<%@ Language=JavaScript %> يوسف علي خان المحاكم مضيعة للوقت واهدار لحقوق الناس

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

المحاكم مضيعة للوقت واهدار لحقوق الناس

 

 

يوسف علي خان

 

خلال عملي في سوح المحاكم ولمدة خمسين سنة وفي العديد من المحافظات وخلال كل العهود التي مر بها العراق منذ العهد الملكي حتى عصر الاحتلال الامريكي المجيد .. فان المحاكم كانت تسير بخطى السلحفاة في نظرها للدعاوى واصدار القرار بحسمها والتي يهدر الكثير من الحقوق خلالها بما يتخذه القضاة من اجراءات متعمدة في بعض الاحيان واضطرارا في احيان اخرى لما يفرضه عليهم الروتين القاتل الممل والاجراءات العقيمة او التاثيرات العلوية والمحسوبيات والمنسوبيات بل وحتى الصفقات مع قلة قليلة جدا من ضعاف النفوس الذين عايشتهم وحاولوا مساومتي في المشاركة في الدعاوي في عهد صدام العتيد حيث كان راتب القاضي عشرة الاف دينار ( فالضرورات تبيح المحذورات )  .. مع احترامي واجلالي للقضاء بشكل عام غير ان طبيعة المجتمع العربي والمجتمع العراقي العشائري بشكل خاص الذي يريد ان يعيد قانون العشائر السيء الصيت ... تفرض على القاضي في بعض الاحيان اوضاع يقف عاجزا  تجاهها لا يعرف كيف يتصرف .. فيضطر حيالها الى التأجيل والتأخير والتسويف في حسم القضايا مما يؤدي بالنتيجة الى اضاعة اصحاب الحقوق لحقوقهم او اضطرارهم للتخلي عن متابعة دعاويهم فقد تطول مدة الترافع لسنوات عديدة قد تمتد لعشرة سنين او تزيد... وهو ما حصل للعديد من الدعاوي في جميع محافظات القطر وقد يموت صاحب الدعوى ولا تزال دعاويه تجوب سوح المحاكم ..كما ان عدم تعاون العديد من الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية في معظم الاحيان مع القضاة بتأخير التبليغات او عدم ارسال المستندات والوثائق  التي تطلبها المحكمة التي تجدها المحاكم ضرورية كادلة قد تؤثر كثيرا  على حسم الدعاوي بسرعة وبوقت قصير.. اضافة لمشكلة العدد الهائل من الدعاوي بما لا يتناسب وعدد القضاة في المحكمة الواحدة اذ لا يمكن للقاضي ان ينظر مثلا اكثر من عشرة دعاوي يوميا ويحسم اكثر من دعوتين على الاكثر لما تتطلبه المرافعة من الاستماع الى الاطراف او الى وكلائهم وتقديمهم للوثائق والمستندات ومناقشتهم وتدوين محاضر الجلسات وهذه قد تستغرق وقتا طويلا .. مما قد يدفعه الى تأجيل المرافعات لعدة مرات كي يتفرغ لنظر العدد القليل منها  حتى تترسخ له القناعة في احقية احد الاطراف والحكم له او عليه وهو ما يؤخر في حسم الكثير منها ثم يتراكم اعدادها بمضي الوقت وقد ينتقل القاضي الى محكمة اخرى ويأتي قاضي جديد وهكذا تدور الامور في حلقات مفرغة لانهاية لها .. وقد يتعرض القاضي للمحاسبة من قبل الهيئات التفتيشية لما يطلب منه بحسم العدد المقرر وهو ما يسيء الى القاضي نفسه تضطره لاصدار قرارات متسرعة غير مدروسة فتتعرض للنقض من قبل محاكم التمييز فتعود ثانية لتفتح من جديد .. وهو ما يتطلب وجوب زيادة عدد القضاة بما يتناسب وحجم الدعاوي المقامة من قبل المدعين او المتخاصمين .. فان دل هذا على شيء فانما يدل على الطبيعة البشرية العراقية المشاكسة والمخالفة والمعتدية والمغتصبة والمتجاوزة على حقوق بعضهم لبعض وكل ما خلق الله من صفات ذميمة تتمثل بهذا الشعب المظلوم جدا جدا .. لانه لو لم يكن مظلوم لما سلط الله عليه صدام ولما احتله الامريكان وخربوا بنيته التحتية والفوقية ومما يؤكد مظلوميته ان الاخ ياكل حق اخيه ويتجاوز عليه... مما تسبب بهذا العدد الهائل من الدعاوي التي لا تعد ولا تحصى ويشاركه في مظلوميته كل الشعب العربي من المحيط الهادرالى الخليج الثائر... لا ننا في زمن الاخوان الذين يفتون بالعدل والقسطاط حتى في قتل الناس الابرياء .. كل هذه الامور ادت بالقضاة ان  يتعذر عليهم حسم الدعاوي .. فالقضاء جزء من الوضع العام بل هو عنوانه ورايته .. فقد سأل شرشل رئيس وزراء بريطانيا الاسبق وزير عدله .. كيف حال القضاء البريطاني فاجابه بخير فقال اذا ستنتصر بريطانيا على هتلر وعلى دول المحور .. فالقضاء هو واجهة الدول المشرقة فان كان القضاء مستقيما ومنتظما بحيث يضمن حقوق الناس وينصف المظلوم ويعاقب الظالم فالدولة ناجحة  وثابتة الكيان وان تعثر القضاء وتباطأ او تساوم وتراخى وخضع لسلطة الحاكم فالدولة برمتها فاشلة... واترك للقاريء ان يفرزن احوال الدول العربية ان كان قضائها بخير ام انه هو الاخر في معمعة الربيع العربي.... والمصيبة عندما يكون القاضي جاهلا وغير ملم بالقانون وليس له خبرة فيه فيصدر قراراته بحسب اهوائه وان كان غبيا فالمصيبة اعظم .. اما اذا كان انتهازيا ومرتشيا يعرف من اين تؤكل الكتف فالنقرأ على الدنيا السلام .. اما اذا كان جبانا فانه سوف لن يتمكن من حسم الدعاوي او يكون اداة طيعة بيد المجرمين يخشى ان يصدر احكامه ضدهم وهو ما يجري في معظم الاحوال فتصدر الافراجات بالخفية بحق عتاة القتلة والمجرمين بحجة عدم كفاية الادلة لانه ليس للقاضي من يحميه اضافة لانتماء العديد من المجرمين الى مختلف الكتل المتواجدة على الساحة فتتوسط لهم وتخرجهم بالقوة او بموجب قانون الصفقات بين مجاميع الكتل  المعمول به حاليا  .. وقد مسح صدام القضاء مسحا وسحقه سحقا وجعل القضاة مجرد احجار شطرنج يحركهم كيفما يريد فيعاقب البريء ويبريء المجرم .. وجاء الامريكان كي يرفعوا الانقاض ويدفنوها في مقابرهم الجماعية وتختفي كل اثار الجرائم ... ولا ندري كيف هو الحال في بقية الدول العربية فما سمعناه مما جرى في مصر يحز النفوس ويدمي القلوب من انتهاك لحرمة القضاء والتجاوز عليه من قبل الاخوان  مع ما كان عليه القضاء المصري من مكانه مرموقة حتى في العهد الخديوي وفي زمن المماليك والحكم الفرنسي او البريطاني .. فجاء القادة الجدد يوجهون الصفعات للقضاء وهو لا حول له ولا قوة فكيف سيمكنه من اصدار القارارات .. فوضع القضاء في جميع البلدان العربية وضع مزري وهو ينحدر الى الاسوأ والامريكان يعملون بجد ونشاط حثيث على تطبيق الشريعة في المحاكم والغاء القوانين الوضعية...  فان كانت القوانين الوضعية التي قلما تقبل التأويل والتفسير والاجتهاد لوضوحها التام نجد هذا التأخر في الحسم واضطراب الاحكام فكيف سيكون الحال لو طبقت الشريعة ونحن امام كم هائل من الاجتهادات في نصوص الايات وتأويلها مما يجعل كل محكمة لها قانونها الخاص بتفسيرها للشريعة كما تريد بل قد يكون لكل قاضي تفسيره واجتهاده في فهم ما يجده من نصوص وايات مما سيجعل حقوق الناس على كف عفريت تتيه في خضم هذه التأويلات ولم يعد يعرف الحق من الباطل... فما يراه قاض حق قد يراه الاخر باطلا وهكذا تضيع حقوق الناس .. بينما القانون الوضعي يقضي (( بانه لا اجتهاد في معرض النص )) لذا فمن الاوفق والاجدى ان تقتصر الشريعة على العبادات ولكل انسان ان يتعبد بالطريقة التي يفهمها من الايات الكريمة وان تنحصر التعاملات الحياتية التجارية والحقوقية والجنائية  في القوانين الوضعية .. والزام الهيئات العدلية العليا باصدار التعلميمات بتحديد سقوف زمنية قصيرة لحسم الدعاوي ولكن مع زيادة في عدد القضاة بما يتناسب وعدد الدعاوي المنظورة في المحاكم .. واهم من ذالك نشر الوعي والثقافة بين الناس كي يتفهموا مالهم وما عليهم وان تكون هناك سلطات حكومية حازمة وصارمة تفرض هيبتها وتردع كل من تسول نفسه على العدوان او محاولة اغتصاب حقوق غيره فعندها لم يعد هناك حاجة الى كل هذا الكم الكبير من الدعاوي ويخف العبىء الثقيل الذي ينهك كاهل القضاة في الوقت الحاضر ويؤخر في حسم الدعاوي او يجعل الكثير من الاحكام خاطئة ومخالفة للقانون .. فان جسامة الدعاوي وحجمها الكبير كثيرا ما يظهر داخل الحكومات الضعيفة الغير مسيطرة على البلاد فيكثر المتجاوزون وتنتشر الجرائم وبالتالي تضيع حقوق الناس فاصلاح وضع القضاء يكون باصلاح وضع الحكومة وعليه فسوف يبقى القضاء مترنحا طالما بقيت الحكومة على وضعها الحالي من الضعف والهوان ...!!!!   

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا