<%@ Language=JavaScript %> خميس التوبي لماذا معاقبة سوريا عربيًّا؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

لماذا معاقبة سوريا عربيًّا؟

 

 

خميس التوبي

 

في خطوة غير مسبوقة على صعيد العمل العربي المشترك، وفي إطار جامعة الدول العربية رفع مجلس الجامعة عقيرته ليقرر فرض سلة عقوبات اقتصادية على سوريا الدولة العضو قائلًا إنها تستهدف نظام الحكم وليس الشعب، لعدم امتثاله لتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين لتقييم الوضع في الداخل السوري، وكذلك لعدم امتناعه عن استهداف المتظاهرين المدنيين. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت العقوبات الاقتصادية هي الوسيلة المتاحة والأنسب، وعزَّت الوسائل الأخرى؟ وهل كان القرار بفرضها متعجلًا؟ أم جاء نتيجة ضغوط لإكمال الحلقتين الأميركية والأوروبية وتدويل الأزمة من أجل إحكام الخناق، وبالتالي أي حل سياسي يقوم على الحوار والتفاوض المباشر مرفوض؟

بعيدًا عن العاطفة ـ مع الإيمان المطلق بأن إراقة الدماء ومواجهة المطالب المشروعة للمتظاهرين بالقمع مرفوضة رفضًا تامًّا ـ لعل ما يلي من مواقف وسياسات وتطورات وتحركات يعطي إجابة واضحة عن التساؤل السابق:

أولًا: سوريا تعد في المنطقة آخر قلعة بعد العراق تقف عقبة في وجه الأجندة الإسرائيلية والمشاريع الغربية الراسمة لخريطة المنطقة، وما زاد هذه القلعة منعة هو حالة الارتباط مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الباحثة عن دور لها في المنطقة، وسط سباق إيراني محموم لتطوير أعتى ترسانة عسكرية، وهو دور يثير حفيظة دول عربية من منظور أنه يتجاوز تبادل المصالح إلى تدخل في الشأن الداخلي وإثارة النعرات الطائفية، وكذلك دعم دمشق للمقاومة اللبنانية واحتضانها للمقاومة الفلسطينية. كما أن عزل إيران واحتوائها يبدأ من سوريا التي طالما رفضت الدعوات المطالبة بفك ارتباطها مع طهران.

ثانيًا: الولايات المتحدة تستعد قبل نهاية العام الحالي لسحب آخر جندي من العراق بعد فشلها في الحصول على الحصانة لقواتها "غير المقاتلة"، وأقل ما يوصف هذا الفشل بأنه هزيمة، لذلك تشعر بالمرارة بعد خسارتها معركة النفوذ في العراق مع إيران، وبالتالي ترى واشنطن أن في إسقاط النظام في سوريا والإتيان بآخر موالٍ لها، انتقامًا من إيران وللتغطية على حالة الانكسار والذل المصاحبة للانسحاب من العراق الذي سيمثل النفوذ الإيراني فيه رابطًا قويًّا (باتصال الحدود) مع دمشق المتمتعة بعلاقات قوية مع المقاومة اللبنانية.

ثالثًا: التحريض العلني الأميركي ـ الأوروبي ضد أي خطوات عملية إصلاحية يقوم بها النظام السوري، حيث بلغت الوقاحة أن تدعو الإدارة الأميركية المسلحين السوريين المناهضين للنظام إلى عدم تسليم أسلحتهم مقابل مرسوم العفو، وفي هذا أبلغ برهان لجامعة الدول العربية التي رفضت الاعتراف بوجود جماعات مسلحة داخل سوريا تستهدف قوات الأمن والجيش، وكان آخر عمليات هذه الجماعات تبنيها قتل سبعة طيارين. وما يندى له الجبين أن يشارك الإعلام العربي في عمليات التحريض، وقد كان لافتًا أمس الأول حين كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم يعقد مؤتمره الصحفي لتفنيد دوافع العقوبات الاقتصادية، كان الشريط العاجل أثناء حديث المعلم يبرز خبرًا عن سقوط ستة قتلى وتكرار الشريط، ثم حين عرج المعلم في حديثه على أن دمشق ستوقع الخطة العربية مقابل وقف بث التحريض الإعلامي وهذا لا يحتاج سوى اتصال هاتفي، ولما حصلنا ـ والكلام للمعلم ـ على وعد بوقف ذلك واستضافة مفكرين ومثقفين ومن الذين لهم دور بارز ويحظون بالثقة يقومون بالتوعية والمساندة، زاد التحريض من قبل قناتي... كان هنا ملاحظًا قطع المؤتمر الصحفي لتقول المذيعة: هنا نكتفي لنقل وقائع المؤتمر الصحفي...إلخ.

رابعًا: وهذه النقطة مرتبطة بـ"ثالثًا"، المطلوب أميركيًّا ـ أوروبيًّا ـ إسرائيليًّا القفز على أي حل سياسي، وإنما المطلوب استخدام شتى الوسائل الممكنة لإنهاك النظام وقواه الأمنية والعسكرية، حيث يدور في الغرف المغلقة عن مؤامرات وسيناريوهات تحبك للإطاحة بالنظام، فعلى سبيل المثال كشفت صحيفة (ديلي تليجراف) أمس الأول أن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبدالجليل أرسل قائد المجلس العسكري في طرابلس عبدالحكيم بلحاج إلى تركيا للقاء قادة ما يسمى (الجيش السوري الحر). وقالت الصحيفة البريطانية، إن عبدالحكيم بلحاج قائد المجلس العسكري في طرابلس والزعيم السابق للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة "التقى قادة (الجيش السوري الحر) في اسطنبول، وعلى الحدود مع تركيا". وأن العملية السرية طفت على السطح في أعقاب قيام قائد لواء ليبي منافس باحتجاز بلحاج في مطار طرابلس واتهمه باستخدام جواز سفر مزيف وهدد بسجنه، قبل أن يتدخل رئيس المجلس الوطني الانتقالي ويطلب السماح له بمغادرة ليبيا. ونسبت الصحيفة إلى مصدر عسكري ليبي قوله إن بلحاج ناقش أيضًا مع قادة ما يسمى (الجيش السوري الحر) مسألة "إرسال مقاتلين ليبيين لتدريب جنوده"، مشيرًا إلى أن "الجميع يريد أن يذهب بعد أن حررنا بلدنا ويتعين علينا الآن أن نساعد الآخرين". يأتي ذلك وسط أنباء عن عمليات تسلل لمسلحين ليبيين وإرسال شحنات سلاح عبر الحدود إلى سوريا.

النقاط السابقة ربما أعطت إجابة للتساؤل المطروح في بداية المقال، لأن المسألة غدت واضحة لا لبس فيها، وهي أنها تتجاوز ما يسمى كذبًا وزورًا حماية المدنيين، وتتخطى رأس النظام إلى رأس الدولة السورية.

كنت أتمنى أن يستمع ويقرأ العرب المندفعون الرسميون وغير الرسميين نصائح الخبيث توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ومبعوث اللجنة الرباعية لسلام الشرق الأوسط للقادة الغربيين بضرورة التدخل الغربي في الثورات العربية وفق ما يخدم المصالح الغربية وأمن إسرائيل، وما يجري الآن من تدخلات هو اهتداء بهذه التوصيات، لكن انجرار جامعة الدول العربية وراء مخطط غربي يستهدف بلدًا عربيًّا شقيقًا، واعتراض ونأي العراق ولبنان يبقى للتاريخ تتناقله الأجيال. وفي تقديري بغض النظر عن الأخطاء المرتكبة بحقه، أن الشعب السوري الحر الذي يستحق كل الخير والثناء، وليس ما يسمى "الجيش السوري الحر" قد وعى ما يدور حوله ويحاك ضد بلاده، وأن الأمر قد تجاوز حمايته وتحقيق مطالبه كثيرًا جدًّا، وأن بلاده قاب قوسين أو أدنى لأن تصبح عراقًا ثانيًا.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا