<%@ Language=JavaScript %> سعود قبيلات هبَّة حماسيَّة بالوكالة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

هبَّة حماسيَّة بالوكالة

 

 

سعود قبيلات

 

تمرّ السفنُ "الإسرائيليَّة" مِنْ قناة السويس، بشكل طبيعيّ، مِنْ دون أنْ يعترضها عائق أو يحتجّ على مرورها أحد؛ وكذلك تفعل السفن الأمريكيَّة والبريطانيَّة والفرنسيَّة، بكلّ أنواعها المدنيَّة والعسكريَّة. لكن، فقط عندما مرَّتْ مِنْ هذه القناة سفينة صينيَّة، تعالتْ صيحات "حزب العدالة والحريَّة"، الواجهة السياسيَّة لـ"الإخوان المسلمين" في مصر؛ فاحتجَّ، بشدَّة، وطالب بمنع مرور السفن الصينيَّة.


بطبيعة الحال، السفن "الإسرائيليَّة" والأمريكيَّة والبريطانيَّة، والأطلسيَّة عموماً، تأتي إلى المنطقة وجوارها لتنفِّذ عمليَّاتٍ إنسانيَّة وتخدم المصالح العربيَّة والإسلاميَّة! أمَّا الصين فهي التي احتلَّت العراق وأفغانستان، وهي التي تدعم "إسرائيل" بالمال والسلاح والعتاد وكلّ شيء، وهي التي تقف ضدَّ قضايانا العربيَّة، خصوصاً القضيَّة الفلسطينيَّة، في المحافل الدوليَّة، وهي التي استعمرت بلادنا العربيَّة وقسَّمتها وأخضعتها لها، كما أنَّها لم توفِّر جهداً طوال القرنين الماضيين لضمان استمرار ضعفنا وتخلّفنا، وهي، أيضاً، التي نهبتْ ثرواتنا وفرضتْ علينا علاقات غير متوازنة في مختلف المجالات. لذلك، يمكن فهم هبَّة "حزب العدالة" الحماسيَّة، ضدّ الصين، بسهولة.


في الحقيقة ليس في الأمر جديد، فتاريخ الحركات السياسيَّة الوهّابيَّة، طوال القرن العشرين، وحتَّى الآن، باستثناء فترة محدودة ما بين العقد الأخير من القرن السابق والعقد الأوَّل من القرن الحاليّ، يمكن تلخيصه بعنوان واحد، هو الحرب بالوكالة لصالح الأمريكيين والغرب وضدّ أعدائهم وخصومهم ومنافسيهم. والمقصود بالحرب، هنا، كلّ مستوياتها وأشكالها، ابتداء من التحريض والدعاية، مروراً بالتحشيد والتعبئة، وانتهاءً باستخدام السلاح والعمليَّات القتاليَّة. وقد ازدهرتْ هذه العمليَّة بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار النفط، في أواسط سبعينيَّات القرن الماضي؛ حيث اضطلعت الفوائض الماليَّة النفطيَّة بتأمين دعم ماليّ هائل لهذه الحركات وأنشطتها، وتولَّى الغرب تأمين الأسلحة والمعدَّات كلّما لزم الأمر.. ليس مجّاناً طبعاً، بل مقابل أموال نفطيَّة أيضاً. وأبرز الحروب المشتركة، التي خاضها هذا الحلف، كانت، كما هو معروف، الحرب على أفغانستان. والنتيجة ماثلة للعيان.


فترة محدودة، فقط، توقَّف، خلالها، هذا الدور، كما أشرتُ، ولم يكن ذلك بقرارٍ مِنْ الحركات الوهَّابيَّة، بل من الأمريكيين والغرب؛ فبعد انهيار الاتِّحاد السوفييتيّ، بدا للغرب أنَّه لم يعد بحاجة لأحد مِنْ "أصدقائه" العرب والمسلمين، فأدار ظهره للكثيرين منهم، وتركهم لحال سبيلهم. وعندئذٍ، بدا أنَّ تلك الحركات قد تحوّلتْ للعداء للغرب و"إسرائيل"، وأصبحتْ تنحو للتقارب مع اليسار والقوى المعادية للإمبرياليَّة والصهيونيَّة. وشكَّل الموقف المناهض للعدوان الأطلسيّ على العراق أوَّل خطوة مشتركة بين الطرفين، ثمَّ، بعد ذلك، التقى الطرفان في تأييد المقاومة اللبنانيَّة والفلسطينيَّة وتعاونا في الأنشطة التضامنيَّة معها، والتقيا، أيضاً، في رفض اتِّفاقيَّات أوسلو ووادي عربة، والتطبيع مع "إسرائيل".. الخ.


استمرَّ الحال على هذا المنوال إلى أن اندلعت الاحتجاجات في تونس ومصر، وبدا أنَّ النفوذ الأمريكيّ والغربيّ قد أصبح يواجه مشكلةً كبيرة في المنطقة؛ عندئذٍ، عاد الأطلسيّون إلى دفاترهم القديمة، ورأوا أنَّه لا حلّ إلا بالعودة إلى الاعتماد على الحركات الوهّابيَّة، مرَّةً أخرى، وتهيئتها لتكون الطبعة الجديدة من الأنظمة التابعة القديمة المتهاوية.

 

فليس هناك ما هو أفضل لقوى الاستعمار والرأسماليَّة المتوحِّشة، في هذه الحالة، مِنْ إدخال الشعوب العربيَّة في غيبوبة تامّة عن العصر، عن طريق تزييف وعيها بالأفكار الظلاميَّة والاهتمامات السطحيَّة، وحرفها عن المطالبة بحقوقها الأساسيَّة في التحرّر الوطنيّ والحريَّة والعدالة الاجتماعيَّة والديمقراطيَّة، لتنشغل، بدلاً مِنْ ذلك، بتفاصيل تافهة ومَرَضيَّة، مِنْ نوع: هل يجوز للرجل أنْ يعاشر زوجته بعد وفاتها، وهل يجوز للمرأة السباحة في البحر مع أنَّ البحر ذَكَر، أو النوم بجانب الحائط.. مع أنَّه ذكر أيضاً، أو الجلوس على الكرسيّ.. مع أنَّه، برأيهم، يتسبَّب لها بالإثارة الجنسيَّة.. الخ. وفي هذه الأثناء تمرّ السفن الأطلسيَّة، و"الإسرائيليَّة، في قناة السويس، بلا انقطاع، لممارسة مهمَّاتها الإنسانيَّة الخيريَّة، في البحار والخلجان العربيَّة.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا