<%@ Language=JavaScript %> باسل رمسيس الاختيارات الذكية للسلطة العسكرية.. عن هاشم والاشتراكيين الثوريين وغيرهما

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الاختيارات الذكية للسلطة العسكرية..

 

عن هاشم والاشتراكيين الثوريين وغيرهما

 

 

باسل رمسيس

 

لا تختارك السلطة العسكرية عشوائيا.. فهي تعلم جيدا من هم أعداؤها، وتعلم إلى أي اتجاه تسير، وأية قرارات تتخذ. ليست مرتبكة مثلما يتصور البعض، وليست حسنة النية ومفتقدة للخبرة مثلما يروج طبالوها وزماروها. اختيارات هذا النظام، نظام مبارك /طنطاوي، ليست عشوائية فيما يتعلق بالتصفية، أو العقاب، أو الإرهاب . المجلس العسكري يصفي أو يرسل رسائل التخويف والإرهاب للعناصر الخطرة عليه حقيقة، يحرث الأرض لتكون ملائمة لفاشيته، ولتحجيم وكسر القوى التي يعلم أنها ستقف بصلابة في مواجهته.. وأنها ستستمر في ثورتها. في هذا السياق سأتوقف أمام بعض الاختيارات “الذكية” للسلطة العسكرية:

مينا دانيال والشيخ عماد: لا أعتقد أنه تم قتل مينا دانيال يوم ٩ أكتوبر، في ماسبيرو، بالصدفة. مما نشر عنه، ومما قاله زملاؤه وأصدقاؤه، تبدو ملامحه.. هو شاب في غاية النشاط والفاعلية، فقير ومن منطقة شعبية، صنايعي وليس من مثقفي المقاهي.

مسيحي ويساري.. ويختلف هنا عن أغلب اليساريين من المسيحيين، كونه لم يفقد صلاته بمجموعات واسعة من الشباب الكنسي الراغب في لعب دور سياسي نضالي خارج سياق سيطرة السلطة الكنسية. والأخطر أن هذا الدور سيكون في هذه الحالة وسط القطاعات التقدمية والثورية، وليس داخل القطاعات الليبرالية، التي لا تشكل خطرا حقيقيا علي النظام الحالي وسلامته.

مينا دانيال بشعبيته في هذه الأوساط، وبانتمائه للمجموعات الاشتراكية، خطر في حد ذاته، لأنه كان مؤهلا لأن يكون أحد حلقات الوصل ما بين القطاعين. وهذا السيناريو خطر للغاية على سلامة النظام، فهو يعني فتح باب الفاعلية السياسية الثورية لقطاع كبير من الشعب المصري، خارج عباءة السلطة الدينية التي يعرف النظام التحكم فيها جيدا.

من هنا فأنني أعتقد باحتمالية أن تكون الرصاصة التي قتلت مينا دانيال، لم تأته بالصدفة، بل بقرار واع.

وهو نفس التصور الذي ينطبق علي الشيخ عماد.. هل يستطيع المشير وهل تستطيع سلطته التسامح مع الشيخ عماد وأمثاله؟ هل من الممكن التسامح مع رجال دين ثوريين، لهم قبولهم الجماهيري والشعبي، يخرجون إلي الشارع، ويريدون إسقاط النظام، ويقفون في الصفوف الأمامية؟ هذا هو الخطر بعينه، لأنه يفتح لنا – جميعا – الطريق كي نتحرر من سطوة الفتاوي الدينية التي يتم تفصيلها علي مقاس السلطة، أو تصنع لإجهاض الثورة، سواء جاءت هذه الفتاوي من مشيخة الأزهر، أو دار الإفتاء، أو من السلطة الكنسية، أو من غيرهم.

محمد هاشم وعلاء عبد الفتاح: نعلم جميعا، ويعلم أعضاء المجلس العسكري، زيف التهم الموجهة لعلاء عبد الفتاح. نعلم أنه لم يحاول القتل، ولم يلق بسلاح الجيش في النيل يوم ماسبيرو. وفي المقابل، البعض منا يعلم جيدا بأن جثث بعض الشهداء هي التي ألقيت في النيل وقتها، ونعرف من قتل الشهداء وألقي بجثثهم في النهر. علاء عبد الفتاح يخون طبقته الاجتماعية، التي تفرز من حين إلي آخر نشطاء – مفيدين وضروريين بالطبع – ممن يتبنون خطابا حقوقيا وفقط، ويكتفون بما تقوله مواثيق حقوق الإنسان. أو تفرز من هم علي شاكلة وائل غنيم، أو شادي الغزالي حرب، ممن لا يستهدفون تغيير النظام بالكامل. أما علاء عبد الفتاح، فهو غير متوائم مع هذه التوجهات الحقوقية العامة. ومن خلال الفعل المباشر في الشارع، أو من خلال الكتابة، وعن طريق الجمع بينهما، يشارك في معركة ثورية لعمل تغيير حقيقي واجتماعي جذري للنظام، وليس في شكل السلطة فقط. من هنا تأتي المسرحية المبتذلة لمحاكمته من أجل إرهاب الآخرين ممن هم علي شاكلته وإسكاتهم. هل نتذكر دموع وائل غنيم، وتأثيرها يوم خروجه من حبسه، في تحريك قطاعات واسعة من شباب الشرائح العليا للطبقة الوسطي، لنزول ميدان التحرير؟ إن تذكرنا هذه التفصيلة سنعي خطورة علاء عبد الفتاح، ابن نفس الشرائح، وخطورة خطابه الأكثر ثورية، والذي يتطرق للجوانب الاجتماعية للثورة.

ماذا عن محمد هاشم؟ في الوقت الذي تنظف السلطة فيه الأرض من المثقفين والفنانين، وتحاول إعادتهم لحظيرتها، سواء عبر التلميع الإعلامي، أو عبر تعيين وزير ثقافة يحبه مثقفو وسط البلد، وقادر علي التعاون معهم وتخفيف خطابهم تدريجيا.. يرفض محمد هاشم هذا المنحي. يستكمل ما بدأه يوم ٢٥ يناير، أن يقف كمثقف وكناشر وكمواطن في الصفوف الأولي. هاشم يمثل حالة استثنائية، يوظف كل طاقاته في هذه المعركة/الثورة، التي يراها معركة حياة أو موت. يطرح هو وأمثاله نوعا جديدا من المثقفين والفنانين الثوريين، ممن لا يتصورون أن دورهم يقتصر علي الإبداع والحوار في الغرف المغلقة، بل يرون أن دورهم يمتد ليشاركوا ناسهم الرصيف والأسفلت. منذ ما قبل ٢٥ يناير، بدأت تبرز فاعلية محمد هاشم، والأخرين من أمثاله في هذا السياق. لكن ما يجعله هدف لسلطة العسكر اليوم، هو كونه الأكثر فاعلية ونشاطا.. لا يتوقف عن إبداع المبادرات التي تخدم ثورته وثورة الفقراء في الشارع. وهو قادر، علي العكس من أغلبنا، وبالرغم من أنه يبدو كشخص فوضوي، علي توظيف كل الإمكانيات والصداقات التي يملكها في هذه المعركة. وبالتالي فإن محاولة إرهابه، وإرهاب من يقفون معه، ضرورية، وتأتي في سياق الاختيارات الذكية لهذه السلطة.. إلا أنها قد تحولت سريعا لاختيار غبي، لأن هاشم ليس ممن يتراجعون، وعلي القارئ مراجعة ما قاله قبل يومين، علي شاشة قناة النهار، في برنامج حسين عبد الغني.

الاشتراكيين الثوريين: (إقرا الاشتراكي.. إقرا الاشتراكي..) هذه هي الصيحة المتواجدة دائما في ميدان التحرير، أو شارع محمد محمود، أو في شارع القصر العيني. في وسط المواجهات والضرب تجد منضدة صغيرة، يقف حولها مجموعة من الشباب ليوزعوا بياناتهم ومجلتهم.. يفتحون حوارات مع المتواجدين.. وحين يبدأ هجوم الشرطة أو الجيش، لا يتراجعون أو “يفضوا” (النصبة).. بل يشاركون في الدفاع عن ثورتهم ضد من يعاديها، وضد من يحاول قتلهم. هؤلاء هم الاشتراكيين الثوريين.. أول من خرجوا بيافطتهم وبالأعلام الحمراء للشوارع منذ أعوام.

لا أعتقد بأن ما قاله الصديق سامح نجيب في إحدى الندوات، واستخدم كبداية للحملة ضد هذه المجموعة، هو سبب هذه الحملة ضدهم. ما قاله سامح نجيب في هذه الندوة يقوله الكثيرون منا.. نعم نحن نريد إسقاط هذه الدولة الفاسدة وبناء دولة عادلة مكانها. السبب الأساسي فيما أعتقد لهذه الحملة، هو أن الاشتراكيين الثوريين، الذين كانوا مثلهم مثل التنظيمات الاشتراكية الأخري، معزولون جماهيريا قبل سنوات.. لم يعودوا كذلك اليوم. بل هم فاعلون في هذه الثورة، بأداء سياسي يختلف عن أداءات الآخرين.. من الممكن تلخيص هذا الأداء في كونه أكثر إبداعا وجماهيرية وثورية.. وفي الشارع مباشرة، وليس في القاعات أو الندوات. سيناريو الاشتراكيين الثوريين هو سيناريو مرعب بالكامل للنظام.. أن يتمكن اليسار الثوري من التحول لفاعل حقيقي، ومنظم، في هذه الثورة. أن يشارك في تنظيم الآلاف من الشباب الثوريين، كي يكونوا أكثر تنظيما وأكثر إيلاما للسلطة، وأن يشكلوا تنظيماتهم الثورية لإسقاط النظام/الدولة الفاسدين. الاشتراكيين الثوريين خطر حقيقي لأنهم قادرين علي رفض المساومات.. ولأنهم واعون بأن هذه الثورة لا تتوقف عند حدود المكاسب الديمقراطية.

أعرف شخصيا مجموعة الاشتراكيين الثوريين منذ بدايتها، أوائل التسعينات.. لم أنتم لها يوما، رغم التعاون في بعض المعارك والمواقع. اليوم.. ومنذ ٢٥ يناير.. أعتبر نفسي منهم. لا تهم الخلافات في بعض المسائل، ولا يهم الانتماء التنظيمي المباشر.. المهم هو الشراكة في هذه المعركة.

إلي الزملاء الاشتراكيين الثوريين، والآخرين ممن يستهدفهم المجلس العسكري بضرباته: ااعتبروني أنا وأمثالي منكم.. استمروا في محاولة توظيف طاقاتنا، لنسقط سويا المجلس العسكري.. باختياراته الذكية والغبية.

 

 جريدة البديل الالكترونية 25/12/2011

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا