<%@ Language=JavaScript %> سعود قبيلات الغمز يساراً والاتِّجاه يميناً

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الغمز يساراً والاتِّجاه يميناً

 

 

سعود قبيلات

 

بينما يعطِّل اليسار الإسبانيّ صدور قرارٍ ضدَّ سوريَّة، في برلمان بلاده، وبينما يتصدَّى اليسار التركيّ، بألوانه المختلفة، وفي مقدِّمته، الحزب الشيوعيّ، بمبدئيَّة عالية، لسياسات أردوغان وحزبه المنخرطة في المؤامرة الإمبرياليَّة الصهيونيَّة الرجعيَّة الظلاميَّة ضدَّ سوريَّة، ويلتقي معهم، في الموقف نفسه، اليسار اليونانيّ..

المنتمي إلى ذلك البلد الذي طالما أُعتُبِرَ جاراً لدوداً لتركيا؛ ويتّخذ الحزب الشيوعيّ الروسيّ، والقوميّون الروس، وتقريباً جميع الأحزاب الروسيَّة، موقفاً إجماعيّاً حازماً ومبدئيّاً، في التضامن مع سوريَّة ضدّ الأعمال العدوانيَّة التي تستهدفها، شأنهم في ذلك شأن خصمهم اللدود، الرئيس بوتين وحزبه؛ ويقف اليسار في أمريكا اللاتينيَّة، الموقف نفسه، وفي مقدِّمته، رموزه التاريخيَّة البارزة: كاسترو، وتشافيز.. الذي سمَّى العرب في فلسطين ولبنان والعراق، قبل سنوات، بالأشقَّاء، في معرض تضامنه معهم عندما كانوا يتعرَّضون لعدوانٍ أطلسيّ صهيونيّ مدعومٍ مِنْ بعض الدول العربيَّة؛ وأيفو موراليس، ودانييل أورتيغا.. الخ؛ بينما نرى هذه المواقف اليساريَّة المبدئيَّة الصافية، تصدر عن اليسار في مختلف أنحاء العالم، نرى، في المقابل، في بلادنا العربيَّة، مجموعاتٍ صغيرة، وأفراداً متفرِّقين، ينسبون أنفسهم إلى اليسار، بألوانه الوطنيَّة والقوميَّة والأمميَّة، ويندرجون، في الوقت نفسه، في رِكاب مَنْ يُفتَرَض أنْ يكونوا خصومهم الطبقيين والسياسيين والوطنيين والقوميين؛ وينافحون، بحميَّة وحماس، تحت رايات الأعداء، على نحوٍ لا يكشف فقط عن خللٍ كبيرٍ في مبادئهم وضمائرهم؛ بل أيضاً عن افتقارهم إلى الصدقيَّة والنزاهة؛ لأنَّهم ينسبون مواقفهم، تلك، إلى اليسار وهي نقيضه وهو منها براءٌ.


بعض هؤلاء، باع اليسار ومبادئه وأفكاره وقضاياه، منذ تسعينيَّات القرن الماضي، في حمأة هجوم الأمركة وأحاديَّة القطبيَّة، متذرِّعاً بأنَّ زمن الأحزاب العقائديَّة قد انتهى، وأنَّ الزمن الحاليّ هو زمن الأحزاب البرامجيَّة (كأنَّ البرامج تُبنى مِنْ تلقاء نفسها على الفراغ الفكريّ والأيديولوجيّ!)؛ آملاً أنْ يحصل على بعض الفتات من السلطات في أثناء مسعاها لتجديد نُخَبِها وشرائحها الحاكمة.


هذا اليسار المزعوم، بعضه باع اليسار علناً، آنذاك، وانتقل، بوضوح، إلى صفوف الخصم الطبقيّ والوطنيّ والقوميّ، واندرج في مؤسَّسات التمويل الأجنبيّ؛ وبعضه باع بصورةٍ مواربة وفهلويَّة.. فظلَّ يغمز يساراً بينما هو يوغل في الاتِّجاه يميناً. وكثيراً ما ذكَّرني هذا الموقف المتناقض بمقولة تروتسكي عن الرجال الذين يغيَّرون مبادئهم وأفكارهم ويظلّون، مع ذلك، يستخدمون المفردات نفسها والمفاهيم نفسها. بل أقول إنَّ بعضهم لا يزال يستخدم الرموز نفسها أيضاً؛ النجمة الخماسيَّة الحمراء أو المنجل والشاكوش أو صورة غيفارا. وأندهش، حقّاً، مِنْ مدى تجرّؤ هؤلاء على الإساءة إلى رفيقٍ دربٍ قديم. فأكثر ما يميِّز غيفارا قتاله الشجاع ضدّ الإمبرياليَّة وأتباعها، وضدّ التبعيَّة وأنظمتها، في أماكن مختلفة من العالم، إلى أن استشهد على أيدي الإمبرياليين وأتباعهم في بوليفيا.

لم يقف غيفارا، لو مرَّةً واحدة، لو لحظةً واحدة، وضدَّ كائنٍ مَنْ كان، ولأيّ سببٍ كان، في صفّ الإمبرياليَّة وأتباعها.. ناهيكم عن أنْ يقاتل تحت لوائها أو بالتحالف معها.. لا بصورة مباشرة ولا ضمنيَّة.

فكيف يرفع هؤلاء صورته بينما هم يندرجون، عمليّاً، في حلفٍ واحد مع العواصم الإمبرياليَّة الأطلسيَّة والرجعيَّة الخليجيَّة والتيَّارات الظلاميَّة الإرهابيَّة، وفي الجبهة المقابلة لهم، يقف اليسار في مختلف أنحاء العالم؟
حجم هؤلاء ليس كبيراً، وهم لا يمثِّلون ثقلاً وازناً في معسكر الخصم؛ لكنَّهم، مع ذلك، يمنحونه غطاءً مبدئيّاً، حتَّى إنْ كان زائفاً، ولوناً إضافيّاً، حتَّى إنْ كان باهتاً؛ ويضلِّلون بسطاء الناس، ويمثِّلون دور حصان طروادة في حصن اليسار.


بقي أنْ أقول: ليس كلّ هؤلاء ينطبق عليهم التشخيص السابق. فبعضهم لم يتعمَّد أنْ يكون في هذا الموضع الذي لا يليق به؛ بل وجد نفسه فيه، بعدما تقطَّعتْ به السبل، وضلَّ طريقه، وتاه.. لأنَّه فقد بوصلته الثوريَّة، تحت وقع ضربات العدوّ وانتصاراته، في تسعينيَّات القرن الماضي. وهؤلاء، بالذّات، يجب أنْ يتأمّلوا وضعهم جيّداً، وينظروا في أيّ خندقٍ هم الآن، ومع مَنْ، ومَنْ يقابلهم في الخندق الآخر.

 

 

نشر بتاريخ 07.08.2012

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا