشة الوضع الليبي بُعيْد قيام الثورة، ثم الحضور المتكرر في الاجتماعات المتعلقة بمناقشة الوضع السوري. وما تجدر الإشارة إليه أن تركيا تعلم أنها لن تستطيع أن تغرد خارج السرب الغربي، ليس لأنها تسعى إلى عضوية الاتحاد الأوروبي وإنما لأن الضوء الأخضر الأميركي ـ الإسرائيلي لحزب العمال الكردستاني المتمرد جاهز في أي لحظة لضرب المؤسسات العسكرية والاقتصادية والسياحية التركية.

لا أدري بعد ذلك ما إذا كان المواطنون العرب وخاصة أولئك الثائرين سيظلون مسكونين بالشعارات والاستعراضات للسلطان التركي أردوغان أم لا، لا سيما وأنه حين يدافع عن الكرامة التركية يستحضر تاريخ تعاون بعض العرب مع الإنجليز ضد (الخلافة) العثمانية أثناء الثورة العربية الكبرى.

 

الوطن 7/12/2011

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا