<%@ Language=JavaScript %> د‏.‏ محمد السعيد إدريس حتي نتفادي السيناريو الكارثي

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

حتي نتفادي السيناريو الكارثي

 

 

د‏.‏ محمد السعيد إدريس

 

ما حدث من صدامات دامية أمام مبني مجلس الوزراء ووقوع ضحايا شهداء وإصابة المئات واحتراق المجمع العلمي بشارع قصر العيني بالقاهرة خلال الأيام الماضية يعد انتكاسة وطنية بكل المقاييس لأسباب كثيرة أخطرها أن الجيش دخل طرفا مباشرا فيها‏.

ربما للمرة الأولي, إذ صدقنا ما صدر من بيانات رسمية نفت تورط الشرطة العسكرية في صدامات شارع محمد محمود التي وقعت في الشهر الماضي.

لكن الأكثر خطرا من ذلك أن يكون تورط الجيش هذه المرة في الصدامات مع المدنيين الثائرين أو الغاضبين أمام مجلس الوزراء مجرد بداية أو هو كرة الثلج التي يمكن أن تدحرجها الأحداث يوما بعد يوم ليتحول الجيش إلي طرف في صدام مباشر مع الشعب, فإذا حدث ذلك فإن معناه أن السيناريو الكارثي الذي ظل الجميع يتجنبه ويرفضه, قد فرض نفسه, ومعه رهانات أعداء مصر وأعداء ثورتها بإفشال الثورة وإسقاطها وفرض السيناريوهات الأخري المخيفة (الليبية أو السورية أو حتي اليمنية).

كان يمكن أن تحترق القاهرة مرة ثانية مساء السبت الماضي عندما اشتعلت النيران في المجمع العلمي لكن رعاية الله وحفظه هي التي حالت دون حدوث تلك الكارثة علي النحو الذي حدثت به في المرة الأولي في يناير عام 1952 وكانت نذيرا بسقوط النظام الحاكم بعد أشهر قليلة حيث قامت ثورة 23 يوليو 1952, هذه المرة كان الذي سيحدث ليس قيام ثورة بل اغتيال ثورة يحرص كثيرون علي إفشالها, وبالذات من كل الذين استفادوا من النظام السابق ويخشون من قصاص الثورة وتعرضها لمصالحهم ومحاسبتهم علي فسادهم, ناهيك عن كل الذين يخططون للحيلولة دون نجاح مصر في أن تفلت بثورتها وتنأي بها من كل ما يتهددها من مخاطر, لسبب بسيط هو أن ثورة مصر ليست مجرد ثورة محلية لإسقاط نظام مستبد وفاسد, ولكنها زلزال حقيقي في منطقة هي الأكثر أهمية وحيوية وخطورة علي المصالح الأمريكية وعلي وجود الكيان الصهيوني.

إذا كان الأمر كذلك فإن معيار الحكم الأهم علي وطنية وإخلاص كل طرف يشارك الآن في العملية السياسية سواء كان مدنيا أو عسكريا, سواء كان إسلاميا أو يساريا أو قوميا ناصريا, أو ليبراليا هو مدي تفانيه في حماية الثورة والعمل علي تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها وهي إسقاط النظام المستبد والفاسد السابق بكل ما يعنيه ذلك, ثم العمل علي بناء وتأسيس النظام البديل الذي يجعل من ثورة مصر مشروع أمة ويمكنها من امتلاك القدرة علي تأسيس وقيادة هذا المشروع بكفاءة واقتدار.

هذا هو معيار الفرز الوحيد الآن, فكل الذين يقاتلون الآن من أجل حماية الثورة والانطلاق بها والتصدي لأعدائها هم الوطنيون الحقيقيون أما الذين يعملون علي احتوائها وتفكيكها تمهيدا للخلاص منها والانقضاض عليها فهم الأعداء الحقيقيون للثورة ولمصر وحلم شعبها العظيم في مستقبل رائع لم يفقد الأمل ولا القدرة علي تحقيقه لذلك فإن مسلسل المواجهات المأزومة الراهنة بين شباب الثورة وقوات الأمن والجيش إذا ما استمرت فإنه سوف يفتح أبواب جهنم أمام الجميع, وإذا كانت هذه المواجهات مازالت محدودة فلا أحد في مقدوره أن يضمن أن تبقي تلك المواجهات في هذه الحدود, والمطلوب هو سياسة رشيدة لإدارة الأزمة الراهنة والأزمات المتجددة, إدارة تلتزم بالشفافية ومحاسبة المخطئين والمتورطين في قتل وإصابة المتظاهرين.

ولم يعد مقبولا استمرار صراع الإرادات بين ثوار التحرير والمجلس العسكري, لأن هذا الصراع ينال من الجميع, والنيل من ميدان التحرير كرمز للثورة أو النيل من ثوار التحرير خسارة لمصر كلها, كما أن النيل من المجلس العسكري أو الإساءة إليه خسارة أيضا لمصر كلها, والمطلوب هو التحول من صراع الإرادات إلي تكامل الإرادات. ولم يعد ممكنا الاستمرار في سياسة الغموض المريب في إدارة العملية السياسية وتحديد معالم مستقبل هذه العملية ليس فقط في المرحلة الانتقالية بل أيضا مرحلة ما بعد العملية الانتقالية.

فالمجلس العسكري متهم الآن بأنه يسعي إلي تفكيك الثورة وإلي فرض وصاية علي نظام الحكم الجديد من خلال التدخل القسري في صياغة الدستور الجديد كي يأتي متضمنا لتلك الوصاية, والأكثر من ذلك فإن المجلس متهم أيضا بما هو أكثر من الوصاية أي بالسعي إلي السيطرة علي الحكم عبر تقديم شخصية عسكرية ليتولي منصب رئيس الجمهورية مع حرصه علي تقليص دور السلطة التشريعية ومجلس الشعب بالتحديد بحيث لا تكون له سلطة في الحكم وللقيام بدوره التشريعي والرقابي والمحاسبي للسلطة التنفيذية, وأن هناك محاولات لفرض أي من السيناريوهين التركي (الاتاتوركي) أو الباكستاني حيث يتمتع الجيش بدور وصاية علي الحكم.

هذه الاتهامات لم تأت من فراغ بل من ممارسات وتصريحات كثيرة, فالمجلس العسكري تعمد إطالة المرحلة الانتقالية التي كان يجب أن تنتهي مع نهاية العام الحالي, وظهرت مؤشرات تتحدث عن تمديد هذه المرحلة إلي نهاية عام2013, ولم يتم التراجع عن ذلك إلا بعد الأحداث الدامية في شارع محمد محمود بعد أن أكد المشير طنطاوي في بيانه الخاص بتلك الأحداث أن السلطة سيتم تسليمها لرئيس منتخب في نهاية يونيو 2012

ومثل ذلك كان الصدام حول وثيقة د. علي السلمي وبالذات ما يتعلق بالمادتين 9 و10 من تلك الوثيقة وما تضمنته هاتان المادتان من طموح للمجلس العسكري بدور متميز للجيش في العملية السياسية وفي الدستور, ثم جاء الدور للنيل من دور البرلمان الذي يجري انتخابه سواء بإعطاء دور منافس للمجلس الاستشاري في اختيار اللجنة التي ستضع الدستور أو بالدعوة إلي تحجيم مبكر لدور البرلمان في تشكيل الحكومة ومراقبتها عبر تصريحات لشخصيات بارزة في المجلس العسكري.

فاللواء مختار الملا صرح بأن البرلمان (الجاري انتخابه) لا يعبر عن الشعب وأن المجلس الاستشاري سيكون له دور في اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور واللواء ممدوح شاهين صرح بأن البرلمان المقبل, بأي أغلبية كانت, ليس من حقه اختيار أو إقالة الحكومة مثل هذه التصريحات فاقمت من مخاوف ما هو قادم وبالذات ما يتعلق بتفريغ دور البرلمان من محتواه كسلطة للتشريع ورقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية, أو جعله برلمانا بلا صلاحيات وفي أحسن الأحوال برلمان العام الواحد, حيث بدأ الحديث يتردد مبكرا قبل أن يتم استكمال انتخاب هذا البرلمان عن حله بعد انتخاب رئيس الجمهورية, أو ما يتعلق بوجود طموحات متزايدة للعسكريين بالسيطرة علي الحكم بشكل مباشر, أو بالتدخل في صياغة الدستور وفرض دور وصاية للجيش علي الحكم في مصر والحل يكمن في قدر أكبر من الصراحة والشفافية لأن البديل خطير ويقودنا نحو السيناريو الكارثي.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا